نحرص على الاحتفاظ بذكريات من رحلة جميلة ومعلومات من محاضرة استفدنا منها، وحماس نبض بقلوبنا مع كتاب احترم سعينا لتحسين الدين والدنيا.
وأتساءل: ماذا سيتبقى لنا من رمضان؟ وبماذا سنحتفظ من رحلتنا الرمضانية وحماسنا للفوز برضا الرحمن والذي تنامى برمضان؟ وهل سنسمح بالتراجع تدريجيا لتلتهمنا الحياة مجددا وسط تزايد ضغوطها وتنامي الفتن التي تحاصرنا جميعا بعد رمضان؟
ولنعترف جميعنا بالتقصير في حق أنفسنا وبأننا حرمنا أنفسنا من الفوز بالفرص الحقيقية للارتقاء بأنفسنا دينيا ودنيويا برمضان، وبإهدارنا أوقاتا غالية بالاستسلام للصغائر التي اعتدنا التوقف عندها طوال العام، ولم نسع بجدية كافية لطردها من حياتنا في رمضان؛ ليكون بداية ناضجة للفوز بأفضل ما يمكننا في الدين والدنيا..
فمن منا يستطيع الزعم بضمير مرتاح بأنه أجاد تهذيب انفعالاته أثناء رمضان واختار التسامي عن هفوات الأخرين أو التعامل معها بوسطية ديننا الرائع دون تفريط أو إفراط؟
ومن منا يمكنه الادّعاء أنه تفرغ بقلبه وبعقله أثناء جميع الصلوات ليؤديها بخشوع تام وانتصاره على تمكن الدنيا من قلبه وعقله سويا؟
ومن منا يجرؤ فيقول بأنه تدبر جيدا القرآن الكريم أثناء تلاوته وتشرب قلبه وعقله الهدي الكريم، وطردا كل الشوائب التي تحرمنا من الفوز بالقلب السليم الذي يتوكل على الرحمن وحده، ويخلص للغفور الحليم وينيب إليه دائما في حركاته وسكناته.
ومن منا سيتمادى ويهمس أنه شعر حقا بأوجاع المحرومين من الأمن والأمان من إخواننا المسلمين بالبلاد المنكوبة بالاحتلال أو بالمجاعة وسعى جديا لمساعدتهم بالمال وبنشر الوعي لدعمهم ماليا وبالتوقف عن ادّعاء مساعدتهم بالدعاء فقط.. ففي الحديث الشريف: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه".. ولو كنا نعاني مثلهم لما قبلنا بإكتفائهم بالدعاء..
من منا استفاد من ثواني رمضان وأيامه لقهر النفس الأمارة بالسوء والنفس المهلكة، واستغل تقييد الشياطين، فغاص بأعماقه لينتزع منها برفق وبوعي كل ما يسرق منه الفوز بالحياة الطيبة، وهي المزرعة الموفّقة للآخرة السعيدة، فيسارع بطرد الأفكار والتصرفات الضارة والسامة، ويغرس ما يفيده ليفوز بخيري الدين والدنيا ولتكون ثواني وسنوات عمره له وليست عليه، وليصبح نموذجا جميلا متحركا للإسلام الصحيح، فيستمتع بالنور في تفكيره وشعوره وكلامه وتصرفاته في حياته، ويصحبه النور في قبره وفي يوم القيامة.
من منا اختار مجاهدة النفس وعصيانها وتدريبها على الطاعة لكل ما أمرنا الرحمن بحب وباقتناع، لأن كل ما دعانا اللطيف بعباده والخبير والعليم الحليم إنما يهدف لسعادتنا في الدنيا والاخرة، وكل ما نهانا عنه كان لحمايتنا من العذاب في الدارين..
فإذا زرعنا هذا الاقتناع بداخلنا سهلت علينا الطاعة واخترناها بعقولنا وقلوبنا وأحببناها واستمتعنا بها.
ومن منا يمكنه التخلي عما يحبه بإرادته وبذا فقط لا يمكن لإبليس اللعين وأعوانه من الإنس والجن تزيين المعاصي لنا..
من منا زرع بقلبه وعقله أنه كما اختار الصمود في الصيام مع شدة الحرارة بالمقارنة بالأعوام الماضية، فإنه سيستعين بالرحمن بعد رمضان ليعنيه على اختيار حسن الخلق والصلابة والقوة أمام كل المغريات التي تقاتل لتجذبنا إلى هاوية الانفلات الأخلاقي بالقول وبالتصرف والسلبية والضعف والنكوص عن الكفاح المتواصل لتحقيق كافة الأحلام المشروعة، ونبذ هزيمة النفس بالادّعاء غير الصادق بأننا نبتعد عن مواطن الفتن، وبذا نصيب أنفسنا في مقتل ويكون كل منا القاتل والمقتول في آن واحد..
