يبدأ الطفل عند بلوغه عامه الأول باستكشاف كل ما حوله، ومن الطبيعي أن يلمس كل شيء. لكن لا يستطيع طفلك إدراك أن ما قام به مثل البحث في خزانة الأدوية أو رمي النفايات على الارض هو عمل سيئ أو مؤذٍ له، وإذا وجهت له التأنيب فقد يستفزك أكثر بضحكاته، وإذا صرخت بوجهه فسيشعر بالرعب ويبكي. أما إذا ضربته فسيكون مندهشاً ومذعوراً. لن يتعلّم طفلك في هذا العمر أي شيء مفيد إذا استخدمت العقاب، إذ لم يكتمل تطوّره بعد حتى يدله على الأشياء الممنوعة.
من العام الأول إلى العامين ونصف يجب أن تعاملي طفلك معاملة لينة ولا يمكن أن يجعل منه هذا الأسلوب طفلاً "مدللاً"، ولن ينتج عنه مشاكل سلوكية في ما بعد. أي محاولات لتأديب طفلك والسيطرة عليه مثلما تفعلين مع طفل كبير لن يكتب لها النجاح. في الواقع، كلما جعلت طفلك يشعر بحبك واستمتعت بحبه لك، كان ذلك أفضل. إذا سمحت لنفسك بإدراك اشتياقه الدائم لابتساماتك وأحضانك ومعاملته بالمثل، فسيكون آخر شيء يود طفلك القيام به هو عدم إرضائك. ما زال بحاجة إلى وقت طويل حتى يدرك معنى إرضائك.
حاولي أن تقودي طفلك الدارج خلال حياته اليومية عن طريق توقع العقبات وتفاديها وتجنب فرض الأوامر الصارمة التي ستقابل بالرفض التام وإرشاده نحو السلوك الذي تتمنينه. استبدلي النزاع بقضاء وقت ممتع. هذا الطفل الذي لا يعلم الفرق بين الصح والخطأ وبالتالي لا يسعه تمييز السلوك الجيد من السيء، سوف يكبر وسرعان ما سيحين الوقت حين يبدأ بتذكر جميع تعليماتك ويستطيع التنبؤ بنتائج أفعاله، كما يبدأ بفهم مفردات اللغة المستخدمة يومياً ويدرك مشاعرك وحقوقك أيضاً.
عندما يأتي هذا الوقت، سوف يستطيع طفلك أن يكون عن عمد ولداً "مطيعاً" أو "سيئ السلوك". يعتمد اختياره بنسبة كبيرة على الطريقة التي يشعر بها حيال الأشخاص المميزين من حوله الذين يملكون سلطة عليه. لو وصل إلى المرحلة التالية من مراحل النمو وهو يشعر بأنك تمنحينه الحب والحنان والتأييد وأنك تقفين في صفه، فسيرغب في معظم الأوقات بإرضائك مع وجود بعض الهفوات وأن يسلك السلوك الذي يسعدك. أما إذا بلغ تلك المرحلة وهو يحسّ بأنك شخصية مسيطرة وغير متفهمة وتقفين ضده طوال الوقت، فقد يتخذ بالفعل قرار عدم الاهتمام بإرضائك لأنك غير راضية ولن يشغل نفسه بإغضابك لأنك غاضبة في الغالب الأعمّ، ولن يبيّن لك مشاعر حبّه العميقة لك لأنه لا يبدو أنك تبادلينه نفس المشاعر دائماً.