عناصر الخطبة:
مقدمه في فضل الرحلة والمكان
السلامه مع النفس
السلامه مع الغير
السلامة مع الدواب
فضائل عشر ذي الحجة
وإليكم التفصيل
الحمد لله وبعد :
فالبيت الحرام خصه الله بالأمن فقال تَعَالَى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا}
وَإِنَّمَا سَمَّاهُ اللَّهُ أَمْنًا لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مَعَاذًا لِمَنِ اسْتَعَاذَ بِهِ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ لَوْ لَقِيَ بِهِ قَاتَلَ أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ لَمْ يَهْجُهُ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ، وَكَانَ كَمَا قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67]
قال ابن كثير: َقُولُ تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى قُرَيْشٍ فِيمَا أَحَلَّهُمْ مِنْ حَرَمِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي، وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا، فَهُمْ فِي أَمْنٍ عَظِيمٍ، وَالْأَعْرَابُ حَوْلَهُ يَنْهَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيَقْتُلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا،
قال تعالى "إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)
عَنْ أَبِي بَكْرَة، أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ فِي حَجَّتِهِ، فَقَالَ: "أَلَا إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ". ثُمَّ قَالَ: "أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: "أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قُلْنَا؛ بَلَى. ثُمَّ قَالَ: "أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ " قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: "أَلَيْسَ ذَا الْحِجَّةِ؟ " قُلْنَا: بَلَى. ثُمَّ قَالَ: "أَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ ". قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ،قَالَ: "أَلَيْسَتِ الْبَلْدَةُ؟ " قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ -قَالَ: وَأَحْسَبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ -عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلَا لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلالا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلَا هَلْ بَلَغْتُ؟ أَلَا لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ مِنْكُمْ، فَلَعَلَّ مَنْ يُبَلَّغُهُ يَكُونُ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ يَسْمَعُهُ" متفق عليه
وَقَوْلُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْحَدِيثِ: " إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يوم خلق الله السموات وَالْأَرْضَ"، تَقْرِيرٌ مِنْهُ، صَلَوَات اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَتَثْبِيتٌ لِلْأَمْرِ عَلَى مَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ وَلَا تَأْخِيرٍ، وَلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ، وَلَا نَسِيءٍ وَلَا تَبْدِيلٍ، كَمَا قَالَ فِي تَحْرِيمِ مَكَّةَ: "إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ، فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"
وَإِنَّمَا كَانَتِ الْأَشْهُرُ الْمُحَرَّمَةُ أَرْبَعَةٌ، ثَلَاثَةٌ سَرْدٌ وَوَاحِدٌ فَرْدٌ؛ لِأَجْلِ أَدَاءِ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، فَحَرُمَ قَبْلَ شَهْرِ الْحَجِّ شَهْرٌ، وَهُوَ ذُو الْقَعْدَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقْعُدُونَ فِيهِ عَنِ الْقِتَالِ، وحُرِّم شَهْرُ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّهُمْ يُوقِعُونَ فِيهِ الْحَجَّ وَيَشْتَغِلُونَ فِيهِ بِأَدَاءِ الْمَنَاسِكِ، وَحَرُمَ بَعْدَهُ شَهْرٌ آخَرُ، وَهُوَ الْمُحَرَّمُ؛ لِيَرْجِعُوا فِيهِ إِلَى نَائِي أَقْصَى بِلَادِهِمْ آمِنِينَ، وَحَرُمَ رَجَبُ فِي وَسَطِ الْحَوْلِ، لِأَجْلِ زِيَارَةِ الْبَيْتِ وَالِاعْتِمَارِ بِهِ، لِمَنْ يَقْدُمُ إِلَيْهِ مِنْ أَقْصَى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَيَزُورُهُ ثُمَّ يَعُودُ إِلَى وَطَنِهِ فِيهِ آمِنًا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} أَيْ: هَذَا هُوَ الشَّرْعُ الْمُسْتَقِيمُ، مِنِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ فِيمَا جَعَلَ مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، والحَذْو بِهَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْأَوَّلِ.
وَقَالَ تَعَالَى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أَيْ: فِي هَذِهِ الْأَشْهُرِ الْمُحَرَّمَةِ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ وَأَبْلَغُ فِي الْإِثْمِ مِنْ غَيْرِهَا، كَمَا أَنَّ الْمَعَاصِيَ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ تُضَاعَفُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الْحَجِّ: 25] وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ تَغْلُظُ فِيهِ الْآثَامُ؛ وَلِهَذَا تَغْلُظُ فِيهِ الدِّيَةُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَطَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَا فِي حَقِّ مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ أَوْ قَتَلَ ذَا مَحْرَمٍ.
