بسم الله
أعرابيٌ يصطاف (ممنوع على أقل من 18 سنة)
لبرهة من الزمن خلت أن أعرابي قد ساقته آلة زمن هي في الصناعة قريبة من آلة المسلسل الشهير نادين التي تقل الإنسان عبر الأزمان!
فنقلت صاحبي الأعرابي من أسواق بغداد بالخلافة العباسية إلى شواطئ الجزائر بل قل كل الدول العربية عدا السعودية.
وحيث أني خلت أنه سيكون ضيفي فما إن وصل حتى هربت به إلى الصحراء بولاية الأغواط أين تربيت بين أولاد نايل والعجالات وفي بيئة لا تختلف كثيرا عن بادية بغداد كرما ومروءة كما الطبيعة والبيئة .
وقلت في نفسي أهيؤه وأشرح له حتى لا يختل عقله لبعد الزمان عن الزمان وتغير الحال عن الحال، فليست عاصمة الخلافة آن ذاك مثل عاصمة الجزائر آن ذا .
فمهدت له الآمر وآخذت بمخيلته أجوب به العصور من الدولة العباسية إنتهاءا بالدولة العثمانية وتفكك المسلمين إلى دويلات وشرحت له تقدم التقنيات من سيارات وطائرات وبقيت على ذلك بضع شهور حتى هبت به مستعدا للتعايش مع هذا العصر ولم يفتنِ طبعا أن أشرح له أيضا ما حل بالبلاد من شرك وكفر وفسق وفجور بما لم يعهده مردة الفساق في بغداد ناهيك عن البدع وتغير الدين إلا ثلة من المسلمين !
ولم يتعبنِ أمر التبيان لهذا الأعرابي لما يحمله الأعراب من مخيلة وقوة استيعاب وفطنة وذكاء ،وكان قد حل بنا الصيف وحره فقلنا إلى البحر نصطاف !
ونسيت أن أحدثه عن نساء العصر ورجالهم فكانت تلك المعاناة على عاتقي ملقاة وما تلقيناه من مشاحنات كاد يطيش فيها عقل صاحبي وكدت ألقى جراءها في غياهب السجن !
فما إن وصلنا للمدن الساحلية بل على تخومها جهة الجنوب حتى رد الأعرابي مستبشرا عصركم هذا طيب بعكس ما قلته لي يا همامي فإني أرى العبيد من الجواري عندكم قد تسترن وكان يقصد الحجاب العصري (خمار وجيب ولا ليكات !!) حيث كان يُعرف الجواري بالسفور لتباين حد العورة بينها وبين الحرة وتعرف الحرة بالجلباب والستر والتستر.
قلت له غفر الله لك هن لسن جواري بل هن أحرار؟!
فقال عجيب فهل تراهن حديثات إسلام أم هربن من ديار كفار أم لا يعرفن شروط الحجاب !
قلت لا شيء مما ذكرت !
قال أوليس لهن آباء و رعاة !؟
قلت بلى !؟
قال فأين هم عنهن !؟
فطأطأت رأسي وسكت !
وبقي الأعرابي متعجبا من لبسهن وطبعهن وهو لا يفرق بين الرجال والنساء !
فهم في الشكل واللبس في تقارب بين وصورة واحدة.
فاقتربنا من البحر وكنت أنوي مكانا بعيدا عن الزحام بين الصخور لكن مررنا مجبرين على شاطئ عمومي برعاية الدولة.
فكن النسوة فيه لا يلبسن إلا قليلا من قطع القماش يداعبهن في المياه من هب ودب .
ففرح الأعرابي أيما فرح وقال أما هذه السوق فلم أشهدها حتى في أعظم غنائم الجهاد ببغداد وكان يقصد سوق النخاسة.
- فمعلوم أن الجواري عرواتهم ليست مثل عورة الحرة وهناك من ذهب لكون عورة الجارية هي بين السرة والركبة فقط ! -
فحسب المسكين أن شاطئ البحر سوق جواري للبيع والشراء، وهو يردد:
ما شهدت بغداد هذا ...
ماشهدت بغداد هذا ....
جواري من كل لون وبكل حجم وبكل شكل !
وفي غفلة مني أطلق يده ليلمس هذه وتلك من جسدها كأني به في سوق نخاسة يريد ابتياع إحداهن للتسري.
وهو يقول تعال ياباديسي تعال يا باديسي سأهديك هذه و سآخذ معي تلك لصديقي أبو رُقيط وأخرى لأبي نِمر وواحدة سمراء لصخر وأما السمينة هذه فهي لبريدة بن أزهر فعهدي به يحب السمينة أما هذه الشقراء فلا أريدها لكن سأبتاعها كدمية يلهو بها الصبيان فلي عشرون بنتا وتكون زينة بباحة الخيمة والحديقة !
ثم قال ما أجمل سوقكم لكن النحيفات به كثيرات ولا حاجة لي بهن فهل من سوق آخر ... !
وسحب كيسا به دنانير ذهبية قد مصكوكة وهو يكلم والدها أو أخاها أو زوجها ويقول له بكم تبيعني هذه ؟ وهل هي تجيد الشعر والنحو ؟ ومن أي بلاد هي ؟ وكم مضى من عمرها ؟ ناهيك عن أسئلة أستحي من ذكرها لخصوصيتها الشديدة (ابتسامة)!
وماهي إلا لحظات حتى إنهال الضرب والركل على الأعرابي و بفكاك وتعب ونصب خلصته واقتادنا الدرك الوطني وشرطة الشاطئ للمخفر وبدأت رحلة المحاضر والمحاكم !
فهمست لصاحبي الأعرابي غفر الله لك أهلكتنا !
وقلت له إن هن أحرار...أحرار..أحرار ولسن جواري هن أحرار يا أبا شوك هداك الله لكن العصر تغير فرضين بعبودية من نوع آخر .
فقال من معهم إذن !؟
قلت : أما الرجال الذين معهم فهم أولياؤهم أولياؤهم ...
فسقط مغشي عليه وهو يردد :
دياثة ... دياثة ...دياثة
إنتهى
أختي المرأة كوني حرة في نفسك متعبدة لربك بالحجاب والحشمة والوقار ونحن مقبلون على موسم الإصطياف.
أخي الرجل إياك والدياثة .
وسلامتكم [

وكتب / د. باديسي