بسم الله الرحمن الرحيم
قال
تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ
ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(النحل:90)) . وقال تعالى :
(وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ)(الشورى: من الآية15) وقال تعالى: (وَلا
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ
أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ)(المائدة: من الآية8) . وقال تعالى : (وَإِذَا قُلْتُمْ
فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(الأنعام: من الآية152)
.. ففي الآية الأولى يأمر الله بالعدل ويوجبه على العباد . فالعدل الذي
أمر الله به ، شمل العدل في حقه وفي حق عبادة . ويعامل الخلق بالعدل التام
فيؤدي كل وال ، ما عليه ، تحت ولايته ، سواء في ذلك ولاية الإمامة الكبرى،
وولاية القضاء ، ونواب الخليفة ، ونواب القاضي . أ هـ وقس على ذلك الولاية
التي تكون للمعلم على تلميذه فإن له ولاية على طلابه بحسبها . وفي الآية
الثانية أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بن يعدل بين أهل الكتاب ، وأن
لا تكون هذه العداوة مانعة من العدل في الأحكام ، وكذلك الآية الثالثة تحث
على إقامة العدل مع الأعداء ، لا ترى إلى قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ
شَنَآنُ قَوْمٍ) أي لا يحملنكم بغضكم لهم على لا تعدلوا . ثم أخبر تعالى
في ختام الآية أن تحقيق العدل وإقامة القسط ولو كان مع العدو فإن سبب في
كمال التقوى . وفي قوله تعالى ( هو أقرب للتقوى ) أي كلما حرصتم على العدل
وأجتهدتم في العمل به ، كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم ، فإن تم العدل كملت
التقوى . أ هـ . وفي الآية الرابعة (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ
كَانَ ذَا قُرْبَى) كقوله " ( َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا
قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ
الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً
فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا
وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيراً)(النساء: من الآية135) . وكذا التي تشبهها في سورة النساء يأمر
الله تعالى بالعدل في الفعال والمقال على القريب والبعيد والله تعالى يأمر
بالعدل لكل أحد في كل وقت وفي كل حال . أ هـ .
فمما سبق يتبين أن القيام بالقسط والعدل بين الناس ، شأنه عظيم ،
ولذلك جاءت الآيات في بيان أمره والتعظيم من شأنه . ورسولنا صلى الله عليه
وسلم يضرب أروع الأمثلة في تحقيقه للعدل بين أفراد أمته . أنظر للحديث الذي
ترويه أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ
1- قالت : إن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت ، فقالوا
: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : ومن يجترئ عليه
إلا أسامة بن زيد ، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فكلمة أسامة ، فقال :
رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتشفع في حد من حدود الله ؟ " ثم قام
فاختطب ، ثم قال : " إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا ، إذا سرق فيهم
الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم والله ! لو
أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " الله أكبر ! أنظر إلى من بلغ الذروة
في تحقيق العدل ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) وحاشاها أن تفعل
ذلك . البخاري (3288) ومسلم (1688)
2- عن النعمان بن بشير قال : تصدق علي أبي ببعض ماله . فقالت أمي
عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق
أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي . فقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ " قال : لا . قال : " اتقوا
الله وأعدلوا في أولادكم " .
فرجع أبي فرد تلك الصدقة . وجاء في رواية أخرى : " فلا تشهدني إذاً . فإني لا أشهد على جور " . مسلم (1623)
والمعلمون ، يتعرضون لمواقف كثيرة من قبل طلابهم ، سواء في توزيع المهام
والواجبات إن كانت هناك أعمال تحتاج إلى مشاركات جماعية أو تفضيل بعضهم دون
بعض ونحو ذلك. ويتأكد العدل عند وضع العلامات ورصد الدرجات ، فلا مجال
لمجاباة أحد ، أو تفضيل أحد على أحد سواء لقرابته أو معرفته أو لأي أمر كان
، فإن هذا من الظلم الذي لا يرضاه الله وصاحبه متوعد بالعقوبة .
إن اختلال هذا الميزان عند المعلم ، أي وجود التميز بين الطلاب ، كفيل بأن
يخلق التوتر وعدم الانسجام والعداوة والبغضاء بين الطلاب ، وكفيل بأن يجعل
هناك هوة واسعة بين المعلم وطلابه الآخرين الذين جار عليهم . ولذا على
المعلم أن يحرص على تحقيق العدل والمساواة بين طلابه لكي يشيع الإخاء
والمحبة بينهم .
أيها المعلم : إن كانت لك علاقة قربى أو صداقة مع أحد طلابك ، فلتكن بعيدة عن مسمع ومرأى الطلاب الآخرين .
روي عن مجاهد قال : ( المعلم إذا لم يعدل كتب من الظلمة ) .. ويروى عن
الحسن البصري قوله : ( إذا قوطع المعلم على الأجر فلم يعدل بينهم ـ أي
الطلاب ـ كتب من الظلمة )
الخلاصة :
1) عظم شأن العدل ، حيث أمر الله به وأوجبه مع القريب والبعيد ، ومع العدو أيضاً .
2) أهمية تحقيق العدل والمساواة بين الطلاب ، لما فيه من إشاعة المحبة والمودة بينهم .
3) يتأكد العدل ويتعين ، عند وضع العلامات ورصد الدرجات .
الحرص على إبقاء علاقات القرابة أو الصداقة ، بعيدة عن مسمع ومرأى الطلاب الآخرين .
قال
تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ
ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(النحل:90)) . وقال تعالى :
(وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ)(الشورى: من الآية15) وقال تعالى: (وَلا
يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ
أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا
تَعْمَلُونَ)(المائدة: من الآية8) . وقال تعالى : (وَإِذَا قُلْتُمْ
فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا
ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(الأنعام: من الآية152)
.. ففي الآية الأولى يأمر الله بالعدل ويوجبه على العباد . فالعدل الذي
أمر الله به ، شمل العدل في حقه وفي حق عبادة . ويعامل الخلق بالعدل التام
فيؤدي كل وال ، ما عليه ، تحت ولايته ، سواء في ذلك ولاية الإمامة الكبرى،
وولاية القضاء ، ونواب الخليفة ، ونواب القاضي . أ هـ وقس على ذلك الولاية
التي تكون للمعلم على تلميذه فإن له ولاية على طلابه بحسبها . وفي الآية
الثانية أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بن يعدل بين أهل الكتاب ، وأن
لا تكون هذه العداوة مانعة من العدل في الأحكام ، وكذلك الآية الثالثة تحث
على إقامة العدل مع الأعداء ، لا ترى إلى قوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ
شَنَآنُ قَوْمٍ) أي لا يحملنكم بغضكم لهم على لا تعدلوا . ثم أخبر تعالى
في ختام الآية أن تحقيق العدل وإقامة القسط ولو كان مع العدو فإن سبب في
كمال التقوى . وفي قوله تعالى ( هو أقرب للتقوى ) أي كلما حرصتم على العدل
وأجتهدتم في العمل به ، كان ذلك أقرب لتقوى قلوبكم ، فإن تم العدل كملت
التقوى . أ هـ . وفي الآية الرابعة (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ
كَانَ ذَا قُرْبَى) كقوله " ( َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا
قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ
الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً
فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا
وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ
خَبِيراً)(النساء: من الآية135) . وكذا التي تشبهها في سورة النساء يأمر
الله تعالى بالعدل في الفعال والمقال على القريب والبعيد والله تعالى يأمر
بالعدل لكل أحد في كل وقت وفي كل حال . أ هـ .
فمما سبق يتبين أن القيام بالقسط والعدل بين الناس ، شأنه عظيم ،
ولذلك جاءت الآيات في بيان أمره والتعظيم من شأنه . ورسولنا صلى الله عليه
وسلم يضرب أروع الأمثلة في تحقيقه للعدل بين أفراد أمته . أنظر للحديث الذي
ترويه أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ
1- قالت : إن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت ، فقالوا
: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : ومن يجترئ عليه
إلا أسامة بن زيد ، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فكلمة أسامة ، فقال :
رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتشفع في حد من حدود الله ؟ " ثم قام
فاختطب ، ثم قال : " إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا ، إذا سرق فيهم
الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، وايم والله ! لو
أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها " الله أكبر ! أنظر إلى من بلغ الذروة
في تحقيق العدل ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) وحاشاها أن تفعل
ذلك . البخاري (3288) ومسلم (1688)
2- عن النعمان بن بشير قال : تصدق علي أبي ببعض ماله . فقالت أمي
عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق
أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقتي . فقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم : " أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ " قال : لا . قال : " اتقوا
الله وأعدلوا في أولادكم " .
فرجع أبي فرد تلك الصدقة . وجاء في رواية أخرى : " فلا تشهدني إذاً . فإني لا أشهد على جور " . مسلم (1623)
والمعلمون ، يتعرضون لمواقف كثيرة من قبل طلابهم ، سواء في توزيع المهام
والواجبات إن كانت هناك أعمال تحتاج إلى مشاركات جماعية أو تفضيل بعضهم دون
بعض ونحو ذلك. ويتأكد العدل عند وضع العلامات ورصد الدرجات ، فلا مجال
لمجاباة أحد ، أو تفضيل أحد على أحد سواء لقرابته أو معرفته أو لأي أمر كان
، فإن هذا من الظلم الذي لا يرضاه الله وصاحبه متوعد بالعقوبة .
إن اختلال هذا الميزان عند المعلم ، أي وجود التميز بين الطلاب ، كفيل بأن
يخلق التوتر وعدم الانسجام والعداوة والبغضاء بين الطلاب ، وكفيل بأن يجعل
هناك هوة واسعة بين المعلم وطلابه الآخرين الذين جار عليهم . ولذا على
المعلم أن يحرص على تحقيق العدل والمساواة بين طلابه لكي يشيع الإخاء
والمحبة بينهم .
أيها المعلم : إن كانت لك علاقة قربى أو صداقة مع أحد طلابك ، فلتكن بعيدة عن مسمع ومرأى الطلاب الآخرين .
روي عن مجاهد قال : ( المعلم إذا لم يعدل كتب من الظلمة ) .. ويروى عن
الحسن البصري قوله : ( إذا قوطع المعلم على الأجر فلم يعدل بينهم ـ أي
الطلاب ـ كتب من الظلمة )
الخلاصة :
1) عظم شأن العدل ، حيث أمر الله به وأوجبه مع القريب والبعيد ، ومع العدو أيضاً .
2) أهمية تحقيق العدل والمساواة بين الطلاب ، لما فيه من إشاعة المحبة والمودة بينهم .
3) يتأكد العدل ويتعين ، عند وضع العلامات ورصد الدرجات .
الحرص على إبقاء علاقات القرابة أو الصداقة ، بعيدة عن مسمع ومرأى الطلاب الآخرين .