قيل لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ
أيُّ الناسِ أفضلُ
قال كلُّ مخمومِ القلبِ صدوقِ اللسانِ
قالوا صدوقُ اللسانِ نعرفُه
فما مخمومُ القلبِ قال هو
التقيُّ النقيُّ
لا إثمَ فيه ولا بغيَ
ولا غِلَّ ولا حسدَ
(1)




فضل سلامة الصدر ومنزلتها عند الله تعالى:
يا صاحب القلب السليم أنت من صفوة الله المختارة، فقد سألوا
رسول الله
صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ
عن أفضل الناس، فقال: "كل مخموم القلب صدوق اللسان". قالوا: صدوق اللسان نعرفه؛ فما مخموم القلب؟ قال: "التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد".

ثم نقول: إن سلامة الصدر سببٌ من أعظم أسباب قبول الأعمال الصالحة ،
قال
صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ:

تُفتحُ أبوابُ الجنةِ يومُ الاثنينِ و يومُ الخميسِ ، فيُغفرُ فيها لكلِّ عبدٍ لا يُشركُ باللهِ شيئًا ؛ إلا رجلًا كانتْ بينَه و بين أخيه شحناءُ ، فيُقالُ : أَنْظِروا هذينِ حتى يصْطَلحا(2)



فانظر كم يضيع على نفسه من الخير من يحمل في قلبه الحقد والحسد والغل؟!!
**سلامة الصدر طريق إلى الجنة:
فأول زمرة تدخل الجنة:
"...لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد.."(3)




وقد أخبر الله تعالى عن حال أهل الجنة
فقال سبحانه:
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ[لأعراف:43].
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ[الحجر:47]
.



**الله يمدحهم:
وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ[الحشر:9، 10].



فهيا إخواني وأخواتي نطهر قلوبنا من الحقد والغل والحسد حتى نسعد بصحبة الأبرار الصالحين، ونفوز بالقرب من رب العالمين،
فإن النبي صلى الله عليه وسلم
أخبر
إنَّ من عبادِ اللهِ عبادًا ليسو بأنبياءَ ، يغبِطُهم الأنبياءُ والشُّهَداءُ قيل : من هم ؟ لعلنا نحبُّهم ؛ قال : هم قوم تحابّوا بنورِ اللهِ ، من غيرِ أرحامٍ ولا أنسابٍ ، وجوهُهم نورٌ على منابرَ من نورٍ ، لا يخافون إذا خاف الناسُ ، ولا يحزنون إذا حزن الناسُ ، ثم قرأ : ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (4)


فهلا سلمت صدورنا للمسلمين وصفت؟

**أثرها على الفرد والمجتمع:

يفوز صاحب الصدر السليم بكل الفضائل التي سبق الحديث عنها والنتيجة المباشرة هي:
• راحة البال والبعد عن الهموم والغموم.
• اتقاء العداوات.
أما بالنسبة للمجتمع فإنه يكون مجتمعًا متماسكًا متراصًا متكاتفًا ترفرف عليه رايات المحبة والإخاء ويصدق عليهم
قول النبي
صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ:
مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ . مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى (5)


أنا أريد أن تتأمل معي هاتين الآيتين لتعرف قيمة سلامة الصدر بالنسبة للمجتمع:

إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ
[آل عمران:120]،
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا
[الأنفال:46]
.

فأعداء الأمة لن ينالوا منها مايريدون طالما ظل أبناؤها متحابين متماسكين سليمي الصدور غير متنازعين.