رفع همم الأبرار لقيام الليل بين يدي العزيز الغفار
العناصر
- مقدمة
- فضل قيام الليل وفوائده
– صور مشرقة لقوام الليل
- الأسباب المعينة على قيام الليل.
مقدمة: فإن أطيب أوقات المناجاة أن يخلو المؤمن بربه والناس نيام،وقد سكن الكون كله،وأرخى الليل سدوله،وغابت نجومه،وخلا كل حبيب بحبيبه،،فحينئذ تستحضر قلبك،وتناجي ربك،وتظهر ضعفك وفقرك وحاجتك،وتستحضر عظمة ربك وغناه و جوده ومنه وكرمه،،فتأنس بقربه،ويطمئن قلبك بذكره،وتفرح بفضله ورحمته،وتبكي من خشيته،وتشعر بقربه ومعيته،فتلح في الدعاء،وتتذلل في التضرع،وتجتهد في الاستغفار،،، أخي المسلم إن قيام الليل عبادة تصل القلب بالله عز وجل وتصفيه مما علق به من شهوات الدنيا وأكدارها وتجعله قادرا على مواجهة الفتن المضلة التي تعصف بالقلوب،،فقلب معلق بالله وامتلأ بحب الله لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض.... قيام الليل فيه مجاهدة للنفس وحملها على طاعة الله،في وقت هدأت فيه الأصوات ونامت فيه العيون تقلب فيه النوام على الفراش،لكن قوام الليل يهبون من فرشهم الوثيرة وسررهم المريحة ليكابدوا الليل والتعب وهم مع ذلك في غاية السعادة واللذة،فلقاء المحبوب والأنس به أنساهم التعب والنصب فتلذذوا بقربه سبحانه...لذا كان قيام الليل من مقاييس العزيمة الصادقة وسمات النفوس الكبيرة التي أثنى الله عز وجل على أصحابها في آيات كثيرة فقال تعالى" وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا"وقال تعالى[تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ]وقال تعالى[إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ]وقال تعالى[أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ]
ومما يوضح لك أخي المسلم فضل قيام الليل وشرفه
1- أن الله عز وجل فرضه على أقرب الخلق منه و أحب خلقه إليه[محمد صلى الله عليه وسلم] حيث قال جل ذكره[يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا]
فأراد الله عز وجل أن يرفع قدر نبيه ويعلي ذكره في الدنيا والآخرة ففرض عليه قيام الليل قال تعالى[وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا] والمقام المحمود هو الذي يحمده عليه جميع الخلائق وهي الشفاعة العظمى لأهل الموقف.فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمر ربه على أكمل وجه،فكان يقوم حتى تتفطر قدماه الشريفتان صلى الله عليه وسلم وعندما يسأل عن ذلك يقول[أفلا أكون عبدا شكورا]
2- أن قيام الليل أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَرْفَعُهُ، قَالَ: سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ؟ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ الْمُحَرَّمِ» م (1163)
3- أقرب ما يكون العبد من الرب في جوف الليل
عَن عَمْرو بن عبسة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْآخِرِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ» . صححه الألباني في المشكاة.
وفي الصحيحين من حديث أبي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ " زاد مسلم[فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ ]
4- وفي الليل ساعة إجابة يقبل الله فيها الدعاء وذلك كل ليلة
عَنْ جَابِر بن عبد الله قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ فِي اللَّيْلِ سَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» م[1911]
5- الشرف كل الشرف في القيام بين يدي الله عز وجل
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم[ أتاني جبريل، فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت، فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس ". هذا الحديث له شاهد من حديث جابر بن عبد الله وعلي بن أبي طالب،وصححه الألباني في الصحيحة[831]
6- قيام الليل سبيل الصالحين ودأب الأنبياء والمرسلين
قال صلى الله عليه وسلم «عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى الله تعالى ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات، ومطردة للداء عن الجسد» .صحيح الجامع[4079] عن بلال وعن أبي أمامة وعن أبي الدرداء وعن سلمان وعن جابر.وعند مسلم من حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إِلَى اللهِ، صِيَامُ دَاوُدَ، وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللهِ، صَلَاةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام، كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَكَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا»
7- وعلى قدر قيامك بالليل يكون وصفك عند الله.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:«مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ»(صحيح)الألباني الصحيحة 642.فاختر لنفسك اسماً عند ربك.