فكما قيل: الأشرار ينتصرون كثيرا ليس بسبب قوتهم، ولكن لأن الأخيار لا يبذلون -عادة- الجهد الكافي.. والحق بدون قوة عجز. وفي الحديث الشريف: المؤمن القوي خير واحب إلى الله من المؤمن الضعيف..
وتمتد القوة لتشمل الصلابة النفسية وتحسين القوى الذهنية والجسدية؛ فهي من العوامل الحاسمة للنجاح الحقيقي بالدين والدنيا، وهي أسلحتنا ليكون كل واحد منا جنديا من جنود الرحمن في مجال عمله وأسرته وأصدقائه..
من منا قرر وهو يقوم بتجديد النية للصيام أثناء رمضان أن يزرع النية بأن تكون حركاته وسكناته في يقظته ومنامه من أجل الرحمن وأنار قلبه وعقله بالآية الكريمة قل إن نسكي ومحياي ومماتي لله ربي العالمين..
من منا أعاد تذكير نفسه في رمضان بأنه عبد لا حول له ولا قوة وأنه مجرد وسيلة لمساعدة الفقير أثناء التصدق، وزرع بوجدانه الحياء من الرحمن وتفرغ لطلب الأجر منه وحده عز وجل وامتد ذلك ليشمل كل أنواع العطاء المادي والمعنوي لجميع من يتعامل معهم في حياته اليومية وتطهر من انتظار الأجر والثناء من البشر الفانين، وكان ذكيا وانحصر طلبه في الأجر من الحي القيوم الباقي دائما وأبدا..
من منا لم يهتف: اللهم اني صائم ليقاوم فعل ما يتناقض من الصيام. وتناسينا أن الصيام الحقيقي ليس في رمضان فقط ولكن طوال العمر، فلنصم عن كل ما يهدر الطاقات والأعمار حتى لا يسهل لغيرنا قيادنا وأعمارنا لتتجه لما يؤذينا، وتضيع الحياة بعيدا عن أهدافنا الذكية في الدين والدنيا..
من منا تنبه إلى أن رمضان شهر التمحيص وهو تخليص الشئ مما فيه من عيوب..
فلنجعل رمضان يعيش بيننا دائما ونتنبه لنقاط ضعفنا ومداخل إبليس اللعين، ولنطرد الغفلة ونتذكر كما نرفض الأكل والشرب خلسة بعيدا عن الأعين في رمضان؛ لأن الخالق عز وجل يرانا، فإننا مكشوفون دائما أمامه سبحانه وتعالى فلنحرص على أن يرانا في أجمل وأحسن تصرفاتنا..
ولأننا جميعا مقصرون في حقوق أنفسنا ولأننا دعونا الرحمن أن يبلغنا رمضان ومنحنا سبحانه وتعالى هذه الهدية ولم نقتنص منها أثمن كنوزنا، ولأننا لا نضمن بلوغ رمضان القادم، متعنا الرحمن بالأعمار الطويلة والطاهرة، لذا لا مفر من السعي بجدية ليكون كل يوم بعد رمضان، رمضانا جديدا نهديه لأنفسنا بحب وباحترام ونبتهل للرحمن بأن يمدنا بفيضانات الطاعة والحياء والحب والقوة والاستعانة به دائما، وألا نعجز أبدا وأن يجبر تقصيرنا ويردنا إلى جميل الإيمان أولا بأول، وألا يرضى لنا بأي تناقص بل يرزقنا الزيادات الواسعة دائما..
منتديات عرب مسلم | منتدى برامج نت | منتدى عرب مسلم | منتديات برامج نت | منتدى المشاغب | منتدى فتكات | منتديات مثقف دوت كوم | منتديات العرب | إعلانات مبوبة مجانية | إعلانات مجانية | اعلانات مبوبة مجانية | اعلانات مجانية | القرآن الكريم | القرآن الكريم قراءة واستماع | المكتبة الصوتية للقران الكريم mp3 | مكتبة القران الكريم mp3 | ترجمة القرآن | القرآن مع الترجمة | أفضل ترجمة للقرآن الكريم | ترجمة القرآن الكريم | Quran Translation | Quran with Translation | Best Quran Translation | Quran Translation Transliteration | تبادل إعلاني مجاني