كان التابعي محمد بن سيرين رحمه الله كان قد قسم حياته أقساما ثلاثة :
فجعل قسما للعلم : يأخذه ويعطيه وقسما للعبادة : يصفو فيه إلي ربه
وقسما للتجارة : يكسب فيه المال الذي يسد به الحاجات
ويقضي به الحقوق ويعود به علي المحتاجين
وفي ذات مرة اشتري زيتا بأربعين ألف درهم موجلة فلم فتح أحد
زقاق وهو ( إناء من جلد ) الزيت وجد فيه فأرا ميتا متفسخا
فقال في نفسه إن الزيت كله كان في المعصرة في مكان واحد وإن
النجاسة ليست خاص بهذا الزق دون سواه وإني إن رددته للبائع بالعيب
فربما باعه للناس "" ثم أراقه كله وقع منه ذلك في وقت كان يشكو فيه
بن سيرين من خسارة كبيرة حلت به فركبه الدين
وطالبه صاحب الزيت بماله فلم يستطع سداده فرفع أمره إلي الوالي
فأمر القاضي بحبسه حتى يسدد ما عليه فلما صار في السجن وطال مكثه فيه
أشفق عليه السجان لما علم من أمر دينه وما رأي من شدة ورعه وطول عبادته
فقال : له أيها الشيخ إذا كان الليل فاذهب إلي أهلك وبت معهم فإذا أصبحت
فعد إلي واستمر علي ذلك حتى يطلق سراحك
فقال له الإمام ابن سيرين لا والله لا أفعل
فقال السجان ولم يا شيخ هداك الله ؟
فقال له : حتى لا أعاونك علي خيانة السلطان ومكث في السجن
المصادر
حلية الأولياء
سير أعلام النبلاء
صور من حياة التابعين
البطولة للدكتور الباشا
{ فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ }