الأردن (رسميًا: الْمَمْلَكَةُ الْأُرْدُنِيَةُ الْهَاشِمِيَة) هي دولة عربية تقع في جنوب غرب آسيا، تتوسط الشرق الأوسط بوقوعها في الجزء الجنوبي من منطقة بلاد الشام، والشمالي لمنطقة شبه الجزيرة العربية. تحدها كل من سوريا من الشمال، فلسطين من الغرب، العراق من الشرق، وتحدها شرقًا وجنوبًا المملكة العربية السعودية، كما تطل على خليج العقبة في الجنوب الغربي، حيث تطل مدينة العقبة على البحر الأحمر، ويعتبر هذا المنفذ البحري الوحيد للأردن. سميت بالأردن نسبة إلى نهر الأردن الذي يمر على حدودها الغربية.يُعتبر الأردن بلداً يجمع بين ثقافات ولهجات عربية مختلفة بشكل ملفت، ولا تفصله أي حدود طبيعية عن جيرانه العرب سوى نهر الأردن ونهر اليرموك اللذين يشكلان على التوالي جزءاً من حدوده مع فلسطين وسوريا. أما باقي الحدود فهي امتداد لبادية الشام في الشمال والشرق وصحراء النفوذ في الجنوب، ووادي عربة إلى الجنوب الغربي. تتنوع التضاريس بالأردن بشكل كبير، وأهم جباله جبال عجلون في الشمال الغربي، وجبال الشراة في الجنوب، أعلى قمة تلك الموجودة على جبل أم الدامي 1854 متر، وأخفض نقطة في البحر الميت والتي تعتبر أخفض نقطة في العالم.أسّس الأمير عبد الله بن الحسين عام 1921، إمارة شرق الأردن بمساعدة المملكة المتحدة وكانت خاضعة آنذاك لحكم المملكة المتحدة في منطقة فلسطين الانتدابية، استقلت عام 1946 ونودي بالأمير عبد الله ملكًا عليها، فعُرفت منذ ذلك الحين باسم المملكة الأردنية الهاشمية. النظام بالمملكة الأردنية الهاشمية هو نظام ملكي دستوري مع حكومة تمثيلية. الملك يمارس سلطته التنفيذية من خلال رئيس الوزراء ومجلس الوزراء، الذي في الوقت نفسه، هو مسؤول أمام مجلس النواب (المنتخب) ومجلس الأعيان (المُعَّين من قبل الملك) الذين يشكلان السلطة التشريعية للدولة. هناك أيضاً السلطة القضائية المستقلة. الأردن عضو مؤسس في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. يُعد الأردن دولة ذات سيادة ملكية دستورية، ومع ذلك فإن الملك يتمتع بسلطات تنفيذية وتشريعية واسعة.يشار إلى الأردن مرارًا وتكرارًا على أنه "واحة استقرار" في منطقة مضطربة، نظرًا لأنه لم يتأثر في الغالب بأحداث العنف التي اجتاحت المنطقة في عام 2010. ومع ذلك، فإن سكان البلاد يعانون من معدلات عالية نسبيًا من البطالة والفقر.
أصل التسمية
سميت الأردن نسبة إلى نهر الأردن. تتألف كلمة جوردان (Jordan) من "جور" و"دان" فهي جمع لاسم رافد النهر المقدس المار بالأردن جور (بانياس) ورافده دان (اللدان) فيصبح الاسم جوردان ويوردان في بعض اللغات، أصبحت مع الزمن أوردان وأردن، وأطلق العرب عليه اسم الأردن، وقد عرفت المنطقة المجاورة لنهر الأردن من منبعه إلى مصبه على الجانبين باسم "الأردن" واسم "فلسطين" على حد سواء. وتعني كلمة "الأردن" الشدة والغلبة وقيل أن الأردن أحد أحفاد نوح.
ويذكر قاموس الكتاب المقدس أن الأُرْدُنّ اسم عبري معناه الوارد المنحدر، وهو أهم أنهار فلسطين. الاسم الإغريقي للأردن هو يوردانيم (jordanem) وجوردن (Jordan) ومعناها المنحدر أو السحيق. وأطلق اليونان والرومان على بلاد الأردن لفظ ثيم الأردن وهو مسمى عسكري حيث كانت الأردن مقرا لمقاطعة عسكرية، كما أطلق الفاتحون العرب على مناطق الشام اسم الأجناد، وكان من بينها جند الأردن الذي كان يضم جزءا من جنوبي لبنان، وشمالي فلسطين، وكذلك أجزاء من سوريا. أما مسمى شرقي الأردن؛ فقد عرف لأول مرة في العهد الصليبي، وأن أول تسمية بهذا المعنى نقلها وليم الصوري، مؤرخ مملكة بيت المقدس اللاتينية، فقد أطلق عليها ultra jordanem وذكر أنها تشمل بلاد؛ جلعاد، وعمون، ومؤاب، ويطلق عليها أحيانا اسم ترانس جوردن trans Jordan التي تعني بلاد ما وراء النهر، عبر الأردن، أو شرقي الأردن أيضا، وعندما أسس الملك عبد الله بن الحسين الإمارة الأردنية أطلق على البلاد اسم إمارة الشرق العربي ثم استقلت الإمارة تحت اسم إمارة شرق الأردن. بعد ذلك أصبحت تعرف باسم المملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة لأن نظام الحكم فيها ملكي، والهاشمية نسبة إلى بني هاشم لأن ملوك الأردن أصولهم من هاشم الجد الأكبر للرسول محمد.
التاريخ
عاش الإنسان على أرض الأردن في فترات متعددة تمثلت منذ العصر الحجري القديم (500.000-14000) قبل الميلاد والعصر الحجري الأوسط (14000-8000) قبل الميلاد حيث عثر على فؤوس يدوية ثنائية الوجه مصنوعة من الصوّان والبازلت، وكان جو الأردن ماطرًا دائمًا ويعيش الإنسان على صيد الحيوانات البرية وجامعاً النباتات البرية.
في العام 2018 أعلن باحثون عن عثور بقايا متفحمة لخبز تم إعداده قبل 14500 عام في موقع شمال شرق الأردن، والذي تبين لاحقاً أنه الأقدم في العالم
، أي قبل ما يزيد عن أربعة آلاف عام من اكتشاف الزراعة. ويشكل هذا "الحدث الاستثنائي" دافعا للعلماء إلى البحث عن علاقة ارتباط بين إنتاج الخبز ونشأة الزراعة.استمرّ نشاط الإنسان والعيش على أرض الأردن وصولاً إلى العصر الحجري الحديث المبكر (8000-6000) قبل الميلاد والعصر الحجري الحديث اللاحق (6000-4500) قبل الميلاد حيث شهدت البلاد بعض التطورات في جوانب متعددة من الحياة. عاشت ممالك كبرى على هذا الجزء من الأرض مثل مملكة الأنباط التي كانت عاصمتها البتراء، المؤابيين والأدوميون والبيزنطيون والرومان. ما زالت آثار الأمبراطورية الإسلامية ظاهرة للعيان، وآثار الامبراطورية العثمانية كذلك. وافقت الأمم المتحدة يوم 25 مايو 1946 بعد نهاية الانتداب البريطاني الاعتراف بالأردن كمملكة مستقلة ذات سيادة.
الفترة القديمة
كانت الأردن ومنذ أقدم العصور مأهولة بالسكان بشكل متواصل. وتعاقبت عليها حضارات متعددة، وقد استقرت فيها الهجرات السامية التي أسست تجمعات حضارية مزدهرة في شماله وجنوبه وشرقه وغربه، فقد شهدت الأردن توطُّن حضارات وقيام ممالك كبرى صبغت بقوتها تاريخ تلك الحقب. سكن شعب العموريين الذين هم أشقاء الكنعانيين في الأردن، واتخذ الكنعانيون فلسطين بلداً لهم وسمِّيت أرض كنعان، بينما سُمِّيت الأردن تحت عناوين عدة، حسبما نجده في أسفار العهد القديم نفسها: الاسم العام هو بلاد عبر الأردن (Trans Jordan)، أما الأسماء الأخرى للأردن فقد كانت تسمى على اسم الممالك التي كانت تسكنها، والاسم الخاص هو المناطق الجغرافية وهي مكونات البلاد التي قامت بها هذه الممالك، وسمِّيت كل مملكة وشعبها باسم تلك المنطقة مثل الأدوميون (نسبة إلى أدوم) والمؤابيون (نسبة إلى مؤاب)، والحشبونيين (نسبة إلى حشبون ـ حسبان الحالية)، والعمونيون (نسبة إلى ربة عمون ـ عمان الحالية). والباشانيون (نسبة إلى باشان وهي بيسان الحالية). ومملكة الأنباط نسبة إلى اسمهم وليس إلى اسم المكان. فقد جاءت هذه القبائل العربية مهاجرة من جزيرة العرب وحطّت رحالها في أرض الأردن واستوطنت كل واحدة منها دياراً يفصلها عن الأخرى معالم طبيعية وكانت العلاقة بينهم ودية، وكانت هذه القبائل قد ظهرت في الأردن منذ حوالي ألفي سنة قبل الميلاد، في وقت واحد تقريباً.
فقد سكنه الأدوميون وكانت عاصمتهم بصيرا التي تقع حالياً في محافظة الطفيلة، ومملكة المؤابيون التي كانت عاصمتها ديبون شمال وادي الموجب، ثم انتقلت إلى قبر حارسة (الكرك) زمن الملك ميشع. كانت الكرك وذيبان العاصمتين الرئيسيتين لهم وكان الإله لكموش أهم إله عند المؤابيين، وكان ميشع أعظم ملك من ملوكهم الذي دوّن انتصاراته وإنجازاته على حجر ذيبان. وقد تعاقب على احتلالها فيما بعد كل من الآشوريين، والبابليين، وصارت مملكة مؤاب ولاية بابلية زمن الملك نبوخذ نصر.
لفائف البحر الميت في عمان، الأقدم في التاريخ. تبين بثلاث لغات نشوء اليهودية والمسيحية.
كانت عمون أو ربة عمون المعروفة الآن بعمان عاصمة للدولة العمونية، وكان العمونيون يتمركزون في شمال ووسط الأردن وتحتفظ عمان بموقع العاصمة القديمة. أسس العمونيون دولتهم حوالي سنة 1250 ق.م، وعاشوا حياة البداوة وكونوا دولة قوية امتدت حدودها من الموجب جنوباً إلى سيل الزرقاء شمالاً ومن الصحراء شرقاً إلى نهر الأردن غرباً. وبحكم موقع عمان الجغرافي الاستراتيجي طمع فيها الغزاة فتعرضت مملكة العمونيين للغزو والدمار لكنها كانت تضمد جراحها وتعيد بناء مدنها. وكان "طوبيا العموني" آخر ملك حكم دولة العمونيين وارتبط اسمه بآثار عراق الأمير وقصر العبد في وادي السير. بالنسبة لمنطقة عمان فقد كانت معمورة في العصر الحديدي (1200 ق.م-330 ق.م) وتميزت هذه الفترة باستخدام العجلة لصناعة الفخار، وفي هذا العصر شهدت المنطقة تطورا في استخدام الحديد في صناعة الأسلحة والأدوات المنزلية. وبرز جبل القلعة في عمان مقر عاصمة العمونيين. وما زالت بقايا قصور العمونيين ماثلة في جبل القلعة، منها جدران الأسوار، والآبار المحفورة في الصخر الجيري. كما عُثر في جبل القلعة على أربعة تماثيل لملوك العمونيين تعود إلى القرن الثامن ق.م، ووجدت تماثيل أخرى في ضواحي عمان في خربة الحجاز وأبو علندا وعرجان.
