اخترتُ هذا العنوان لتعبيره بصدق عن تفكير وتصرفات الكثيرين، وهناك من يثقون بأنهم آلهة، ولا يكتفون بالاعتقاد..
وقبل التسرع بالإجابة عن السؤال.. فلنقرأ بهدوء الأسطر التالية، ثم نجيب بأمانة تامة..
بمجهودي
نجحت في الحياة بمجهودي وحدي؛ فأنا عصامي لم أرِث شيئاً..
ألا نسمع هذا الكلام كثيراً؟ ألا يُذكّرنا بقارون الذي قال في القرآن الكريم {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}؟ ألم يجحد فضل الخالق عزّ وجل عليه؟ ألم يتعامل مع نفسه كإله؟ ألم يستكبر ويرفض الاعتراف بأن الخالق عزّ وجل هو من رَزَقَه بكل المال؟ وتناسى الآية الكريمة {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}.
وأتفق مع القائل: العصاميون يبذلون الجهد الشاقّ لينجحوا.. وأضيف بكل الودّ والاحترام: ومن أعطاهم العقل ليفكروا، والقوة ليصمدوا، والحماس ليثابروا؛ بل ومن منحهم الحياة أصلاً؟
فكفى تألهاً على الرحمن، ولنقل: نجحتُ بفضل الرحمن الذي وفّقني في كل تفاصيل حياتي، ومنها نعمة اختيار النجاح واقتحام العقبات.
يستحق أم لا يستحق؟
هذا لا يستحقّ النعَم التي يغرق فيها، أما فلان فهو يستحقّ ما حصل عليه من مال أو شهرة أو نفوذ..
من أعطانا الحق في التأله ومشاركة الخالق -والعياذ بالله- في توزيع الأرزاق؟
وأكاد أسمع من يقولون: هناك تافهون يحتلّون مراكز مهمة و.. و..
وأردّ بالآية الكريمة: {إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}؛ فالرزق يكون وفقاً لمشيئة الخالق، وليس لمشيئة المخلوقين.. وأُذكّر بالقول الرائع "ربما أعطى فمنع، وربما منع فأعطى، والمحبة هي الموافقة"؛ فقد يرزق الخالق الإنسان ليختبره ومن حوله أيضاً؛ ليرى عزّ وجل كيف سيتعاملون مع هذا الرزق، هل سيقابله بالشكر أم بالاستكبار؟ وهل سيستكثرون عليه الرزق ويحسدونه أم يدْعون له بالتوفيق، وينصرفون للاهتمام بشئونهم وادخار طاقاتهم لما يفيدهم دينياً ودنيوياً؟
سعيت ولكن
فعلتُ كل ما يمكن فعله ولم يتحقق ما أريد..
من منا لم يقُل ذلك، ولو لنفسه، ونتناسى جميعاً الآية الكريمة {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}، ونتجاهل الحقيقة الرائعة في القول الصادق "ترك الأخذ بالأسباب معصية، والتوكل عليها شرك".. فالتكاسل في السعي لتحسين كافة جوانب حياتنا معصية، والتوكل على ما فعلناه؛ أي الاعتماد عليها شرك؛ لأننا توهّمنا أننا سنحصل على النتائج؛ لقيامنا بالسعي، ولم نتأدب فنخضع لمشيئة الرحمن.
فقد يرى الخالق بحكمته تأخير النتائج لوقت آخر لتكون أفضل، أو ليمنع عنا شراً إذا تحقّقت، أو ليختبر تأدّبنا معه سبحانه وتعالى.
فهل سنقبل النتائج برضاً حقيقي، ونقول بصدق: انتهى دورنا بعد السعي، وسنحبّ ما يرضاه الله لنا؟ أم سنسمح للسخط بالتسلل لعقولنا وقلوبنا لنخسر في الدين والدنيا؟
والأولى معروفة بالطبع؛ "فمن رضِيَ فله الرضا ومن سخط فله السخط" كما جاء في الحديث الشريف.
وفي الدنيا فالإنسان الساخط يتخبّط في الحياة وتفترسه الأمراض النفسية والجسدية، ولا يشبع أبداً؛ مهما حصل على المكاسب، وينفر الجميع من الاقتراب منه.
صاحب فضل
أنا صاحب الفضل على الكثيرين؛ فلولا خبراتي وأموالي ونفوذي لما وصلوا لما هم عليه..
