تستحق المتابعة
قصة التتار .. من الظهور إلى الشتات .. قادتهم .. دولهم .. خطرهم على العالم .. تصدي الاسلام لهم
المقال منقول عن الدكتور راغب السرجاني
وقد تم تنقيحه واختصار الكثير منه
جعله الله علم ينتفع به في ميزان حسناتنا جميعاً

قبل لن ابدا احب اوضح شي دراسة التاريخ الإسلامي ليست للتسلية أو للبكاء على مجد ذهب وضاع بسبب الضعف التي آلت إليه دولة الإسلام وبعدنا عن دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
إنما نحن ندرس هذا التاريخ لنربط ماضينا بحاضرنا ونتعلم منه كيف نصنع مستقبلنا .
فإن ما يحدث اليوم لأمة الإسلام ، قد حدث قديما ، لكن أشكال الظالمين الفاسدين هي فقط التي تتغير .
لذلك وجب علينا دراسة تاريخنا لكي نتعلم كيف نتعامل مع هؤلاء الظالمين وكيف نعيد مجد دولة الإسلام مرة أخرى ، والله اني أرى خيرا قادم فلقد تمادى الظالمين في ظلمهم وتجبروا في الأرض بغير الحق ، وأن الله يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته.


بداية ظهور دولة التتار:


ظهرت دولة التتار في سنة (603هـ=1206م) تقريبًا، وكان ظهورها الأول في «منغوليا» في شمال الصين، وكان أول زعمائها هو «جنكيزخان[1]»[2].

و«جنكيزخان» كلمة تعني: قاهر العالم، أو ملك ملوك العالم، أو القوي.. حسب الترجمات المختلفة للغة المنغولية، واسمه الأصلي «تيموجين»، وكان رجلًا سفاكًا للدماء، وكان كذلك قائدًا عسكريًّا شديد البأس، وكانت له القدرة على تجميع الناس حوله، وبدأ في التوسُّع تدريجيًّا في المناطق المحيطة به، وسرعان ما اتَّسعت مملكته؛ حتى بلغت حدودها من كوريا شرقًا إلى حدود الدولة الخُوارِزمية الإسلامية غربًا، ومن سهول سيبريا شمالًا إلى بحر الصين جنوبًا، أي أنها كانت تضم من دول العالم حاليًّا: (الصين، ومنغوليا، وفيتنام، وكوريا، وتايلاند، وأجزاء من سيبيريا، وذلك إلى جانب مملكة لاوس، وميانمار، ونيبال، وبوتان).


ويُطلق اسم التتار -وكذلك المغول- على الأقوام الذين نشئوا في شمال الصين في صحراء «جوبي»، وإن كان التتار هم أصل القبائل بهذه المنطقة، ومن التتار جاءت قبائل أخرى مثل قبيلة «المغول»، وقبائل «الترك» و«السلاجقة» وغيرها، وعندما سيطر «المغول» -الذين منهم جنكيزخان- على هذه المنطقة أُطلق اسم «المغول» على هذه القبائل كلها.

وكان للتتار ديانة عجيبة، هي خليط من أديان مختلفة؛ فقد جمع جنكيزخان بعض الشرائع من الإسلام، والمسيحية، والبوذية، وأضاف من عنده شرائع أخرى، وأخرج لهم في النهاية كتابًا جعله كالدستور للتتار؛ وسمى هذا الكتاب بـ«الياسك» أو «الياسة» أو «الياسق»[3].

وكانت حروب التتار تتَّسم بأشياء خاصَّة جدًّا؛ مثل:

1- سرعة انتشار مُدهشة.

2- نظام محكم وترتيب عظيم.

3- أعداد ضخمة من البشر.

4- تَحَمُّل ظروف قاسية.

5- قيادة عسكرية بارعة.

6- أنهم بلا قلب!

فكانت حروبهم حروب تخريب غير طبيعية؛ فكان من السهل جدًّا أن ترى في تاريخهم أنهم دخلوا مدينة كذا أو كذا فدمَّرُوا كل المدينة وقتلوا سُكانها جميعًا؛ لا يُفَرِّقُون في ذلك بين رجل وامرأة، ولا بين رضيع وشاب، ولا بين صغير وشيخ، ولا بين ظالم ومظلوم، ولا بين مَدني ومحارب! إبادة جماعية مرعبة، وطبائع دموية لا تصل إليها أشدُّ الحيوانات شراسة.

وكما يقول الموفَّق عبد اللطيف[4] في خبر التتار: «وكأن قصدهم إفناء النوع، وإبادة العالم، لا قصد الملك والمال»[5].

7- رفض قبول الآخر، والرغبة في تطبيق مبدأ «القطب الواحد»! فليس هناك طرح للتعامل مع دول أخرى محيطة؛ والغريب أنهم كانوا يتظاهرون -دائمًا- بأنهم ما جاءوا إلاَّ ليُقيموا الدين، ولينشروا العدل، وليُخَلِّصُوا البلاد من الظالمين!

8- أنهم لا عهد لهم؛ فلا أيسر عندهم من نقض العهود وإخلاف المواثيق.. {لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً}[التوبة: 10]، كانت هذه صفة أصيلة مُلازمة لهم، لم يتخلَّوْا عنها في أي مرحلة من مراحل دولتهم منذ قيامها إلى أن سقطت.

هذه هي السمات التي اتَّصف بها جيش التتار