السؤال :
أولاً : أود أن أشكركم من كل قلبي على كل ما تبذلونه فى الفتاوى ، لما لها
من فوائد عظيمة ، لقد تمت الإجابة على أسئلة كثيرة لي على هذا الموقع ،
وفقكم الله ، ويأجركم على ما تبذلونه من جهود .
أمس كنت أقرأ كتاباً ممتعاً عن الملائكة وعلمت بوجود العديد منهم في
السماوات ، قرأت سابقاً أن الملائكة ليس لديهم الإرادة الحرة ، وهم
مخلوقات أكثر طاعة - أي : إلى الله - ثم جئت إلى التفكير في نهاية الصلاة
، حيث نقول " السلام عليكم " أو " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "
للملَك على يميننا الذي يعني السلام والرحمة من الله عليكم. وسؤالي هو :
لماذا تحتاج الملائكة الرحمة من الله إذا كانوا خالين من الخطيئة ؟ ألا
يعني ذلك بأنهم لن يحاسبوا من الله ؟ فلماذا يحتاجون إلى رحمة الله وهم
بالفعل لهم رحمة الله ؟ قد قرأت في حديث حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم
يحتاج إلى رحمة الله ليدخل الجنة ، ولكن هناك ملائكة بالفعل في الجنة .
ثانياً : في السنَّة لماذا نقول حين التسليم من الصلاة نسلِّم على الملَك
الموجود على اليمين " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " في حين الملَك
الموجود على اليسار نسلم فنقول " السلام عليكم ورحمة الله " ألأن الملك
الذي على يسار يكتب خطايانا ؟ . آسف لو كنت أسأل كثيراً ولكن بالإضافة إلى
ما سبق لماذا نسلِّم على الملائكة ؟ وكيف لا تكون إذا كانوا ملائكة الله ؟
وإذا كانوا مسالمين فيريد الله أن يزيد من سلامهم وإذا لم يكونوا كذلك فلن
يريد الله ذلك أيضاً . أشكركم على وقتكم ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
نشكر لأخينا الفاضل اهتمامه بالموقع وحرصه على الاستفادة مما يُكتب فيه ، ونشكره
على دقة ملاحظته وحسن سؤاله ، ولنا مع ما سأل عنه وقفات :
الأولى :
أن ما يقصده المصلي من السلام في نهاية صلاته ليس هو على الملائكة حصراً عليهم ،
فبالإضافة إلى نية الخروج من الصلاة : فإن الإمام ينوي السلام على المأمومين ، وأما
المأمومون فينوون السلام على الإمام وعلى المأمومين الذين معهم ، وأما المنفرد فإنه
ينوي بسلامه الخروج من الصلاة والسلام على الملائكة وهما الأمران المشتركان مع
الإمام والمأموم .
وانظر جواب السؤال رقم ( 138009 )
.
ثانياً:
اختلف العلماء في زيادة " بركاته " في التسليم في الصلاة ، وقد ذهب جمهور العلماء
إلى التسليم بلفظ " السلام عليكم ورحمة الله " عن اليمين وعن الشمال ، وبذلك صحت
الأحاديث الكثيرة ، وعليه أكثر أهل العلم .
قال الترمذي – رحمه الله – بعد أن روى الحديث - : " والعمل عليه عند أكثر أهل العلم
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومَن بعدهم ، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك
وأحمد وإسحاق " انتهى من " سنن الترمذي " ( 2 / 89 ) .
وهناك خلاف في زيادة لفظة " وبركاته " هل هي في التلسيمتين ، أم في الثانية فحسب ،
أم أنها غير ثابتة أصلاً ، وبكل قول قال طائفة من أهل العلم .
ولعلك عرفت بذلك أنه لا تعلُّق لهذه الزيادة بالملَك الذي على اليمين ؛ لأن الجمهور
لا يقولون بها أصلاً ، ومن العلماء من يصحح أحاديث ورودها في التسليمتين .
ثالثاً:
أما الدعاء للملائكة بالرحمة فهو أمر غير مستنكر في الشرع ، وبالتأمل في المسائل
الآتية يتبين وجه الدعاء للملائكة بالرحمة :
1. أن الملائكة مخلوقات ، وليس ثمة مخلوق ليس بحاجة لرحمة الله ، قد ثبت دعاء عائشة
رضي الله عنها بالرحمة لجبريل عليه السلام وهو على رأس الملائكة .
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هَذَا
جِبْريلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمُ ) قالت : قلت : وعليه السلام ورحمة الله
وبركاته .
رواه البخاري ( 3045 ) ومسلم ( 2447 ) .
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - : " في هذا دليل على أن الملائكة عليهم
الصلاة والسلام محتاجون إلى رحمة الله عز وجل وإلى أن يسلمهم الله من الآفات ،
ولهذا قالت " وعليه السلام ورحمة الله " انتهى من " شرح صحيح البخاري " ( كتاب
الاستئذان شريط 3 ) .
2. أن الملائكة عباد لله تعالى ، قد أكرمهم بعبادات عظيمة ، وقد أثنى عليهم بها
خيراً ، ولا يكون العبد عبداً لله يستحق الثناء على عبادته ، إلا أن يكون محققا
للعبودية بأركانها الثلاثة وهي الحب والرجاء والخوف ، وقد أثبت الله تعالى ذلك
لخاصة عبيده ومنهم الملائكة الكرام ، قال تعالى ( قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ
زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ
تَحْوِيلاً . أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ
الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) الإسراء/ 56 ، 57 .
قال ابن القيم – رحمه الله - : " وقد جمع الله تعالى هذه المقامات الثلاثة بقوله (
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ) فابتغاء الوسيلة هو
محبته الداعية إلى التقرب إليه ، ثم ذكر بعدها الرجاء والخوف ، فهذه طريقة عبادة
وأوليائه " انتهى من " بدائع الفوائد " ( 3 / 522 ) .
وقال – رحمه الله – أيضاً - : " فجمع بين المقامات الثلاثة ؛ فإن ابتغاء الوسيلة
إليه هو التقرب إليه بحبه وفعل ما يحبه ، ثم يقول ( ويرجون رحمته ويخافون عذابه )
فذكر الحب والخوف والرجاء ، والمعنى : إن الذين تدعونهم من دون الله ، من الملائكة
والأنبياء والصالحين ، يتقربون إلى ربهم ويخافونه ويرجونه ؛ فهم عبيده كما أنكم
عبيده ؛ فلماذا تعبدونهم من دونه وأنتم وهم عبيد له ؟! " انتهى من " طريق الهجرتين
" ( ص 422 ) .
3. أن الملائكة خلق مكلَّف بالعبادة والطاعة .
قال الشيخ عمر الأشقر – حفظه الله - : " ويمكن أن نقول : إن الملائكة ليسوا بمكلفين
بالتكاليف نفسها التي كُلف بها أبناء آدم ، أما القول بعدم تكليفهم مطلقاً : فهو
قول مردود ؛ فهم مأمورون بالعبادة والطاعة ( يَخَافُونَ رَبَّهُم مِنْ فَوْقِهِم
وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) النحل/ 50 ، وفي الآية أنهم يخافون ربهم ، والخوف
نوع من التكاليف الشرعية ، بل هو من أعلى أنواع العبودية ، كما قال فيهم ( وَهُمْ
مِن خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء/ 28 " انتهى من " عالم الملائكة الأبرار " (
ص 35 ) .
4. أن ما يناله المقطوع لهم بالجنة والدرجات العُلى ليس ذلك مقابل أعمالهم وطاعاتهم
، بل هو بسبب رحمة الله تعالى ؛ إذ ليس هناك عمل لمخلوق يمكن أن يكون ثمناً لدخول
الجنة ونيل الدرجات العُلى ، وإنما أعمالهم سبب لتحصيل رحمة الله التي بها يدخلون
الجنة ويكونون من المرحومين يوم القيامة ، فاحتاج هؤلاء للدعاء لهم بالرحمة ، ومنه
ما يكون في صلاتنا من الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة بقولنا " السَّلَامُ
عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ".
عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( لَنْ يُدْخِلَ أَحَداً عَمَلُهُ الْجَنَّةَ ، قَالُوا
: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَا وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ
يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ ) .
رواه البخاري ( 5349 ) ومسلم ( 2816 ) .
والله أعلم
أولاً : أود أن أشكركم من كل قلبي على كل ما تبذلونه فى الفتاوى ، لما لها
من فوائد عظيمة ، لقد تمت الإجابة على أسئلة كثيرة لي على هذا الموقع ،
وفقكم الله ، ويأجركم على ما تبذلونه من جهود .
أمس كنت أقرأ كتاباً ممتعاً عن الملائكة وعلمت بوجود العديد منهم في
السماوات ، قرأت سابقاً أن الملائكة ليس لديهم الإرادة الحرة ، وهم
مخلوقات أكثر طاعة - أي : إلى الله - ثم جئت إلى التفكير في نهاية الصلاة
، حيث نقول " السلام عليكم " أو " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "
للملَك على يميننا الذي يعني السلام والرحمة من الله عليكم. وسؤالي هو :
لماذا تحتاج الملائكة الرحمة من الله إذا كانوا خالين من الخطيئة ؟ ألا
يعني ذلك بأنهم لن يحاسبوا من الله ؟ فلماذا يحتاجون إلى رحمة الله وهم
بالفعل لهم رحمة الله ؟ قد قرأت في حديث حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم
يحتاج إلى رحمة الله ليدخل الجنة ، ولكن هناك ملائكة بالفعل في الجنة .
ثانياً : في السنَّة لماذا نقول حين التسليم من الصلاة نسلِّم على الملَك
الموجود على اليمين " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " في حين الملَك
الموجود على اليسار نسلم فنقول " السلام عليكم ورحمة الله " ألأن الملك
الذي على يسار يكتب خطايانا ؟ . آسف لو كنت أسأل كثيراً ولكن بالإضافة إلى
ما سبق لماذا نسلِّم على الملائكة ؟ وكيف لا تكون إذا كانوا ملائكة الله ؟
وإذا كانوا مسالمين فيريد الله أن يزيد من سلامهم وإذا لم يكونوا كذلك فلن
يريد الله ذلك أيضاً . أشكركم على وقتكم ، وجزاكم الله خيراً .
الجواب :
الحمد لله
نشكر لأخينا الفاضل اهتمامه بالموقع وحرصه على الاستفادة مما يُكتب فيه ، ونشكره
على دقة ملاحظته وحسن سؤاله ، ولنا مع ما سأل عنه وقفات :
الأولى :
أن ما يقصده المصلي من السلام في نهاية صلاته ليس هو على الملائكة حصراً عليهم ،
فبالإضافة إلى نية الخروج من الصلاة : فإن الإمام ينوي السلام على المأمومين ، وأما
المأمومون فينوون السلام على الإمام وعلى المأمومين الذين معهم ، وأما المنفرد فإنه
ينوي بسلامه الخروج من الصلاة والسلام على الملائكة وهما الأمران المشتركان مع
الإمام والمأموم .
وانظر جواب السؤال رقم ( 138009 )
.
ثانياً:
اختلف العلماء في زيادة " بركاته " في التسليم في الصلاة ، وقد ذهب جمهور العلماء
إلى التسليم بلفظ " السلام عليكم ورحمة الله " عن اليمين وعن الشمال ، وبذلك صحت
الأحاديث الكثيرة ، وعليه أكثر أهل العلم .
قال الترمذي – رحمه الله – بعد أن روى الحديث - : " والعمل عليه عند أكثر أهل العلم
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومَن بعدهم ، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك
وأحمد وإسحاق " انتهى من " سنن الترمذي " ( 2 / 89 ) .
وهناك خلاف في زيادة لفظة " وبركاته " هل هي في التلسيمتين ، أم في الثانية فحسب ،
أم أنها غير ثابتة أصلاً ، وبكل قول قال طائفة من أهل العلم .
ولعلك عرفت بذلك أنه لا تعلُّق لهذه الزيادة بالملَك الذي على اليمين ؛ لأن الجمهور
لا يقولون بها أصلاً ، ومن العلماء من يصحح أحاديث ورودها في التسليمتين .
ثالثاً:
أما الدعاء للملائكة بالرحمة فهو أمر غير مستنكر في الشرع ، وبالتأمل في المسائل
الآتية يتبين وجه الدعاء للملائكة بالرحمة :
1. أن الملائكة مخلوقات ، وليس ثمة مخلوق ليس بحاجة لرحمة الله ، قد ثبت دعاء عائشة
رضي الله عنها بالرحمة لجبريل عليه السلام وهو على رأس الملائكة .
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هَذَا
جِبْريلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمُ ) قالت : قلت : وعليه السلام ورحمة الله
وبركاته .
رواه البخاري ( 3045 ) ومسلم ( 2447 ) .
قال الشيخ محمد ابن عثيمين – رحمه الله - : " في هذا دليل على أن الملائكة عليهم
الصلاة والسلام محتاجون إلى رحمة الله عز وجل وإلى أن يسلمهم الله من الآفات ،
ولهذا قالت " وعليه السلام ورحمة الله " انتهى من " شرح صحيح البخاري " ( كتاب
الاستئذان شريط 3 ) .
2. أن الملائكة عباد لله تعالى ، قد أكرمهم بعبادات عظيمة ، وقد أثنى عليهم بها
خيراً ، ولا يكون العبد عبداً لله يستحق الثناء على عبادته ، إلا أن يكون محققا
للعبودية بأركانها الثلاثة وهي الحب والرجاء والخوف ، وقد أثبت الله تعالى ذلك
لخاصة عبيده ومنهم الملائكة الكرام ، قال تعالى ( قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ
زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ
تَحْوِيلاً . أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ
الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) الإسراء/ 56 ، 57 .
قال ابن القيم – رحمه الله - : " وقد جمع الله تعالى هذه المقامات الثلاثة بقوله (
أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ) فابتغاء الوسيلة هو
محبته الداعية إلى التقرب إليه ، ثم ذكر بعدها الرجاء والخوف ، فهذه طريقة عبادة
وأوليائه " انتهى من " بدائع الفوائد " ( 3 / 522 ) .
وقال – رحمه الله – أيضاً - : " فجمع بين المقامات الثلاثة ؛ فإن ابتغاء الوسيلة
إليه هو التقرب إليه بحبه وفعل ما يحبه ، ثم يقول ( ويرجون رحمته ويخافون عذابه )
فذكر الحب والخوف والرجاء ، والمعنى : إن الذين تدعونهم من دون الله ، من الملائكة
والأنبياء والصالحين ، يتقربون إلى ربهم ويخافونه ويرجونه ؛ فهم عبيده كما أنكم
عبيده ؛ فلماذا تعبدونهم من دونه وأنتم وهم عبيد له ؟! " انتهى من " طريق الهجرتين
" ( ص 422 ) .
3. أن الملائكة خلق مكلَّف بالعبادة والطاعة .
قال الشيخ عمر الأشقر – حفظه الله - : " ويمكن أن نقول : إن الملائكة ليسوا بمكلفين
بالتكاليف نفسها التي كُلف بها أبناء آدم ، أما القول بعدم تكليفهم مطلقاً : فهو
قول مردود ؛ فهم مأمورون بالعبادة والطاعة ( يَخَافُونَ رَبَّهُم مِنْ فَوْقِهِم
وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) النحل/ 50 ، وفي الآية أنهم يخافون ربهم ، والخوف
نوع من التكاليف الشرعية ، بل هو من أعلى أنواع العبودية ، كما قال فيهم ( وَهُمْ
مِن خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) الأنبياء/ 28 " انتهى من " عالم الملائكة الأبرار " (
ص 35 ) .
4. أن ما يناله المقطوع لهم بالجنة والدرجات العُلى ليس ذلك مقابل أعمالهم وطاعاتهم
، بل هو بسبب رحمة الله تعالى ؛ إذ ليس هناك عمل لمخلوق يمكن أن يكون ثمناً لدخول
الجنة ونيل الدرجات العُلى ، وإنما أعمالهم سبب لتحصيل رحمة الله التي بها يدخلون
الجنة ويكونون من المرحومين يوم القيامة ، فاحتاج هؤلاء للدعاء لهم بالرحمة ، ومنه
ما يكون في صلاتنا من الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة بقولنا " السَّلَامُ
عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ".
عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( لَنْ يُدْخِلَ أَحَداً عَمَلُهُ الْجَنَّةَ ، قَالُوا
: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَا وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ
يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ ) .
رواه البخاري ( 5349 ) ومسلم ( 2816 ) .
والله أعلم