[size=32]دعاة على أبواب جهنم، من أطاعهم قذفوه فيها؟
السؤال :لقد كثر المنتسبون إلى الدعوة هذه الأيام، مما يتطلب معرفة أهل العلم المعتبرين، الذين يقومون بتوجيه الأمة وشبابها
إلى منهج الحق والصواب؛ فمن هم العلماء الذين تنصح الشباب بالاستفادة منهم ومتابعة دروسهم وأشرطتهم المسجلة وأخذ العلم
عنهم والرجوع إليهم في المهمات والنوازل وأوقات الفتن؟
[b]الجواب :
الدعوة إلى الله أمر لابد منه، والدين إنما قام على الدعوة والجهاد بعد العلم النافع؛ {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3]؛ فالإيمان يعني العلم بالله سبحانه وتعالى وبأسمائه وصفاته وعبادته، والعمل الصالح يكون فرعًا من
العلم النافع؛ لأن العمل لابد أن يؤسس على علم.
والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والتناصح بين المسلمين؛ هذا أمر مطلوب، ولكن ما كل أحد يحسن أن يقوم بهذه الوظائف، هذه
الأمور لا يقوم بها إلا أهل العلم وأهل الرأي الناضج؛ لأنها أمور ثقيلة مهمة، لا يقوم بها إلا من هو مؤهل للقيام بها، ومن المصيبة
اليوم أن باب الدعوة صار بابًا واسعًا، كل يدخل منه، ويتسمى بالدعوة، وقد يكون جاهلاً لا يحسن الدعوة، فيفسد أكثر مما يصلح،
وقد يكون متحمسًا يأخذ الأمور بالعجلة والطيش، فيتولد عن فعله من الشرور أكثر مما عالج وما قصد إصلاحه، بل ربما يكون ممن
ينتسبون للدعوة، ولهم أغراض وأهواء يدعون إليها ويريدون تحقيقها على حساب الدعوة وتشويش أفكار الشباب باسم الدعوة
والغيرة على الدين، وربما يقصد خلاف ذلك؛ كالانحراف بالشباب وتنفيرهم عن مجتمعهم وعن ولاة أمورهم وعن علمائهم، فيأتيهم
بطريق النصيحة وبطريق الدعوة في الظاهر؛ كحال المنافقين في هذه الأمة، الذين يريدون للناس الشر في صورة الخير.
أضرب لذلك مثلاً في أصحاب مسجد الضرار، بنوا مسجدًا، في الصورة والظاهر أنه عمل صالح، وطلبوا من النبي صلى الله عليه
وسلم أن يصلي فيه من أجل أن يرغب الناس به ويقره، ولكن الله علم من نيات أصحابه أنهم يريدون بذلك الإضرار بالمسلمين،
الإضرار بمسجد قباء، أول مسجد أسس على التقوى، ويريدون أن يفرقوا جماعة المسلمين فبين الله لرسوله مكيدة هؤلاء، وأنزل قوله
تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا
الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ. لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 107، 108].
يتبين لنا من هذه القصة العظيمة أن ما كل من تظاهر بالخير والعمل الصالح يكون صادقًا فيما يفعل، فربما يقصد من وراء ذلك أمورًا
بعكس ما يظهر.
فالذين ينتسبون إلى الدعوة اليوم فيهم مضللون يريدون الانحراف بالشباب وصرف الناس عن الدين الحق وتفريق جماعة المسلمين
والإيقاع في الفتنة، والله سبحانه وتعالى حذرنا من هؤلاء: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ
وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة: 47]؛ فليس العبرة بالانتساب أو فيما يظهر، بل العبرة بالحقائق وبعواقب الأمور.
والأشخاص الذين ينتسبون إلى الدعوة يجب أن ينظر فيهم: أين درسوا؟ ومن أين أخذوا العلم؟ وأين نشئوا؟ وما هي عقيدتهم؟
وتنظر أعمالهم وآثارهم في الناس، وماذا أنتجوا من الخير؟ وماذا ترتب على أعمالهم من الإصلاح؟ يجب أن تدرس أحوالهم قبل أن
يغتر بأقوالهم ومظاهرهم، هذا أمر لابد منه، خصوصًا في هذا الزمان، الذي كثر فيه دعاة الفتنة، وقد وصف النبي صلى الله عليه
وسلم دعاة الفتنة بأنهم قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا[1]، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الفتن؛ قال:
((دعاة على أبواب جهنم، من أطاعهمقذفوه فيها))[2]
سماهم دعاة!
فعلينا أن نتنبه لهذا، ولا نحشد في الدعوة كل من هب ودب، وكل من قال: أنا أدعو إلى الله، وهذه جماعة تدعو إلا الله! لابد من النظر
في واقع الأمر، ولابد من النظر في واقع الأفراد والجماعات؛ فإن الله سبحانه وتعالى قيد الدعوة إلى الله بالدعوة إلى سبيل الله؛ قال
تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 108]؛ دل على أن هناك أناسًا يدعون لغير الله، والله تعالى أخبر أن الكفار يدعون إلى
النار، فقال: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ
مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 221]
فالدعاة يجب أن ينظر في أمرهم.
