سنة الله في التاريخ
من كتاب محنة العقل المسلم للشيخ سيدي عبد السلام ياسين
ولا يغرنك عملقة الحضارة الجاهلية ففي قواعدها السوس ينخرها على مهل. يرى أثر النخر عقدا من الزمان بعد عقد، وعاما بعد عام، وترديا بعد ترد. وبعد ما شاء الله تنادي على حضارتهم الظالمة سنة الله في عباده، وعادته في خلقه بآية : ﴿فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا. إن في ذلك لآية لقوم يعلمون﴾ (سورة النمل، الآية : 54).
آية نزلت في ثمود قوم صالح عليه السلام، وكانت لهم حضارة وجنات وعيون وزروع ونحوت وبيوت وفراهة.
وكفروا بأنعم الله وظلموا وكذبوا الرسول، وذلك أعظم الظلم. قال الله تعالى في حقهم : ﴿وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ. فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (سورة النمل، الآية : 52-53).
وقال تعالى في حق من آمن برسوله صالح عليه السلام : ﴿وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون﴾ (سورة النمل، الآية : 55).
مكره تعالى بالكافرين أن يملي لهم ويذرهم في طغيانهم يعمهون، ويمدهم بأموال وبنين، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
تلك سنته تعالى : يداول الأيام بين الناس، ويقيم الحجة على الظالمين الطاغين المعرضين عن ربهم ثم يهلكهم. قال عز من قائل : ﴿فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبير معطلة وقصر مشيد﴾ (سورة الحج، الآية : 43).
آيات لقوم يعلمون. وآيات لقوم يتقون.
من العلم معرفة سنته تعالى في التاريخ، ومن التقوى التوبة إليه سبحانه ومراجعة سنته ومنهاج نبيه، وإعداد القوة للتعرض أمام رحمته القائلة : ﴿إن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾ (سورة الأنبياء، الآية : 104).
حضارة القنابل الذرية حضارة ظالمة. هذا أذان بخرابها حين يشاء الله. وما بيدها من متاع الدنيا ركام لا قيمة له إلا من حيث ابتلينا بالعوز وهم مكتظون، وبالفقر وهم أغنياء، وبالعفو وهم أقوياء، وبالتمزق وهم كلمة واحدة متألبة علينا.
ومن وراء ركامهم نستشف مظاهر سنة الله في المكر والإملاء والابتلاء، الصريحة في قوله تعالى: ﴿ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا. وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا. والآخرة عند ربك للمتقين﴾ (سورة الزخرف، الآيات : 32-34).
ثم بعد الاهتداء بسنة الله النازل بها الوحي ننظر في فعل الله بالعباد النازل به القدر.
قاع هذه الحضارة الظالمة -بكل معاني الظلم لاسيما الظلم العظيم وهو الكفر- مثقوب. جدرانها منخورة، أساسها الفلسفي رث تافه حيواني، بناؤها مصدوع.
نظافة شوارع جنيف وباريس تخفي قذارة الأخلاق وسرطان الإباحية.
قمامات هذه الحضارة المبذرة التكاثرية تنشر في الأرض -خاصة في بلاد المستضعفين- وباء التلوث.
قماماتها الثقافية الفنونية العارية الراقصة المجنونة تغطي الكرة الأرضية ببثها التلفزيوني الذي يقتل في الإنسان إنسانيته.
المخدرات، والجريمة، والعنف، وبرودة العلاقات الإنسانية، والأنانية الفاحشة، والزنا المباح، واللواط المشروع، وتفكك الأسرة، واللائحة طويلة.
والوارثون على الأبواب. متى صلح المسلمون لوراثة الأرض فسنة الله وعد غير مخلوف. وشروط الصلاح معروفة.
بعد قرن أو قرنين أو دون ذلك أو أكثر.
بعد أن يداول الله عز وجل السيطرة على الأرض بين رأسين أو رؤوس جاهلية. بعد نوبة اليابان وأوربا والصين وما الله به عليم.
أو يسخر الله اليابان والصين والأمريكان وفرنسا والألمان ومن شاء من أهل الزمان لحمل رسالة الإسلام بعد أن يتلقوها منا. ما كان التتار الذين خربوا بغداد وكوموا جماجم العلماء أقل شراسة وفتكا من محرقي بغداد وخاذلي البوسنة في عصرنا. ثم أسلم التتار وأصبحوا من أقوى حماة الإسلام. وقد بدأ المد الإسلامي والهداية الإسلامية في أفراد من تلك الأقوام. وتصبح الدعوة مسألة جدية عامة متى شاء الله، ومتى تهيأ الداعي وتعلم مهارة النسج قبل أن يدخل إلى نادي النساجين. العريان لا يسمع كلامه الكاسون.
من كتاب محنة العقل المسلم للشيخ سيدي عبد السلام ياسين
ولا يغرنك عملقة الحضارة الجاهلية ففي قواعدها السوس ينخرها على مهل. يرى أثر النخر عقدا من الزمان بعد عقد، وعاما بعد عام، وترديا بعد ترد. وبعد ما شاء الله تنادي على حضارتهم الظالمة سنة الله في عباده، وعادته في خلقه بآية : ﴿فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا. إن في ذلك لآية لقوم يعلمون﴾ (سورة النمل، الآية : 54).
آية نزلت في ثمود قوم صالح عليه السلام، وكانت لهم حضارة وجنات وعيون وزروع ونحوت وبيوت وفراهة.
وكفروا بأنعم الله وظلموا وكذبوا الرسول، وذلك أعظم الظلم. قال الله تعالى في حقهم : ﴿وَمَكَرُواْ مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ. فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (سورة النمل، الآية : 52-53).
وقال تعالى في حق من آمن برسوله صالح عليه السلام : ﴿وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون﴾ (سورة النمل، الآية : 55).
مكره تعالى بالكافرين أن يملي لهم ويذرهم في طغيانهم يعمهون، ويمدهم بأموال وبنين، ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
تلك سنته تعالى : يداول الأيام بين الناس، ويقيم الحجة على الظالمين الطاغين المعرضين عن ربهم ثم يهلكهم. قال عز من قائل : ﴿فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبير معطلة وقصر مشيد﴾ (سورة الحج، الآية : 43).
آيات لقوم يعلمون. وآيات لقوم يتقون.
من العلم معرفة سنته تعالى في التاريخ، ومن التقوى التوبة إليه سبحانه ومراجعة سنته ومنهاج نبيه، وإعداد القوة للتعرض أمام رحمته القائلة : ﴿إن الأرض يرثها عبادي الصالحون﴾ (سورة الأنبياء، الآية : 104).
حضارة القنابل الذرية حضارة ظالمة. هذا أذان بخرابها حين يشاء الله. وما بيدها من متاع الدنيا ركام لا قيمة له إلا من حيث ابتلينا بالعوز وهم مكتظون، وبالفقر وهم أغنياء، وبالعفو وهم أقوياء، وبالتمزق وهم كلمة واحدة متألبة علينا.
ومن وراء ركامهم نستشف مظاهر سنة الله في المكر والإملاء والابتلاء، الصريحة في قوله تعالى: ﴿ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا. وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا. والآخرة عند ربك للمتقين﴾ (سورة الزخرف، الآيات : 32-34).
ثم بعد الاهتداء بسنة الله النازل بها الوحي ننظر في فعل الله بالعباد النازل به القدر.
قاع هذه الحضارة الظالمة -بكل معاني الظلم لاسيما الظلم العظيم وهو الكفر- مثقوب. جدرانها منخورة، أساسها الفلسفي رث تافه حيواني، بناؤها مصدوع.
نظافة شوارع جنيف وباريس تخفي قذارة الأخلاق وسرطان الإباحية.
قمامات هذه الحضارة المبذرة التكاثرية تنشر في الأرض -خاصة في بلاد المستضعفين- وباء التلوث.
قماماتها الثقافية الفنونية العارية الراقصة المجنونة تغطي الكرة الأرضية ببثها التلفزيوني الذي يقتل في الإنسان إنسانيته.
المخدرات، والجريمة، والعنف، وبرودة العلاقات الإنسانية، والأنانية الفاحشة، والزنا المباح، واللواط المشروع، وتفكك الأسرة، واللائحة طويلة.
والوارثون على الأبواب. متى صلح المسلمون لوراثة الأرض فسنة الله وعد غير مخلوف. وشروط الصلاح معروفة.
بعد قرن أو قرنين أو دون ذلك أو أكثر.
بعد أن يداول الله عز وجل السيطرة على الأرض بين رأسين أو رؤوس جاهلية. بعد نوبة اليابان وأوربا والصين وما الله به عليم.
أو يسخر الله اليابان والصين والأمريكان وفرنسا والألمان ومن شاء من أهل الزمان لحمل رسالة الإسلام بعد أن يتلقوها منا. ما كان التتار الذين خربوا بغداد وكوموا جماجم العلماء أقل شراسة وفتكا من محرقي بغداد وخاذلي البوسنة في عصرنا. ثم أسلم التتار وأصبحوا من أقوى حماة الإسلام. وقد بدأ المد الإسلامي والهداية الإسلامية في أفراد من تلك الأقوام. وتصبح الدعوة مسألة جدية عامة متى شاء الله، ومتى تهيأ الداعي وتعلم مهارة النسج قبل أن يدخل إلى نادي النساجين. العريان لا يسمع كلامه الكاسون.