مصابيح مضيئة في طريق المرأة المسلمة‏ V1L44vGI
 مصابيح مضيئة في طريق المرأة المسلمة‏ V10kTrQs


[size=32]
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

السّعادة في طاعة الله

أختي المسلمة: لو صفت الدّنيا من الأكدار وخلت من المصائب-وذلك محال- فإنّ مجرد تذكر الموت يجعل حلوها مرًّا وكثيرها قليلًا وطويلها قصيرًا وصفوها كدرًا، هذا لو ضمن الإنسان لنفسه عمرًا طويلًا فكيف وهو إذا أصبح خشي ألا يُمسى وإذا أمسى خشي ألا يُصبح، وإذا انقشعت سحابة مصيبة أقبلت أخرى، يروّعه فقد الأقربين، وموت الأصدقاء، وعندما يحس بألمٍ عارضٍ في عضوٍ من أعضائه أو يخيل إليه زيادة في خفقان قلبه أو يحس بقلة شهية للطّعام يرتسم شبح الموت أمام ناظرية فإذا هو يفزع ويخاف فيزداد مرضًا وتخيم عليه الوحشة وكأنّ ذلك الخوف مانع من نزول الموت أو مُبعد له.

يا لضعف الإنسان: تراه شابًا مكتمل الحيوية والنّضارة والنّشاط ممتلئ الجسم فلا يلبث العمر أن يطوح به إلى خريفه فإذا هو محدوب الظّهر متغضن الوجه يتعبه أدنى جهد ويهده أقل عمل. وتراه غنيًّا يسكن القصر الشّامخ ويركب السّيّارة الفارهة ويجلس على الفراش الوثير ثم تنقلب به الأيام فإذا هو يسكن ما كان يأنف من سكناه، ويركب ما كان يزدري ركوبه، ويلبس ما كان يستخشن لبسه، ويأكل ما كان يعاف أكله.

إن لذّة الحياة وجمالها وقمّة السّعادة وكمالها لا تكون إلا في طاعة الله الّتي لا تكلّف الإنسان شيئًا سوى الاستقامة على أمر الله وسلوك طريقه؛ ليسير الإنسان في الحياة مطمئنّ الضّمير مرتاح البال هادئ النّفس دائم البشر طلق المحيا، يعفو عمن ظلمه ويغفر زلّة من أساء إليه يرحم الصّغير ويوقر الكبير. يحب قضاء حاجات النّاس ويكون في خدمتهم ويتحمل أذاهم ثم هو لا يفرّط في صغيرٍ ولا كبيرٍ من أمر الله، بل يحرص على كلّ عملٍ يقربه إليه ويدنيه منه فإذا نزلت به المصائب تلقاها بصبرٍ ورضى، وإذا جاء الموت رأى فيه خلاصًا من نكد الدّنيا ورحلة إلى دار الخلود.

احذري كثرة الكلام

1- احذري الثّرثرة وكثرة الكلام {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النّساء: 114].
واعلمي أن هناك من يُحصي كلامك ويعدّه عليك {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 17-18]. وليكن كلامك مختصرًا وافيًا بالغرض الّذي من أجله تتحدثين.

2- اقرئي القرآن الكريم، واحرصي أن يكون لك وردٌ يوميٌّ منه، وحاولي أن تحفظي منه قدر ما تستطيعين لتنالي الأجر العظيم يوم القيامة. عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قال: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدّنيا فإنّ منزلك عند آخر آية تقرؤها» [رواه أبو داود 1464 وقال الألباني: حسن صحيح].

3- ليس جميلًا أن تتحدثي بكل ما سمعت فإن في هذا مجالًا للوقوع في الكذب. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- قال: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع».[رواه مسلم 5].

4- إيّاك والتّباهي (الافتخار) بما ليس عندك لأجل التّكثر والارتفاع في أعين النّاس. عن عائشة -رضي الله عنها- أن امرأة قالت: يا رسول الله أقول إن زوجي أعطاني ما لم يعطني؟ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «المتشبع بما لم يعط، كلابس ثوبي زور» [رواه مسلم 2129].

5- إن لذكر الله تأثيرًا عظيمًا في حياة المسلم الرّوحية والنّفسية والجسمية والاجتماعية فاحرصي-أختي المسلمة- أن تذكري الله كل حين على أي حالة كنت فقد مدح الله عباده المخلصين بقوله: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191].
وذكر عبد الله بن بسر -رضي الله عنه- أن رجلًا قال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به قال: «لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله» [رواه التّرمذي 3375 وصححه الألباني].

6- إذا أردت الحديث فإيّاك والتّعاظم والتّفاصح والتّقعر في الكلام فهي صفةٌ بغيضةٌ إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- حيث يقول: «وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم منّي مجلسًا يوم القيامة الثّرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون» [رواه الألباني 791 في السلسلة الصحيحة بإسناد حسن].

7- ليكن لك أسوة برسول الله -صلّى الله عليه وسلم- من إطالة الصّمت وطول الفكر وعدم إكثار الضّحك والاستغراق فيه فعن سماك قال: قلت لجابر بن سمرة أكنت تجالس رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- قال: نعم، فـ «كان طويل الصّمت، قليل الضّحك» [حسنه الألباني 4822 في صحيح الجامع]. وليكن حديثك -إن تحدثت- بخيرٍ وإلا فالصّمت أولى بك. قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت» [رواه البخاري 6475 ومسلم 47].

8- إياك ومقاطعة النّاس أحاديثهم أو ردّها عليهم أو إظهار الاستخفاف بها. وليكن حُسن الاستماع أدبًا لك والرّد بالتي هي أحسن شعارٌ لشخصك.

9- احذري كل الحذر من السّخرية بطريقة كلام الآخرين كمن يتلعثم في كلامه أو عنده شيء من التّأتأة أو اللثغة قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} [الحجرات: 11]، وقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلم-: «المسلم أخو المسلم. لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره.. بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» [رواه مسلم 2564].

10- إذا سمعت قراءة القرآن فاقطعي الحديث أيا كان موضوعه -تأدبًا مع كلام الله وامتثالًا لأمره حيث يقول: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204].

11- اجتهدي على وزن الكلمة في نفسك قبل أن يقذفها لسانك واحرصي أن تكون الكلمة صالحةً طيبةً في سبيل الخير بعيدةً عن الشّرّ وما يوصل إلى سخط الله، فللكلمة مسؤولية عظيمة، فكم من كلمة أدخلت صاحبها الجنّة، وكم من كلمة هوت بصاحبها في قعر جهنّم، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم- قال: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالًا، يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنم» [رواه البخاري 6478]، وفي حديث معاذ -رضي الله عنه- عندما سأل النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: "وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به" قال: «ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم» [رواه بن ماجه 3224 والتّرمذي 2616 وصححه الألباني].

12- استعملي لسانك -وهو النّعمة العظيمة من الله عليك- في الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر والدّعوة إلى الخير قال -تعالى-: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} [النّساء: 114].
[/size]