منتديات عرب مسلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات عرب مسلمدخول

descriptionعلــــوم القرآن النشأه والتعريف Emptyعلــــوم القرآن النشأه والتعريف

more_horiz
علــــــــوم القــــــــــرآن
‏ المسـتـوى الأول

النشأة والتعريف
‏ ‏


أ ـ تمهيد
‏ القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة. أنزله الله على رسولنا محمد صلىالله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. ويهديهم إلى الصراط المستقيم. فكان صلوات الله وسلامه عليه يبلغه لصحابته -وهم عرب خُلَّص - فيفهمونه بسليقتهم، وإذا التبس عليهم فهم آية من الآيات سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها. ‏

‎‎ روى الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله، وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: (إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح {إن الشرك لظلم عظيم } إنما هو الشرك ) . ‏

‎‎ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر لهم بعض الآيات. ‏

‎‎ وأخرج مسلم وغيره عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ألا إن القوة الرمي . ‏

‎‎ وحرص الصحابة على تلقي القرآن الكريم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظه وفهمه، وكان ذلك شرفا لهم. ‏

‎‎ عن أنس رضي الله عنه قال: "كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدّ فينا ": أي عظم. وحرصوا كذلك على العمل به والوقوف عند أحكامه. ‏

‎‎ روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن، كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا " أخرجه بنحوه الإمام أحمد في مسنده. ‏

‎‎ ولم يأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابة شيء عنه سوى القرآن، خشية أن يلتبس القرآن بغيره. ‏

‎‎ روى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه. وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار . ‏

‎‎ ولئن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن لبعض صحابته بعد ذلك في كتابة الحديث، فإن ما يتصل بالقرآن ظل يعتمد على الرواية بالتلقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. ‏

‎‎ ولما جاءت خلافة عثمان رضي الله عنه اقتضت الدواعي -التي سنذكرها في فصل قادم - إلى جمع المسلمين على مصحف واحد، وتم ذلك في عهده، وسمي بالمصحف الإمام، وأرسلت نسخ منه إلى الأمصار، وسميت كتابته بالرسم العثماني، نسبة إليه، ويعتبر هذا بداية لعلم رسم القرآن. ‏

‎‎ ثم كانت خلافة علي رضي الله عنه، فوضع أبو الأسود الدؤلي بأمره قواعد النحو، صيانة لسلامة النطق، وضبطا للقرآن الكريم، ويعتبر هذا كذلك بداية لـ "علم إعراب القرآن ". ‏

‎‎ واستمر الصحابة يتناقلون معاني القرآن وتفسير بعض آياته على تفاوت فيما بينهم، لتفاوت قدرتهم على الفهم، وتفاوت ملازمتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتناقل عنهم ذلك تلاميذهم من التابعين. ‏

‎‎ ومن أشهر المفسرين من الصحابة: الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير. ‏

‎‎ وقد كثرت الرواية في التفسيرعن: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب. وما روي عنهم لا يتضمن تفسيرا كاملا للقرآن، وإنما يقتصر على معاني بعض الآيات، بتفسير غامضها، وتوضيح مجملها. ‏

‎‎ أما التابعون، فاشتهر منهم جماعة، أخذوا عن الصحابة، واجتهدوا في تفسير بعض الآيات. ‏

‎‎ فاشتهر من تلاميذ ابن عباس بمكة: سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة مولى ابن عباس، وطاووس بن كيسان اليماني، وعطاء بن أبي رباح. ‏

‎‎ واشتهر من تلاميذ عبد الله بن مسعود بالعراق: علقمة بن قيس، ومسروق، والأسود بن يزيد، وعامر الشعبي، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة السدوسي. ‏

‎‎ قال ابن تيمية: وأما التفسير، فأعلم الناس به أهل مكة، لأنهم أصحاب ابن عباس، كمجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم من أصحاب ابن عباس، كطاووس، وأبي الشعثاء، وسعيد بن جبير وأمثالهم. وكذلك أهل الكوفة من أصحاب عبد الله بن مسعود. وعلماء أهل المدينة في التفسير، مثل: زيد بن أسلم الذي أخذ عنه مالك التفسير، وأخذ عنه أيضا ابنه عبد الرحمن، وعبد الله بن وهب. ‏

‎‎ والذي روي عن هؤلاء جميعا يتناول: علم التفسير، وعلم غريب القرآن، وعلم أسباب النزول، وعلم المكي والمدني، وعلم الناسخ والمنسوخ، ولكن هذا كله ظل معتمدا على الرواية بالتلقين. ‏

