الارواح جنود مجندة
شرح حديث «الأرواحُ جنود مجنَّدةٌ»
عَنْ أمِّ المُؤمِنينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)). (رواه البُخاري).
• الشَّرح:
قالَ الحافظُ بدر الدِّين العينيُّ (ت: 855هـ) ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ ـ في «عمدة القاري شرح صحيح البُخاريّ» (23 / 141، 142):
قَوْله: « الأَرْوَاحُ »، جمعُ روح. وهوَ الَّذي يقومُ بهِ الجسد، ويكون بهِ الحياة.
قَوْله: « جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ »، أيْ: جموعٌ مجتمعةٌ، وأنواعٌ مختلفةٌ.
وقيلَ:
أجناسٌ
مجنسةٌ، وفي هٰذا دليلٌ علىٰ أنَّ الأرواح ليست بأعراض، فإنَّها كانت
موجودةٌ قبلَ الأجساد، وإنَّها تبقىٰ بعد فناء الأجساد، ويؤيِّده أنَّ
أرواح الشُّهداء في حواصلِ طَيرٍ خُضرٍ.
قَوْله:
« فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا »، تعارفها موافقة صِفاتها الَّتي خلقها اللهُ عليها، وتناسبها في أخلاقها. وقيلَ: لأنَّها خُلقت مجتمعة، ثمَّ فرِّقت في أجسادها فمَنْ وافقَ قسيمه ألّفه ومَنْ باعده نافره.
وقالَ الخطابيُّ فيه وجهان:
• أحَدهما:
أنْ
يكون إشارة إلىٰ معنىٰ التَّشاكل في الخير والشَّرِّ، وإنَّ الخير مِنَ
النَّاس يحن إلىٰ شكله، والشِّرير يميلُ إلىٰ نظيره، والأرواح إنَّما
تتعارف بضرائب طباعها الَّتي جُبلت عليها مِنَ الخير والشَّرِّ، فإذا
اِتَّفقت الأشكال تعارفت وتألفت، وإذا اِخْتلفت تنافرت وتناكرت.
• والآخَر:
أنَّهُ
رُويَ أنَّ اللهَ تَعَالَىٰ خلقَ الأرواح قبل الأجساد، وكانت تلتقي،
فلمَّا التُسبت بالأجساد تعارفت بالذّكر الأوَّل، فصار كلُّ واحدٍ منها
إنَّما يعرف وينكر علىٰ ما سبقَ لهُ مِنَ العهد المتقدّم.
وقالَ القرطبيُّ:
إذا
وجدَ أحدٌ مِنْ نفسه نفرةً ممَّن لهُ فضيلة، أو صلاح، يُفتّش عَنِ الموجب
لها، فإنَّهُ ينكشف لهُ، فيتعيَّن عليه أنْ يسعىٰ في إزالة ذٰلك حتَّى
يتخلَّص مِنْ ذٰلك الوصْف المذموم، وكذٰلك القول إذا وجد في نفسه ميلاً
إلىٰ مَنْ فيه شرٌّ وشبهةٌ وشاعَ في كلام النَّاس قولهم المناسبة تؤلّف بين
الأشخاص، والشَّخص يؤلّف بين شكله، ولما نزلَ عليِّ بْن أبِي طالبٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَىٰ عَنْهُ الكوفةَ قالَ: «يا أهل الكوفة! قد علمنا خيركم مِنْ شريركم».
فقالوا: لم ذٰلك؟ قالَ:
«كانَ
معنا ناسٌ مِنَ الأخيار فنزلوا عند ناسٍ فعلمنا أنَّهم مِنَ الأخيار،
وكانَ معنا ناسٌ مِنَ الأشرار فنزلوا عند ناسٍ فعلمنا أنَّهم مِنَ الأشرار».
وكانَ كمَا قالَ الشَّاعر:
عَنِ الْمَرءِ لَا تَسْئَل وسَلْ عَنْ قرينهُ °° فَكُلّ قَرينٍ بالْمُقَارنِ يَقْتدِ.اهـ.
شرح حديث «الأرواحُ جنود مجنَّدةٌ»
عَنْ أمِّ المُؤمِنينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)). (رواه البُخاري).
• الشَّرح:
قالَ الحافظُ بدر الدِّين العينيُّ (ت: 855هـ) ـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ ـ في «عمدة القاري شرح صحيح البُخاريّ» (23 / 141، 142):
قَوْله: « الأَرْوَاحُ »، جمعُ روح. وهوَ الَّذي يقومُ بهِ الجسد، ويكون بهِ الحياة.
قَوْله: « جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ »، أيْ: جموعٌ مجتمعةٌ، وأنواعٌ مختلفةٌ.
وقيلَ:
أجناسٌ
مجنسةٌ، وفي هٰذا دليلٌ علىٰ أنَّ الأرواح ليست بأعراض، فإنَّها كانت
موجودةٌ قبلَ الأجساد، وإنَّها تبقىٰ بعد فناء الأجساد، ويؤيِّده أنَّ
أرواح الشُّهداء في حواصلِ طَيرٍ خُضرٍ.
قَوْله:
« فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا »، تعارفها موافقة صِفاتها الَّتي خلقها اللهُ عليها، وتناسبها في أخلاقها. وقيلَ: لأنَّها خُلقت مجتمعة، ثمَّ فرِّقت في أجسادها فمَنْ وافقَ قسيمه ألّفه ومَنْ باعده نافره.
وقالَ الخطابيُّ فيه وجهان:
• أحَدهما:
أنْ
يكون إشارة إلىٰ معنىٰ التَّشاكل في الخير والشَّرِّ، وإنَّ الخير مِنَ
النَّاس يحن إلىٰ شكله، والشِّرير يميلُ إلىٰ نظيره، والأرواح إنَّما
تتعارف بضرائب طباعها الَّتي جُبلت عليها مِنَ الخير والشَّرِّ، فإذا
اِتَّفقت الأشكال تعارفت وتألفت، وإذا اِخْتلفت تنافرت وتناكرت.
• والآخَر:
أنَّهُ
رُويَ أنَّ اللهَ تَعَالَىٰ خلقَ الأرواح قبل الأجساد، وكانت تلتقي،
فلمَّا التُسبت بالأجساد تعارفت بالذّكر الأوَّل، فصار كلُّ واحدٍ منها
إنَّما يعرف وينكر علىٰ ما سبقَ لهُ مِنَ العهد المتقدّم.
وقالَ القرطبيُّ:
إذا
وجدَ أحدٌ مِنْ نفسه نفرةً ممَّن لهُ فضيلة، أو صلاح، يُفتّش عَنِ الموجب
لها، فإنَّهُ ينكشف لهُ، فيتعيَّن عليه أنْ يسعىٰ في إزالة ذٰلك حتَّى
يتخلَّص مِنْ ذٰلك الوصْف المذموم، وكذٰلك القول إذا وجد في نفسه ميلاً
إلىٰ مَنْ فيه شرٌّ وشبهةٌ وشاعَ في كلام النَّاس قولهم المناسبة تؤلّف بين
الأشخاص، والشَّخص يؤلّف بين شكله، ولما نزلَ عليِّ بْن أبِي طالبٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَىٰ عَنْهُ الكوفةَ قالَ: «يا أهل الكوفة! قد علمنا خيركم مِنْ شريركم».
فقالوا: لم ذٰلك؟ قالَ:
«كانَ
معنا ناسٌ مِنَ الأخيار فنزلوا عند ناسٍ فعلمنا أنَّهم مِنَ الأخيار،
وكانَ معنا ناسٌ مِنَ الأشرار فنزلوا عند ناسٍ فعلمنا أنَّهم مِنَ الأشرار».
وكانَ كمَا قالَ الشَّاعر:
عَنِ الْمَرءِ لَا تَسْئَل وسَلْ عَنْ قرينهُ °° فَكُلّ قَرينٍ بالْمُقَارنِ يَقْتدِ.اهـ.