وأمثال هذه الجُمَل تُثير الشفقة على قائلها؛ فهو يُلقي بنفسه في الظلمات بهذه الأقوال؛ فالمنّ محرم شرعاً، ونحن مُطالبون بنسبة الفضل لصاحبه وللخالق عزّ وجل؛ فهو سبحانه الذي مَنَحَنا الخبرات والأموال والسلطات والحياة نفسها، وجَعَلَنا وسائل لتوصيل هذه النعم لمن يحتاجونها.
ومن التأدّب مع الرحمن، الشعور بالحياء والسجود شكراً للرحمن؛ كلما تمكّنّا بفضله من معاونة الآخرين؛ فلنشكره أولاً؛ لأننا لسنا المحتاجين، ثم نشكره لاختياره عزّ وجل لنا؛ لنفوز بثواب مساعدة الآخرين، ولنكن عبيداً أذكياء؛ فلا نتأله على الخالق، وندّعي أننا أصحاب فضل على أي مخلوق.
ادّخار الثواب
فلان ناكر للجميل..
جملة تنتشر، والأذكياء لا يقولونها أبداً؛ فالذكي يدّخر ثوابه كاملاً، ويطلبه من الخالق عزّ وجل، ولا يُضيّعه بانتظار كلمات الشكر من المخلوق في الدنيا.
وهناك من يطالب الآخرين بالانحناء له معنوياً بالطبع، مقابل ما يُسمّيه بالجميل، ويتناسى أننا مطالبون بالانحناء أمام الخالق وحده.
فكفى تألهاً، ولنتوقف عن إيذاء أنفسنا، ولنتعامل بذكاء مع من يحتاجون إلينا؛ فهم هدية ثمينة وفرصة رائعة للفوز برضا الرحمن وبالثواب؛ فمن فَرّج عن مؤمن كُربة من كُرَب الدنيا، فَرّج الله عنه كُربة من كُرَب الآخرة.
أنا السبب
صنعت منه بني آدم بعد زواجي منه.. لم تكن شيئاً قبل زواجي منها.. كل خير حدث له في حياته أنا السبب فيه..
قد تقولها زوجة عن زوجها، أو أخ عن أخيه، أو والد عن ابنه ويضيف: أُحضر لأولادي كل ما يحتاجون إليه، وتناسى أن الخالق هو وحده الرزاق، وقد يرزقه ليُنفق عليهم؛ فالله وحده الذي يقول "كن فيكون"، ونحن وسائل لتحقيق مشيئة الرحمن.
مع ضرورة شكر من يساعدوننا؛ ففي الحديث الشريف "من لم يشكر الناس لم يشكر الله"؛ فالاعتدال مطلوب؛ فلا للجحود ولا للتذلّل للبشر أو للخضوع لهم من أجل تحقيق حاجاتنا، أو إذلالهم لتنفيذ رغباتهم.
مفاتيح الجنة
فلان لن يقترب من أبواب الجنة، وفلان إسلامه وهابي، والآخر إسلامه أمريكي، والرابع إسلامه باكستاني، والسافرة زنديقة، والمنتقبة مُعقّدة، وهذا ملتزم دينياً، وهذا ضائع، من يُرَبّي ذقنه متشدد، ومن يحلقها مفرّط في دينه، وهذه حجابها مائع، وأخرى حجابها كئيب.
ونردّ على ما سبق ومثله الكثير والكثير، بالحديث الشريف: "من حسن إيمان المرء تركه ما لا يعنيه".
ولنتذكر جميعاً الآية الكريمة {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}.. ثم بيت الشعر الرائع:
دقات قلب المرء قائلة له ... إن الحياة دقائق وثوان
لا يحتاج لمساعدة
أنا ملتزم، أو فلان ملتزم..
ونذكّر بالآية الكريمة: {فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى}.. والحقيقة المؤكدة أن لدينا مخزوناً من الطاقات، وأننا نُبعثر معظمها فيما يضرّنا دينياً ودنيوياً؛ فملاحقة الآخرين للحكم على إيمانهم يؤذينا؛ فالخالق عزّ وجل لا يحتاج لمن يساعده في الحكم على البشر -حاشا لله- ومن يتألّه ويعطي لنفسه الحكم على الآخرين يخسر دينياً أولاً، ثم دنيوياً.
