بسم الله الرحمن الرحيم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[size=32] 20 - العَشْرُ الأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان[/size]
إن شهر رمضان المبارك شهر ٌكله بركة ورحمة أيامه ولياليه ، وتختص عشره الأواخر بمزيد مزية على بقية أيامه ولياليه بخصائص عظيمة وفضائل جليلة اختصت
بها عن غيرها ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم من بعده يعظِّمون هذه العشر الأواخر ويجتهدون فيها أكثر مما يجتهدون في غيرها
روى الإمام أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ))(1)
وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ))(2) .
ومعنى ((شَدَّ مِئْزَرَهُ)) : أي جدّ واجتهد في العبادة واعتزل النساء ؛ فلا يلتذ في تلك الليالي إلا بمناجاة ربه والتقرب إليه ، فما أباحه الله له من الجماع في ليالي رمضان
يكون منشغلاً عنه بما سواه من العبادة والطاعة طمعاً في أن ينال ثواب هذه العشر ويوفَّق لإدراك ليلة القدر .
ومعنى (( أَحْيَا لَيْلَهُ )) : أي سهره منشغلاً فيه بالطاعة فأحياه بذلك ، وأحيا نفسه بسهره فيه تقرباً وتضرعاً وتعبداً لله ؛ لأن النوم أخو الموت ، ولا تحيا الأرواح ولا الأبدان
ولا الأوقات ولا الأعمار إلا بطاعة الله وهذه هي الحياة الحقيقية قال تعالى: { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ
مِنْهَا } [الأنعام:122] فسمى هذه الأجساد مع أنها تدب في الأرض وتأكل وتشرب ميتة وذلك لِـبُعدها عن الإيمان والطاعة للرحمن وانشغالها بالغيّ والفسوق والطغيان .
ومعنى (( أَيْقَظَ أَهْلَهُ )) : أي أقامهم للصلاة وللعبادة في هذه الليالي ، وهذا من تمام حرصه على أهله وعنايته بهم أداءً لواجب الرعاية التي استرعاه الله إياها
وحرصاً منه في الدلالة على الخير والدال على الخير كفاعله ، إضافةً إلى أجره الذي يكتسبه باجتهاده بنفسه ، وفي ذلك أيضاً تشريع لأمته أن تحذو حذوه وتتأسى به
في ذلك ، وفيه توجيه للآباء والأمهات وحثٌ لهم على العناية بتربية أبنائهم والاهتمام بهم خاصة في هذا الشهر الكريم وتعهدهم ومراقبتهم في عبادتهم وشدة المحافظة
عليهم ، وتشجيعهم على المسابقة لفعل الطاعات واجتناب المنهيات ، والاستعانة بوسائل الترغيب والترهيب.
قال ابن حجر: ((وَفِي الْحَدِيث الْحِرْص عَلَى مُدَاوَمَة الْقِيَام فِي الْعَشْر الْأَخِير إِشَارَة إِلَى الْحَثّ عَلَى تَجْوِيد الْخَاتِمَة ، خَتَمَ اللَّهُ لَنَا بِخَيْرٍ آمِينَ ))(3).
ومما تميزت به هذه العشر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فيها ، واعتكف أصحابه من بعده
والاعتكاف : لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله ، وهو من السنن الثابتة بالكتاب والسنة ، قال تعالى: { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } [البقرة:187]
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ))(4).
وقد أوضح بعض أحكام الاعتكاف العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في مجالسه المشهورة المختصة بشهر رمضان التي نفع الله بها كثيراً - فجزاه الله
عن الإسلام والمسلمين خيراً ، وتغمده بواسع رحمته ، وكتب له في هذا الشهر المبارك مثل أجور كل من استفاد من هذا الكتاب وانتفع به وغيره من كتبه -
ومما جاء فيه :
قوله : " والمقصود بالاعتكاف : انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله في مسجد من مساجده طلبا لفضله وثوابه وإدراك ليلة القدر ، ولذلك ينبغي للمعتكف
أن يشتغل بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة ، وأن يتجنب ما لا يَعنيه من حديث الدنيا ، ولا بأس أن يتحدث قليلاً بحديثٍ مباحٍ مع أهله أو غيرهم لمصلحة ، لحديث صفية
أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : « كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لِأَنْقَلِبَ - أي : لأنصرف إلى بيتي - فَقَامَ - النبي صلى الله عليه
وسلم – مَعِيَ... » الحديث(5) .
ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته من التقبيل واللمس لشهوة لقوله تعالى : { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } ، وأما خروجه من المسجد فإن كان
ببعض بدنه فلا بأس به لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ))(6)
وفي رواية: ((كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ ))(7) .