الشيخ العلامة :
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
حفظه الله[/size][/b]
السؤال :لقد كثر المنتسبون إلى الدعوة هذه الأيام، مما يتطلب معرفة أهل العلم المعتبرين، الذين يقومون بتوجيه الأمة وشبابها
إلى منهج الحق والصواب؛ فمن هم العلماء الذين تنصح الشباب بالاستفادة منهم ومتابعة دروسهم وأشرطتهم المسجلة وأخذ العلم
عنهم والرجوع إليهم في المهمات والنوازل وأوقات الفتن؟
[b]الجواب :
الدعوة إلى الله أمر لابد منه، والدين إنما قام على الدعوة والجهاد بعد العلم النافع؛ {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 3]؛ فالإيمان يعني العلم بالله سبحانه وتعالى وبأسمائه وصفاته وعبادته، والعمل الصالح يكون فرعًا من
العلم النافع؛ لأن العمل لابد أن يؤسس على علم.
والدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والتناصح بين المسلمين؛ هذا أمر مطلوب، ولكن ما كل أحد يحسن أن يقوم بهذه الوظائف، هذه
الأمور لا يقوم بها إلا أهل العلم وأهل الرأي الناضج؛ لأنها أمور ثقيلة مهمة، لا يقوم بها إلا من هو مؤهل للقيام بها، ومن المصيبة
اليوم أن باب الدعوة صار بابًا واسعًا، كل يدخل منه، ويتسمى بالدعوة، وقد يكون جاهلاً لا يحسن الدعوة، فيفسد أكثر مما يصلح،
وقد يكون متحمسًا يأخذ الأمور بالعجلة والطيش، فيتولد عن فعله من الشرور أكثر مما عالج وما قصد إصلاحه، بل ربما يكون ممن
ينتسبون للدعوة، ولهم أغراض وأهواء يدعون إليها ويريدون تحقيقها على حساب الدعوة وتشويش أفكار الشباب باسم الدعوة
والغيرة على الدين، وربما يقصد خلاف ذلك؛ كالانحراف بالشباب وتنفيرهم عن مجتمعهم وعن ولاة أمورهم وعن علمائهم، فيأتيهم
بطريق النصيحة وبطريق الدعوة في الظاهر؛ كحال المنافقين في هذه الأمة، الذين يريدون للناس الشر في صورة الخير.
أضرب لذلك مثلاً في أصحاب مسجد الضرار، بنوا مسجدًا، في الصورة والظاهر أنه عمل صالح، وطلبوا من النبي صلى الله عليه
وسلم أن يصلي فيه من أجل أن يرغب الناس به ويقره، ولكن الله علم من نيات أصحابه أنهم يريدون بذلك الإضرار بالمسلمين،
الإضرار بمسجد قباء، أول مسجد أسس على التقوى، ويريدون أن يفرقوا جماعة المسلمين فبين الله لرسوله مكيدة هؤلاء، وأنزل قوله
تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلّا
الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ. لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 107، 108].
يتبين لنا من هذه القصة العظيمة أن ما كل من تظاهر بالخير والعمل الصالح يكون صادقًا فيما يفعل، فربما يقصد من وراء ذلك أمورًا
بعكس ما يظهر.
فالذين ينتسبون إلى الدعوة اليوم فيهم مضللون يريدون الانحراف بالشباب وصرف الناس عن الدين الحق وتفريق جماعة المسلمين
والإيقاع في الفتنة، والله سبحانه وتعالى حذرنا من هؤلاء: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ
وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة: 47]؛ فليس العبرة بالانتساب أو فيما يظهر، بل العبرة بالحقائق وبعواقب الأمور.
والأشخاص الذين ينتسبون إلى الدعوة يجب أن ينظر فيهم: أين درسوا؟ ومن أين أخذوا العلم؟ وأين نشئوا؟ وما هي عقيدتهم؟
وتنظر أعمالهم وآثارهم في الناس، وماذا أنتجوا من الخير؟ وماذا ترتب على أعمالهم من الإصلاح؟ يجب أن تدرس أحوالهم قبل أن
يغتر بأقوالهم ومظاهرهم، هذا أمر لابد منه، خصوصًا في هذا الزمان، الذي كثر فيه دعاة الفتنة، وقد وصف النبي صلى الله عليه
وسلم دعاة الفتنة بأنهم قوم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا[1]، والنبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الفتن؛ قال:
((دعاة على أبواب جهنم، من أطاعهمقذفوه فيها))[2]
سماهم دعاة!
فعلينا أن نتنبه لهذا، ولا نحشد في الدعوة كل من هب ودب، وكل من قال: أنا أدعو إلى الله، وهذه جماعة تدعو إلا الله! لابد من النظر
في واقع الأمر، ولابد من النظر في واقع الأفراد والجماعات؛ فإن الله سبحانه وتعالى قيد الدعوة إلى الله بالدعوة إلى سبيل الله؛ قال
تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 108]؛ دل على أن هناك أناسًا يدعون لغير الله، والله تعالى أخبر أن الكفار يدعون إلى
النار، فقال: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ
مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 221]
فالدعاة يجب أن ينظر في أمرهم.
الشيخ العلامة :
صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
حفظه الله[/size][/b]