ورد الفعل استفزّ بصيغ مختلفة ثلاث مرات في سورة الاسراء ، ولعلنا نقف بداية مع أصل الفعل ، فأمّا الفَزّ فهو ولد البقر الوحشي ، وسمي كذلك لأنه يتحرك بتعجّل دون تروّي ، وعلى هذا يكون معنى استفزّه أي أثاره ليتحرك دون تمهّل أو إدراك ، وأما المواضع التي ورد فيها الفعل في سورة الاسراء :
الموضع الأول : عن الشيطان حين يغوي أتباعه في قوله تعالى :" وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا"  الاسراء - (64)
يعني تعالى ذكره بقوله  : ( وَاسْتَفْزِزْ) واستخفف واستجهل ، ( بصوتك ) صوت الغناء واللعب أو صوت كلّ داع دعا إلى معصية الله ، ( وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) : كلّ راكب وماش في معاصي الله تعالى ، وقال قتادة : إن لابليس خيلا ورجلا من الجن والإنس، وهم الذين يطيعونه.         

  
  ( وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) هو أمره إياهم بإنفاق أموالهم في غير طاعة الله واكتسابها من غير حلها، ( وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ) وعد ابليس أتباعك من ذرّية آدم، النصرة على من أرادهم بسوء، ( وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ) لأنه لا يغني عنهم من عقاب الله إذا نـزل بهم شيئا، فهم في باطل وخديعة .( تفسير الطبري )
الموضع الثاني : قوله تعالى :" وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا ۖ وَإِذًا لَّا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا " الاسراء - (76)( أي: من بغضهم لمقامك بين أظهرهم، قد كادوا أن يخرجوك من الأرض، ويجلوك منها – تفسير السعدي ).


( قال ابن كثير : نزلت في كفار قريش ، هموا بإخراج الرسول من بين أظهرهم ، فتوعدهم الله بهذه الآية ، وأنهم لو أخرجوه لما لبثوا بعده بمكة إلا يسيرا . وكذلك وقع ، فإنه لم يكن بعد هجرته من بين أظهرهم بعد ما اشتد أذاهم له إلا سنة ونصف . حتى جمعهم الله وإياه ببدر على غير ميعاد ، فأمكنه منهم وسلطه عليهم وأظفره بهم ، فقتل أشرافهم وسبى سراتهم )
الموضع الثالث: عن فرعون في قوله تعالى :" فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعًا " الاسراء - (103)
(فأراد أن يستفزهم) : أي أراد فرعون أن يخرج موسى وبني إسرائيل من أرض مصر بالقتل أو الإبعاد ; فأهلكه الله عز وجل ..( تفسير القرطبي)