ب ـ النشأة والتدوين :‏
‏ جاء عصر التدوين في القرن الثاني، وبدأ تدوين الحديث بأبوابه المتنوعة، وشمل ذلك ما يتعلق بالتفسير، وجمع بعض العلماء ما روي من تفسير للقرآن الكريم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة، أو عن التابعين. ‏

‎‎ واشتهر منهم: يزيد بن هارون السلمي المتوفى سنة 117 هـ، وشعبة ابن الحجاج المتوفى سنة 160 هـ، ووكيع بن الجراح المتوفى سنة 197 هـ، وسفيان بن عيينة المتوفى سنة 198 هـ، وعبد الرزاق بن همام المتوفى سنة 211 هـ. ‏

‎‎ وهؤلاء جميعا كانوا من أئمة الحديث، فكان جمعهم للتفسير جمعا لباب من أبوابه، ولم يصلنا من تفاسيرهم شيء مكتوب، سوى مخطوطة تفسير عبد الرزاق بن همام. ‏

‎‎ ثم نهج نهجهم بعد ذلك جماعة من العلماء وضعوا تفسيرا متكاملا للقرآن وفق ترتيب آياته، واشتهر منهم ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هـ. ‏

‎‎ وهكذا بدأ التفسير أولا بالنقل عن طريق التلقي والرواية، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث، ثم دُوِّن على استقلال وانفراد، وتتابع التفسير بالمأثور، ثم التفسير بالرأي. ‏

‎‎ وبإزاء علم التفسير كان التأليف الموضوعي في موضوعات تتصل بالقرآن، ولا يستغني المفسر عنها. ‏

‎‎ فألف عليّ بن المديني شيخ البخاري المتوفى سنة 234 هـ في أسباب النزول. ‏

‎‎ وألف أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هـ في الناسخ والمنسوخ، وفي القراءات. ‏

‎‎ وألف ابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ في مشكل القرآن. ‏

‎‎ وهؤلاء من علماء القرن الثالث الهجري. ‏

‎‎ وألف محمد بن خلف بن المرزبان المتوفى سنة 309 هـ "الحاوي في علوم القرآن ". ‏

‎‎ وألف أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري المتوفى سنة 328 هـ في علوم القرآن. ‏

‎‎ وألف أبو بكر السجستاني المتوفى 330 هـ في غريب القرآن. ‏

‎‎ وألف محمد بن علي الأدفوي المتوفى سنة 388 هـ الاستغناء في علوم القرآن. وهؤلاء جميعاً من علماء القرن الرابع الهجري . ‏

‎‎ ثم تتابع التأليف بعد ذلك. ‏

‎‎ فألف أبو بكر الباقلاني المتوفى سنة 403 هـ في إعجاز القرآن، وعلي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي المتوفى سنة 430 هـ في إعراب القرآن. ‏

‎‎ وألف الماوردي المتوفى سنة 450 هـ في أمثال القرآن. ‏

‎‎ وألف العز بن عبد السلام المتوفى سنة 660 هـ في مجاز القرآن. ‏

‎‎ وألف علم الدين السخاوي المتوفى سنة 643 هـ في علم القرآن. ‏

‎‎ وألف شيخ الإسلام ابن تيمية في: (جزء مقدمة في التفسير ). ‏

‎‎ وألف ابن القيم المتوفى سنة 751 هـ في أقسام القرآن. ‏

‎‎ ولم يكن نصيب علوم القرآن من التأليف في عصر النهضة الحديثة أقل من العلوم الأخرى. فقد اتجه المتصلون بحركة الفكر الإسلامي اتجاها سديدا في معالجة الموضوعات القرآنية بأسلوب العصر، مثل كتاب: إعجاز القرآن لمصطفى صادق الرافعي، وكتابي: التصوير الفني في القرآن، و مشاهد القيامة في القرآن لسيد قطب، وترجمة القرآن للشيخ محمد مصطفى المراغي، وبحث فيها لمحب الدين الخطيب، ومسألة ترجمة القرآن لمصطفى صبري، والنبأ العظيم للدكتور محمد عبد الله دراز. ‏

‎‎ وهذه المؤلفات يتناول كل مؤلف منها نوعا من علوم القرآن، وبحثا من مباحثه المتصلة به. ‏

‎‎ هذا على صعيد التأليف الموضوعي في علوم القرآن، أما المصنفات الشمولية التي استوعبت علوم القرآن فهناك على امتداد تاريخ التأليف في العلوم الإسلامية مصنفات شهيرة، في هذا الباب، وهذه أشهرها: ‏