فمن يعتقد أنه أفضل من غيره دينياً أو دنيوياً، سيتراجع بالتأكيد. وعلى الأذكياء إذا ما تسلّل إليهم الشعور بأنهم أفضل، المسارعة بتذكير أنفسهم بمن يفضّلهم؛ سواء من المعاصرين أو من السابقين؛ ليضعوا لأنفسهم أهدافاً جديدة تساعدهم على التقدّم الديني والدنيوي.
وأقسم بصدق المقولة الرائعة "إذا لم تزد فإنك تنقص".. ولا أحد يتناقص بسرعة مثل من يشعر أنه أفضل من غيره؛ مع الاهتمام بالفرح الذكي بأي تحسّن في حياتنا وشكر الخالق عليه والمسارعة بزيادته.
تتبّع العورات
والعاقل يتنبه لعيوبه، وجميعنا لدينا عيوب، ويدّخر ثواني عمره وسنواته للانتصار عليها وتحسين مزاياه؛ فلا يبعثر عمره في ملاحقة عيوب الآخرين وتتبع عوراتهم.
ولنتوقف عند الحديث الشريف ونتذكره دائماً: "من تتبّع عورات الناس تتبّع الله عوراته، ومن تتبعه الله يفضحه في بيته"؛ فكل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون، والعبرة بالخواتيم.. ولنتأمل الآية الكريمة {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}؛ فقد ننتقد إنساناً، ويتوب ويصدق في الندم، ويقبل الرحمن توبته، ويبدل سيئاته حسنات، ويسبقنا فنكون من الخاسرين.
فتن وإغراءات
فلنتوقف عن التأله، ولنهتمّ بشئوننا، وإذا رأينا ما يُعجبنا فلندعُ لصاحبه ولنا بالثبات وبالزيادة وبالإخلاص وبالصدق مع الرحمن.
وإذا رأينا ما ننكره؛ فلندعُ لنا ولهم بالنجاة من الفتن والإغراءات التي تُحاصرنا جميعاً، وبالهداية.
وأتذكّر لقاءً تليفزيونياً جَمَع بين شخصية معروفة مع راقصة معتزلة كانت تُبدِي الندم على رقصها بملابس كاشفة؛ فإذا به يقاطعها ويقول لها: لقد كنتِ أفضل، وأنا أتخيّلك الآن بملابس الرقص وأرفض حجابك.
فقد لخص ما يراه الكثيرون؛ وكأنه يقول: أريدك كما أرغب، وليس كما تريدين؛ وكأنه الإله الذي يجب طاعته ولم يحترم قرارها ولا حجابها.
اليقين
فعلتُ ما في وسعي، والباقي على الله..
جملة يقولها الكثيرون دون وعي؛ وكأننا والعياذ بالله نشارك الخالق عزّ وجل في صنع النتائج.. والأذكى القول: فعلتُ ما أستطيع بتوفيق الرحمن، والأمر كله للخالق.
ولنتذكر الآية الكريمة {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}، وهذا لا يتعارض بالطبع مع ضرورة السعي والمثابرة بشرط اليقين بأن الخالق وحده هو الذي يملك كل الخير والضر أيضاً.
كلمة واحدة مني ستصنع نجاحاً أو فشلاً من يعملون معه، أسهل ما في الحياة تجميد إنسان ومنعه من التفوّق، وكلمات أخرى يقولها من يتناسوْن -مع سبق الإصرار والترصد- أنهم لا يستطيعون منع أصغر فيروس من التسلل إلى أجسادهم، وأنهم لن يتمكنوا من إطالة أعمارهم، ولو لجزء من الثانية؛ فجميعنا بشر لا حول ولا قوة لنا؛ فالخالق وحده الذي يُفيد ويضرّ ويرزق ويمنع ويحيي ويميت أليس كذلك؟
منتديات عرب مسلم | منتدى برامج نت | منتدى عرب مسلم | منتديات برامج نت | منتديات مثقف دوت كوم | منتديات برامج نت العربية | منتديات العرب | منتدى برامج نت المجانية | إعلانات مبوبة مجانية | إعلانات مجانية | اعلانات مبوبة مجانية | اعلانات مجانية | القرآن الكريم | القرآن الكريم قراءة واستماع | المكتبة الصوتية للقران الكريم mp3 | مكتبة القران الكريم mp3 | ترجمة القرآن | القرآن مع الترجمة | أفضل ترجمة للقرآن الكريم | ترجمة القرآن الكريم | Quran Translation | Quran with Translation | Best Quran Translation | Quran Translation Transliteration | تبادل إعلاني مجاني