اهمية نزول المراة للعمل ، جواز نزول المراة للعمل


كم من صاحب قلم أو لسان جعل "عمل المرأة" شعارا، فزعم أن العمل في السوق والدائرة والمصنع "حق من الحقوق" يحتكره الرجل لنفسه، وليس واجبا من الواجبات المفروضة عليه، كما زعم بلسان حاله -إن لم يكن بمقاله- أن تربية الأم لأطفالها بحنانها المتميز، وقيام ربة البيت على شئون بيتها بنفسها، هي أعمال "مهينة ممتهنة"، وتلك نظرة مريضة تتناقض مع أصحابها عندما يطالبون الرجل بأداء هذه المهام أيضا من بعد "امتهانها"، فكيف يدفعونه إلى تلبية هذا الطلب طوعا؟!.


بل إن الأم إن حرصت على دور الأمومة، وربة البيت إن أبت ما يقولون، وفضّلت دارها على السوق والمصنع والدائرة دون حجر حق الخروج عليها هي عندهم امرأة شاذة، أو رجعية متخلفة، أو أن "الإسلاميين" يغرّرون بها، أو سوى ذلك مما ابتكروه من النعوت والاتهامات!.


بالمقابل يقف لهؤلاء بالمرصاد فريق آخر دخل الميدان أيضا بأسلوب "جولات الصراع في ساحة القتال"، وليس بأسلوب التعامل مع جانب من الجوانب الاجتماعية المشتركة التي ينبغي النظر فيها نظرة منهجية موضوعية، فمضى يكيل الصاع صاعين، فهو لا يرفض اعتبار عمل المرأة حقا -وليس واجبا- فحسب بل يراه محظورا أصلا، ولا يكتفي بتأكيد القيمة الذاتية العالية لرسالة المرأة الأم وربة البيت فقط، بل يميل إلى تحريم خروج المرأة من بيتها إلا لضرورة قصوى.


ويبدو أن الصحابيات الكريمات رضي الله تعالى عنهن لم يُرِدْن لأنفسهن ذلك الوضع "الأفضل" بمقياس مَن يكاد يحسب نفسه أحرص على المسلمات من الإسلام نفسه!، أو كأن علينا أن نكون- بدعوى "صيانة المسلمة" اليوم من "فتك" الزائغين والضالين والفاسدين والمفسدين في عصرنا هذا- أحرصَ عليها من الصحابة في العهد النبوي، بوجود قوم كان منهم رأس الكفر أبو جهل ورأس المنافقين عبد الله بن أبي ابن سلول!.


الوسطية والاعتدال


إن للشعارات بريقا وصخبا، ولهذا فكثيرا ما يطغى ضجيجها -وإن انحرفت- على ما سواه، فلا يظهر -للأسف- الصوت الموضوعي بين تلك الأصوات بقوة كافية، ورغم ذلك نحسب صوت الاعتدال الموضوعي هو الأوسع انتشارا والأرسخ أساسا، ولا نعني به موقفا وسطا بمعنى "اختيار حلول وسطية" على منتصف الطريق بين طرفين، إنما يكون الموقف وسطيا معتدلا؛ لأنه لا ينطلق من التفكير أو عدم التفكير بمواجهة ط