ج ـ أشهر المؤلفات :‏
‏ لعل من أوائل من جمع علوم القرآن في مصنف الإمام ابن الجوزي، المتوفى سنة 579 هـ في كتابه "فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن ". ‏

‎‎ ثم جاء بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794 هـ وألف كتابا وافيا سماه "البرهان في علوم القرآن ". ‏

‎‎ ثم أضاف إليه بعض الزيادات جلال الدين البلقيني المتوفى سنة 824 هـ في كتابه "مواقع العلوم من مواقع النجوم ". ‏

‎‎ ثم ألف جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ كتابه الشهير "الإتقان في علوم القرآن ". ‏

‎‎ وألف الشيخ طاهر الجزائري كتابا سماه التبيان في علوم القرآن. ‏

‎‎ وألف الشيخ محمد علي سلامة كتابه "منهج الفرقان في علوم القرآن " تناول فيه المباحث المقررة بكلية أصول الدين بمصر تخصص الدعوة والإرشاد. ‏

‎‎ وتلاه الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني فألف كتابه "مناهل العرفان في علوم القرآن ". ‏

‎‎ وصدر أخيرا "مباحث في علوم القرآن " للدكتور صبحي الصالح. ‏

‎‎ ‏"ومباحث في علوم القرآن " للشيخ مناع القطان. وهذه المباحث جميعها وما شابهها هي التي تعرف بعلوم القرآن، حتى صارت عَلَمًا على هذا العلم المعروف بهذا الاسم. ‏

د ـ التعريف.‏
‏ علوم القرآن: مركب من كلمتين تركيباً إضافياً

‎‎ فالعلوم: جمع علم، والعلم: الفهم والإدراك. ثم نقل بمعنى: المسائل المختلفة المضبوطة ضبطا علميا. ‏

‎‎ والقرآن: هو كلام الله المنزل على رسوله المتعبد بتلاوته، المعجز. ‏

‎‎ والمراد بعلوم القرآن: العلم الذي يتناول الأبحاث المتعلقة بالقرآن من حيث معرفة أسباب النزول، وجمع القرآن وترتيبه، ومعرفة المكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، إلى غير ذلك مما له صلة بالقرآن. ‏

‎‎ وقد يسمى هذا العلم بأصول التفسير، لأنه يتناول المباحث التي لا بد للمفسر من معرفتها للاستناد إليها في تفسير القرآن. ‏
‏ ‏

descriptionعلــــوم القرآن النشأه والتعريف Emptyرد: علــــوم القرآن النشأه والتعريف

more_horiz
علــــــــوم القــــــــــرآن
‏ المسـتـوى الأول

النشأة والتعريف
‏ ‏


أ ـ تمهيد
‏ القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الخالدة. أنزله الله على رسولنا محمد صلىالله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور. ويهديهم إلى الصراط المستقيم. فكان صلوات الله وسلامه عليه يبلغه لصحابته -وهم عرب خُلَّص - فيفهمونه بسليقتهم، وإذا التبس عليهم فهم آية من الآيات سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها. ‏

‎‎ روى الشيخان وغيرهما عن ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } شق ذلك على الناس، فقالوا: يا رسول الله، وأينا لا يظلم نفسه؟ قال: (إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح {إن الشرك لظلم عظيم } إنما هو الشرك ) . ‏

‎‎ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر لهم بعض الآيات. ‏

‎‎ وأخرج مسلم وغيره عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ألا إن القوة الرمي . ‏

‎‎ وحرص الصحابة على تلقي القرآن الكريم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظه وفهمه، وكان ذلك شرفا لهم. ‏

‎‎ عن أنس رضي الله عنه قال: "كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدّ فينا ": أي عظم. وحرصوا كذلك على العمل به والوقوف عند أحكامه. ‏

‎‎ روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: "حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن، كعثمان بن عفان، وعبد الله بن مسعود، وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا " أخرجه بنحوه الإمام أحمد في مسنده. ‏

‎‎ ولم يأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابة شيء عنه سوى القرآن، خشية أن يلتبس القرآن بغيره. ‏

‎‎ روى مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه. وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار . ‏

‎‎ ولئن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن لبعض صحابته بعد ذلك في كتابة الحديث، فإن ما يتصل بالقرآن ظل يعتمد على الرواية بالتلقين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. ‏