وإن كان خروجه بجميع بدنه فهو ثلاثة أقسام:
الأول: الخروج لأمر لابد منه طبعاً أو شرعاً ؛ كقضاء حاجة البول والغائط والوضوء الواجب والغسل الواجب لجنابة أو غيرها والأكل والشرب ، فهذا جائز إذا لم يمكن
فعله في المسجد ، فإن أمكن فعله في المسجد فلا ، مثل أن يكون في المسجد حمام يمكنه أن يقضي حاجته فيه وأن يغتسل فيه أو يكون له من يأتيه بالأكل والشرب فلا يخرج
حينئذ لعدم الحاجة إليه .
الثاني: الخروج لأمر طاعة لا تجب عليه ؛ كعيادة مريض وشهود جنازة ونحو ذلك فلا يفعله إلا أن يشترط ذلك ابتداء اعتكافه ، مثل أن يكون عنده مريض يجب أن يعوده
أو يخشى من موته فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجه لذلك فلا بأس به .
الثالث: الخروج لأمرٍ ينافي الاعتكاف ؛ كالخروج للبيع والشراء وجماع أهله ومباشرتهم ونحو ذلك ، فلا يفعله لا بشرط ولا بغير شرط ؛ لأنه يناقض الاعتكاف وينافي
المقصود منه) اهـ(8).
ومما تميزت به هذه العشر واختصت به أن فيها ليلة القدر
قال صلى الله عليه وسلم : ((تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))(9)
وسيأتي الحديث عن هذه الليلة المباركة وعن فضائلها وأهمية اغتنامها وعدم إضاعتها في الحديث القادم إن شاء الله .
اللهم وفِّقنا للقيام بما يرضيك عنا في هذه العشر
واختم لنا شهرنا بصالح الأعمال ، وتقبلها منا يا أكرم الأكرمين .
*****
------------------
(1) رواه مسلم (1175) ، والإمام أحمد (24409) .
(2) رواه البخاري (2024) ، ومسلم (1174) واللفظ للبخاري .
(3) فتح الباري (4/270، تحت حديث رقم 2024).
(4) صحيح البخاري (2026)، ومسلم (1172).
(5) متفق عليه ؛ البخاري (3281) ، مسلم (2175) .
(6) رواه البخاري (2031) ، ومسلم (297) واللفظ للبخاري .
(7) رواه البخاري (2046) .
(8) مجالس شهر رمضان (ص: 118ـ 119).
(9) رواه البخاري (2017).
------------
- للشيخ : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر -
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[size=32] 20 - العَشْرُ الأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان[/size]
إن شهر رمضان المبارك شهر ٌكله بركة ورحمة أيامه ولياليه ، وتختص عشره الأواخر بمزيد مزية على بقية أيامه ولياليه بخصائص عظيمة وفضائل جليلة اختصت
بها عن غيرها ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم من بعده يعظِّمون هذه العشر الأواخر ويجتهدون فيها أكثر مما يجتهدون في غيرها
روى الإمام أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ))(1)
وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ))(2) .
ومعنى ((شَدَّ مِئْزَرَهُ)) : أي جدّ واجتهد في العبادة واعتزل النساء ؛ فلا يلتذ في تلك الليالي إلا بمناجاة ربه والتقرب إليه ، فما أباحه الله له من الجماع في ليالي رمضان
يكون منشغلاً عنه بما سواه من العبادة والطاعة طمعاً في أن ينال ثواب هذه العشر ويوفَّق لإدراك ليلة القدر .
ومعنى (( أَحْيَا لَيْلَهُ )) : أي سهره منشغلاً فيه بالطاعة فأحياه بذلك ، وأحيا نفسه بسهره فيه تقرباً وتضرعاً وتعبداً لله ؛ لأن النوم أخو الموت ، ولا تحيا الأرواح ولا الأبدان
ولا الأوقات ولا الأعمار إلا بطاعة الله وهذه هي الحياة الحقيقية قال تعالى: { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ
مِنْهَا } [الأنعام:122] فسمى هذه الأجساد مع أنها تدب في الأرض وتأكل وتشرب ميتة وذلك لِـبُعدها عن الإيمان والطاعة للرحمن وانشغالها بالغيّ والفسوق والطغيان .
ومعنى (( أَيْقَظَ أَهْلَهُ )) : أي أقامهم للصلاة وللعبادة في هذه الليالي ، وهذا من تمام حرصه على أهله وعنايته بهم أداءً لواجب الرعاية التي استرعاه الله إياها
وحرصاً منه في الدلالة على الخير والدال على الخير كفاعله ، إضافةً إلى أجره الذي يكتسبه باجتهاده بنفسه ، وفي ذلك أيضاً تشريع لأمته أن تحذو حذوه وتتأسى به
في ذلك ، وفيه توجيه للآباء والأمهات وحثٌ لهم على العناية بتربية أبنائهم والاهتمام بهم خاصة في هذا الشهر الكريم وتعهدهم ومراقبتهم في عبادتهم وشدة المحافظة
عليهم ، وتشجيعهم على المسابقة لفعل الطاعات واجتناب المنهيات ، والاستعانة بوسائل الترغيب والترهيب.
