الغُلُولَ
عن

أبي هريرة رضى الله عنه قال :
قام فينا النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
فذكرَ الغُلُولَ
فعظَّمَهُ
وعظَّمَ أمْرَهُ،
قال : ( لا أُلْفيَنَّ أحدَكُم يومَ القيامَةِ علَى رقَبَتِهِ شاةٌ لها ثُغاءٌ،
علَى رَقَبَتِهِ فرَسٌ لهُ حَمْحَمَةٌ، يقولُ : يا رسولَ اللهِ أغِثْني،
فأقولُ : لا أملِكُ لك من الله شيئًا،
قد أبلَغتُكَ،
وعَلَى رقبَتِهِ بعيرٌ لهُ رُغاءٌ، يقول : يا رسولَ اللهِ أغِثْني،
فأقول : لا أملِكُ لك شيئًا
قد أبلَغتُكَ،

وعلى رقبتهِ صامتٌ
فيقول : يا رسولَ اللهِ أغِثْني،
فأقولُ : لا أملِكُ لك شيئًا
قد أبلَغتُكَ،
أو على رقبتهِ رِقاعٌ تَخْفِقُ،،
فيقول : يا رسولَ اللهِ أغِثْني،
فأقول : لا أملِكُ لك شيئًا
قدْ بلَغتُكَ ) . (1)





قال الإمام النووي :[ قوله : ( ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلول فعظمه وعظم أمره ) هذا تصريح بغلظ تحريم الغلول وأصل الغلول: الخيانة مطلقاً , ثم غلب اختصاصه في الاستعمال بالخيانة في الغنيمة , قال نفطوية : سمى بذلك لأن الأيدي مغلولة عنه , أي محبوسة , يقال : غلَّ غلولاً وأغل إغلالاً . قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا أُلفِين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء ) هكذا ضبطناه ( ألفين ) بضم الهمزة وبالفاء المكسورة , أي : لا أجدن أحدكم على هذه الصفة , ومعناه : لا تعملوا عملاً أجدكم بسببه على هذه الصفة , ... و( الرغاء ) بالمد صوت البعير , وكذا المذكورات بعد وصف كل شيء بصوته .

والصامت : الذهب والفضة .
قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا أملك لك من الله شيئاً ) قال القاضي : معناه من المغفرة والشفاعة إلا بإذن الله تعالى , قال : ويكون ذلك أولاً غضباً عليه لمخالفته , ثم يشفع في جميع الموحدين بعد ذلك كما سبق في كتاب الإيمان في شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم ... وأجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول , وأنه من الكبائر , وأجمعوا على أن عليه رد ما غله ] شرح النووي على صحيح مسلم 4/532. ونقل الحافظ ابن حجر العسقلاني عن بعض أهل العلم أن هذا الحديث يفسر قوله عز وجل { يأت بما غل يوم القيامة } أي يأت به حاملاً له على رقبته ثم قال [ ولا يقال إن بعض ما يسرق من النقد أخف من البعير مثلاً والبعير أرخص ثمناً فكيف يعاقب الأخف جناية بالأثقل وعكسه ؟ لأن الجواب أن المراد بالعقوبة بذلك فضيحة الحامل على رؤوس الأشهاد في ذلك الموقف العظيم لا بالثقل والخفة ] فتح الباري 6/224.
[url=http://www.mec.biz/fatwa/?page=ajax/front/eft_nab.php&div=show&action=show&id=953&name=%D8%AF. %D8%AD%D8%B3%D8%A7%D9%85 %D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86 %D8%A8%D9%86 %D9%85%D9%88%D8%B3%D9%89 %D8%B9%D9%81%D8%A7%D9%86%D9%87]هنا[/url]

قال الشيخ السعدي فى تفسير :

وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَايُظْلَمُونَ (161)آل عمران
الغلول هو: الكتمان من الغنيمة،

[والخيانة في كل مال يتولاه الإنسان] وهو محرم إجماعا، بل هو من الكبائر، كما تدل عليه هذه الآية الكريمة وغيرها من النصوص، فأخبر الله تعالى أنه ما ينبغي ولا يليق بنبي أن يغل، لأن الغلول -كما علمت- من أعظم الذنوب وأشر العيوب.
الوعيد على من غل، فقال: { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة } أي: يأت به حامله على ظهره، حيوانا كان أو متاعا، أو غير ذلك، ليعذب به يوم القيامة، { ثم توفى كل نفس ما كسبت } الغال وغيره، كل يوفى أجره ووزره على مقدار كسبه، { وهم لا يظلمون } أي: لا يزاد في سيئاتهم، ولا يهضمون شيئا من حسناتهم، وتأمل حسن هذا الاحتراز في هذه الآية الكريمة. لما ذكر عقوبة الغال، وأنه يأتي يوم القيامة بما غله، ولما أراد أن يذكر توفيته وجزاءه، وكان الاقتصار على الغال يوهم -بالمفهوم- أن غيره من أنواع العاملين قد لا يوفون -أتى بلفظ عام جامع له ولغيره.


هنا