الإيمان المقدس آخر معركة للمسلمين في الأندلس والتي ارتبطت بغرناطة





كانت مملكة غرناطة هي بقية ملك المسلمين في الأندلس بعد أن تمزقت دولتهم، ففي الفترة من 636هـ حتى 668هـ أسقط فرديناند الثالث وجايم الأول ملكا قشتالة وأراجون النصرانيتين أكثر مدن المسلمين، وأصبح حكم المسلمين محصورًا في مدينة غرناطة؛ التي استطاعت أن تقاوم الصليبيين لقرنين ونصف من الزمان.
في ذلك الوقت كان يحكم غرناطة أبو عبد الله محمد الثاني عشر الذي كان ضعيفا مع أعدائه قويا على إخوانه؛ فحينما تولى عبد الله الزغل عم أبي عبد الله الحكم في غرناطة قام أبو عبد الله بشن حرب ضد عمه؛ مما سهل على الصليبيين محاولة احتلال ضواحي غرناطة ولكن المسلمين استطاعوا أن يقفوا أمامهم.
وبعد موت السلطان الزغل طريدا أصبح ابن أخيه أبو عبد الله هو سلطان ما تبقى من غرناطة، واستدار فرديناند وإيزابيلا إلى أبي عبد الله وأعلنوا الحرب عليه, فأفاق هذا الغافل بعد فوات الأوان.
في ذلك الوقت كان هناك الفارس موسى بن أبي الغسان آخر ما أنجبته الأندلس من أبطال, فأرسل إلى فرديناند قائلاً له: “إذا أردت أسلحة المسلمين فلتأت لأخذها بنفسك” فشن فرديناند غارات مدمرة على غرناطة، وعندما شاهد المسلمون إخوانهم يقاتلون وعلى رأسهم الأمير أبو عبد الله انضموا لإخوانهم في الجهاد, واستطاع الأبطال بقيادة موسى بن أبي الغسان الصمود أمام قوات فرديناند واستردوا بعض الحصون.
فقرر فرديناند حسم المعركة فأرسل إلى سهول غرناطة وضواحيها خمسين ألفًا من جنوده دفعة واحدة وذلك في جمادى الآخرة 896هـ / إبريل1491م ونزل قبالة قصر الحمراء, وبنى أمامها مدينة “شنتفي” ومعناها بالإسبانية “الإيمان المقدس”، وضرب حصارا شديدا على أهالي غرناطة الذين أبدوا صورا رائعة في الصمود؛ مما دفع بفرديناند أن يطلب نجدة من بعض الممالك النصرانية المجاورة والتي حاصرت غرناطة من ناحية الجنوب مما أدى إلى قطع الإمدادات عنها.
فأصبح المسلمون بين شقي الرحى، وطال الحصار على المسلمين الذين صمدوا لمدة سبعة شهور كاملة، فلم يجد الأمير أبو عبد الله مفرا من مفاوضة الصليبيين ولكن قائده موسى بن أبي الغسان لم يرض بالتسليم للعدو, ولبس سلاحه وركب جواده وغاص في الأعداء حتى استشهد رحمه الله.
واضطر المسلمون بعدها إلى الاستسلام لفرديناند .. وكانت معركة الإيمان المقدس هي آخر معركة للمسلمين في الأندلس.