فلا يرجو الفلاح إلا التائبون .جعلنا الله منهم .
2- الملائكة تدعو للتائبين :
إن الله تعالى يخبرنا عن هذه الثمرة فقال تعالى :
{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ
وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً
فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }.
قال خلف بن هاشم النجار القارئ :
" كنت أقرأ على سليم بن عيسى فلما بلغت هذه الآية :
{ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً
فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }
بكى ثم قال : يا خلف ! ما أكرم المؤمن على الله ،
نائماً على فراشه ، والملائكة يستغفرون له .
(التوبة,للبيانوني:ج1ص[107-108])
3- سعة الرزق ورغد العيش :
قال تعالى :
{ َأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً
إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ
فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } .
أي: يمتعكم بالمنافع:
من سعة رزق ورغد العيش، ولا يستأصلكم بالعذاب كما فعل
إن الله يبدل سيئات من تاب إلى الله حسنات ،
كما بشر الله عز وجل بذلك فقال في محكم التنـزيل :
{ إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئاً }.
ويقول ابن مسعود رضي الله عنه :
التوبة النصوح تكفر كل سيئة .
فطوبى لك أيها التائب قبول الرب لتوبتك ،وتبديل خطاياك إلى حسنات .
5- نور البصيرة وانشراح الصدر :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" إنه ليقف خاطري في المسألة والشيء أو الحالة التي تشكل علي ،
فأستغفر الله تعالى ألف مرة ، أو أكثر أو أقل ، حتى ينشرح صدري ،
وينحل إشكال ما أشكل"
6- صقل القلب وطهارته ووضاءته :
التوبة بمنزلة المصقلة للقلب تذهب بوسخه وسواده
وتنظفه وتحافظ على بياضه ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم
(( إن المؤمن إذا أذنب كانت نُكتهٌ سوداء في قلبه ،
فإن تاب واستغفر صُقل قلبه ،وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه ،
فذلكم الرَّان الذي ذكر تعالى:
{ كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ }))
والنكتة : الأثر ، أي الذي يتركه الذنب في قلب صاحبه.
7- محبة الله عز وجل :
مع فرح الله-عز وجل-بتوبة عبده جعل محبته له
{ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }
.
قال العلماء : ((التَّوَّابِينَ ))من الذنوب ،(( التَّوَّابِينَ)) من الأقذار ؛
و هذا يدل على سعة رحمته وعظيم جوده وكرمه .
إن خير العباد من أسرع التوبة واستدام الأوبة
قال صلى الله عليه وسلم
"كل بني آدم خطَّاء ، وخير الخطائين التوابون " .
أي الراجِعون إلى الله بالتوبة من المعصية إلى الطاعة ،
أو بالإنابة من الغفلة إلى الذكر.
يفرح الحق – عز وجل- بتوبة عبده فرح المستغني
عنه المتفضل عليه ، ولهذا قال ابن القيم- رحمه الله –
وهذه فرحة إحسان وبر ولطف ، لا فرحة محتاج إلى توبة
عبده منتفع بها .
فهو سبحانه لا يتكثَّر به من قلة ولا يتعزز به من ذلَِّه ،
ولا ينتصر به من غلبة ، ولا يَعُده لنائبة ، ولا يستعين به في أمر .
وكرامته وفضله ومنته وانظر إلى عاقبة آدم وإبليس لترى
مكانة التائبين عند الله وسعة رحمته لهم ، فآدم تاب
واستغفر فكانت عاقبته كما قال تعالى :
{ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى } .
وإبليس كفر واستكبر فكانت عاقبته
{ َقالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ
لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ } .
فشتان بين المآلين ، وما أعظم البون بين العاقبتين .
نسال الله - عز وجل - أن يحسن عاقبتنا ويتولانا برحمته وعفوه .
11- حفظ الله ورعايته :
وكان الفضيل بن عياض – رحمه الله- يقول للمجاهدين
إذا أرادوا أن يخرجوا للجهاد :
" عليكم بالتوبة فإنها ترد عنكم ما لا ترده السيوف "
.
12- إغاظة الشيطان :
لا شك أيها الأحبة أننا في هذه الدنيا في معركة ضروس
مع الشيطان ، وهو عدوٌ لا يعرف الملل ولهُ طرق كثيرة
ومختلفة ليوقعنا في حبائل شره ، وفي التوبة إغاظة للشيطان
وهو أغيظ ما يكون إذا رأى العبد مقبلاً على طاعة
الله تعالى وقال رسول الله ((ما رُئي الشيطان يوماً هو أصغر
ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك
إلا لما رأى من تنزل الرَّحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام...))
وأخيراً يقول ابن القيم : لتائب آثاراً عجيبةً ،
فإنه إذا تاب إلى الله قبل الله توبته فرتب له على
ذلك القبول أنواعاً من النعم لا يهتدي العبدُ لتفاصيلها ،
بل لا يزالُ يتقلب في بركتها وآثارها مالم ينقضها ويفسدها.
فمتى أرى دموع التوبة من مقلتيك تنهمر ؟
متى تزف إلي جميل الخبر وتقوى على كسر القيود وتنتصر ؟