الصبر : وثواب الصبر
في اللغة :
صَبَرَ الشخص : انتظر في هدوء ودون شكوى .
صبر فلان على الأمر : احتمله .
في الاصطلاح الصوفي :
الإمام علي بن أبي طالب :
يقول : الصبر : شجاعة .
ويقول : الصبر : هو مطية لا تكبوا .
الشيخ بشر الحافي :
يقول : الصبر : هو الصمت .
الشيخ أبو بكر الوراق :
يقول : الصبر : هو تلقي البلاء بالرحب والدعة .
الشيخ الحارث المحاسبي :
يقول : الصبر : هو التهدف لسهام البلاء .
الشيخ ذو النون المصري :
يقول : الصبر : هو التباعد عن المخالفات ،
والسكون عند تجرع غصص البلية ،
وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحة المعيشة .
ويقول : الصبر : هو الاستعانة بالله تعالى .
الشيخ السري السقطي :
يقول : الصبر : أن تكون مثل الأرض ، تحمل الجبال وبني آدم ،
وكل ما عليها ،لا تأبى ذلك ولا تسميه بلاء ، بل تسميه نعمة وموهبة من سيدها ،
لا يراد فيها أداء حكم بها عليه .
الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
يقول : الصبر : هو تصديق الصدق .
ويقول : الصبر : هو انتظار الفرج من الله ، وهو أفضل الخدمة وأعلاها .
الشيخ إبراهيم الخواص :
يقول : الصبر : هو الثبات مع الله تعالى على أحكام الكتاب والسنة .
الشيخ عمرو بن عثمان المكي :
يقول : الصبر : هو القيام مع الله ، وتقبل البلاء ببهجة وارتياح .
الشيخ الجنيد البغدادي :
يقول : الصبر : هو حث النفس على أن تكون مع الله من غير أن تجزع .
ويقول : الصبر : هو تجرع المرارة من غير تعبيس .
ويقول : الصبر : هو إسبال التولي قبل مخامرة المحنة ،
فإذا صادفت المحنة التولي ، حملها بلا كلفة .
ويقول : الصبر : هو زم الجوارح والحركات عن جميع المخالفات أجمع .
في أقسام الصبر :
يقول الإمام علي بن أبي طالب :
الصبر صبران : صبر على ما تكره ، وصبر عما تحب .
ويقول الإمام أبو حامد الغزالي :
الصبر صبران :
صبر جسمي ، وهو تحمل المشاق بالبدن :
إما فعلاً ، كتعاطي الأعمال الشاقة .
وأما إنفعالاً ، كاحتمال الضرب الشديد ، والمرض العظيم .
والمحمود التام ، هو الضرب الثاني ،
وهو الصبر النفسي فإن كان عن تناولالمشتهيات ، سمى : عفة .
وإن كان عن احتمال مكروه ، اختلفت أسماؤه بحسب اختلاف المكروه .
فإن كان في مصيبة ، اقتصر على : اسم الصبر . و يضاده الجزع ، والهلع .
وإن كان في احتمال غنى ، سمى : ضبط النفس ، و يضاده البطر .
وإن كان في حرب سمي : شجاعة ، و يضاده الجبن .
وإن كان في كظم الغيظ والغضب سمي : حلماً ، و يضاده التذمر .
وإن كان في نائبة مضجرة سمي : سعة الصدر ، و يضاده الضجر ، والتبرم ، وضيق الصدر .
وإن كان في إخفاء كلام ، سمي : كتم السر .
وإن كان على فضول العيش ، سمي : زهداً وقناعة . و يضاده الحرص والشره .
في أنواع الصبر :
يقول الشيخ عبد العزيز يحيى :
الصبر وهو كما قال بعضهم : أربعة أنواع :
صبر على الطاعة ، وصبر على المعصية : وهما أساس طريق الاستقامة .
وصبر عن فضول الدنيا : وهو أساس الزهد .
وصبر على المصائب والمحن : وهو أساس الرضا والتسليم لله سبحانه وتعالى ،
وحسن الظن به ، وهذا أشق الأنواع الأربعة على النفس .
في درجات الصبر :
يقول الشيخ عبد الله الهروي :
الصبر وهو على ثلاث درجات :
الدرجة الأولى : الصبر على المعصية ، بمطالعة الوعيد إبقاءً على الإيمان وحذراً من الجزاء ،
وأحسن منها الصبر عن المعصية حياءً .
والدرجة الثانية : الصبر على الطاعة ،
بالمحافظة عليها دواماً وبرعايتها إخلاصاً وبتحسينها علماً .
والدرجةالثالثة : الصبر على البلاء ، بملاحظة حسن الجزاء ،
وانتظار روح الفرج ،وتهوين البلية بعد أيادي المنن ، وتذكر سوالف النعم .
في مقامات الصبر ودرجاته في القرآن :
يقول الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنه :
الصبر في القرآن على ثلاث مقامات :
صبر على أداء الفرائض ، وله ثلاثمائة درجة .
وصبر على محارم الله تعالى ، وله ستمائة درجة .
وصبر في المصيبة عند الصدمة الأولى ، وله سبعمائة درجة .
في مقامات الصبر للآخرة :
يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
الصبر للآخرة له أربعة مقامات ، فثلاثة منها فرض والرابع فضيلة :
صبر على طاعة الله عز وجل ، وصبر عن معصيته ، وصبر على المصائب من عنده ...
أوصبر على أمر الله عز وجل ، وصبر على نهيه ،
وصبر على أفعال الله عز وجل ،فهذه ثلاث مقامات منه وهي فرض ،
والمقام الرابع فضيلة ، وهو الصبر على أفعال المخلوقين .
في غاية الصبر :
يقول الشيخ الجنيد البغدادي :
غايةالصبر وتصحيحه : أن يورث صاحبه التوكل ، قال الله تعالى :
( الَّذينَ صَبَروا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلونَ ).
( النحل : 42 ) .
في جزاء الصبر :
يقول الشيخ أبو عثمان الحيري النيسابوري :
جزاء الصبر : هو أن يعطي الله تعالى العبد الرضا .
في مقام الصبر :
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
مقامالصبر : هو تحمل النفس جميع الشدائد والمصائب دون شكوى إلى أحد ،
وتجرع مرارات الأمور ، مع مكابدة الطاعات ظاهراً وباطناً ،
وإخلاء الصدر من الضجر، ومن الشعور بكون نفسه متحملة ذلك ،
ومتجرعة له . وهذا المقام لا يتم غالباً إلا لأهل الجذبة الإلهية ،
بحيث لا يشعر العبد معها بنفسه أنه في ضيق أو رخاء ،
وذلك لا يحصل إلا بتوفيق الله تعالى من غير تعمل ولا تكلف على جميع مراده ،
أي : مراد الحق تعالى .
في ثمرة الصبر :
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
الصبر يزيل الشهوات ... يفني العادات ، ويقطع الأسباب ، ويخلع الأرباب .
في الخصال التي تجمع كمال الصبر :
يقول الشيخ الجنيد البغدادي :
الصبر في ثلاث خصال ، وهي التي تجمع كمال الصبر وهي :
الصبر عما نُهيَّ عنه .
والصبر على طاعة الله .
والصبر فيما يحدث عنده من الشدة والرخاء .
في تلازم العلم والصبر :
يقول الشيخ عمر السهروردي :
العلم والصبر متلازمان كالروح والجسد لا يستقل أحدهما بدون الآخر ،
ومصدرهما الغريزة العقلية ، وهما متقاربان لاتحاد مصدرهما .
وبالصبر يتحامل على النفس ، وبالعلم يترقى الروح .
وهما البرزخ والفرقان بين الروح والنفس ليستقر كل واحد منهما في مستقره .
