كفل النبي
بعد أبيه جده عبد المطلب و قام بتربيته و حفظه أحسن قيام و رق عليه رقة
لم يرقها على ولده و كان يقربه منه و يدنيه و لا يأكل طعاما إلا أحضره و
كان يدخل عليه إذا خلا و إذا نام و يجلس على فراشه فيقول دعوه. و لما صار
عمره »ست سنين« و ذلك بعد مجيئه من عند حليمة بسنة أخرجته أمه إلى أخواله
بني عدي بن النجار بالمدينة تزورهم به و معه أم أيمن تحضنه فبقيت عندهم
شهرا ثم رجعت به أمه إلى مكة فتوفيت بالأبواء بين المدينة و مكة فعادت به
أم أيمن إلى مكة إلى جده عبد المطلب و بقيت تحضنه فبقي في كفالة عبد المطلب
من حين وفاة أبيه ثمان سنين.و توفي عبد المطلب و عمره »ثمانون سنة« فلما
حضرته الوفاة أوصى ولده أبا طالب بحفظ رسول الله
و حياطته و كفالته و لم يكن أبو طالب أكبر إخوته سنا و لا أكثرهم مالا
فقد كان الحارث أسن منه و العباس أكثرهم مالا لكن عبد المطلب اختار
لكفالته أبا طالب لما توسمه فيه من الرعاية الكافية لرسول الله
و لأنه كان على فقره أنبل إخوته و أكرمهم و أعظمهم مكانة في قريش و أجلهم
قدرا فكفله أبو طالب و قام برعايته أحسن قيام، و كان يحبه حبا شديدا لا
يحبه ولده و كان لا ينام إلا إلى جنبه و يخرج فيخرج معه و صب به أبو طالب
صبابة لم يصب مثلها بشيء قط و كان يخصه بالطعام و كان أولاده يصبحون رمصا
شعثا و يصبح رسول الله كحيلا دهبنا] دهينا[ و كان أبو طالب توضع له وسادة بالبطحاء يتكئ عليها أو يجلس عليها فجاء النبي
البيات فكان يقيمه ليلا من منامه و يضجع ابنه عليا مكانه فقال له علي
ليلة يا أبة إني مقتول فقال له أبو طالب: إصبرن يا بني فالصبر أحجى كل حي
مصيره لشعوب قد بذلناك و البلاء شديد لفداء الحبيب و ابن الحبيب لفداء
الأغر ذي الحسب الثاقب و الباع و الكريم النجيب إن تصبك المنون فالنبل
تبرى فمصيب منها و غير مصيب كل حي و إن تملى بعمر آخذ من مذاقها بنصيب و
استسقى به أبو طالب و هو صغير. أخرج ابن عساكر إن أهل مكة قحطوا فخرج أبو
طالب و معه غلام كأنه شمس دجن تجلت عنها سحابة قتماء فأخذه أبو طالب فألصق
ظهره بالكعبة و لاذ الغلام بأصبعه و ما في السماء قزعة فأقبل السحاب من
هاهنا و هاهنا و أغدق و اخصبت الأرض و في ذلك يقول أبو طالب: و أبيض
يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل تلوذ به الهلاك من آل
هاشم فهم عنده في نعمة و فواضل و شهد الفجار و هو ابن »عشرين سنة« -و
الفجار- من حروب العرب المشهورة كانت بين قيس و بين قريش و كنانة فكانت
الدبرة أول النهار لقيس على قريش و كنانة ثم صارت لقريش و كنانة على قيس
قال رسول الله حضرته مع عمومتي و رميت فيه بأسهم و ما أحب أني لم أكن فعلت.و سميت الفجار لأنها وقعت في الأشهر الحرم.
فجلس عليها فقال أبو طالب إن ابن أخي هذا ليحس بنعيم و خرج به معه إلى
الشام و هو ابن »اثنتي عشرة سنة« بعد ما عزم على إبقائه بمكة لكنه أبى إلا
أن يصحبه فأخذه معه حتى بلغ به بصري فرآه بحيرا الراهب، و لم يزل أبو طالب
يكرمه و يحميه و ينصره بيده و لسانه طول حياته.و حكى ابن أبي الحديد في
شرح النهج عن أمالي أبي جعفر محمد بن حبيب إن أبا طالب كان كثيرا ما يخاف
على رسول الله
حلف الفضول
و حضر حلف الفضول و كان منصرف قريش من
الفجار و كان أشرف حلف و أول من دعا إليه الزبير بن عبد المطلب فاجتمعت
بنو هاشم و زهرة و تيم في دار عبد الله بن جدعان فتعاقدوا و تعاهدوا بالله
لنكونن مع المظلوم حتى يؤدي إليه حقه ما بل بحر صوفة، و في التأسي في
المعاش فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول و لا يعلم أحد سبق بني هاشم بهذا
الحلف قال رسول الله ما أحب أن لي بحلف حضرته في دار ابن جدعان حمر النعم و لو دعيت به لأجبت.
زوجاته
و خرج إلى الشام في تجارة لخديجة و هو ابن
»خمس و عشرين سنة« مع غلامها ميسرة و كانت خديجة ذات شرف و مال تستأجر
الرجال في تجارتها و لما علم أبو طالب بأنها تهيء تجارتها لإرسالها إلى
الشام مع القافلة قال له: يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي و قد اشتد الزمان
علينا و قد بلغني أن خديجة استأجرت فلانا ببكرين و لسنا نرضى لك بمثل ما
أعطته فهل لك أن أكلمها قال ما أحببت فقال لها أبو طالب هل لك أن تستأجري
محمدا فقد بلغنا أنك استأجرت فلانا ببكرين و لسنا نرضى لمحمد دون أربعة
بكار فقالت لو سألت ذلك لبعيد بغيض فعلنا فكيف و قد سألته لحبيب قريب فقال
له أبو طالب هذا رزق و قد ساقه الله إليك فخرج
مع ميسرة بعد أن أوصاه أعمامه به و باعوا تجارتهم و ربحوا أضعاف ما كانوا
يربحون و عادوا فسرت خديجة بذلك و وقعت في نفسها محبة النبي
و حدثت نفسها بالتزوج به و كانت قد تزوجت برجلين من بني مخزوم توفيا و
كان قد خطبها أشراف قريش فردتهم فتحدثت بذلك إلى أختها أو صديقة لها اسمها
نفيسة بنت منية فذهبت إليه و قالت ما يمنعك أن تتزوج قال ما بيدي ما
أتزوج به قالت فإن كفيت ذلك و دعيت إلى الجمال و المال و الشرف و الكفاءة
ألا تجيب قال فمن هي قالت خديجة قال كيف لي بذلك قالت علي ذلك فأجابها
بالقبول و خطبها إلى عمها أو أبيها و حضر مع أعمامه فزوجها به عمها لأن
أباها كان قد مات و قيل زوجها أبوها و أصدقها عشرين بكرة و انتقل إلى
دارها و كان ذلك بعد قدومه من الشام بشهرين و أيام و عمرها »أربعون سنة« و
كانت امرأة حازمة جلدة شريفة آمنت برسول الله
أول بعثته و إعانته بأموالها على تبليغ رسالته و خففت من تألمه لخلاف
قومه و قوت عقيدته ببراهين نبوته أول ظهورها و عزيمته في المضي لما بعث
به.و قد جاء أنه إنما قام الإسلام بأموال خديجة و سيف علي بن أبي طالب و
لذلك كان رسول الله يرى لها المكانة العظمى في حياتها و بعد وفاتها التي كان لا يراها لواحدة من أزواجه.
بناء الكعبة المعظمة
و بنيت الكعبة و هو ابن »خمس و ثلاثين
سنة« و كانت قد تشعثت من السيل فخافت قريش من هدمها ثم أقدمت عليه فلما
بلغ البناء موضع الحجر الأسود اختلفت بينها فيمن يضعه في مكانه و كل قبيلة
أرادت ذلك لنفسها حتى كادت تقع فتنة0واتفقواعلى أن يحكم بينهم أول داخل
عليهم من باب شيبه ( باب السلام)0 وقد دخله صدفه ثم رضوا بحكمه فحكم أن
يوضع الحجر في ثوب و يحمل أطرافه من كل قبيلة رجل فرضوا بذلك ثم أخذه من
الثوب و وضعه في مكانه.
صفته في خلقه و حليته
ارجو عدم الرد لانه يتابع
بعد أبيه جده عبد المطلب و قام بتربيته و حفظه أحسن قيام و رق عليه رقة
لم يرقها على ولده و كان يقربه منه و يدنيه و لا يأكل طعاما إلا أحضره و
كان يدخل عليه إذا خلا و إذا نام و يجلس على فراشه فيقول دعوه. و لما صار
عمره »ست سنين« و ذلك بعد مجيئه من عند حليمة بسنة أخرجته أمه إلى أخواله
بني عدي بن النجار بالمدينة تزورهم به و معه أم أيمن تحضنه فبقيت عندهم
شهرا ثم رجعت به أمه إلى مكة فتوفيت بالأبواء بين المدينة و مكة فعادت به
أم أيمن إلى مكة إلى جده عبد المطلب و بقيت تحضنه فبقي في كفالة عبد المطلب
من حين وفاة أبيه ثمان سنين.و توفي عبد المطلب و عمره »ثمانون سنة« فلما
حضرته الوفاة أوصى ولده أبا طالب بحفظ رسول الله
و حياطته و كفالته و لم يكن أبو طالب أكبر إخوته سنا و لا أكثرهم مالا
فقد كان الحارث أسن منه و العباس أكثرهم مالا لكن عبد المطلب اختار
لكفالته أبا طالب لما توسمه فيه من الرعاية الكافية لرسول الله
و لأنه كان على فقره أنبل إخوته و أكرمهم و أعظمهم مكانة في قريش و أجلهم
قدرا فكفله أبو طالب و قام برعايته أحسن قيام، و كان يحبه حبا شديدا لا
يحبه ولده و كان لا ينام إلا إلى جنبه و يخرج فيخرج معه و صب به أبو طالب
صبابة لم يصب مثلها بشيء قط و كان يخصه بالطعام و كان أولاده يصبحون رمصا
شعثا و يصبح رسول الله كحيلا دهبنا] دهينا[ و كان أبو طالب توضع له وسادة بالبطحاء يتكئ عليها أو يجلس عليها فجاء النبي
البيات فكان يقيمه ليلا من منامه و يضجع ابنه عليا مكانه فقال له علي
ليلة يا أبة إني مقتول فقال له أبو طالب: إصبرن يا بني فالصبر أحجى كل حي
مصيره لشعوب قد بذلناك و البلاء شديد لفداء الحبيب و ابن الحبيب لفداء
الأغر ذي الحسب الثاقب و الباع و الكريم النجيب إن تصبك المنون فالنبل
تبرى فمصيب منها و غير مصيب كل حي و إن تملى بعمر آخذ من مذاقها بنصيب و
استسقى به أبو طالب و هو صغير. أخرج ابن عساكر إن أهل مكة قحطوا فخرج أبو
طالب و معه غلام كأنه شمس دجن تجلت عنها سحابة قتماء فأخذه أبو طالب فألصق
ظهره بالكعبة و لاذ الغلام بأصبعه و ما في السماء قزعة فأقبل السحاب من
هاهنا و هاهنا و أغدق و اخصبت الأرض و في ذلك يقول أبو طالب: و أبيض
يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل تلوذ به الهلاك من آل
هاشم فهم عنده في نعمة و فواضل و شهد الفجار و هو ابن »عشرين سنة« -و
الفجار- من حروب العرب المشهورة كانت بين قيس و بين قريش و كنانة فكانت
الدبرة أول النهار لقيس على قريش و كنانة ثم صارت لقريش و كنانة على قيس
قال رسول الله حضرته مع عمومتي و رميت فيه بأسهم و ما أحب أني لم أكن فعلت.و سميت الفجار لأنها وقعت في الأشهر الحرم.
فجلس عليها فقال أبو طالب إن ابن أخي هذا ليحس بنعيم و خرج به معه إلى
الشام و هو ابن »اثنتي عشرة سنة« بعد ما عزم على إبقائه بمكة لكنه أبى إلا
أن يصحبه فأخذه معه حتى بلغ به بصري فرآه بحيرا الراهب، و لم يزل أبو طالب
يكرمه و يحميه و ينصره بيده و لسانه طول حياته.و حكى ابن أبي الحديد في
شرح النهج عن أمالي أبي جعفر محمد بن حبيب إن أبا طالب كان كثيرا ما يخاف
على رسول الله
حلف الفضول
و حضر حلف الفضول و كان منصرف قريش من
الفجار و كان أشرف حلف و أول من دعا إليه الزبير بن عبد المطلب فاجتمعت
بنو هاشم و زهرة و تيم في دار عبد الله بن جدعان فتعاقدوا و تعاهدوا بالله
لنكونن مع المظلوم حتى يؤدي إليه حقه ما بل بحر صوفة، و في التأسي في
المعاش فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول و لا يعلم أحد سبق بني هاشم بهذا
الحلف قال رسول الله ما أحب أن لي بحلف حضرته في دار ابن جدعان حمر النعم و لو دعيت به لأجبت.
زوجاته
و خرج إلى الشام في تجارة لخديجة و هو ابن
»خمس و عشرين سنة« مع غلامها ميسرة و كانت خديجة ذات شرف و مال تستأجر
الرجال في تجارتها و لما علم أبو طالب بأنها تهيء تجارتها لإرسالها إلى
الشام مع القافلة قال له: يا ابن أخي أنا رجل لا مال لي و قد اشتد الزمان
علينا و قد بلغني أن خديجة استأجرت فلانا ببكرين و لسنا نرضى لك بمثل ما
أعطته فهل لك أن أكلمها قال ما أحببت فقال لها أبو طالب هل لك أن تستأجري
محمدا فقد بلغنا أنك استأجرت فلانا ببكرين و لسنا نرضى لمحمد دون أربعة
بكار فقالت لو سألت ذلك لبعيد بغيض فعلنا فكيف و قد سألته لحبيب قريب فقال
له أبو طالب هذا رزق و قد ساقه الله إليك فخرج
مع ميسرة بعد أن أوصاه أعمامه به و باعوا تجارتهم و ربحوا أضعاف ما كانوا
يربحون و عادوا فسرت خديجة بذلك و وقعت في نفسها محبة النبي
و حدثت نفسها بالتزوج به و كانت قد تزوجت برجلين من بني مخزوم توفيا و
كان قد خطبها أشراف قريش فردتهم فتحدثت بذلك إلى أختها أو صديقة لها اسمها
نفيسة بنت منية فذهبت إليه و قالت ما يمنعك أن تتزوج قال ما بيدي ما
أتزوج به قالت فإن كفيت ذلك و دعيت إلى الجمال و المال و الشرف و الكفاءة
ألا تجيب قال فمن هي قالت خديجة قال كيف لي بذلك قالت علي ذلك فأجابها
بالقبول و خطبها إلى عمها أو أبيها و حضر مع أعمامه فزوجها به عمها لأن
أباها كان قد مات و قيل زوجها أبوها و أصدقها عشرين بكرة و انتقل إلى
دارها و كان ذلك بعد قدومه من الشام بشهرين و أيام و عمرها »أربعون سنة« و
كانت امرأة حازمة جلدة شريفة آمنت برسول الله
أول بعثته و إعانته بأموالها على تبليغ رسالته و خففت من تألمه لخلاف
قومه و قوت عقيدته ببراهين نبوته أول ظهورها و عزيمته في المضي لما بعث
به.و قد جاء أنه إنما قام الإسلام بأموال خديجة و سيف علي بن أبي طالب و
لذلك كان رسول الله يرى لها المكانة العظمى في حياتها و بعد وفاتها التي كان لا يراها لواحدة من أزواجه.
بناء الكعبة المعظمة
و بنيت الكعبة و هو ابن »خمس و ثلاثين
سنة« و كانت قد تشعثت من السيل فخافت قريش من هدمها ثم أقدمت عليه فلما
بلغ البناء موضع الحجر الأسود اختلفت بينها فيمن يضعه في مكانه و كل قبيلة
أرادت ذلك لنفسها حتى كادت تقع فتنة0واتفقواعلى أن يحكم بينهم أول داخل
عليهم من باب شيبه ( باب السلام)0 وقد دخله صدفه ثم رضوا بحكمه فحكم أن
يوضع الحجر في ثوب و يحمل أطرافه من كل قبيلة رجل فرضوا بذلك ثم أخذه من
الثوب و وضعه في مكانه.
صفته في خلقه و حليته
ارجو عدم الرد لانه يتابع