بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني ........ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعد تفسير الجلالين من أنفس التفاسير واخصرها ، وحرص الشيخ ابن عثيمين على قراءته والتعليق عليه ، وها هنا بعض تعليقات الشيخ
وللمعلومية فالاستداركات من باب التكميل فلا يثنك أخي طالب العلم عن هذا التفسير الجليل لهذين الإمامين الجلالين
سورة لقمان
وقال بعض أهل العلم : إن لها معنى ، وجعلوا يتخبطون في هذا المعنى ويجعلونها رموزا لما جعلوه له . والصحيح كما قال مجاهد أن هذه الحروف أصلا لا معنى لها وذلك لأن القرآن نزل باللغة العربية كما قال تعالى : ( بلسان عربي مبين ) وقال : ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا ) وقال : ( إنا جعلناه قرآنا عربيا ) وليس لهذه الحروف في اللغة العربية معنى ، وعلى هذا نقول : أنه لا معنى لها ، فإذا قال قائل كيف تجزم بنفي المعنى ؟ والجواب ما تقدم من أن القرآن نزل باللغة العربية وهذه الحروف بمقتضى اللغة ليس لها معنى . إذاً فما الفائدة من وجودها بالقرآن ؟ والجواب : أن هذه التي قد نقول فيها الله أعلم بمراده . ولكن بعض أهل العلم التمس لهذا حكمة بأنه إشارة إلى أن هذا القرآن الذي أعجزكم لم يأت بحروف جديدة وإنما من الحروف التي يتركب منها الكلام العربي ، ومع ذلك أعجزكم ، قالوا : ولهذا لا يأتي الابتداء بهذه الحروف الهجائية إلا وبعده ذكر القرآن أو ما هو من خصائص القرآن مثل : ( آلم ذلك الكتاب .. ) وهكذا ، تأمها . وفي بعض السور مثل ( آلم غلبت الروم ) ( آلم أحسب الناس أن يتركوا ... ) ليس فيها ذكر القرآن ، لكن فيها ما هو من خصائصه فـ ( غلبت الروم ) هذا من أمور الغيب ، ولا يُعلم إلا بالوحي ، وقوله تعالى : ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم ) هذا فيه من أمور الغيب و هو الإخبار عمن سبق ، وهذا القول – اعني أنه ليس لها معنى ولكن لها مغزى وفائدة – هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وسبقه إليه الزمخشري .
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) محمود في صنعه
قصر المؤلف رحمه الله في تفسير الحميد من وجهين ؛ ذلك أنه قال : إن " الحميد " بمعنى المحمود ، والصحيح أنها بمعنى المحمود والحامد فهو سبحانه وتعالى حامد لمن يستحق الحمد ، وما أكثر الثناء على من يستحقون الثناء في كتاب الله عز وجل وهو كذلك محمود على كمال صفاته وتمام إنعامه .
أما الوجه الثاني مما قصر فيه المفسر فقد قال : إنه المحمود في صنعه ، والصواب أنه محمود في صنعه وهو الخلق فيُحمد على إيجاده وعلى إعداده وعلى إمداده وفي شرعه أيضا فإن شرعه أكمل الشرائع وأنفعها للعباد ومن سن للخلق طريقا تستقيم به أمورهم فهو أهل للحمد .
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ ( أي أهل مكة ( مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (
هذا بناء على قاعدته رحمه الله أن كل السور المكية يحمل فيها العموم في مثل هذا السياق على الخصوص وهو أهل مكة ، والصواب أن ذلك عام في أهل مكة وغيرهم .
} وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ) المعبر بها عن معلوماته يكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد ولا بأكثر من ذلك لأنه معلوماته تعالى غير متناهية ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (
عفا الله عن المؤلف فقوله في أن المراد بكلمات الله أنها معلوماته بمعنى ( ما نفد ما يعلمه ) تحريف ظاهر فالله يقول : ( ما نفدت كلمات الله ) فالكلمات هي التي تكتب ، أما المعلومات فقد تكتب وقد لا تكتب ، إذاً فمعنى ( ما نفدت كلمات الله ) أي كلماته حقيقة فلو أمليت على أحد وصارت البحار مدادا لها و الأشجار أقلاما ما نفدت ، ووجه ذلك ظاهر ويدل على عظمة الله سبحانه وكمال قدرته .
( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) لا يخرج شئ عن علمه وحكمته .
فسر الحكمة بالعلم ، وقد سبق لنا أن الحكيم مشتق من الحكم والحكمة فهو حكيم لا يخرج عن ملكه وحكمه شئ وحكيم لا يخرج عن حكمته شئ ، إذا فهو حاكم ومُحكِم .
{61} ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ ) يعبدون ( مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (
هذا فيه قصور ، والصواب : يعبدون ويسألون كما قال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة ) فيدعو أي يسأل .
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ ) يعبدون ( مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ ) الزائل ( وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (
هذا فيه نظر ؛ لأن المراد بالباطل هو الذي لا خير فيه ومنه حديث ( أصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد : ألا كل شئ ما خلا الله باطل ) .
} إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ) أذكر أم أنثى ولا يعلم واحدا من الثلاثة غير الله تعالى ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (
اقتصاره على ( أذكر أم أنثى ) فيه نظر لأن علم ما في الارحام ليس متعلقا بالذكورة والأنوثة فقط ، بل ما هو أعم .
وقول المفسر ( ولا يعلم واحد من الثلاثة غير الله ) نقول في حق الجنين : نعم هذا قبل تكوينه يمكن ، ولكن بعد أن يتكون يعلمه غير الله فهذا الملك يعلم أنه ذكر أم أنثى
أخواني ........ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعد تفسير الجلالين من أنفس التفاسير واخصرها ، وحرص الشيخ ابن عثيمين على قراءته والتعليق عليه ، وها هنا بعض تعليقات الشيخ
وللمعلومية فالاستداركات من باب التكميل فلا يثنك أخي طالب العلم عن هذا التفسير الجليل لهذين الإمامين الجلالين
سورة لقمان
سم الله الرحمن الرحيم
الم {1) الله أعلم بمراده } تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (
. في هذا إثبات أن الله أراد به شيئا ولكنه لا يُعلم ، إذاً نأخذ من كلام المفسر أن لهذه الحروف معنى ولكن الله أعلم به . الم {1) الله أعلم بمراده } تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (
وقال بعض أهل العلم : إن لها معنى ، وجعلوا يتخبطون في هذا المعنى ويجعلونها رموزا لما جعلوه له . والصحيح كما قال مجاهد أن هذه الحروف أصلا لا معنى لها وذلك لأن القرآن نزل باللغة العربية كما قال تعالى : ( بلسان عربي مبين ) وقال : ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا ) وقال : ( إنا جعلناه قرآنا عربيا ) وليس لهذه الحروف في اللغة العربية معنى ، وعلى هذا نقول : أنه لا معنى لها ، فإذا قال قائل كيف تجزم بنفي المعنى ؟ والجواب ما تقدم من أن القرآن نزل باللغة العربية وهذه الحروف بمقتضى اللغة ليس لها معنى . إذاً فما الفائدة من وجودها بالقرآن ؟ والجواب : أن هذه التي قد نقول فيها الله أعلم بمراده . ولكن بعض أهل العلم التمس لهذا حكمة بأنه إشارة إلى أن هذا القرآن الذي أعجزكم لم يأت بحروف جديدة وإنما من الحروف التي يتركب منها الكلام العربي ، ومع ذلك أعجزكم ، قالوا : ولهذا لا يأتي الابتداء بهذه الحروف الهجائية إلا وبعده ذكر القرآن أو ما هو من خصائص القرآن مثل : ( آلم ذلك الكتاب .. ) وهكذا ، تأمها . وفي بعض السور مثل ( آلم غلبت الروم ) ( آلم أحسب الناس أن يتركوا ... ) ليس فيها ذكر القرآن ، لكن فيها ما هو من خصائصه فـ ( غلبت الروم ) هذا من أمور الغيب ، ولا يُعلم إلا بالوحي ، وقوله تعالى : ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم ) هذا فيه من أمور الغيب و هو الإخبار عمن سبق ، وهذا القول – اعني أنه ليس لها معنى ولكن لها مغزى وفائدة – هو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وسبقه إليه الزمخشري .
وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ) محمود في صنعه
قصر المؤلف رحمه الله في تفسير الحميد من وجهين ؛ ذلك أنه قال : إن " الحميد " بمعنى المحمود ، والصحيح أنها بمعنى المحمود والحامد فهو سبحانه وتعالى حامد لمن يستحق الحمد ، وما أكثر الثناء على من يستحقون الثناء في كتاب الله عز وجل وهو كذلك محمود على كمال صفاته وتمام إنعامه .
أما الوجه الثاني مما قصر فيه المفسر فقد قال : إنه المحمود في صنعه ، والصواب أنه محمود في صنعه وهو الخلق فيُحمد على إيجاده وعلى إعداده وعلى إمداده وفي شرعه أيضا فإن شرعه أكمل الشرائع وأنفعها للعباد ومن سن للخلق طريقا تستقيم به أمورهم فهو أهل للحمد .
أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ ( أي أهل مكة ( مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (
هذا بناء على قاعدته رحمه الله أن كل السور المكية يحمل فيها العموم في مثل هذا السياق على الخصوص وهو أهل مكة ، والصواب أن ذلك عام في أهل مكة وغيرهم .
} وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ) المعبر بها عن معلوماته يكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد ولا بأكثر من ذلك لأنه معلوماته تعالى غير متناهية ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (
عفا الله عن المؤلف فقوله في أن المراد بكلمات الله أنها معلوماته بمعنى ( ما نفد ما يعلمه ) تحريف ظاهر فالله يقول : ( ما نفدت كلمات الله ) فالكلمات هي التي تكتب ، أما المعلومات فقد تكتب وقد لا تكتب ، إذاً فمعنى ( ما نفدت كلمات الله ) أي كلماته حقيقة فلو أمليت على أحد وصارت البحار مدادا لها و الأشجار أقلاما ما نفدت ، ووجه ذلك ظاهر ويدل على عظمة الله سبحانه وكمال قدرته .
( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) لا يخرج شئ عن علمه وحكمته .
فسر الحكمة بالعلم ، وقد سبق لنا أن الحكيم مشتق من الحكم والحكمة فهو حكيم لا يخرج عن ملكه وحكمه شئ وحكيم لا يخرج عن حكمته شئ ، إذا فهو حاكم ومُحكِم .
{61} ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ ) يعبدون ( مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (
هذا فيه قصور ، والصواب : يعبدون ويسألون كما قال تعالى : ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة ) فيدعو أي يسأل .
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ ) يعبدون ( مِن دُونِهِ الْبَاطِلُ ) الزائل ( وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (
هذا فيه نظر ؛ لأن المراد بالباطل هو الذي لا خير فيه ومنه حديث ( أصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد : ألا كل شئ ما خلا الله باطل ) .
} إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ ) أذكر أم أنثى ولا يعلم واحدا من الثلاثة غير الله تعالى ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (
اقتصاره على ( أذكر أم أنثى ) فيه نظر لأن علم ما في الارحام ليس متعلقا بالذكورة والأنوثة فقط ، بل ما هو أعم .
وقول المفسر ( ولا يعلم واحد من الثلاثة غير الله ) نقول في حق الجنين : نعم هذا قبل تكوينه يمكن ، ولكن بعد أن يتكون يعلمه غير الله فهذا الملك يعلم أنه ذكر أم أنثى