أفضل الصبر :
يقول الشيخ عمر السهروردي :
أفضل الصبر : الصبر على الله بعكوف الهم عليه ،
وصدق المراقبة له بالقلب ، وحسم مواد الخواطر .
في أن الصبر أساس كل الخيرات :
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
الصبرأساس الخير ... الخيرات كلها تحت أقدام الصبر ،
ولهذا كرر الله عز وجل ذكره وأكد أمره ، فقال عز من قائل :
( يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا اصْبِرواوَصابِروا وَرابِطوا واتَّقوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحونَ )
( آل عمران : 200 ) .
في أن الصبر خاص بالإنسان دون الملائكة والبهائم :
يقول العلامة الآلوسي :
الصبر على البلاء من خواص الإنسان ، ولا يتصور ذلك في البهائم والملائكة .
أما البهائم فلنقصانها ، وأما في الملائكة فلكمالها ،
لأن البهائم سلطت عليها الشهوات وليس لشهواتها عقل يعارض
حتى يسمى ثبات تلك القوة في مقابلة مقتضى الشهوة صبراً .
وأما الملائكة فإنهم جردوا للشوق إلى حضرة الربوبية ،
والابتهاج بدرجة القرب منها ،
ولم يسلط عليهم شهوة صارفة عنها حتى تحتاج إلى
مصادقة ما يصرفها عن حضرة الجلال بجند آخر ...
أما الإنسان فإنه خلق في ابتداء الصفة ناقصاً وليس له قوة الصبر البتة ،
إذ الصبر عبارة عن ثبات جند في مقابلة جند آخر ... .
في العلاقة بين الصبر والتقوى :
يقول الشيخ أبو طالب المكي :
الصبروالتقوى معنيان أحدهما منوط بالآخر لا يتم كل واحد منهما إلا بصاحبه .
فمن كانت التقوى مقامه كان الصبر حاله ،
فصار الصبر أفضل الأحوال من حيث كان التقوى أعلى المقامات .
في حقيقة الصبر :
يقول الشيخ أبو علي الدقاق :
حقيقةالصبر : هو الخروج من البلاء على حسب الدخول فيه
مثل أيوب عليه السلام قال في آخر بلائه :
( مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمينَ )
( الأنبياء : 83 )
فحفظ أدب الخطاب حيث عرض بقوله :
( وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمينَ )
ولم يصرح بقوله ارحمني.
ثانيا :ما هو ثواب الصبر؟
قال تعالي :
(1) سورة البقرة - سورة 2 - آية 153
يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين .
(2) سورة البقرة - سورة 2 - آية 155
ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين
(3) سورة البقرة - سورة 2 - آية 249
الميزان في تفسير القرآن تقريب القرآن إلى الأذهان نور الثقلين
فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر
فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني الا من اغترف غرفة بيده
فشربوا منه الا قليلا منهم فلماجاوزه هو والذين امنوا معه
قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله
كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين
(4) سورة آل عمران - سورة 3 - آية 17
الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار
(5) سورة آل عمران - سورة 3 - آية 142
ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين
(6) سورة آل عمران - سورة 3 - آية 146
وكاين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله
وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين
(7) سورة الأنفال - سورة 8 - آية 46
واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين
(8) سورة الأنفال - سورة 8 - آية 66
الانخفف الله عنكم وعلم ان فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مئتين
وان يكن منكم الف يغلبوا الفين باذن الله والله مع الصابرين
(9) سورة الأنبياء - سورة 21 - آية 85
واسماعيل وادريس وذا الكفل كل من الصابرين
(10) سورة الصافات - سورة 37 - آية 102
فلما بلغ معه السعي قال يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى
قال يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين
(11) سورة الأعراف - سورة 7 - آية 128
قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا
ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين
الصبر عند الصدمة الأولى
الراوي: أبو هريرة المحدث: محمد جار الله الصعدي - المصدر:
النوافح العطرة - الصفحة أو الرقم: 176
خلاصة حكم المحدث: صحيح
إن ناسا من الأنصار ، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ،
ثم سألوه فأعطاهم ، حتى نفذ ما عنده ، فقال :
ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ،ومن يستعفف يعفه الله ،
ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ،
وماأعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر .
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري -
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1469
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
التسبيح نصف الميزان ، والحمد لله يملؤه ، والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض ،
والصوم نصف الصبر ، والطهور نصف الإيمان
الراوي: رجل من بني سليم المحدث: الترمذي -
المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3519
خلاصة حكم المحدث: حسن
إذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع
الراوي: - المحدث: الهيتمي المكي - المصدر: الزواجر - الصفحة أو الرقم: 1/164
خلاصة حكم المحدث: صحيح
عن ابن عباس قال : نزلت ( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين )
فشق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم أن لا يفر واحد من عشرة ثم إنه جاء تخفيف
فقال ( الآن خفف الله عنكم ) قرأ أبو توبة إلى قوله ( يغلبوا مائتين )
قال فلما خفف الله تعالى عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 2646
خلاصة حكم المحدث: صحيح
قال تعالى :
(1) سورة الأنفال - سورة 8 - آية 65
يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبوامئتين
وان يكن منكم مائة يغلبوا الفا من الذين كفروا بانهم قوم لا يفقهون
(2) سورة القصص - سورة 28 - آية 80
وقال الذين اوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن امن وعمل صالحا ولا يلقاها الا الصابرون
(3) سورة الزمر - سورة 39 - آية 10
قل يا عباد الذين امنوا اتقوا ربكم للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة
وارض الله واسعة انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا :ماهو الصبر؟
في اللغة :
صَبَرَ الشخص : انتظر في هدوء ودون شكوى .
صبر فلان على الأمر : احتمله .
في الاصطلاح الصوفي :
الإمام علي بن أبي طالب :
يقول : الصبر : شجاعة .
ويقول : الصبر : هو مطية لا تكبوا .
الشيخ بشر الحافي :
يقول : الصبر : هو الصمت .
الشيخ أبو بكر الوراق :
يقول : الصبر : هو تلقي البلاء بالرحب والدعة .
الشيخ الحارث المحاسبي :
يقول : الصبر : هو التهدف لسهام البلاء .
الشيخ ذو النون المصري :
يقول : الصبر : هو التباعد عن المخالفات ،
والسكون عند تجرع غصص البلية ،
وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحة المعيشة .
ويقول : الصبر : هو الاستعانة بالله تعالى .
الشيخ السري السقطي :
يقول : الصبر : أن تكون مثل الأرض ، تحمل الجبال وبني آدم ،
وكل ما عليها ،لا تأبى ذلك ولا تسميه بلاء ، بل تسميه نعمة وموهبة من سيدها ،
لا يراد فيها أداء حكم بها عليه .
الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
يقول : الصبر : هو تصديق الصدق .
ويقول : الصبر : هو انتظار الفرج من الله ، وهو أفضل الخدمة وأعلاها .
الشيخ إبراهيم الخواص :
يقول : الصبر : هو الثبات مع الله تعالى على أحكام الكتاب والسنة .
الشيخ عمرو بن عثمان المكي :
يقول : الصبر : هو القيام مع الله ، وتقبل البلاء ببهجة وارتياح .
الشيخ الجنيد البغدادي :
يقول : الصبر : هو حث النفس على أن تكون مع الله من غير أن تجزع .
ويقول : الصبر : هو تجرع المرارة من غير تعبيس .
ويقول : الصبر : هو إسبال التولي قبل مخامرة المحنة ،
فإذا صادفت المحنة التولي ، حملها بلا كلفة .
ويقول : الصبر : هو زم الجوارح والحركات عن جميع المخالفات أجمع .
