قال تعالى :" وَكَذَ ⁠لِكَ أَوۡحَیۡنَاۤ إِلَیۡكَ رُوحࣰا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِی مَا ٱلۡكِتَـٰبُ وَلَا ٱلۡإِیمَـٰنُ وَلَـٰكِن جَعَلۡنَـٰهُ نُورࣰا نَّهۡدِی بِهِۦ مَن نَّشَاۤءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِیۤ إِلَىٰ صِرا⁠طࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ"  ( الشورى-52 )



والوقفة مع معنى " الإيمان " في هذه الآية ؟ وإليك الجواب كما ورد في عدد من التفاسير :
·        ﴿ولا الإيمانُ﴾ أنَّهُ كانَ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وسَلَّمَ - لا يَعْرِفُ تَفاصِيلَ الشَّرائِعِ ولا يَهْتَدِي إلى مَعالِمِها، وخُصُّ الإيمانُ؛ لِأنَّهُ رَأْسُها وأساسُها، وقِيلَ: أرادَ بِالإيمانِ هُنا الصَّلاةَ. لقوله تعالى:(وما كان الله ليضيع إيمانكم) يعني الصلاة، فسماها إيماناً ( فتح القدير- الشوكاني )


·        ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ﴾ أَيْ لَمْ تَكُنْ تَعْرِفُ الطَّرِيقَ إِلَى الْإِيمَان ( تفسير القرطبي )


·        أن الإيمان يحتوي على معارف كثيرة، وإنما كمل له معرفتها بعد بعثه، وقد كان مؤمناً بالله قبل ذلك، فالإيمان هنا يعني به كمال المعرفة وهي التي حصلت له بالنبوة ( تفسير ابن جُزّي)


·        ﴿مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ﴾ أي: ليس عندك علم بأخبار الكتب السابقة، ولا إيمان وعمل بالشرائع الإلهية ( تفسير السعدي )



·        أنَّ اَلْإيمانَ هُنا لَيْسَ اَلْمُرادُ بِهِ اَلتَّصْدِيقَ اَلْمُجَرَّدَ بَلْ مَجْمُوعُ اَلتَّصْدِيقِ والإقْرارِ والأعْمالِ أي تدخل فيه الأعمال أيضا ( روح المعاني –الألوسي)


·        ﴿مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ﴾ يَعْنِي شَرَائِعَ الْإِيمَانِ وَمَعَالِمَهُ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ: "الْإِيمَانُ" فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: الصَّلَاةُ، وَدَلِيلُهُ: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: "وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ" (تفسير البغوي )


·        ( ولا الايمان )أنْ يُحْمَلَ هَذا عَلى حَذْفِ المُضافِ، أيْ ﴿ما كُنْتَ تَدْرِي ما الكِتابُ﴾ ومَن أهْلُ الإيمانِ، يَعْنِي مَنِ الَّذِي يُؤْمِنُ، ومَنِ الَّذِي لا يُؤْمِنُ.( تفسير الرازي)


·        ﴿ما كُنْتَ تَدْرِي ما الكِتابُ ولا الإيمانُ﴾ - يُبَيِّنُ اللَّهُ - جَلَّ وعَلا - فِيهِ مِنَّتَهُ عَلى هَذا النَّبِيِّ الكَرِيمِ، بِأنَّهُ عَلَّمَهُ هَذا القُرْآنَ العَظِيمَ ولَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وعَلَّمَهُ تَفاصِيلَ دِينِ الإسْلامِ ولَمْ يَكُنْ يَعْلَمُها قَبْلَ ذَلِكَ. ( أضواء البيان – الشنقيطي)


·        ونقف أخيرا على كلام ٍ جميل ٍ لابن القيم عن هذه الأية :  
                               

قال رحمه الله : فَسَمّى وحْيَهُ وأمْرَهُ رُوحًا لِما يَحْصُلُ بِهِ مِن حَياةِ القُلُوبِ والأرْواحِ.


وَسَمّاهُ نُورًا؛ لِما يَحْصُلُ بِهِ مِنَ الهُدى واسْتِنارَةِ القُلُوبِ والفُرْقانِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ.


وجمع بين الروح الذي يحصل به الحياة، والنور الذي يحصل به الإضاءة والإشراق، وأخبر أن كتابه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم متضمن للأمرين، فهو روح تحيا به القلوب، ونور تستضيء وتشرق به.