من عجائب عالم البحار ما لاحظه العلماء مؤخراً من دقة فائقة لدى بعض
الكائنات البحرية مثل أسماك السلمون والسلاحف البحرية، وذلك في تحديدها
للمكان الذي وُلدت فيه، فتجدها تعود إليه بعد سنوات دون أن تضلّ الطريق!
ويحتار العلماء كيف يمكنهم تفسير هذه الظاهرة، وما هي القوة التي تهدي هذه
المخلوقات إلى سبيلها.
وأحدث نظرية تقول إن هذه المخلوقات تستخدم المجال المغنطيسي للأرض، فكل
بقعة في اليابسة أو في البحر تتميز "ببصمة مغنطيسية" محددة، ويوجد في أدمغة
هذه الكائنات خلايا خاصة وبرامج معقدة تتحسس لمثل هذا المجال المغنطيسي
ويتم تخزينه ثم التعرف عليه لاحقاً، ويطلق على العلم الذي يدرس حركة
الكائنات المنظمة movement ecology ولا يزال العلماء مندهشين في تفسيرهم
لهذه الظاهرة العجيبة.
ولكننا كمسلمين ولله الحمد لا نعاني من هذه الحيرة في تفسير مثل هذه
الظاهرة وغيرها، لأن الله تعالى حدثنا عنها وأشار إلى أنه عزّ وجلّ هو من
أعطى هذه المخلوقات شكلها وهو من سخَّر لها أسباب الهداية، يقول عز وجل: (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى)
[طه: 50]. وانظروا معي إلى رحمة الله الواسعة، حتى هذه المخلوقات لم ينسها
من رحمته فسخَّر لها المجال المغنطيسي للأرض لكي تستخدمه في تحديد
الاتجاهات ولتتمكن من العيش بأمان، حيث تعتمد في هجرتها وتوجهها على هذا
المجال المغنطيسي.
صورة لسمك السلمون وهي تسبح نحو موطنها الأصلي
كذلك من رحمة الله تعالى أنه زودها ببرامج محكمة في أدمغتها (وبخاصة في
منطقة الناصية) تستطيع من خلالها التوجه والتحكم وقيادة نفسها، مع العلم
أننا نجد إشارة قرآنية رائعة لمثل هذه الحقيقة في قوله تعالى: (مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [هود: 56].
.
.
.
يارب خُذ بنواصينا إلى كل خير، واهدنا إلى أحب الأعمال إليك