في أقسام الصبر :
يقول الإمام علي بن أبي طالب :
الصبر صبران : صبر على ما تكره ، وصبر عما تحب .
ويقول الإمام أبو حامد الغزالي :
الصبر صبران :
صبر جسمي ، وهو تحمل المشاق بالبدن :
إما فعلاً ، كتعاطي الأعمال الشاقة .
وأما إنفعالاً ، كاحتمال الضرب الشديد ، والمرض العظيم .
والمحمود التام ، هو الضرب الثاني ،
وهو الصبر النفسي فإن كان عن تناولالمشتهيات ، سمى : عفة .
وإن كان عن احتمال مكروه ، اختلفت أسماؤه بحسب اختلاف المكروه .
فإن كان في مصيبة ، اقتصر على : اسم الصبر . و يضاده الجزع ، والهلع .
وإن كان في احتمال غنى ، سمى : ضبط النفس ، و يضاده البطر .
وإن كان في حرب سمي : شجاعة ، و يضاده الجبن .
وإن كان في كظم الغيظ والغضب سمي : حلماً ، و يضاده التذمر .
وإن كان في نائبة مضجرة سمي : سعة الصدر ، و يضاده الضجر ، والتبرم ، وضيق الصدر .
وإن كان في إخفاء كلام ، سمي : كتم السر .
وإن كان على فضول العيش ، سمي : زهداً وقناعة . و يضاده الحرص والشره .
في أنواع الصبر :
يقول الشيخ عبد العزيز يحيى :
الصبر وهو كما قال بعضهم : أربعة أنواع :
صبر على الطاعة ، وصبر على المعصية : وهما أساس طريق الاستقامة .
وصبر عن فضول الدنيا : وهو أساس الزهد .
وصبر على المصائب والمحن : وهو أساس الرضا والتسليم لله سبحانه وتعالى ،
وحسن الظن به ، وهذا أشق الأنواع الأربعة على النفس .
في درجات الصبر :
يقول الشيخ عبد الله الهروي :
الصبر وهو على ثلاث درجات :
الدرجة الأولى : الصبر على المعصية ، بمطالعة الوعيد إبقاءً على الإيمان وحذراً من الجزاء ،
وأحسن منها الصبر عن المعصية حياءً .
والدرجة الثانية : الصبر على الطاعة ،
بالمحافظة عليها دواماً وبرعايتها إخلاصاً وبتحسينها علماً .
والدرجةالثالثة : الصبر على البلاء ، بملاحظة حسن الجزاء ،
وانتظار روح الفرج ،وتهوين البلية بعد أيادي المنن ، وتذكر سوالف النعم .
في مقامات الصبر ودرجاته في القرآن :
يقول الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنه :
الصبر في القرآن على ثلاث مقامات :
صبر على أداء الفرائض ، وله ثلاثمائة درجة .
وصبر على محارم الله تعالى ، وله ستمائة درجة .
وصبر في المصيبة عند الصدمة الأولى ، وله سبعمائة درجة .
في مقامات الصبر للآخرة :
يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
الصبر للآخرة له أربعة مقامات ، فثلاثة منها فرض والرابع فضيلة :
صبر على طاعة الله عز وجل ، وصبر عن معصيته ، وصبر على المصائب من عنده ...
أوصبر على أمر الله عز وجل ، وصبر على نهيه ،
وصبر على أفعال الله عز وجل ،فهذه ثلاث مقامات منه وهي فرض ،
والمقام الرابع فضيلة ، وهو الصبر على أفعال المخلوقين .
في غاية الصبر :
يقول الشيخ الجنيد البغدادي :
غايةالصبر وتصحيحه : أن يورث صاحبه التوكل ، قال الله تعالى :
( الَّذينَ صَبَروا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلونَ ).
( النحل : 42 ) .