أخرج البخاري عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ العَدَوِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ وَهُوَ يَبْعَثُ البُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلْغَدِ مِنْ يَوْمِ الفَتْحِ، فَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، إِنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلاَ يَعْضُدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ " فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الحَرَمَ لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ، وَلاَ فَارًّا بِخُرْبَةٍ، خُرْبَةٌ: بَلِيَّةٌ
وعندما فتح مكة بين فضلها وأنه ما دخل لنهبها وقتل أهلها
عَنْ عروة بن الزبير قَالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَامَ الفَتْحِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ، يَلْتَمِسُونَ الخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ، لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: «احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الخَيْلِ، حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى المُسْلِمِينَ» . فَحَبَسَهُ العَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ القَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَانَ حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، قَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الأَنْصَارُ، عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، اليَوْمَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ، اليَوْمَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ، ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ، وَهِيَ أَقَلُّ الكَتَائِبِ، فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: «مَا قَالَ؟» قَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: «كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الكَعْبَةُ» ([1])
وعندما يذهب الحاج إلى بيت الله الحرام فهو في سلام مع كل شيء يدخل مكة محرما ومعنى الإحرام أنه قد حرمت عليه أعمال فهو مع سلام مع النفس والغير والدواب
أما سلامه مع النفس
قال تعالى { وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ }
ثم قال بعد ذلك {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}
وهذا يعني الامتناع عن مس الشعر والظفر بعد الإحرام و إباحة قص الأظفار ونتف الإبط وغير ذلك بعد القيام ببعض أعمال يوم النحر
سلامه مع الغير
قال تعالى :{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} (البقرة: 197)
قَوْلُهُ: {فَلا رَفَثَ} أَيْ: مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ، فَلْيَجْتَنِبِ الرَّفَثَ، وَهُوَ الْجِمَاعُ
وَقَوْلُهُ: {وَلا فُسُوقَ} قَالَ مِقْسَم وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ الْمَعَاصِي. وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّ الْفُسُوقَ هَاهُنَا: هُوَ ارْتِكَابُ مَا نُهي عَنْهُ فِي الْإِحْرَامِ، مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ، وحَلْق الشَّعْرِ، وقَلْم الْأَظْفَارِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَمَا ذَكَرْنَاهُ أَوْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" (6) . وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ أَيْضًا: الْفُسُوقُ السِّبَابُ،
وَقَوْلُهُ: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَلَا مُجَادَلَةَ فِي وَقْتِ الْحَجِّ وَفِي مَنَاسِكِهِ، وَقَدْ بَيَّنَهُ اللَّهُ أتَمّ بَيَانٍ وَوَضَّحَهُ أَكْمَلَ إِيضَاحٍ. كَمَا قَالَ وَكِيع، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: {وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ أَشْهُرَ الحَج، فَلَيْسَ فِيهِ جِدَالٌ بَيْنَ النَّاسِ.
عَنِ التَّمِيمِيِّ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ "الْجِدَالِ" قَالَ: الْمِرَاءُ، تُمَارِي صَاحِبَكَ حَتَّى تُغْضِبَهُ.
مع الدواب
قال تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95)
قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: ابْتَلَاهُمُ اللَّه بِالصَّيْدِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ حَتَّى كَانَتِ الْوَحْشُ وَالطَّيْرُ تَغْشَاهُمْ فِي رِحَالِهِمْ، فَيَقْدِرُونَ عَلَى أَخْذِهَا بِالْأَيْدِي، وَصَيْدِهَا بِالرِّمَاحِ، وَمَا رَأَوْا مِثْلَ ذَلِكَ قَطُّ، فَنَهَاهُمُ اللَّه عَنْهَا ابْتِلَاءً. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: الَّذِي تَنَالُهُ الْأَيْدِي مِنَ الصَّيْدِ، الْفِرَاخُ وَالْبَيْضُ وَصِغَارُ الْوَحْشِ، وَالَّذِي تَنَالُهُ الرِّمَاحُ الْكِبَارُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا غَيْرُ جَائِزٍ، لِأَنَّ الصَّيْدَ اسْمٌ لِلْمُتَوَحِّشِ الْمُمْتَنِعِ دُونَ مَا لَمْ يَمْتَنِعْ.
