جاء في « تاريخ بغداد » أن قوماً أرادوا أن يتخلصوا من قاضٍ منصف فدخلوا مجلس (هارون الرشيد) يتظلمون منه ومن أحكامه ، ووصفوه بشدة التسامح في قضائه بين المتخاصمين.
فأمر (هارون الرشيد) باستدعاء (القاضي) ، فلما حضر مجلسه سأله عن سيرته في القضاء ، وكيف يحكم بين الناس ، وبينما هو يجيب عن أسئلته إذ عطس هارون الرشيد ، فشَمَّتَه كلُّ من كان في المجلس إلا القاضي ، فقال له هارون : ما لك لم تُشَمَّتْني كما فعل القوم ؟
قال القاضي : لَمْ أُشَمِّتْك لأنك لم تحمد الله ، وقد عَطَسَ رجلان عند النبي ﷺ، فشَمَّتَ ﷺ أحَدَهُما ولم يُشَمِّتِ الآخر ، فقال الرجلُ الذي لم يُشَمَّتْ : يا رسول الله ، شَمَّتَّ هذا ولم تُشَمِّتني !.
قال : «إن هذا حَمِدَ اللهَ، ولم تَحْمَدِ اللهَ»
فقال هارون للقاضي : ارجع إلى عملك وقضائك ، ودُمْ على ما كنت عليه ، فمن لم يسامح في عطسة لن يسامح في غيرها.
فانصرف القاضي منصورا ، وعَنَّفَ هارون من جاؤوا يوقعون به.