قال تعالى :" وَإِذۡ قُلۡتُمۡ یَـٰمُوسَىٰ لَن نَّصۡبِرَ عَلَىٰ طَعَامࣲ وَ ٰحِدࣲ فَٱدۡعُ لَنَا رَبَّكَ یُخۡرِجۡ لَنَا مِمَّا تُنۢبِتُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۢ بَقۡلِهَا وَقِثَّاۤىِٕهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَاۖ قَالَ أَتَسۡتَبۡدِلُونَ ٱلَّذِی هُوَ أَدۡنَىٰ بِٱلَّذِی هُوَ خَیۡرٌۚ " البقرة - 61
والوقفة هو السؤال التالي : لم عبّر عن الثوم والبصل والعدس بالأدنى وعبّر عن المنّ والسلوى بأنه الذي هو خير ؟ وما وجه التفصيل ؟
والجواب أن التفضيل هنا هو من جهة المصدر لا من جهة النوع ، فالمنّ والسلوى من السماء ، والثوم والبصل والعدس من الأرض ، والسماء أعلى والأرض أدنى ( وقفات قرآنية – السامرائي ) وإليكم بعض ما جاء في التفاسير عن هذه الأية :
- والمراد أتضعون هذه الاشياء ( الثوم والبصل والعدس ) التي هي دون موضع المن والسلوى اللذين هما خير منها من جهة الاستلذاذ والوصول من عند الله بغير واسطة أحد من خلقه، وعدم الكلفة بالسعي له والتعب في تحصيله ( فتح البيان للقنوجي )
- لَمَّا كَانَ مَا أُعْطُوا لَا كُلْفَةَ فيه ولا تعب، والذي طلبوه لا يجئ إِلَّا بِالْحَرْثِ وَالزِّرَاعَةِ وَالتَّعَبِ كَانَ أَدْنَى. و لَمَّا كَانَ مَا يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ لَا مِرْيَةَ فِي حِلِّهِ وَخُلُوصِهِ لِنُزُولِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، الحبوب وَالْأَرْضُ يَتَخَلَّلُهَا الْبُيُوعُ وَالْغُصُوبُ وَتَدْخُلُهَا الشُّبَهُ، كَانَتْ أدنى من هذا الوجه. ( تفسير القرطبي )
- أَرَادَ أَنَّهَا - أي ما طلبوه - أَسْهَلُ وُجُودًا عَلَى الْعَادَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْخَيْرُ رَاجِعًا إِلَى اخْتِيَارِ اللَّهِ لَهُمْ وَاخْتِيَارِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ ( تفسير البغوي )
- أُرِيدَ بِالَّذِي هو خَيْرٌ المَنُّ والسَّلْوى، ومَعْنى خَيْرِيَّةِ هَذا المَأْكُولِ بِالنِّسْبَةِ إلى ذَلِكَ غَلاءُ قِيمَتِهِ، وطِيبُ لَذَّتِهِ، والنَّفْعُ الجَلِيلُ في تَناوُلِهِ، وعَدَمُ الكُلْفَةِ في تَحْصِيلِهِ، وخُلُوُّهُ عَنِ الشُّبْهَةِ في حِلِّهِ ( تفسير الألوسي - روح المعاني )
- ﴿أتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هو أدْنى﴾ أقْرَبُ مَنزِلَةً وأدْوَنُ قَدْرًا ( تفسير البيضاوي )
- قيل: أَرَادَ بِهِ أدنى فِي الْقيمَة، أَو أَرَادَ بِهِ أسهل وجودا على الْعَادة. ( تفسير السمعاني )
- أيْ: أرْفَعُ وأجَلُّ، وهو المَنُّ الَّذِي فِيهِ الحَلاوَةُ الَّتِي تَأْلَفُها أغْلَبُ الطِّباعِ البَشَرِيَّةِ، والسَّلْوى مِن أطْيَبِ لُحُومِ الطَّيْرِ، وفي مَجْمُوعِهِما غِذاءٌ تَقُومُ بِهِ البِنْيَةُ. ولَيْسَ فِيما طَلَبُوهُ ما يُساوِيهِما لَذَّةً ولا تَغْذِيَةً ( محاسن التاويل - القاسمي )
- ومعناه: أتستبدلون الذي هو أقرب وأسهل متناولا، يشارككم في وجدانه كل أحد بالرفيع الجليل الذي خصكم الله وبين الأثرة لكم به على جميع الناس ( البسيط - الواحدي )