بعد سقوط العاصمة الآشورية نينوى، ثارت جميع الشعوب التي كانت تخضع للآشوريين، ففر آخر ملوك آشور (أباليت) إلى حران، وأصبحت السيطرة للبابليين بعد الآشوريين الذي سرعان ما حاولوا الاستحواذ على شرقي المتوسط ومنها شرقي الأردن، فتآلف ملوك مؤاب وعمون وصور وصيدا لصد هجمات بابل، إلا أن الملك البابلي نبوخذ نصر تمكن من الانتصار عليهم والوصول إلى القدس سنة 586 ق م، ثم تمكن من إخضاع صيدا ومؤاب وعمون، فيما بقي محاصرا صور لمدة ثلاث عشرة سنة، إلى أن أخضعها. وقد سبى نبوخذ نصر عددًا كبيرًا من اليهود من القدس وفلسطين إلى بابل، إلا أن بابل ما لبثت أن سقطت في أيدي الفرس سنة 540 ق م. وبقيت الأردن تحت حكم الفرس إلى أن جاء الإسكندر الأكبر عام 333 ق م، وأنتصر على داريوس ملك الفرس وبسط النفوذ اليوناني على الأردن والبلدان المجاورة. بعد وفاة الإسكندر انقسمت الإمبراطورية اليونانية إلى ثلاثة أجزاء: فكانت مصر من نصيب البطالمة، أما بلاد الشام فكانت من نصيب السلوقيين، إلا أن بطليموس تمكن عام 312 ق م من ضم جنوبي بلاد الشام أي الأردن وفلسطين لتصبح جزءا من دولة البطالمة الذين يتمركزون في مصر، حيث أولاها اليونانيون أهمية كبرى، إذ صارت من ممتلكات بطليموس المصري، حيث أعيد بناؤها، وأطلقوا اسماً جديداً عليها وهو: فيلادلفيا بدلاً من ربة عمون. بقي اليونانيون في عمان مدة تقارب مائة عام بعد هذا الاحتلال حتى طردهم منها الأنباط التي نشات مملكتهم بعد استيلائهم على دولة الأدوميين، حيث وصلت حدود مملكة الأنباط من خليج العقبة إلى نهر اليرموك ومن وادي السرحان في البادية شرقاً إلى نهر الأردن وغور الأردن غرباً.
العرب الأنباط والرومان والبيزنطيون
تعتبر مملكة الأنباط مملكة عربية سادت ثم بادت، وكانت تقع شمال الجزيرة العربية على طريق البخور التجاري الذي يمتد من المحيط الهندي إلى موانئ فلسطين وسوريا، وحدودها حدود المملكة الأردنية الهاشمية الآن تقريبا. انتعشت مملكة الأنباط قبل الميلاد بقرون حتى نهاية القرن الأول وتحديدا سنة 106. تعد البتراء المقاطعة الرئيسية أو العاصمة التي يشير اسمها إلى كل جبل مقدس يصعب صعوده، ومعناها في العربية صخر أو حجر، ويطلق عليها العرب اسم الرقيم، وهي تقع اليوم في وادي موسى. أما بقية المدن أو المقاطعات في مملكة الأنباط فهي: الحجر أو "مدائن صالح"، وأم الجِمال المبنية من الحجر الأسود الناري، والنقب. أن النبط اسم لقوم، وليس اسمًا لمنطقة، يعتبر الآلة ذوالشرى على رأس مجموعة الآلهة، فهو الرب الأكبر الذي اتسم بطبيعة كوكبية متمثلة بالشمس، واشتهرت عبادة الإله ذوالشرى ولا سيما في مدينة البتراء، ومنها انتشرت عبادته إلى سائر الأنحاء.احتلت روما عام 63 ميلادي الأردن وسوريا وفلسطين وبقيت المنطقة تحت السيطرة الرومانية طيلة أربعمائة عام. وضمت مملكة الأنباط إلى الإمبراطورية الرومانية على يد القائد الروماني تراجان.
في تلك الأثناء تشكل اتحاد المدن العشر (الديكابوليس) خلال الحقبة الهلنستية وكان اتحاداً اقتصادياً وثقافياً فدرالياً. وضم الاتحاد إليه المدن اليونانية مثل فيلادلفيا (عمان)، جراسيا (جرش)، وجدارا (أم قيس)، وبيلا وأرابيلا (إربد) ومدن أخرى في فلسطين وجنوب سورياً. اتسمت هذه الحقبة الزمنية بالاستقرار والسلام وحدثت عدة تطورات هامة في البينة التحتية. شهدت الأردن أثناء الحكم البيزنطي أعمالاً إنشائية كثيرة إذ أن مدناً بنيت خلال العهد الروماني واستمرت في ازدهارها وازدادت أعداد السكان في المنطقة زيادة كبيرة، كذلك أصبحت المسيحية ديناً مقبولاً في المنطقة. سكن شمال الأردن في تلك الفترة قبائل عربية تدعى الغساسنة، والذين وجد البيزنطيون فيهم حلفاء أقوياء يمكن الاعتماد عليهم في الصراع ضد الفرس الساسانيين الذين دأبوا على تهديد الولايات البيزنطية الشرقية، لذلك زادوا من صلاحيات الغساسنة ليتمكنوا من تكوين دولة حدودية لكن ضمن نطاق الدولة الرومانية ومن ثم البيزنطية، وكانوا حلفاء الروم فاشتركوا معهم في حروبهم مع الفرس وحلفائهم المناذرة.
خريطة فسيفسائية في مادبا، وهي أقدم خريطة وصفت الأراضي المقدسة.
حكم الغساسنة ستمائة سنة أي من أوائل القرن الأول الميلادي إلى ظهور الإسلام وكان أول ملوكهم "جفنة بن عمرو"، وامتد سلطانهم على قسم كبير من بلاد الشام مثل تدمر والرصافة في وسط سوريا والبلقاء والكرك في الأردن وإلى البحر، وكانت عاصمتهم بالجابية في الجولان.
لعل أكثر ما يبين درجات الحضارة التي شهدتها بعض المدن الأردنية في فترة البيزنطيين مثل مادبا، عدد الكنائس المزينة بالفسيفساء الرائعة التي خلفها البيزنطيون، وتحوي في داخلها أثمن وأروع اللوحات الفسيفسائية في العالم وأهمها خريطة مادبا الشهيرة التي تعود إلى القرن السادس الميلادي، وفي أقدم خريطة للأراضي المقدسة، والقدس بشكل خاص، وتشمل الخريطة الأماكن الواقعة بين بيبلوس (جبيل) ودمشق شمالاً إلى ثيبة في مصر جنوباً ومن البحر الأبيض غرباً إلى عمان والبتراء شرقاً. في عام 542 قضى الطاعون على معظم سكان الأردن وقضى الاحتلال الساساني عام 614 على من تبقى منهم. وكان الساسانيون قد احتلوا الأردن وفلسطين وسوريا طيلة خمس عشر عاماً إلى أن استرجع الإمبراطور هرقل المنطقة برمتها عام 629 ميلادية لكنه لم يبقَ فيها طويلاً أمام تقدم الزحف الإسلامي، فكان هذا أول احتكاك بين العرب والروم حيث وجه النبي محمد غزوة مؤتة (بقيادة زيد بن حارثة) ولكنها تعرضت للهزيمة. ثم تبعتها حملة تبوك التي خرج فيها النبي محمد بنفسه ولكنه لم يحدث فيها صدام خطير بين الطرفين. قبيل وفاة الرسول كان قد جهز حملة بقيادة أسامة بن زيد لمحاربة الروم، لكنه توفي قبل أن تبدأ الحملة. واصل المسلمون حملاتهم على بلاد الشام فتم توجيه عدد من الجيوش لفتحها منها جيش إلى الأردن وفلسطين ودمشق وقنسرين. واستطاع أبو عبيدة بن الجراح السيطرة على بصرى ثغر الشام الشرقي سنة 624. ورغم محاولات البيزنطيين استعادة السيطرة عليها لكنهم فشلوا بعد معركة أجنادين. أثارت هزيمة الروم في أجنادين حفيظة هرقل فقرر إرسال جيش لاستردادها، فعبر الجيش نهر الأردن وتقابل مع جيش المسلمين عند نهر اليرموك ودارت معركة عنيفة بين الطرفين هي معركة اليرموك، انتهت باثار عنيفة على الدولة البيزنطية، فبعد الخسارة في المعركة خسرت الدولة الأراضي الواقعة شرق نهر الأردن، ثم استسلمت دمشق بعد مقاومة. وبدأت المدن البيزنطية في الشام تتابع في السقوط الواحدة تلو الأخرى، فسقطت القدس ثم أنطاكيا ثم سوريا الشمالية كلها بيد المسلمين.
الحكم العربي الإسلامي
بقيت الأردن تخضع للحكم الروماني حتى الفتح الإسلامي لبلاد الشام وإنهاء الحكم البيزنطي على يد العرب المسلمين القادمين من شبه الجزيرة العربية. أثناء الحكم الإسلامي خضعت المنطقة والتي تتألف من بلاد الشام إلى قطاعات عسكرية (تسمى أجناد) في عهد الخليفة عمر بن الخطاب فقسم بلاد الشام إلى قطاعات عديدة سمي كلا منها جند، ومن ضمنها جند الأردن. بعد وفاة الخليفة عمر، تولى الخلافة بعده عثمان بن عفان، الذي استمر حكمه إلى عام 33هـ 656م، وقد بقي معاوية في زمن عثمان واليا على الشام حيث كان قد عينه عمر بن الخطاب واليا على الشام عام 640 بعد وفاة أخاه يزيد بن أبي سفيان. وبعد مقتل عثمان انتخب علي بن أبي طالب خليفة للمسلمين لكن معاوية رفض مبايعته واستمرت الحروب بين الفريقين حتى قتل عبد الرحمن بن ملجم المرادي الخليفة علي بن أبي طالب، بعدها بايع الناس ابنه الحسن، إلا أنه تنازل عن الخلافة لمعاوية.
رسم جداري من قصر عمرة.
أسس معاوية بن أبي سفيان الدولة الأموية وجعل عاصمتها دمشق، ونظراً لقرب الأردن من عاصمة الحكم الإسلامي ولتمتعها بموقع جغرافي متميز باتت على مفترق طرق الحجاج القاصدين الديار المقدسة في مكة والمدينة. وأزدهرت الحياة في الأردن، وبنيت المدن والقصور مثل قصر الحلابات وقصر الحرانة وقصر المشتى وقصر عمرة وغيرها. وبقى الأمويين حتى تم القضاء على دولتهم عام 749 على يد أبي العباس الملقب بالسفاح. وسميت بهذا الاسم نسبة إلى العباس عم الرسول محمد.
قلعة صلاح الدين في عجلون، إستخدمها المسلمون لصد هجمات الصليبيين.
وكان أول عمل قام به أبو العباس السفاح هو نقل مقر الخلافة من دمشق إلى بغداد.