قال ابن حجر: ((وَفِي الْحَدِيث الْحِرْص عَلَى مُدَاوَمَة الْقِيَام فِي الْعَشْر الْأَخِير إِشَارَة إِلَى الْحَثّ عَلَى تَجْوِيد الْخَاتِمَة ، خَتَمَ اللَّهُ لَنَا بِخَيْرٍ آمِينَ ))(3).
ومما تميزت به هذه العشر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فيها ، واعتكف أصحابه من بعده
والاعتكاف : لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله ، وهو من السنن الثابتة بالكتاب والسنة ، قال تعالى: { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } [البقرة:187]
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ))(4).
وقد أوضح بعض أحكام الاعتكاف العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في مجالسه المشهورة المختصة بشهر رمضان التي نفع الله بها كثيراً - فجزاه الله
عن الإسلام والمسلمين خيراً ، وتغمده بواسع رحمته ، وكتب له في هذا الشهر المبارك مثل أجور كل من استفاد من هذا الكتاب وانتفع به وغيره من كتبه -
ومما جاء فيه :
قوله : " والمقصود بالاعتكاف : انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله في مسجد من مساجده طلبا لفضله وثوابه وإدراك ليلة القدر ، ولذلك ينبغي للمعتكف
أن يشتغل بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة ، وأن يتجنب ما لا يَعنيه من حديث الدنيا ، ولا بأس أن يتحدث قليلاً بحديثٍ مباحٍ مع أهله أو غيرهم لمصلحة ، لحديث صفية
أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : « كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لِأَنْقَلِبَ - أي : لأنصرف إلى بيتي - فَقَامَ - النبي صلى الله عليه
وسلم – مَعِيَ... » الحديث(5) .
ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته من التقبيل واللمس لشهوة لقوله تعالى : { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } ، وأما خروجه من المسجد فإن كان
ببعض بدنه فلا بأس به لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ))(6)
وفي رواية: ((كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ ))(7) .
وإن كان خروجه بجميع بدنه فهو ثلاثة أقسام:
الأول: الخروج لأمر لابد منه طبعاً أو شرعاً ؛ كقضاء حاجة البول والغائط والوضوء الواجب والغسل الواجب لجنابة أو غيرها والأكل والشرب ، فهذا جائز إذا لم يمكن
فعله في المسجد ، فإن أمكن فعله في المسجد فلا ، مثل أن يكون في المسجد حمام يمكنه أن يقضي حاجته فيه وأن يغتسل فيه أو يكون له من يأتيه بالأكل والشرب فلا يخرج
حينئذ لعدم الحاجة إليه .
الثاني: الخروج لأمر طاعة لا تجب عليه ؛ كعيادة مريض وشهود جنازة ونحو ذلك فلا يفعله إلا أن يشترط ذلك ابتداء اعتكافه ، مثل أن يكون عنده مريض يجب أن يعوده
أو يخشى من موته فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجه لذلك فلا بأس به .
الثالث: الخروج لأمرٍ ينافي الاعتكاف ؛ كالخروج للبيع والشراء وجماع أهله ومباشرتهم ونحو ذلك ، فلا يفعله لا بشرط ولا بغير شرط ؛ لأنه يناقض الاعتكاف وينافي
المقصود منه) اهـ(8).
ومما تميزت به هذه العشر واختصت به أن فيها ليلة القدر
قال صلى الله عليه وسلم : ((تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))(9)
وسيأتي الحديث عن هذه الليلة المباركة وعن فضائلها وأهمية اغتنامها وعدم إضاعتها في الحديث القادم إن شاء الله .
اللهم وفِّقنا للقيام بما يرضيك عنا في هذه العشر
واختم لنا شهرنا بصالح الأعمال ، وتقبلها منا يا أكرم الأكرمين .
*****
------------------
(1) رواه مسلم (1175) ، والإمام أحمد (24409) .
(2) رواه البخاري (2024) ، ومسلم (1174) واللفظ للبخاري .
(3) فتح الباري (4/270، تحت حديث رقم 2024).
(4) صحيح البخاري (2026)، ومسلم (1172).
(5) متفق عليه ؛ البخاري (3281) ، مسلم (2175) .
(6) رواه البخاري (2031) ، ومسلم (297) واللفظ للبخاري .
(7) رواه البخاري (2046) .
(8) مجالس شهر رمضان (ص: 118ـ 119).
(9) رواه البخاري (2017).
------------
- للشيخ : عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر -