الإيمان بالموت وما بعده
من الإيمان بالموت وما بعده:
1- تحتُّمه على كل مَن كان في الدنيا من أهل السموات والأرض؛ مِن الإنس، والجن، والملائكة، وغيرهم من المخلوقات.
2- أن كلًّا له أجلٌ محدود لا يتجاوزه ولا يقصر عنه، وقد علِم الله تعالى جميع ذلك بعِلمه الذي هو صفتُه، وجرى به القلمُ بأمره يوم خلقه، ثم كتبه الملَكُ على كلِّ أحد في بطن أمِّه بأمرِ ربِّه عز وجل عند تخليقِ النُّطفة، وأن كل إنسان مات أو قُتِل أو أحرق أو غرِق أو بأي حتفٍ هلَك، أجله لم يستأخر عنه ولم يستقدِمْ طرفةَ عين، وأن ذلك السبب هو الذي قدَّره الله وقضاه وأحصاه، ولا محيصَ ولا مفَرَّ ولا مهربَ ولا فَكاكَ ولا خلاصَ منه.
3- الإيمان بأن الأجل المحتوم لانتهاءِ كل عُمُرٍ لا اطلاعَ لنا عليه، ولا علمَ لنا به، وأن ذلك من مفاتيحِ الغيب التي استأثر اللهُ تعالى بعلمها عن جميع خَلْقه، فلا يعلمها إلا هو، وأن هذا الموت هو ساعة مخصوصة لكل إنسان؛ إذ هو المُفضي بالعبد إلى منازل الآخرة.
4- ومنها ذِكر العبد للموت، وجعله على باله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أكثِروا ذِكر هاذم[1] اللذات))[2]، يعني: الموت.
5- ومنها - وهو المقصود الأعظم - التأهُّب له قبل نزوله، والاستعداد لِما بعده قبل وصوله، والمبادرة بالعمل الصالح والسعي النافع قبل دهومِ البلاء وحلوله؛ إذ ليس بعده لأحدٍ مُستعتَبٌ ولا اعتذار، ولا زيادة في الحسنات ولا نقص في السيئات، ولا منزِلَ إلا القبرُ، وهو إما منزلٌ من منازل الجنة، أو منزل من منازل النار، ثم بعد البعث إما نعيم مقيم في جنات النعيم، وإما عذاب أليم في نار الجحيم؛ فالمفلحُ مَن اغتنم حياته قبل أن يَسأل الرجعةَ قبل الموت، وهيهات!
الإيمان بما بعد الموت بما فيه من سؤال القبر وعذابه:
تظاهرت نصوصُ الشريعة - كتابًا وسنَّةً - على إثبات سؤال القبر وفتنته وعذابه ونعيمه، وأجمع على ذلك أئمةُ السنَّة من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم من أهل السنة والجماعة، والأدلة على ذلك كثيرة، منها: قوله تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27]، والمراد بالتثبيت في الآخرة: هو عند السؤال في القبر؛ لِما رواه البخاري رحمه الله عن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أُقعِدَ المؤمنُ في قبره أُتِي، ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فذلك قوله: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ﴾ [إبراهيم: 27]، ومنها قوله تعالى في قوم نوح: ﴿ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا ﴾[3] [نوح: 25]؛ فالتعقيبُ بالفاء يدل على أن عذابَهم في النار تبِعَ موتَهم واتصَل بهم، ومنها قوله تعالى: ﴿ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 45، 46]، فدلَّ ذلك على أن عرضَهم على النار غدوًّا وعشيًّا كان قبل يوم القيامة؛ لأنهم يومَ القيامة يتقلَّبون في ألوان العذاب دون استراحة؛ فهو عذابٌ مستمر دائم مقيم.
والأحاديثُ في ذلك قد بلَغَت مبلغَ التواتر؛ إذ رواها أئمةُ السنَّة وحملةُ الحديث ونقَّاده عن الجمِّ الغفير والجمع الكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لولا ألاَّ تدافَنوا لدعوتُ اللهَ أن يُسمعَكم مِن عذاب القبر الذي أسمع))[4].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على قبرين فقال: ((إنهما ليعذَّبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يسعى بين الناس بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله))[5].
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا فرَغ مِن دفن الرجل وقَف عليه وقال: ((استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل))[6].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من عذاب النار، وأعوذ بك من فتنة المَحْيا والممات، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدَّجَّال))[7].
[1] هاذم بمعنى قاطع.
[2] رواه الترمذي والنسائي، رحمهما الله تعالى، عن ابن عمر رضي الله عنهما - ص. ج رقم 1210.
[3] رواه البخاري رحمه الله تعالى عن البراء بن عازب رضي الله عنه.
[4] رواه مسلم رحمه الله تعالى.
[5] رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، وغيرهما.
[6] رواه أبو داود رحمه الله تعالى - ص. ج. رقم 4760.
[7] رواه البخاري والنسائي رحمهما الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه - ص. ج رقم 1294.
من الإيمان بالموت وما بعده:
1- تحتُّمه على كل مَن كان في الدنيا من أهل السموات والأرض؛ مِن الإنس، والجن، والملائكة، وغيرهم من المخلوقات.
2- أن كلًّا له أجلٌ محدود لا يتجاوزه ولا يقصر عنه، وقد علِم الله تعالى جميع ذلك بعِلمه الذي هو صفتُه، وجرى به القلمُ بأمره يوم خلقه، ثم كتبه الملَكُ على كلِّ أحد في بطن أمِّه بأمرِ ربِّه عز وجل عند تخليقِ النُّطفة، وأن كل إنسان مات أو قُتِل أو أحرق أو غرِق أو بأي حتفٍ هلَك، أجله لم يستأخر عنه ولم يستقدِمْ طرفةَ عين، وأن ذلك السبب هو الذي قدَّره الله وقضاه وأحصاه، ولا محيصَ ولا مفَرَّ ولا مهربَ ولا فَكاكَ ولا خلاصَ منه.
3- الإيمان بأن الأجل المحتوم لانتهاءِ كل عُمُرٍ لا اطلاعَ لنا عليه، ولا علمَ لنا به، وأن ذلك من مفاتيحِ الغيب التي استأثر اللهُ تعالى بعلمها عن جميع خَلْقه، فلا يعلمها إلا هو، وأن هذا الموت هو ساعة مخصوصة لكل إنسان؛ إذ هو المُفضي بالعبد إلى منازل الآخرة.
4- ومنها ذِكر العبد للموت، وجعله على باله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((أكثِروا ذِكر هاذم[1] اللذات))[2]، يعني: الموت.
5- ومنها - وهو المقصود الأعظم - التأهُّب له قبل نزوله، والاستعداد لِما بعده قبل وصوله، والمبادرة بالعمل الصالح والسعي النافع قبل دهومِ البلاء وحلوله؛ إذ ليس بعده لأحدٍ مُستعتَبٌ ولا اعتذار، ولا زيادة في الحسنات ولا نقص في السيئات، ولا منزِلَ إلا القبرُ، وهو إما منزلٌ من منازل الجنة، أو منزل من منازل النار، ثم بعد البعث إما نعيم مقيم في جنات النعيم، وإما عذاب أليم في نار الجحيم؛ فالمفلحُ مَن اغتنم حياته قبل أن يَسأل الرجعةَ قبل الموت، وهيهات!
الإيمان بما بعد الموت بما فيه من سؤال القبر وعذابه:
تظاهرت نصوصُ الشريعة - كتابًا وسنَّةً - على إثبات سؤال القبر وفتنته وعذابه ونعيمه، وأجمع على ذلك أئمةُ السنَّة من الصحابة والتابعين فمَن بعدهم من أهل السنة والجماعة، والأدلة على ذلك كثيرة، منها: قوله تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم: 27]، والمراد بالتثبيت في الآخرة: هو عند السؤال في القبر؛ لِما رواه البخاري رحمه الله عن البراء بن عازب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أُقعِدَ المؤمنُ في قبره أُتِي، ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فذلك قوله: ﴿ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ﴾ [إبراهيم: 27]، ومنها قوله تعالى في قوم نوح: ﴿ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا ﴾[3] [نوح: 25]؛ فالتعقيبُ بالفاء يدل على أن عذابَهم في النار تبِعَ موتَهم واتصَل بهم، ومنها قوله تعالى: ﴿ وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾ [غافر: 45، 46]، فدلَّ ذلك على أن عرضَهم على النار غدوًّا وعشيًّا كان قبل يوم القيامة؛ لأنهم يومَ القيامة يتقلَّبون في ألوان العذاب دون استراحة؛ فهو عذابٌ مستمر دائم مقيم.
والأحاديثُ في ذلك قد بلَغَت مبلغَ التواتر؛ إذ رواها أئمةُ السنَّة وحملةُ الحديث ونقَّاده عن الجمِّ الغفير والجمع الكثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لولا ألاَّ تدافَنوا لدعوتُ اللهَ أن يُسمعَكم مِن عذاب القبر الذي أسمع))[4].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم مرَّ على قبرين فقال: ((إنهما ليعذَّبان، وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى، أما أحدهما فكان يسعى بين الناس بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله))[5].
وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا فرَغ مِن دفن الرجل وقَف عليه وقال: ((استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل))[6].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من عذاب النار، وأعوذ بك من فتنة المَحْيا والممات، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدَّجَّال))[7].
[1] هاذم بمعنى قاطع.
[2] رواه الترمذي والنسائي، رحمهما الله تعالى، عن ابن عمر رضي الله عنهما - ص. ج رقم 1210.
[3] رواه البخاري رحمه الله تعالى عن البراء بن عازب رضي الله عنه.
[4] رواه مسلم رحمه الله تعالى.
[5] رواه البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى، وغيرهما.
[6] رواه أبو داود رحمه الله تعالى - ص. ج. رقم 4760.
[7] رواه البخاري والنسائي رحمهما الله تعالى عن أبي هريرة رضي الله عنه - ص. ج رقم 1294.
أَيَعْجِزُ أحدُكم ، أن يكسِبَ كُلَّ يومٍ ألفَ حسَنَةٍ ؟ يُسَبِّحُ اللهَ مائَةَ تسبيحَةٍ ؛ فَيَكْتُبُ اللهُ لَهُ بَها ألفَ حسَنَةٍ ، ويَحُطُّ عنه بِها ألْفَ خَطِيئَةٍ