- أتاني ربِّي في أحسَنِ صورةٍ فقالَ: يا محمَّدُ، فقلتُ: لبَّيكَ ربِّ وسعديكَ قالَ: فيمَ يختَصمُ الملأُ الأعلى؟ قلتُ: ربِّ لا أَدري، فوضعَ يدَهُ بينَ كتفيَّ فوجَدتُ بردَها بينَ ثدييَّ فعَلِمْتُ ما بينَ المشرقِ والمغرِبِ فقالَ: يا محمَّدُ فقلتُ: لبَّيكَ وسعديكَ، قالَ: فيمَ يختصمُ الملأُ الأعلَى؟ قلتُ: في الدَّرجاتِ والكفَّاراتِ1 وفي نقلِ الأقدامِ إلى الجمُعاتِ، وإسباغِ الوضوءِ في المَكْروهاتِ2، وانتظارِ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ، ومن يحافِظْ عليهنَّ عاشَ بخيرٍ وماتَ بخيرٍ، وَكانَ من ذنوبِهِ كَيومِ ولدتهُ أمُّهُ"
الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي -الصفحة أو الرقم: 3234 خلاصة حكم المحدث : صحيح- =1&m[0]=0&s[0]=0&phrase=on]الدرر السنية
=1&m[0]=0&s[0]=0&phrase=on]
شرح الحديث:
- أتاني ربِّي في أحسَنِ صورةٍ: فهذا صريح في أنه في المنام، ورؤيا الأنبياء حق،
الملأ الأعلى :وهم الملائكة المقربون عليهم السلام منهم يختصمون فيما بينهم (أي يبحثون) ، ويتراجعون القول في الأعمال التي تقرّب بني آدم إلى الله عز وجل وتكفّر بها عنهم خطاياهم.
[b]الكفارات1:وسميت كفارات لأنها تكفر الخطايا والسيئات.[/b]
[b] قال النووي في شرح مسلم: وإسباغ الوضوء إتمامه، والمكاره تكون بشدة البرد وألم الجسم ونحو ذلك. انتهى[/b]
المكروهات 2 :يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ( إسباغ الوضوء على المكاره ) يعني : أن الإنسان يتوضأ وضوءه على كره منه ، إما لكونه فيه حمى ينفر من الماء فيتوضأ على كره ، وإما أن يكون الجو باردا وليس عنده ما يسخن به الماء فيتوضأ على كره ، وإما أن يكون هناك أمطار تحول بينه وبين الوصول لمكان الوضوء فيتوضأ على كره ، المهم أنه يتوضأ على كره ومشقة ، لكن بدون ضرر ، أما مع الضرر فلا يتوضأ بل يتيمم ، هذا مما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات .
ولكن هذا لا يعني أن الإنسان يشق على نفسه ويذهب يتوضأ بالبارد ويترك الساخن ، أو يكون عنده ما يسخن به الماء ، ويقول : لا ، أريد أن أتوضأ بالماء البارد لأنال هذا الأجر ، فهذا غير مشروع ؛ لأن الله تعالى يقول : ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم ) ، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا واقفا في الشمس ، قال : ما هذا ؟ قالوا : نذر أن يقف في الشمس ، فنهاه عن ذلك وأمره أن يستظل ، فالإنسان ليس مأمورا ولا مندوبا إلى أن يفعل ما يشق عليه ويضره ، بل كلما سهلت عليه العبادة فهو أفضل ، لكن إذا كان لا بد من الأذى والكره ، فإنه يؤجر على ذلك ؛ لأنه بغير اختياره ...
وكثرة الخطا معناه أن يأتي الإنسان للمسجد ولو من بعد ، وليس المعنى أن يتقصد الطريق البعيد ، أو أن يقارب الخطا ، هذا غير مشروع ، بل يمشي على عادته ، ولا يتقصد البعد ، يعني مثلا : لو كان بينه وبين المسجد طريق قريب ، وآخر بعيد : لا يترك القريب ، لكن إذا كان بعيدا ، ولا بد أن يمشي إلى المسجد ، فإن كثرة الخطا إلى المساجد مما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات " انتهى .
"شرح رياض الصالحين" (كتاب الفضائل/باب فضل الوضوء) (3/137) طبعة مكتبة الصفا المصرية .