‎‎ ولما جاءت خلافة عثمان رضي الله عنه اقتضت الدواعي -التي سنذكرها في فصل قادم - إلى جمع المسلمين على مصحف واحد، وتم ذلك في عهده، وسمي بالمصحف الإمام، وأرسلت نسخ منه إلى الأمصار، وسميت كتابته بالرسم العثماني، نسبة إليه، ويعتبر هذا بداية لعلم رسم القرآن. ‏

‎‎ ثم كانت خلافة علي رضي الله عنه، فوضع أبو الأسود الدؤلي بأمره قواعد النحو، صيانة لسلامة النطق، وضبطا للقرآن الكريم، ويعتبر هذا كذلك بداية لـ "علم إعراب القرآن ". ‏

‎‎ واستمر الصحابة يتناقلون معاني القرآن وتفسير بعض آياته على تفاوت فيما بينهم، لتفاوت قدرتهم على الفهم، وتفاوت ملازمتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتناقل عنهم ذلك تلاميذهم من التابعين. ‏

‎‎ ومن أشهر المفسرين من الصحابة: الخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير. ‏

‎‎ وقد كثرت الرواية في التفسيرعن: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب. وما روي عنهم لا يتضمن تفسيرا كاملا للقرآن، وإنما يقتصر على معاني بعض الآيات، بتفسير غامضها، وتوضيح مجملها. ‏

‎‎ أما التابعون، فاشتهر منهم جماعة، أخذوا عن الصحابة، واجتهدوا في تفسير بعض الآيات. ‏

‎‎ فاشتهر من تلاميذ ابن عباس بمكة: سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة مولى ابن عباس، وطاووس بن كيسان اليماني، وعطاء بن أبي رباح. ‏

‎‎ واشتهر من تلاميذ عبد الله بن مسعود بالعراق: علقمة بن قيس، ومسروق، والأسود بن يزيد، وعامر الشعبي، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة السدوسي. ‏

‎‎ قال ابن تيمية: وأما التفسير، فأعلم الناس به أهل مكة، لأنهم أصحاب ابن عباس، كمجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عباس، وغيرهم من أصحاب ابن عباس، كطاووس، وأبي الشعثاء، وسعيد بن جبير وأمثالهم. وكذلك أهل الكوفة من أصحاب عبد الله بن مسعود. وعلماء أهل المدينة في التفسير، مثل: زيد بن أسلم الذي أخذ عنه مالك التفسير، وأخذ عنه أيضا ابنه عبد الرحمن، وعبد الله بن وهب. ‏

‎‎ والذي روي عن هؤلاء جميعا يتناول: علم التفسير، وعلم غريب القرآن، وعلم أسباب النزول، وعلم المكي والمدني، وعلم الناسخ والمنسوخ، ولكن هذا كله ظل معتمدا على الرواية بالتلقين. ‏

ب ـ النشأة والتدوين :‏
‏ جاء عصر التدوين في القرن الثاني، وبدأ تدوين الحديث بأبوابه المتنوعة، وشمل ذلك ما يتعلق بالتفسير، وجمع بعض العلماء ما روي من تفسير للقرآن الكريم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة، أو عن التابعين. ‏

‎‎ واشتهر منهم: يزيد بن هارون السلمي المتوفى سنة 117 هـ، وشعبة ابن الحجاج المتوفى سنة 160 هـ، ووكيع بن الجراح المتوفى سنة 197 هـ، وسفيان بن عيينة المتوفى سنة 198 هـ، وعبد الرزاق بن همام المتوفى سنة 211 هـ. ‏

‎‎ وهؤلاء جميعا كانوا من أئمة الحديث، فكان جمعهم للتفسير جمعا لباب من أبوابه، ولم يصلنا من تفاسيرهم شيء مكتوب، سوى مخطوطة تفسير عبد الرزاق بن همام. ‏

‎‎ ثم نهج نهجهم بعد ذلك جماعة من العلماء وضعوا تفسيرا متكاملا للقرآن وفق ترتيب آياته، واشتهر منهم ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هـ. ‏

‎‎ وهكذا بدأ التفسير أولا بالنقل عن طريق التلقي والرواية، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث، ثم دُوِّن على استقلال وانفراد، وتتابع التفسير بالمأثور، ثم التفسير بالرأي. ‏

‎‎ وبإزاء علم التفسير كان التأليف الموضوعي في موضوعات تتصل بالقرآن، ولا يستغني المفسر عنها. ‏

‎‎ فألف عليّ بن المديني شيخ البخاري المتوفى سنة 234 هـ في أسباب النزول. ‏

‎‎ وألف أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هـ في الناسخ والمنسوخ، وفي القراءات. ‏

‎‎ وألف ابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ في مشكل القرآن. ‏

‎‎ وهؤلاء من علماء القرن الثالث الهجري. ‏

‎‎ وألف محمد بن خلف بن المرزبان المتوفى سنة 309 هـ "الحاوي في علوم القرآن ". ‏

‎‎ وألف أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري المتوفى سنة 328 هـ في علوم القرآن. ‏

‎‎ وألف أبو بكر السجستاني المتوفى 330 هـ في غريب القرآن. ‏

‎‎ وألف محمد بن علي الأدفوي المتوفى سنة 388 هـ الاستغناء في علوم القرآن. وهؤلاء جميعاً من علماء القرن الرابع الهجري . ‏

‎‎ ثم تتابع التأليف بعد ذلك. ‏

‎‎ فألف أبو بكر الباقلاني المتوفى سنة 403 هـ في إعجاز القرآن، وعلي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي المتوفى سنة 430 هـ في إعراب القرآن. ‏

‎‎ وألف الماوردي المتوفى سنة 450 هـ في أمثال القرآن. ‏

‎‎ وألف العز بن عبد السلام المتوفى سنة 660 هـ في مجاز القرآن. ‏

‎‎ وألف علم الدين السخاوي المتوفى سنة 643 هـ في علم القرآن. ‏

‎‎ وألف شيخ الإسلام ابن تيمية في: (جزء مقدمة في التفسير ). ‏

‎‎ وألف ابن القيم المتوفى سنة 751 هـ في أقسام القرآن. ‏

‎‎ ولم يكن نصيب علوم القرآن من التأليف في عصر النهضة الحديثة أقل من العلوم الأخرى. فقد اتجه المتصلون بحركة الفكر الإسلامي اتجاها سديدا في معالجة الموضوعات القرآنية بأسلوب العصر، مثل كتاب: إعجاز القرآن لمصطفى صادق الرافعي، وكتابي: التصوير الفني في القرآن، و مشاهد القيامة في القرآن لسيد قطب، وترجمة القرآن للشيخ محمد مصطفى المراغي، وبحث فيها لمحب الدين الخطيب، ومسألة ترجمة القرآن لمصطفى صبري، والنبأ العظيم للدكتور محمد عبد الله دراز. ‏

‎‎ وهذه المؤلفات يتناول كل مؤلف منها نوعا من علوم القرآن، وبحثا من مباحثه المتصلة به. ‏

‎‎ هذا على صعيد التأليف الموضوعي في علوم القرآن، أما المصنفات الشمولية التي استوعبت علوم القرآن فهناك على امتداد تاريخ التأليف في العلوم الإسلامية مصنفات شهيرة، في هذا الباب، وهذه أشهرها: ‏

ج ـ أشهر المؤلفات :‏
‏ لعل من أوائل من جمع علوم القرآن في مصنف الإمام ابن الجوزي، المتوفى سنة 579 هـ في كتابه "فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن ". ‏

‎‎ ثم جاء بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794 هـ وألف كتابا وافيا سماه "البرهان في علوم القرآن ". ‏

‎‎ ثم أضاف إليه بعض الزيادات جلال الدين البلقيني المتوفى سنة 824 هـ في كتابه "مواقع العلوم من مواقع النجوم ". ‏

‎‎ ثم ألف جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ كتابه الشهير "الإتقان في علوم القرآن ". ‏

‎‎ وألف الشيخ طاهر الجزائري كتابا سماه التبيان في علوم القرآن. ‏

‎‎ وألف الشيخ محمد علي سلامة كتابه "منهج الفرقان في علوم القرآن " تناول فيه المباحث المقررة بكلية أصول الدين بمصر تخصص الدعوة والإرشاد. ‏

‎‎ وتلاه الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني فألف كتابه "مناهل العرفان في علوم القرآن ". ‏

‎‎ وصدر أخيرا "مباحث في علوم القرآن " للدكتور صبحي الصالح. ‏

‎‎ ‏"ومباحث في علوم القرآن " للشيخ مناع القطان. وهذه المباحث جميعها وما شابهها هي التي تعرف بعلوم القرآن، حتى صارت عَلَمًا على هذا العلم المعروف بهذا الاسم. ‏