وبانتقال عاصمة الخلافة إلى بغداد أصبح موقع الأردن هامشياً مقارنة مع الخلافة السابقة. وهجرت بالتالي قصور الصحراء التي بناها الأمويون لممارسة الصيد ولتكون بذلك محطات تقف عندها القوافل التجارية وقوافل الحجاج المتوجهة للديار المقدسة فيما بعد. وعندما شهد القرنين العاشر والحادي عشر ازدياد نفوذ الفاطميين الذين حكموا مصر وأستولوا عام 969 على الأردن. في بداية القرن الثاني عشر الميلادي تعرضت بلاد الشام لهجمات الحملات الصليبية الشرسة والتي ألقت الأردن في أتون نيران حرب مستعرة. بنى الملك بالدوين الأول خطاً من القلاع في عمود الأردن الفقري بهدف حماية الطرق المؤدية للقدس. ثم وحد بالدوين الأول سوريا ومصر تحت حكمه. لكن صلاح الدين الأيوبي أخرج الصليبين من القدس عام 1187 ميلادي بعد أن هزمهم في معركة حطين مما حرر البلاد من الوجود الأجنبي وخلصت الأردن من السيطرة الأجنبية. ازدهرت الأردن في العهد الأيوبي والمملوكي وأتحد مع مصر وسوريا واحتل موقعاً بارزاً بين جاراته. وأعيد بناء حصونه وخاناته كي ينزل فيها الحجاج وهم في طريقهم إلى مكة والمدينة ومن أجل تعزيز منعة طرق التجارة والأتصالات. كذلك أزدهرت في الأردن في هذا العهد وفي وادي الأردن بالذات حيث أنشأت محطات تنقية السكر المدارة بواسطة الماء. تعرضت المنطقة لهجمة جديدة للتتار في عام 1401 ميلادية، مما تسبب إضافة لضعف الحكومات وانتشار الأمراض في بعض المناطق إلى ضعف المنطقة كلها. وما لبث الأتراك العثمانيون أن هزموا المماليك عام 1516 وبهذا أصبحت الأردن جزءا من الدولة العثمانية وبقيت هكذا طيلة 400 عام. تزخر البادية الشرقية للأردن والمناطق الجبلية الوسطى بالمعالم التاريخية في العصور الإسلامية المختلفة، حيث اتخذت الآثار والقصور الحصينة والقلاع والأبراج معالم مضمخة بروائح التاريخ. حيث يوجد عديد من القلاع التي بنيت على مر العصور لتكون موطن أمن وأمان للدفاع عن البلاد. فهناك قلعة الأزرق التي تعود إلى عهد الرومان والعرب، وقلعة الربض طراز الفن المعماري عند المسلمين العرب، وكان الهدف من بنائها رصد تحركات الصليبيين من حصن كوكب الهواء واستغلال مناجم الحديد في جبال عجلون التي تسمى مغارة وردة. وإبقاء الطرق التجارية مع دمشق وشمال سوريا. وهناك أيضا قلعتا الكرك وقلعة الشوبك، وتعودان إلى فترة الحروب الصليبية، وتقعان في مناطق جبلية وعرة وفيهما الأروقة وأبراج والاستحكامات التي تدل على طراز الفنون الحربية في القرون الوسطى. بالإضافة إلى تلك القلاع، توجد قلاع أخرى في العقبة والحسا والقطرانة شاهدة على العصور المختلفة في التاريخ الإسلامي.
العهد العثماني
دخلت الأراضي الأردنية تحت الحكم العثماني في أعقاب هزيمة المماليك أمام العثمانيين عام 1516 في معركة مرج دابق، وبقيت الأردن جزءا من هذه الإمبراطورية من عام 1516 حتى عام 1918. وضعت البلاد العربية تحت الحكم العثماني المباشر وتمتعت سورية بالحكم الذاتي. فعين السلطان واليا عليها جان بردي الغزالي، لكنه بعد وفاة السلطان سليم أعلن نفسه واليا على بلاد الشام، واستقل بها عن الدولة العثمانية، فارسل العثمانيون جيشا لم يقدر عليه، فاستسلم وأعدم في 1521. وبهذا عادت بلاد الشام تحت إدارة الولاة العثمانيين وخضعت مباشرة للباب العالي. وقسمت الدولة العثمانية بلاد الشام إلى ثلاث ولايات هي؛ دمشق، حلب، وطرابلس. وكانت الأردن تتبع لدمشق. أرسل والي مصر محمد علي باشا في سنة 1831 ابنه إبراهيم باشا إلى بلاد الشام على رأس قوة تمكنت من الانتصار على الجيش العثماني والسيطرة على بلاد الشام. كان حكم محمد علي إصلاحيا وقد اهتم بالتعليم وحاول فرض الضرائب وتنظيمها. لكنه ما لبث وأن خرج منها تحت التهديد، بعد أن اجتمعت كلا من بريطانيا، روسيا والنمسا والدولة العثمانية عام 1840، وهددوه بانتزاع مصر منه عنوة إن لم يسحب جيشه من بلاد الشام، فانسحب عام 1841 وفرض عليه البقاء داخل مصر والسودان فقط. بشكل عام عانى الأردن من الإهمال الذي أصاب تطور بنيته التحتية في العهد العثماني وكان ذلك يتعلق بعدة جوانب منها الأعمال الإنشائية للدولة العثمانية والتي كانت تقام إذا كانت ذات مدلول ديني فقط وبناء على هذا بنت قصر القطرانة لأنه يحمي قوافل الحجاج أما معظم المدارس والمستشفيات والحمامات والآبار ودور الأيتام فبقيت مهملة جداً. وكانت أهم الأعمال والمشاريع الإنشائية في ذلك الزمن مشروع إنشاء خط سكة حديد الحجاز الذي كان يبدأ من دمشق حتى المدينة المنورة. لكن أصبحت سكة الحديد أداة مفيدة لنقل الجيوش العثمانية والتموين خلال الحرب العالمية الأولى لتصل قلب الأراضي الحجازية، وبالتالي تعرضت السكة لهجمات عديدة وجهت إليها خلال الثورة العربية الكبرى، لتبدئ مرحلة جديدة في تاريخ الأردن، والمنطقة بأسرها.
التاريخ المعاصر
أعلنت الحرب العالمية الأولى في تموز 1914 بين الحلفاء ودول المحور، وفي أكتوبر 1914 دخلت الدولة العثمانية الحرب إلى جانب ألمانيا، حين قام أسطولها بقصف الموانئ الروسية على البحر الأسود. أعلنت روسيا الحرب على الدولة العثمانية في 2 أكتوبر 1914 وبعد ثلاثة أيام أعلنت إنجلترا وفرنسا الحرب على الدولة العثمانية. قام الإتحاديون بتطبيق سياسة التتريك والطورانية، على الأسس العنصرية، وكانت هذه إساءة لحكم الشعوب الخاضعة للدولة العثمانية، ومنهم العرب حيث أنه اعتمد القومية التركية وتخلى عن الإسلام الجامع بين الأتراك والعرب، وقام الإتحاديون بعزل السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1909 نهائياً، وهو صديق العرب ومقرِّبهم إليه والمعتمد عليهم في مواجهة أطماع القادة التُّرك المتعصبين، مما جعل العرب ينقمون عليهم عامة، وخاصة بعد تبنيهم سياسة تتريك الشعوب غير التركية في دولتهم. طلب العرب من الدول العثمانية منحهم الاستقلال الذاتي وجعل اللغة العربية لغة رسمية في الولايات العربية وذلك لحصر التجنيد في الشبان العرب وذلك كما جاء في مقررات المؤتمر العربي في باريس عام 1913 ولكن العثمانيون رفضوا تلبية مطالب العرب. في هذه الأثناء كان الوطنيون العرب الذين أسَّسوا جمعياتهم القومية، وخاصة العربية الفتاة على اتصال مع الشريف الحسين بن علي بواسطة ابنه فيصل بن الحسين الذي تقابل مع القوميون العرب في دمشق، واتفق معهم على قيام الثورة بقيادة والده، وكان الهدف ممَّا سُمَّي بميثاق دمشق، تأسيس دولة عربية واحدة من جبال طوروس إلى البحر العربي ومن البحر الأحمر حتى الخليج العربي يكون الشريف حسين رئيسها. وحدث ذلك بينما كان جمال باشا يعدم الوطنيين ومنهم الضباط العرب. بدأت مفاوضات ومراسلات الحسين من خلال مراسلات حسين مكماهون (1916) التي تمَّ الاتفاق فيها على قيام ثورة على تركيا تدعمها بريطانيا وتعترف باستقلالها وتحميها، وتمدُّها بالمال والسلاح، مقابل اشتراك العرب في الحرب إلى جانب الحلفاء ضد الأتراك، كما وعد البريطانيين العرب بالاعتراف باستقلال العرب. انطلقت الثورة العربية من مكة في 10 حزيران 1916, وأعلن الشريف الحسين بن علي الجهاد المقدس ضد الأتراك في عهد السلطان محمد رشاد الخامس وسار جيشه من الحجاز إلى الشام، واحتل مكة والطائف وجدة ثم المدينة المنورة، كانت قبيلة الحويطات في جنوبي الأردن أول من لبى نداء الثورة من الأردنيين، إذ اتصل شيخها عودة أبو تايه بالأمير فيصل، قائد الجيش العربي الشمالي، وأعلن انضمام قبيلته إلى الثورة. وتوجه إلى دمشق لكن ما لبث وأن دخلت بقيادة الأمير فيصل بن الحسين في مطلع أكتوبر من عام 1918، وهكذا ارتبط مصير الأردن في تلك المرحلة من العهد الفيصلي بما كان يجري من أحداث في بلاد الشام والشرق العربي كله. فعيّن الجنرال إدموند ألنبي علي رضا الركابي رئيسًا لحكومة مؤقتة على بلاد الشام يوم 1 أكتوبر 1918، وعندما وصل فيصل إلى دمشق ثبّت الركابي في منصبه رئيسًا للوزراء، وغادر لزيارة حمص وحماة وحلب، ثم انتدبه والده لتمثيله في مؤتمر الصلح المنعقد في باريس بعد انتصار الحلفاء في الحرب، فغادر سوريا في نوفمبر 1918 تاركًا أخاه زيد بن الحسين نائبًا عنه للأمور البروتوكولية، ورضا الركابي للإدارة الفعلية. خلال زيارة فيصل الأول إلى باريس أصيب بخيبة أمل جمّة إذ بات واضحًا أن الحلفاء لن يرضوا إقامة الدولة العربية الكبرى، بالرغم من وعود بالاستقلال التي منحت للشريف حسين ضربت إتفاقية سايكس بيكو التي أتفق عليها الإنكليز والفرنسيون عرض الحائط بتلك الوعود، وبكل ما جاء في مراسلاته مع مكماهون. كما ثبت أن سايكس بيكو حقيقة وليس إشاعات كما ردد الإنكليز خلال الحرب، أما الطامة الكبرى فهو وعد بلفور، الذي اضطر فيصل للاعتراف به بموجب اتفاق وقعه تحت الضغط مع حاييم وايزمان.
سوريا الكبرى والانتداب البريطاني على شرق الأردن
في 10 حزيران/يونيو 1919 وصلت لجنة كينغ كراين إلى يافا وزارت مدنًا كثيرة في فلسطين والأردن ولبنان وسوريا وتلقت 1800 عريضة عليها ثلاثمائة ألف توقيع، والتقت الأمير فيصل في دمشق يوم 2 تموز/يوليو وكذلك أعضاء المؤتمر السوري العام. أنهت اللجنة أعمالها في 28 آب/أغسطس 1919، وقدّمت تقريرها إلى الحلفاء فلم يأخذوا بأي من بنوده. مكث تقرير اللجنة سريًا حتى نشرته إحدى الصحف الأمريكية عام 1922 واشتمل التقرير على:
أن تعتبر بلاد الشام دولة واحدة، لأن ذلك يتفق مع رغبات الشعب واللغة والاقتصاد والثقافة والعادات وأن يمنح لبنان حكمًا ذاتيًا ضمن هذه الدولة، أن يكون نظام الحكم ملكيًا دستوريًا على رأسه فيصل بن الحسين، وإيقاف برنامج الهجرة اليهودية إلى فلسطين. في 7 آذار/مارس 1920 اجتمع المؤتمر السوري العام وأصدر بيان الاستقلال، ورفض في بيانه أي تقسيم للبلاد، وأكّد على تعاونها مع العراق وبايع المؤتمر فيصل بن الحسين ملكًا دستوريًا على سوريا باسم "فيصل الأول"، كذلك فقد أقرّ المؤتمر الحكم الذاتي لجبل لبنان واللامركزية الإدارية لسائر المناطق. جاءت هذه الخطوة من طرف واحد، أي من دون موافقة الحلفاء المسبقة، وكان القنصل البريطاني في دمشق قد نصح فيصل الأول وكذلك المؤتمر السوري العام بتأجيل إعلان الاستقلال لما بعد مؤتمر سان ريمو.
أعدت الحكومة البريطانية صك الانتداب على شرق الأردن حيث استبعدت الأراضي شرق نهر الأردن من جميع الأحكام التي تتناول الولاية على المستوطنات اليهودية، ومن نصوص صك الانتداب على فلسطين.
طالب الأمير في زيارة قام بها إلى لندن في تشرين الأول 1922 باستقلال شرق الأردن استقلالاً تاماً، واستمرت المفاوضات مدة طويلة استقالت في أثنائها الحكومة برئاسة علي رضا الركابي، وتألفت حكومة جديدة برئاسة مظهر رسلان في شباط 1923. وقد حاولت الوزارة الجديدة استئناف المفاوضات مع بريطانية من أجل الاستقلال، ولكن بلا طائل. وفي 25 أيار 1923 قام هربرت صموئيل، المندوب السامي البريطاني في فلسطين، بناء على أوامر حكومته بزيارة عمان وألقى البيان التالي: «شريطة موافقة عصبة الأمم، فإن حكومة جلالته البريطانية سوف تعترف بوجود حكومة مستقلة في شرق الأردن تحت حكم سمو الأمير عبد الله بن الحسين، شريطة أن تكون تلك الحكومة دستورية، وأن تمكن حكومة جلالته البريطانية من إيفاء التزاماتها الدولية المتعلقة بتلك البلاد». وهكذا عدّ الأردن هذا البيان اعترافًا من جانب بريطانيا باستقلاله وتم في 11 نيسان 1921 تأسيس أول حكومة أردنية برئاسة رشيد طليع، سمِيّت أول خمس حكومات بمجلس المستشارين. وفي عهد الحكومة الخامسة أصبح اسمها مجلس الوكلاء. وتشكّلت الحكومتان السادسة والسابعة تحت اسم مجلس النظار، فيما تشكلت الثامنة تحت اسم المجلس التنفيذي. واستبدل اسم المجلس التنفيذي باسم مجلس الوزراء اعتبارا من الحكومة التاسعة، في أربعينيات القرن العشرين.
الاستقلال
يوم 25 مايو 1946 وافقت الأمم المتحدة بعد نهاية الانتداب البريطاني الاعتراف بالأردن كمملكة مستقلة ذات سيادة. أعلن البرلمان الأردني الملك عبد الله الأول ملك عليها، الذي استمر في الحكم حتى تم اغتياله في عام 1951 بينما كان يغادر المسجد الأقصى في القدس.أصبحت الأردن عضوا مؤسسا لجامعة الدول العربية في عام 1945، وكدولة مستقلة، فإنها انضمت إلى الأمم المتحدة في عام 1955. أعلن الملك الحسين في سنة 1956 تعريب قيادة الجيش بإعفاء كلوب باشا من منصبه كقائد للجيش الأردني، وتسليمها إلى ضباط أردنيين. وبعدها تم إلغاء المعاهدة الانجلو-أردنية (الأردنية البريطانية) في 13 ـ 3 ـ 1957, فقد كفل هذا العمل على التأكيد الكامل لسيادة الأردن كدولة مستقلة استقلالا تاما.
المؤتمر الوطني الأردني عام 1930.
صدر عام 1947 قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وأخرى عربية، وبعد انسحاب القوات البريطانية من فلسطين وإعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948، دخلت الأردن الحرب مع إسرائيل إلى جانب الدول العربية، واستطاعت الأردن أن تحافظ على القدس وعلى جزء كبيرة من أراضى الضفة الغربية. وفي عام 1949 عقد مؤتمراً بأريحا حضره عدد من وجهاء فلسطين أعلن فيه ضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية، وتم انتخاب مجلس نواب جديد وقسمت مقاعده مناصفة بين الضفتين.
وفي العام التالي أغتيل الملك عبد الله الأول أثناء دخوله بوابة المسجد الأقصى لصلاة يوم الجمعة.في عام 1951 خلف الأمير طلال والده في الحكم، لكنه لم يستمر طويلا في الحكم بسبب وضعه الصحي. وكان من أهم إنجازاته إصدار دستور عام 1952، والذي يعمل به إلى اليوم. خلف الملك الحسين بن طلال والده، ولأنه لم يبلغ سوى 17 عامًا، استلم مجلس وصاية على العرش وحينما أتم الثامنة عشر من عمره تولى سلطاته الدستورية في 11 آب 1953. تم توقيع اتفاق بين الأردن والمملكة العربية السعودية في 10 آب/اغسطس 1965 حصل بموجبه تبادل أراضي بين الجانبين، حيث حصلت السعودية عل مساحة 7000 كيلومترا مربعا من الأراضي الأردنية مقابل حصول الأردن على 19 كيلومترا لتوسيع خطه الساحلي على خليج العقبة، بالإضافة إلى 6000 كيلومتر مربع من الأراضي في المناطق الداخلية.
حروب 1967، 1973، الكرامة، وأحداث أيلول
دخلت الأردن الحرب مع إسرائيل سنة 1967، وخسرت فيها القدس والضفة الغربية، ونزح آلاف الفلسطينيين من الضفة إلى الأردن. وفي 21 آذار 1968 عبرت القوات الإسرائيلية الحدود الأردنية لاحتلال الضفة الشرقية لنهر الأردن لأسباب تعتبرها إسرائيل إستراتيجية. وقد عبرت النهر فعلاً من عدة محاور مع عمليات تجسير وتحت غطاء جوي كثيف. فتصدت لها قوات الجيش العربي الأردني على طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت بقوة. وفي قرية الكرامة اشتبكت القوات العربية الأردنية بالاشتراك مع الفدائيين الفلسطينيين وسكان تلك المنطقة في قتال شرس بالسلاح الأبيض ضد الجيش الإسرائيلي في عملية استمرت قرابة الخمسين دقيقة. واستمرت المعركة أكثر من 16 ساعة، مما اضطر الإسرائيليين إلى الانسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم وقتلاهم دون أن يتمكنوا من سحبها معهم. وتمكن الجيش الأردني في هذه المعركة من تحقيق النصر والحيلولة دون تحقيق إسرائيل لأهدافها. شهدت الفترة التالية لحرب عام 1967 تصاعدا في عدد عناصر ونشاط الفصائل الفلسطينية (الفدائيين) داخل الدولة الأردنية، حتى أضحت دولة داخل دولة تهدد سيادة القانون في الأردن، فحدث التصادم بين الجيش الأردني والفصائل الفلسطينية في أيلول من عام 1970، وانتهى بطرد الفصائل الفلسطينية من الأردن إلى لبنان وسميت هذه الأحداث بأحداث أيلول. اندلعت الحرب في يوم 6 تشرين الأول عام 1973 بين مصر وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، فقام الأردن بإرسال لواء مدرع إلى الجبهة السورية ليؤمن الحماية ضد أي اختراق للقوات الإسرائيلية للجبهة الأردنية والالتفاف على القوات السورية من الخلف. في مؤتمر قمة الرباط 1974 وافقت الأردن على أن تصبح منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وفي عام 1988 أعلن الملك الحسين بن طلال قرار فك الارتباط الإداري والقانوني مع الضفة الغربية وتم استبعاد النواب عن الضفة الغربية من مجلس النواب.
معاهدة السلام
في عام 1991، وافق الأردن، إلى جانب كلا من سوريا، لبنان، والعرب ممثلين بالفدائيين الفلسطينيين على المشاركة في مفاوضات سلام مباشرة مع إسرائيل في مؤتمر مدريد برعاية الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي. وتم التوقيع على معاهدة إنهاء القتال مع إسرائيل في 25 يوليو 1994. ونتيجة لذلك، أبرمت معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في 26 أكتوبر 1994. وكون الملك حسين علاقات جيدة مع إسرائيل، منذ التوقيع على معاهدة السلام معهم. تلقى الملك حسين العلاج من مرض السرطان لفترة طويلة في الولايات المتحدة، ولدى عودته إلى الأردن نقل ولاية العهد من شقيقه الأمير حسن إلى ابنه البكر عبد الله. توفي الملك حسين في سنة 1999، وخلفه ابنه عبد الله الثاني. تجدد الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين بسبب قيام شارون بزيارة المسجد الأقصى، فعلى إثر هذه الزيارة اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية في أيلول/سبتمبر 2000، سعت الأردن وبذلت جهدها لحل الخلاف بين الطرفين، وأن يبقى في سلام مع جميع جيرانه. كان أخر توتر رئيسي بين الأردن وإسرائيل في أيلول/سبتمبر 1997، عندما قام اثنين من عملاء إسرائيل بمحاولة تسميم خالد مشعل، الزعيم البارز في حماس الفلسطينية، بعد دخولهم الأردن بجوازات سفر كندية. حتى وصلت الأمور بتهديد الملك حسين بقطع العلاقات الدبلوماسية، وإجبار إسرائيل على إحضار الترياق المضاد للسم وإطلاق سراح العشرات من الأردنيين والفلسطينيين من سجونها، بمن فيهم الزعيم الروحي لحماس الشيخ أحمد ياسين، الذي اغتالته إسرائيل في أوائل عام 2004، بقصف استهدفه داخل قطاع غزة. في 9 نوفمبر 2005، شهد الأردن ثلاثة تفجيرات إرهابية في ثلاث فنادق في عمان، قتل فيها ما لا يقل عن 57 شخصا وجرح 115. وأعلن تنظيم القاعدة في العراق بقيادة أبو مصعب الزرقاوي مسؤوليته عن الهجوم. انطلقت موجة من المظاهرات والمسيرات الاحتجاجية من مختلف أنحاء الأردن مطلع عام 2011م متأثرة بموجة الاحتجاجات العربية العارمة التي اندلعت في الوطن العربي مطلع عام 2011. كان من الأسباب الرئيسة لهذه الاحتجاجات تردي الأحوال الاقتصادية وغلاء الأسعار وانتشار البطالة وظاهرة الفساد وتسلط الأجهزة الأمنية على الشعب الأردني ودورها في صنع القرار. وقد بدأت هذه المَسيرات يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011 بعد صلاة الجُمعة واستمرت في الأسابيع التالية. حاليا يثار موضوع انضمام الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون الخليجي. في 17 أكتوبر 2011، كلف الملك عبد الله الثاني عون الخصاونة، القاضي السابق في محكمة العدل الدولية في لاهاي، بتشكيل حكومة جديدة، خلفا لحكومة معروف البخيت، التي قبل الملك استقالتها. كما أصدر مرسوما آخر بتعيين اللواء المتقاعد، فيصل الشوبكي السفير الأردني لدى المغرب، مديرا لدائرة المخابرات العامة، خلفا للمدير السابق محمد الرقاد، الذي تم ترفيعه إلى رتبة فريق أول، وتعيينه عضوا في مجلس الأعيان. قدم رئيس الوزراء القاضي الدولي عون الخصاونة استقالته في 26 نيسان 2012 وهو في زيارة لتركيا بعد ستة أشهر من تكليفه بهذا المنصب. وقد قبلها الملك عبد الله الثاني وكلف فايز الطراونة بتشكيل حكومة جديدة وهو رئيس وزراء أسبق في الفترة بين عامي 1998 و1999، شهد عهده وفاة الملك الحسين بن طلال وانتقال السلطة للملك عبد الله الثاني.
الجغرافيا
تقع الأردن بين خطي طول 59° إلى 31° شرقاً وبين دائرتي عرض 34.52° إلى 39.15° شمالاً. تبلغ مساحتها 89.213 كيلو متر² (34.445 ميل²): منها 88.884 كم² (34.318 ميل²) يابسة، ومساحة المناطق المائية 329 كم (127 ميل²). يأتي موقع الأردن بين دول المشرق العربي والجزيرة العربية، يحده من الشمال الجمهورية العربية السورية بحدود طولها 375 كم، ومن الشرق والجنوب المملكة العربية السعودية بحدود 744 كم، وتقع الجمهورية العراقية إلى شرقه بحدود 181 كم، بينما تحده من الغرب الضفة الغربية وأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية بحدود 97 كم، وإسرائيل بحدود 238 كم. وبهذا تكون أطول حدود له مع السعودية، كما أنها الدولة العربية التي لديها أطول حدود مع إسرائيل. يبلغ طول شريطه الساحلي 26 كم، وتمتد مياهه الإقليمية إلى مسافة ثلاثة أميال بحرية. رغم صغر حجم الأردن لكن تضاريسه و طبوغرافيته تعكس تنوعه المناخي.
يتبع ،،