عباس محمود العقاد النابغة الذي لم يحصل من التعليم إلا على الابتدائية، عبقريته ونبوغه من المؤكّد أنهما لم يكونا من فراغ.
عُرِف عن العقاد الكثير والكثير من الصفات التي كان يستغربها البعض، لكن لو أمعنا التفكير في تصرّفاته، سنجد أن هذا ما أدّى به إلى ذلك النجاح والإنجازات غير المسبوقة في الفكر والأدب.
الانضباط والالتزام والمواعيد والدقة كانت من أهم ما يميّز العقاد، لكن ما كان يُؤخذ عليه هو شدته في التعامل وعدم ليونته، تماما كمل فعل في الموقف التالي:
يوما ما اتفق الحاج عبد الرحمن السقاف مع العقاد على قيامه بنشر مؤلفاته الإسلامية مقابل 10 آلاف جنيه استرليني، ووافق العقاد؛ فأبدى السقاف رغبته في أن يأتي من سنغافورة للقاهرة كي يزور الأستاذ، حدّد العقاد موعد الزيارة في الخامسة بعد الظهر.
وجاء يوم الزيارة وأتت الساعة الخامسة ولم يأتِ الرجل، ومرّت خمس دقائق طويلة على العقاد، ولمّا كانت الساعة الخامسة وعشر دقائق نادى العقاد خادمه قائلا: “أغلق الباب.. وإذا جاء الرجل الهلفوت؛ فقل له إن الأستاذ نزل إلى الشارع”.
كان هذا الهلفوت الذي لم يكن هلفوتا من أكبر الشخصيات العربية في سنغافورة، ومن أكثر الناس حبّا للعقاد، وقد قطع آلاف الأميال لمقابلته، ولمّا جاءت الخامسة والربع وصل الرجل، ودخل ومدّ يده للعقاد قائلا:
- “آسف يا أستاذ المواصلات”؛ فقاطعه العقاد غاضبا: “نعم هذه مسألة موجبة للاعتذار”؛ فاستأذن الرجل وخرج محرجا.
وفي اليوم التالي، اتصل أحد المسئولين في المؤتمر الإسلامي بالعقاد، وقال له يا أستاذ الرجل جاءك من آخر الدنيا ليشتري كتبك تقابله أسوأ مقابلة؟!
فثار العقاد قائلا: وهل تتصوّر يا مولانا أن رجلا لا يحترم مواعيده سأُقيم له حفلة تكريم، هل تتصوّر رجلا يُشغل العقاد عن رياضته اليومية يستحقّ مني الاحترام! وأغلق الخط!
مِن الموقف السابق، نتأكّد أن الالتزام أساس النجاح، العقاد كان عنيفا بعض الشيء في التعامل، لكن الحقيقة أن عنفه وحزمه هذا لم يُؤثّرا يوما بالسلب عليه، بل ساهما بشكل أساسي في صنع اسم العقاد.
أمّا عن العواطف في حياة العقاد، فحدّث ولا حرج، فالعقاد رغم جديته وانغماسه في الفكر والفلسفة؛ فإن الجانب الرومانسي من شخصيته كان نابغا كنبوغ عقله، ومن المواقف الطريفة في حياة العقاد حين أحبّ امرأة؛ فغزلت له قميصا “بلوفر” من الصوف وأهدته إليه؛ فكتب أبياتا عنها وعن القميص؛ فقال:
- هنا مكان صدارك هنا هنا في جوارك..
- هنا هنا عند قلبي يكاد يلمس حبي..
- وفيه منكِ دليل على المودة حسبي..
- ألم أنل منك فكرة في كل شكة إبرة..
- وكل عقدة خيط وكل جرة بكرة..
وحين عرض الآبيات على أنيس منصور، سخر أنيس منصور من مبالغته في “ألم أنل منك فكرة في كل شكّة إبرة”؛ قائلا له إن النساء لديها القدرة على القيام بأعمال الإبرة “الكورشيه والتريكو” وهن في الشباك يُتابعن الناس في الشارع ذهابا وإيابا، أو وهي تطبخ وتتابع الطعام أثناء الطهي، أو حتى وهي تتسلّى و”تقزقز” لب!
تعرّفنا معا على جانبين متناقضين تماما من جوانب شخصية العقاد، الحزم والشدة من ناحية، والرقة المفرطة من ناحية أخرى، ومما لا شك فيه أن هذا التنوّع الذي أدّى إلى الاتزان في شخصيته هو سر عبقرية العقاد.
منتديات عرب مسلم | منتديات العرب | منتديات مثقف دوت كوم | منتدى برامج نت | منتدى فتكات | منتدى عرب مسلم | منتديات برامج نت | منتدى المشاغب | إعلانات مبوبة مجانية | اعلانات مبوبة مجانية | إعلانات مجانية |اعلانات مجانية | القرآن الكريم | القرآن الكريم | المكتبة الصوتية للقرآن الكريم | القرآن الكريم Mp3 | موسوعة القرآن الكريم | الموسوعة القرآنية | ترجمة معاني القرآن الكريم | تبادل إعلاني مجاني