8- أهل القيام هم أنضر الناس وجوهاً وأحسنهم سمتاً
قيل لِلْحسنِ: مَا بَال المتهجدين بِاللَّيْلِ من أحسن النَّاس وُجُوهًا؟ قَالَ: لأَنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره.[قال بعض علماء الحديث: من طال قيامه بالليل حسن وجهه بالنهار]وكان محمد بن سيرين إذا دخل المسجد سَبّح الناس ربهم؛ لما على وجهه من النور.قال ابن عباس رضي الله عنهما: إن للطاعة نوراً في الوجه، ونوراً في القلب، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق.
9- القيام قهر للشيطان وإحباط لمكره
في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ» فلو أراد أحد منا أن يحصي كم عقدة لم تنحل طوال لياليه السابقة ما أظنه إلا سيحتاج إلى رقم كبير؛ لأن غالب العقد عندنا لا نحلها، بل يعقدها الشيطان ثلاثاً ونستيقظ وهي ثلاث.
10- قيام الليل يهون على صاحبه طول قيام يوم القيامة
إن العبد إذا قام الليل، وصف قدميه لمولاه عابدا خاشعا سهل عليه يوم يقوم الناس لرب العالمين، ومن استراح هنا تعب هناك والجزاء من جنس العمل.
يقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: من أحب أن يهون الله عليه الوقوف يوم القيامة فليره الله في ظلمة الليل ساجداً وقائماً؛ يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه.
قال تعالى{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ}
11- قيام الليل من أنجع الدواء للقلوب
قال يحيى بن مُعاذ، وإبراهيم الخواص: دواءُ القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرَّع عند السحر، ومجالسة الصالحين.
وشكا رجل إلى مالك بن دينار قسوة قلبه فقال له: أدمن الصيام -أي: داوم على الصيام- فإن وجدت قسوة فأطل القيام، فإن وجدت قسوة فأقل الطعام.
12- ترك قيام الليل معرة
في الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَبْدَ اللهِ، لَا تَكُنْ بِمِثْلِ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ»
13- قيام الليل سبب لدخول الجنة
قال تعالى[إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (15) آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ]
وقال تعالى[تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ]
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَلَانَ الْكَلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَتَابَعَ الصِّيَامَ وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نيام»صححه الألباني
صور مشرقة لسلفنا الصالح في قيامهم لله رب العالمين
وعلى رأس هؤلاء الصفوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بلغ مبلغاً في هذا الباب وهذا لا يخفى على أحد
في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: «أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ»
وانظر كيف كانت صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل في الصحيحين عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ،....راجع الحديث في الصحيحين
يقول عبد الله بن رواحة في وصفه صلى الله عليه وسلم:
وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ يَتْلُو كِتَابَهُ ... إذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنْ الْفَجْرِ سَاطِعُ
يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ
أَرَانَا الْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ
* وهذا عثمان بن عفان:عن محمد بن سيرين قال، قالت امرأة عثمان بن عفان حين أطافوا يريدون قتله: وإن تقتلوه أو تتركوه فإنه كان يحيي الليل كله في ركعة يجمع فيها القرآن. صفة الصفوة (1/ 113)
* وكان ابن مسعود - رضي الله عنه - إذا هدأت العيون قام فيسمع له دوىّ كدوىّ النحل حتى يصبح.
* وهذا أبو هريرة: فى صحيح البخاري،وغيره عن أبى عثمان النهدى فال: تضيفت أبا هريرة سبعة أيام - أي نزلت ضيفا عليه - فكان هو وزوجته وخادمه يقتسمون الليل ثلاثا. الزوجة ثلثا، وخادمه ثلثا، وأبى هريرة ثلثا ..
* وكان للحسن بن صالح جارية فباعها من قوم فلما كان في جوف الليل قامت الجارية فقالت يا أهل الدار الصلاة الصلاة فقالوا أصبحنا أطلع الفجر؟ فقالت: وما تصلون إلا المكتوبة؟! قالوا: نعم فرجعت إلى الحسن فقالت يا مولاي بعتني من قوم لا يصلون إلا المكتوبة ردني فردها.والحسن بن صالح - وهو من رجال مسلم - كان يقتسم الليل هو وأخوه وأمه أثلاثا، فماتت أمه فاقتسم الليل هو وأخوه على، فمات أخوه فقام الليل بنفسه.
* وقال الربيع بت في منزل الشافعي رضي الله عنه ليالي كثيرة فلم يكن ينام من الليل إلا يسيراً.
* وقال أبو الجويرية : لقد صحبت أبا حنيفة رضي الله عنه ستة أشهر فما فيها ليلة وضع جنبه على الأرض،، وكان أبو حنيفة يحيي نصف الليل فمر بقوم فقالوا: إن هذا يحيي الليل كله. فقال: إني أستحي أن أوصف بما لا أفعل فكان بعد ذلك يحيى الليل كله.
هؤلاء الكرام ما كانوا يحبون البقاء في الدنيا إلا من أجل هذا الشرف
يقول أبو سليمان الداراني رحمه الله تعالى: والله لولا قيام الليل ما أحسست بطعم الدنيا، والله إن أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، وإنه لتمر بالقلب ساعات يرقص فيها طرباً بذكر بالله سبحانه وتعالى. فأقول: أن كان أهل الجنة فى مثل ما أنا فيه من النعيم إنهم لفي نعيم عظيم.وفي هذه العبارة من الجمال والروعة ما ينبغي للمرء أن يستحضرها دوماً،وذلك مما يجدونه من لذة المناجاة، ولذلك ذكر عن بعض السلف أنه كان يكثر من الدعاء: اللهم لا تحرمني اللذتين: لذة المناجاة في الدنيا، ولذة النظر إلى وجهك الكريم في الآخرة.
قال ابن المنكدر: " ما بقى من لذات الدنيا إلا ثلاث: قيام الليل، ولقاء الإخوان، وصلاة الجماعة ".
يقول أحد السلف وهو ينظر إلى الشمس ويخاطبها: أيتها الشمس لقد أطلت المكوث، أما آن لك أن تتواري، ألا فلتغربي! فهو يريد أن يأتي الظلام حتى يصف قدميه بين يدي رب العالمين، فيعيش لذة لا يعلم مداها ولا يشعر بحلاوتها إلا من عاشها.
يقول: إبراهيم بن أدهم: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من سعادة لجالدونا عليها بالسيوف.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن في الدنيا جنةً من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة.
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم : إن التشبه بالرجال فلاحُ
الأمور الميسرة لقيام الليل: اعلم أخي المسلم - وفقك الله - أن قيام الليل من أثقل الطاعات على النفوس، ومن أشدها على القلوب، ومن أصعبها على الأبدان إلا من يسره الله عليه، وهناك أمور لو تمسك بها العبد ليسرت عليه قيام الليل أن شاء الله تعالى.وهذه الأمور تنقسم إلى قسمين: أمور ظاهرة، وأخرى باطنة.
أولا: الأمور الظاهرة:
1 - أن لا يكثر العبد من الأكل والشرب، فيغلبه النوم أو يثقل عليه القيام وقد قيل: لا تأكل كثيرا فتشرب كثيرا، فتنام كثيرا، فتخسر كثيرا.
- وقال أبو سليمان الدارنى: من شبع دخل عليه ست آفات - فقد حلاوة المناجاة، - وتعذر عليه حفظ الحكمة،- وحرمان الشفقة على الخلق - لأنه إذا شبع ظن الخلق كلهم شباعا، - وثقل العبادة، - وزيادة الشهوات،وأن سائر المؤمنين ويدورون حول المساجد والشباع يدورون حول المزابل.
2 - ألا يتعب نفسه بالنهار بالأعمال التى تعيا بها الجوارح وتضعف بها الأعصاب فان ذلك مجلبة للنوم.
3 - ألا يترك القيلولة بالنهار للاستعانة بها على قيام الليل.
4 - أن يتجنب ارتكاب المعاصي، فان ذلك مما يقسي القلب ويحول بينه وبين أسباب الرحمة، فان مقترف الذنوب لا يوفق لقيام الليل، ومن أحسن فى نهاره وفق فى ليله. وقال رجل للحسن البصرى: يا أبا سعيد! أنى أبيت معافى، وأحب قيام الليل، وأعد طهورى، فما بالى لا أقوم؟!.فقال الحسن البصرى: قيدتك ذنوبك.
وقال الحسن: إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل. وقال الثوري: حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته قيل وما ذاك الذنب قال رأيت رجلاً يبكي فقلت في نفسي هذا مراء.
قيل لعبد الله بن مسعود: ما لنا لا نستطيع قيام الليل؟.قال أبعدتكم ذنوبكم.
وقال الفضيل بن عياض: إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم كبلتك خطيئتك.
وقال رجل لأحد الصالحين: لا أستطيع قيام الليل فصف لى دواءاً، فقال: لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه بالليل.
5 - أن يبتعد عن التنعيم الزائد فى الفراش، فان ذلك يمنع من قيام الليل.
6 - الابتعاد عن فضول النظر والكلام، فان ذلك يقسي القلب، ويبعده عن الرب.
7 - كثرة ذكر الله، فان الذكر حياة القلب، وصاحب القلب الحي موفق لقيام الليل أن شاء الله تعالى. فعن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذى يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحي والميت))خ وم
8 - أكل الحلال، والابتعاد عن الحرام، فكلما كان العبد متحريا الحلال كان موفقا، قال سهل بن عبد الله التسترى رحمه الله: من أكل الحلال أطاع الله شاء أو أبى.
ثانيا: الأمور الباطنة
1 - سلامة القلب من الحقد على المسلمين وعن البدع، وعن فضول هموم الدنيا كي ينشغل القلب بالله مولاه ويترك ما سواه.
2 - خوف غالب يلازم القلب،فإنه إذا تفكر العبد في أهوال الآخرة، ودركات جهنم طار نومه، وعظم حذره، وازداد خوفه.
قال ذو النون المصري:
منع القرآن بوعده ووعيده ... مقل العيون بليلها أن تهجعا
فهموا عن الملك الجليل كلامه ... فرقابهم ذلت إليه تخضعا
وقال ابن المبارك:
إذا ما الليل أظلم كابدوه ... فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا ... وأهل الأمن في الدنيا هجوع
3 - أن يتفكر في فضل قيام الليل بسماع الآيات والأحاديث والآثار الواردة فيه، فان ذلك يدفعه على العمل وييسر عليه المشقة، فان الشوق إلى الجنة يدفع الناس على العمل والاجتهاد لتحصيل المراد من رب العباد.
4 - تذكر حلاوة المناجاة والوقوف بين يدي الله، فان لقيام لذة في القلب، وحلاوة فى النفس.
5 - قصر الأمل فانه يدفع على العمل، وإياك وطول الأمل، فانه يدفع على الكسل.
6 - تذكر نومتك في القبر الوحيش وظلمته، فان ذلك يهون عليك القيام فى ظلمات الليل.
قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى:
اغتنم فى الفراغ فضل الركوع ... فعسى أن يكون موتك بغتة
كم من صحيح مات من غير سقم ... ذهبت نفسه الصحيحة فلتة
منتديات عرب مسلم | منتدى برامج نت | منتدى عرب مسلم | منتديات برامج نت | منتدى المشاغب | منتدى فتكات | منتديات مثقف دوت كوم | منتديات العرب | إعلانات مبوبة مجانية | إعلانات مجانية |اعلانات مبوبة مجانية | اعلانات مجانية | القرآن الكريم | القرآن الكريم قراءة واستماع | المكتبة الصوتية للقران الكريم mp3 | مكتبة القران الكريم mp3 | ترجمة القرآن | القرآن مع الترجمة | أفضل ترجمة للقرآن الكريم | ترجمة القرآن الكريم | Quran Translation | Quran with Translation | Best Quran Translation | Quran Translation Transliteration | تبادل إعلاني مجاني