عَنْ قَبِيصة بْنِ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا حُجَّاجًا، فَكُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا الْغَدَاةَ اقْتَدْنَا رَوَاحِلَنَا نَتَمَاشَى نَتَحَدَّثُ، قَالَ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ ذَاتَ غَدَاةٍ إِذْ سَنَحَ لَنَا ظَبْيٌ -أَوْ: بَرِحَ-فَرَمَاهُ رَجُلٌ كَانَ مَعَنَا بِحَجَرٍ فَمَا أَخْطَأَ خُشَّاءه فَرَكِبَ رَدْعه مَيِّتًا، قَالَ: فَعَظَّمْنا عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ خَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ قَالَ: وَإِلَى جَنْبِهِ رَجُلٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ قُلْب فِضَّةٍ -يَعْنِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ-فَالْتَفَتَ عُمَرُ إِلَى صَاحِبِهِ فَكَلَّمَهُ قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ: أَعَمْدًا قَتَلْتَهُ أَمْ خَطَأً؟ قَالَ الرَّجُلُ: لَقَدْ تَعَمَّدْتُ رَمْيَهُ، وَمَا أَرَدْتُ قَتْلَهُ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَرَاكَ إِلَّا قَدْ أَشْرَكْتَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ، اعْمَدْ إِلَى شَاةٍ فَاذْبَحْهَا وَتَصَدَّقْ بِلَحْمِهَا وَاسْتَبْقِ إِهَابَهَا. قَالَ: فَقُمْنَا مِنْ عِنْدِهِ، فَقُلْتُ لِصَاحِبِي: أَيُّهَا الرَّجُلُ، عَظّم شَعَائِرَ اللَّهِ، فَمَا دَرَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا يُفْتِيكَ حَتَّى سَأَلَ صَاحِبَهُ: اعْمَدْ إِلَى نَاقَتِكَ فَانْحَرْهَا، فَفَعَلَ ذَاكَ. قَالَ قَبِيصَةُ: وَلَا أَذْكُرُ الْآيَةَ مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} قَالَ: فَبَلَغَ عُمَرَ مَقَالَتِي، فَلَمْ يَفْجَأْنَا مِنْهُ إِلَّا وَمَعَهُ الدِّرَّةُ. قَالَ: فَعَلَا صَاحِبِي ضَرْبًا بِالدِّرَّةِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: أَقَتَلْتَ فِي الْحَرَمِ وسفَّهت الْحُكْمَ؟ قَالَ: ثُمَّ أَقْبَلَ عليَّ فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا أُحِلُّ لَكَ الْيَوْمَ شَيْئًا يحْرُم عَلَيْكَ مِنِّي، قَالَ: يَا قَبِيصَةَ بْنَ جَابِرٍ، إِنِّي أَرَاكَ شَابَّ السِّنِّ، فَسِيحَ الصَّدْرِ، بَيِّنَ اللِّسَانِ، وَإِنَّ الشَّابَّ يَكُونُ فِيهِ تِسْعَةُ أَخْلَاقٍ حَسَنَةٍ وَخُلُقٌ سَيِّئٌ، فَيُفْسِدُ الخلقُ السَّيِّئُ الأخلاقَ الْحَسَنَةَ، فَإِيَّاكَ وَعَثَرَاتِ الشَّبَابِ
إنها دار السلام في الدنيا الموصلة للدار التي وعد الله بها عباده فقال : {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (البقرة: 127)
فهي سلام لعباده من الهم والغم والخوف فإذا دخلوا الجنة قالوا السلام عليكم تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا (44)
([1]) صحيح البخاري " 4280"
منتديات عرب مسلم | منتدى برامج نت | منتدى عرب مسلم | منتديات برامج نت | منتدى المشاغب | منتدى فتكات | منتديات مثقف دوت كوم | منتديات العرب | إعلانات مبوبة مجانية | إعلانات مجانية | اعلانات مبوبة مجانية | اعلانات مجانية | القرآن الكريم | القرآن الكريم قراءة واستماع | المكتبة الصوتية للقران الكريم mp3 | مكتبة القران الكريم mp3 | ترجمة القرآن | القرآن مع الترجمة | أفضل ترجمة للقرآن الكريم | ترجمة القرآن الكريم | Quran Translation | Quran with Translation | Best Quran Translation | Quran Translation Transliteration | تبادل إعلاني مجاني