في جزاء الصبر :
يقول الشيخ أبو عثمان الحيري النيسابوري :
جزاء الصبر : هو أن يعطي الله تعالى العبد الرضا .
في مقام الصبر :
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
مقامالصبر : هو تحمل النفس جميع الشدائد والمصائب دون شكوى إلى أحد ،
وتجرع مرارات الأمور ، مع مكابدة الطاعات ظاهراً وباطناً ،
وإخلاء الصدر من الضجر، ومن الشعور بكون نفسه متحملة ذلك ،
ومتجرعة له . وهذا المقام لا يتم غالباً إلا لأهل الجذبة الإلهية ،
بحيث لا يشعر العبد معها بنفسه أنه في ضيق أو رخاء ،
وذلك لا يحصل إلا بتوفيق الله تعالى من غير تعمل ولا تكلف على جميع مراده ،
أي : مراد الحق تعالى .
في ثمرة الصبر :
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
الصبر يزيل الشهوات ... يفني العادات ، ويقطع الأسباب ، ويخلع الأرباب .
في الخصال التي تجمع كمال الصبر :
يقول الشيخ الجنيد البغدادي :
الصبر في ثلاث خصال ، وهي التي تجمع كمال الصبر وهي :
الصبر عما نُهيَّ عنه .
والصبر على طاعة الله .
والصبر فيما يحدث عنده من الشدة والرخاء .
في تلازم العلم والصبر :
يقول الشيخ عمر السهروردي :
العلم والصبر متلازمان كالروح والجسد لا يستقل أحدهما بدون الآخر ،
ومصدرهما الغريزة العقلية ، وهما متقاربان لاتحاد مصدرهما .
وبالصبر يتحامل على النفس ، وبالعلم يترقى الروح .
وهما البرزخ والفرقان بين الروح والنفس ليستقر كل واحد منهما في مستقره .
أفضل الصبر :
يقول الشيخ عمر السهروردي :
أفضل الصبر : الصبر على الله بعكوف الهم عليه ،
وصدق المراقبة له بالقلب ، وحسم مواد الخواطر .
في أن الصبر أساس كل الخيرات :
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
الصبرأساس الخير ... الخيرات كلها تحت أقدام الصبر ،
ولهذا كرر الله عز وجل ذكره وأكد أمره ، فقال عز من قائل :
( يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا اصْبِرواوَصابِروا وَرابِطوا واتَّقوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحونَ )
( آل عمران : 200 ) .
في أن الصبر خاص بالإنسان دون الملائكة والبهائم :
يقول العلامة الآلوسي :
الصبر على البلاء من خواص الإنسان ، ولا يتصور ذلك في البهائم والملائكة .
أما البهائم فلنقصانها ، وأما في الملائكة فلكمالها ،
لأن البهائم سلطت عليها الشهوات وليس لشهواتها عقل يعارض
حتى يسمى ثبات تلك القوة في مقابلة مقتضى الشهوة صبراً .
وأما الملائكة فإنهم جردوا للشوق إلى حضرة الربوبية ،
والابتهاج بدرجة القرب منها ،
ولم يسلط عليهم شهوة صارفة عنها حتى تحتاج إلى
مصادقة ما يصرفها عن حضرة الجلال بجند آخر ...
أما الإنسان فإنه خلق في ابتداء الصفة ناقصاً وليس له قوة الصبر البتة ،
إذ الصبر عبارة عن ثبات جند في مقابلة جند آخر ... .
في العلاقة بين الصبر والتقوى :
يقول الشيخ أبو طالب المكي :
الصبروالتقوى معنيان أحدهما منوط بالآخر لا يتم كل واحد منهما إلا بصاحبه .
فمن كانت التقوى مقامه كان الصبر حاله ،
فصار الصبر أفضل الأحوال من حيث كان التقوى أعلى المقامات .