د ـ التعريف.‏
‏ علوم القرآن: مركب من كلمتين تركيباً إضافياً

‎‎ فالعلوم: جمع علم، والعلم: الفهم والإدراك. ثم نقل بمعنى: المسائل المختلفة المضبوطة ضبطا علميا. ‏

‎‎ والقرآن: هو كلام الله المنزل على رسوله المتعبد بتلاوته، المعجز. ‏

‎‎ والمراد بعلوم القرآن: العلم الذي يتناول الأبحاث المتعلقة بالقرآن من حيث معرفة أسباب النزول، وجمع القرآن وترتيبه، ومعرفة المكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، إلى غير ذلك مما له صلة بالقرآن. ‏

‎‎ وقد يسمى هذا العلم بأصول التفسير، لأنه يتناول المباحث التي لا بد للمفسر من معرفتها للاستناد إليها في تفسير القرآن. ‏
‏ ‏

descriptionعلــــوم القرآن النشأه والتعريف Emptyرد: علــــوم القرآن النشأه والتعريف

more_horiz
هجر القرآن الكريم

أ- التحذير من هجره:‏
‏ جاءت النصوص الكريمة من الكتاب والسنة ترشد الأمة إلى تعاهد القرآن بالتلاوة والتدبر، وتحذر كل الحذر من التقصير في حقِّه، أو هجران تلاوته والعمل به.‏

‎‎ ولقد حكى الله عز وجل شكوى الرسول الله صلى الله عليه وسلم لربه هجران قومه للقرآن فقال سبحانه: {وقال الرسول ياربِّ إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا } [الفرقان: 30].‏

‎‎ وتوعّد الله سبحانه الذين يعرضون عنه فقال: {وقد آتيناك من لدنا ذكراً * من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزراً * خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا } [طه: 99-101] . ثم صوّر حالة ذلك المعرض يوم القيامة فقال: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا * ونحشره يوم القيامة أعمى } [طه: 123-124].‏

ب- أنواع هجر القرآن :‏
1.هجر سماعه وتلاوته:‏
‏ - لا يوجد على وجه البسيطة كتاب يحرم هجره، ويجب تعاهده وتلاوته إلا القرآن الكريم، فإن هذا من خصائصه التي لا يشاركه فيها أي كتاب.‏

‎‎ - وقد أثنى الله عز وجل على الذين يتعاهدون كتاب ربهم بالتلاوة فقال: {من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون }

[آل عمران: 113].‏

‎‎ - وحتى لا يقع الناس في هجران القرآن، فقد بحث العلماء مسألة: في كم يقرأ القرآن، وقالوا: "يكره للرجل أن يمر عليه أربعون يوماً لا يقرأ فيها القرآن ".‏

‎2.هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه:‏
‏ - يحرم هجر العمل بالقرآن الكريم، لأن القرآن إنما نزل لتحليل حلاله وتحريم حرامه والوقوف عند حدوده.‏

‎‎ فلا يجوز ترك العمل بالقرآن، فإن العمل به هو المقصود الأهم والمطلوب الأعظم من إنزاله.‏

‎3.هجر تحكيمه والتحاكم إليه:‏
‏ - أنزل الله عز وجل كتابه الكريم حتى يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ونهاهم سبحانه عن تحكيم أو تحاكم إلى غير القرآن.‏

‎‎ - فالقرآن الكريم هو دستور المسلمين، وهو الحكم فيما اختلفوا فيه من أمور دينهم ودنياهم، فلا يجوز هجره لابتغاء الحكم في غيره.‏

4.هجر تدبره وتفهمه وتعقل معانيه:‏
‏ - تدبر القرآن الكريم وتعقل معانيه مطلب شرعي، دعا إليه القرآن وحثّت عليه السنة، وعمل به الصحابة والتابعون ومن بعدهم، قال تعالى:{كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } [ص: 29]. وقال أيضاً:

{أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها } [محمد: 24].‏

‎‎ وعليه فلا يجوز هجر تدبره وتأمل معانيه وأحكامه.‏

‎5.هجر الاستشفاء به والتداوي به في أمراض القلوب والأبدان:‏
‏ وردت نصوص كثيرة في أن القرآن الكريم شفاء، قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } [الإسراء: 82]. وقال: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء } ‏

‏[فصلت: 44].‏

‎‎ وفي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم صور تطبيقية عديدة للتداوي بالقرآن، سواء كان دواء للأبدان، أو للنفوس .‏

‎‎ - وهجر الاستشفاء بالقرآن خلاف السنة، فهو مذموم وممقوت. ‏
‏ ‏
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد