الحجب العشرة بين العبد وبين الله


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ألأه وصحبه ومن والاه


يقول ابن القيّم: (عشرة حجب بين القلب وبين الله سبحانهوتعالى.. تحول بينه وبين السير إلى الله.. وهذه الحجب تنشأ عن أربعة عناصر.. أربعةمسميات هي: النفس.. الشيطان.. الدنيا.. الهوى

1- الحجاب الأول: الجهل بالله:
ألّا تعرفه..فمن عرف الله أحبه..وما عرفه من لم يحبه..وما أحب قط من لميعرفه..لذلك كان أهل السنة فعلا طلبة العلم حقا هو أولياء الله الذين يحبهمويحبونه..لأنك كلما عرفت الله أكثر أحببته أكثر..
وقال ربك جلّ جلاله: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحاتسيجعل لهم الرحمن ودّا} (مريم:96)
إن أغلظ الحجب هو الجهل بالله وإلا تعرفه..فالمرء عدو ما يجهل..
2- الحجاب الثاني: البدعة:
فمن ابتدع حجب عن الله ببدعته..فتكون بدعته حجابا بينه وبين الله حتى يتخلصمنها..قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" (متفق عليه).
3- الحجاب الثالث: الكبائر الباطنة:
وهي كثيرة كالخيلاء..والفخر..والكبر..والغرور..هذه الكبائر الباطنة أكبر منالكبائر الظاهرة..أعظم من الزنا وشرب الخمر والسرقة..هذه الكبائر الباطنة إذاوقعت في القلب..كانت حجاباً بين قلب العبد وبين الرب.
ذلك أن الطريق إلى الله إنما تقطع بالقلوب..ولا تقطع بالأقدام..والمعاصيالقلبة قطاع الطريق.
4- الحجاب الرابع: حجاب أهل الكبائر الظاهرة:
كالسرقة..وشرب الخمر..وسائر الكبائر.. ويجب الإشارة في هذا المقام إلى أنه لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة معالاستغفار..والإصرار هو الثبات على المخالفة..والعزم على المعاودة..وقد تكونهناك معصية صغيرة فتكبر بعدة أشياء وهي ستة: بالإصرار والمواظبة، استصغار الذنب، السرور بالذنب، أن يتهاون بستر الله عليه، المجاهرة بالذنب، وأن يكون رأساً يقتدى به.
الحجاب الخامس: حجاب أهل الصغائر:
إن الصغائر تعظم..وكم من صغيرة أدت بصاحبها إلى سوء الخاتمة..والعياذ بالله.
فالمؤمن هو المعظم لجنايته يرى ذنبه ـ مهما صغر ـ كبيراً لأنه يراقب الله..كماأنه لا يحقرن من المعروف شيئاً لأنه يرى فيه منّه وفضله..فيظل بين هاتين المنزلتينحتى ينخلع من قلبه استصغار الذنب واحتقار الطاعة..فيقبل على ربّه الغفور الرحيمالتواب المنان المنعم فيتوب إليه فينقشع عنه هذا الحجاب.
6- الحجاب السادس: حجاب الشرك:
وهذا من أعظم الحجب وأغلظها إثماً..وقطعه وإزالته بتجريد التوحيد..وإنماالمعنى الأصلي الحقيقي للشرك هو تعلق القلب بغير الله تعالى..سواء في العبادة..أوفي المحبة..سواء في المعاني القلبية..أو في الأعمال الظاهرة.والشرك بغيض إلىالله تعالى فليس ثمة شيء أبغض إلى الله تعالى من الشرك والمشركين.
والشرك أنواع..ومن أخطر أنواع الشرك: الشرك الخفي وذلك لخفائه وخطورته.
7- الحجاب السابع: حجاب أهل الفضلات والتوسع في المباحات:
قد يكون حجاب أحدنا بينه وبين الله بطنه..فإن الأكل حلال..والشرب حلال..لكنالنبيقال: "وما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن" (الترمذي) فإن المعدة إذا امتلأت..نامت الفكرة..وقعدت الجوارح عن الخدمة..إنالحجاب قد يكون بين العبد وبين الله ملابسه..قد يعشق المظاهر..وقد قال: "تعس عبد الدرهم وعبد الخميصة" . فسماه عبداً لهذا فهي حجاب بينه وبين ربه.
8- الحجاب الثامن: حجاب أهل الغفلة عن الله:
والغفلة تستحكم في القلب حين يفارق محبوبه جل وعلا..فيتبع المرء هواه..ويواليالشيطان..وينسى الله..قال تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرناواتبع هواه وكان أمره فرطا} (الكهف:28)..
9- الحجاب التاسع: حجاب أهل العادات والتقاليد والأعراف:
إن هناك أناساً عبيد للعادة..تقول له: لم تدخن؟!!..يقول لك: عادة سيئة..أنالا أستمتع بالسيجارة..ولا ضرورة عندي إليها..وإنما عندما أغضب فإني أشعلالسيجارة..وبعد قليل أجد أني قد استرحت.
ولما صار عبد السيجارة..فصارت حجاباً بينه وبين الله..ولذلك أول سبيل للوصولإلى الله خلع العادات..ألا تصير لك عادة..فالإنسان عدو عادته فلكي تصل إلى الله،فلا بد أن تصير حراً من العبودية لغير الله.
10- الحجاب العاشر: حجاب المجتهدين المنصرفين عن السير إلى المقصود:
هذا حجاب الملتزمين..أن يرى المرء عمله..فيكون عمله حجاباً بينه وبين الله..فمن الواجب ألا يرى عمله ويعجب به ويرضيه ويكتفي به ولله درّ من قال: متى رضيت نفسك بعملك لله فاعلم أنه غير راض به.. ومن عرف أننفسه مأوى كل عيب وشر.. وعمله عرضة لكل آفة ونقص.. فإنه يسير في طريق الحق ويعلم أن بضاعته أقل من قدر خالقه .
هذه هي الحجب العشرة بين العبد وبين الله.. كل حجاب منها أكبر وأشد كثافة منالذي قبله.نسأل الله العلي العظيم السلامة منها .