في حقيقة الصبر :
يقول الشيخ أبو علي الدقاق :
حقيقةالصبر : هو الخروج من البلاء على حسب الدخول فيه
مثل أيوب عليه السلام قال في آخر بلائه :
( مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمينَ )
( الأنبياء : 83 )
فحفظ أدب الخطاب حيث عرض بقوله :
( وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمينَ )
ولم يصرح بقوله ارحمني.
قال تعالي :
(1) سورة البقرة - سورة 2 - آية 153
يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة ان الله مع الصابرين .
(2) سورة البقرة - سورة 2 - آية 155
ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين
(3) سورة البقرة - سورة 2 - آية 249
الميزان في تفسير القرآن تقريب القرآن إلى الأذهان نور الثقلين
فلما فصل طالوت بالجنود قال ان الله مبتليكم بنهر
فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فانه مني الا من اغترف غرفة بيده
فشربوا منه الا قليلا منهم فلماجاوزه هو والذين امنوا معه
قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون انهم ملاقوا الله
كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين
(4) سورة آل عمران - سورة 3 - آية 17
الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالاسحار
(5) سورة آل عمران - سورة 3 - آية 142
ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين
(6) سورة آل عمران - سورة 3 - آية 146
وكاين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله
وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين
(7) سورة الأنفال - سورة 8 - آية 46
واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا ان الله مع الصابرين
(8) سورة الأنفال - سورة 8 - آية 66
الانخفف الله عنكم وعلم ان فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مئتين
وان يكن منكم الف يغلبوا الفين باذن الله والله مع الصابرين
(9) سورة الأنبياء - سورة 21 - آية 85
واسماعيل وادريس وذا الكفل كل من الصابرين
(10) سورة الصافات - سورة 37 - آية 102
فلما بلغ معه السعي قال يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى
قال يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين
(11) سورة الأعراف - سورة 7 - آية 128
قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا
ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين
الصبر عند الصدمة الأولى
الراوي: أبو هريرة المحدث: محمد جار الله الصعدي - المصدر:
النوافح العطرة - الصفحة أو الرقم: 176
خلاصة حكم المحدث: صحيح
إن ناسا من الأنصار ، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ،
ثم سألوه فأعطاهم ، حتى نفذ ما عنده ، فقال :
ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم ،ومن يستعفف يعفه الله ،
ومن يستغن يغنه الله ، ومن يتصبر يصبره الله ،
وماأعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر .
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري -
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 1469
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
التسبيح نصف الميزان ، والحمد لله يملؤه ، والتكبير يملأ ما بين السماء والأرض ،
والصوم نصف الصبر ، والطهور نصف الإيمان
الراوي: رجل من بني سليم المحدث: الترمذي -
المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3519
خلاصة حكم المحدث: حسن
إذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع
الراوي: - المحدث: الهيتمي المكي - المصدر: الزواجر - الصفحة أو الرقم: 1/164
خلاصة حكم المحدث: صحيح
عن ابن عباس قال : نزلت ( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين )
فشق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم أن لا يفر واحد من عشرة ثم إنه جاء تخفيف
فقال ( الآن خفف الله عنكم ) قرأ أبو توبة إلى قوله ( يغلبوا مائتين )
قال فلما خفف الله تعالى عنهم من العدة نقص من الصبر بقدر ما خفف عنهم
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 2646
خلاصة حكم المحدث: صحيح
قال تعالى :
(1) سورة الأنفال - سورة 8 - آية 65
يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال ان يكن منكم عشرون صابرون يغلبوامئتين
وان يكن منكم مائة يغلبوا الفا من الذين كفروا بانهم قوم لا يفقهون
(2) سورة القصص - سورة 28 - آية 80
وقال الذين اوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن امن وعمل صالحا ولا يلقاها الا الصابرون
(3) سورة الزمر - سورة 39 - آية 10
قل يا عباد الذين امنوا اتقوا ربكم للذين احسنوا في هذه الدنيا حسنة
وارض الله واسعة انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته