منتديات عرب مسلم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات عرب مسلمدخول

description تعدد القراءات القرآنية Empty تعدد القراءات القرآنية

more_horiz
تعدد القراءات القرآنية أمر واقع أجمعت عليه الأمة سلفاً وخلفًا، وليس ثمة دليل لمن ينكر ذلك أو يستنكره؛ وإذ كان هذا واقعاً لا يمكن نكرانه أو تجاهله فإن السؤال الوارد هنا: ما السبب الذي أوجب أن يختلف القراء في قراءة القرآن على قراءات عدة ومتعددة، وصل المتواتر منها إلى أكثر من سبع قراءات .
ومن المفيد والمهم هنا التذكير بداية، أن الاختلاف في القراءات القرآنية إنما كان فيما يحتمله خط المصحف ورسمه، سواء أكان الاختلاف في اللفظ دون المعنى، كقراءة قوله تعالى: { جِذوة } بضم الجيم وكسرها وفتحها، أم كان الاختلاف في اللفظ والمعنى، كقراءة قوله تعالى: { ننشرها } و { ننشزها } وقوله تعالى: { يسيركم } و { ينشركم } وعلى هذا ينبغي أن يُحمل الاختلاف في القراءات القرآنية ليس إلاَّ .
بعد هذا التوضيح الذي نرى أنه مهم، نقول: إن الصحابة رضي الله عنهم كان قد تعارف بينهم منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم ترك الإنكار على من خالفت قراءته قراءة الآخر، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرهم على ذلك، ولو كان في الأمر شيء لبيَّن لهم ذلك، أَمَا وإنه لم يفعل فقد دلَّ ذلك على أن الاختلاف في القراءة أمر جائز ومشروع، وله ما يسوغه .
وقد صح في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن القرآن نزل على سبعة أحرف كلها شافٍٍ كافٍ ) رواه النسائي ، وفي "الصحيحين" عنه صلى الله عليه وسلم أيضًا، قوله: ( أُنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرؤواماتيسر) رواه البخاري و مسلم .
وقد ذكرنا في مقال سابق لنا، أن القول المعتمد عند أهل العلم في معنى هذا الحديث، أن القرآن نزل على سبع لغات من لغات العرب، وذلك توسيعًا عليهم، ورحمة بهم، فكانوا يقرؤون مما تعلموا، دون أن يُنكر أحد على أحد؛ بل عندما حدث إنكار لهذا، كما كان من أمر عمر رضي الله عنه مع هشام بن حكيم بيَّن له صلى الله عليه وسلم أن ليس في ذلك ما يُستنكر، وأقر كل واحدٍ منهما على قراءته، والحديث في "صحيح البخاري " .
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده رضي الله عنهم وجَّهوا الصحابة إلى البلدان ليعلِّموا الناس القرآن وأحكام دينهم، فعلَّم كل واحدٍ منهم أهل البلاد التي أُرسل إليها ما كان يقرأ به على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فاختلفت قراءة أهل تلك البلاد باختلاف قراءات الصحابة رضي الله عنهم .
والذي دلت عليه الآثار أنَّ جَمْعَ عثمان رضي الله عنه للقرآن إنما كان نسخًا له على حرف واحد، هو حرف قريش ( لغة قريش )، ووافقه على ذلك الصحابة رضي الله عنهم، فكان إجماعًا. وإنما لم يحتج الصحابة في أيام أبي بكر و عمر رضي الله عنهما إلى جمع القرآن على الوجه الذي جمعه عليه عثمان ؛ لأنه لم يحدث في أيامهما ما حدث في أيامه، وإنما فعل عثمان ما فعل حسمًا للاختلاف بين المسلمين، وتوحيدًا لهم على كتاب الله .
والأمر الذي ينبغي الانتباه إليه في فعل عثمان رضي الله عنه أن هذا الحرف الذي جُمِع عليه القرآن - وهو حرف من الأحرف السبعة التي نص عليها الحديث - إنما كان على لغة قريش - كما ذكرنا - وأن هذا النسخ العثماني للقرآن لم يكن منقوطًا بالنقاط، ولا مضبوطًا بالشكل، فاحتمل الأمر قراءة ذلك الحرف على أكثر من وجه، وفق ما يحتمله اللفظ، كقراءة قوله تعالى: { فتبينوا } و { فتثبتوا } ونحو ذلك، ثم جاء القراء بعدُ، وكانوا قد تلقوا القرآن ممن سبقهم - فقرؤوا ما يحتمله اللفظ من قراءات، واختار كل واحد منهم قراءة حسب ما تلقاه ووصل إليه؛ وهكذا اختار بعضهم القراءة بالإمالة، واختار بعضهم إثبات الياءات، ورأى البعض الآخر حذفها، واختار البعض القراءة بتحقيق الهمزة، واختار الآخر القراءة بتسهيلها، وهذا يدل على أن كلاً اختار قراءته - ضمن ما يحتمله خط المصحف العثماني - وَفق ما وصله، دون أن ينكر أحد القراء على أحد، لأن تلك القراءات كلها ثبتت بطرق متواترة، ودون أن يعني ذلك أن عدم قراءة أحد من القراء على وفق قراءة غيره، أن قراءة الأخير غير صحيحة، بل جميع تلك القراءات التي قرأ بها القراء السبعة قراءات توقيفية، ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأجمع المسلمون على صحتها والقراءة بها. والمسألة في هذا أشبه ما يكون في نقل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري و مسلم في "صحيحهما" ما صح عندهما من حديث رسول الله، وقد انفرد كل منهما برواية بعض الأحاديث التي لم يروها الآخر، وأيضًا فقد صح من الأحاديث ما لم يروه البخاري و مسلم ، وعلى هذا المحمل ينبغي أن يُفهم وجه اختلاف القراء في القراءات . يتبين مما تقدم، أن الاختلاف والتعدد في القراءات القرآنية أمر ثابت وواقع، فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وأقر عليه الصحابة رضي الله عنهم، وعمل بهذا الاختلاف الصحابة من بعده صلى الله عليه وسلم من غير نكير من أحد منهم، وقد جاء هذا الاختلاف في القراءات على وفق تعدد لسان العرب ولغاتهم، توسعة وتيسيرًا عليهم، إضافة لمقاصد أُخر تعلم في موضعها. وقد أصبحت هذه القراءات منتشرة في أقطار المسلمين كافة، كل حسب القراءة التي تلقاها وتواترت لديه، يتناقلها جيل عن جيل، وستبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . الفرق بين الأحرف السبعة والقراءات السبعة
هل الأحرف السبعةالتي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأ بها الناس إلى زمان عثمان هيالأحرف السبعة الموجودة الآن؟ أم هي غيرها.الأحرف السبعة
التعريف: لغة: الحرف في أصل كلامالعرب معناه الطرف والجانب، وحرف السفينة والجبل جانبهما.
اصطلاحاً: الأحرفالسبعة: سبعة أوجه فصيحة من اللغات والقراءات أنزل عليها القرآن الكريم.
بيان الأحرف السبعة في الحديث النبوي:
لما كان سبيل معرفة هذا الموضوعهو النقل الثابت الصحيح عن الذي لا ينطق عن الهوى، نقدم ما يوضح المراد من الأحرفالسبعة:
عن ابنعباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أقرأني جبريل على حرف،فلم أزل أستزيده، ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف ".
الأحرفالسبعة والقراءات السبع.
دلتنا النصوص على أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغاتنزل بها القرآن، ونود أن ننبه بأن الأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع المشهورة،التي يظن كثير من عامة الناس أنها الأحرف السبعة. وهو خطأ عظيم ناشىء عن الخلط وعدمالتمييز بين الأحرف السبعة والقراءات.
وهذه القراءات السبع إنما عرفتواشتهرت في القرن الرابع، على يد الإمام المقرىء ابن مجاهد الذي اجتهد في تأليفكتاب يجمع فيه قراءات بعض الأئمة المبرزين في القراءة، فاتفق له أن جاءت هذهالقراءات سبعة موافقة لعدد الأحرف، فلو كانت الأحرف السبعة هي القراءات السبع، لكانمعنى ذلك أن يكون فهم أحاديث الأحرف السبعة، بل العمل بها أيضاً متوقفاً حتى يأتيابن مجاهد ويخرجها للناس …
حقيقة الأحرف السبعة.
ذهب بعض العلماء إلى استخراج الأحرف السبعةبإستقراء أوجه الخلاف الواردة في قراءات القرآن كلها صحيحها وسقيمها، ثم تصنيف هذهالأوجه إلى سبعة أصناف، بينما عمد آخرون إلى التماس الأحرف السبعة في لغات العرب ،فَتَكوّن بذلك مذهبان رئيسيان، نذكر نموذجاً عن كل منهما فيما يلي:
المذهبالأول: مذهب استقراء أوجه الخلاف في لغات العرب، وفي القراءات كلها ثم تصنيفها، وقدتعرض هذا المذهب للتنقيح على يد أنصاره الذين تتابعوا عليه، ونكتفي بأهم تنقيحوتصنيف لها فيما نرى، وهو تصنيف الإمام أبي الفضل عبد الرحمن الرازي، حيث قال: … إنكل حرف من الأحرف السبعة المنزلة جنس ذو نوع من الاختلاف.
أحدها: اختلافأوزان الأسماء من الواحدة،والتثنية، والجموع، والتذكير، والمبالغة. ومن أمثلته: {وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ} [المؤمنون: 8]، وقرئ. {لأَمَانَاتِهِمْ} بالإفراد.
ثانيها: اختلاف تصريف الأفعال وما يسند إليه،نحو الماضي والمستقبل، والأمر ، وأن يسند إلى المذكر والمؤنث، والمتكلم والمخاطب،والفاعل، والمفعول به. ومن أمثلته: {فَقَالُوارَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَأَسْفَارِنَا} [سبأ: 19] بصيغة الدعاء، وقرئ: {رَبَّنَا بَاعَدَ} فعلا ماضيا.
ثالثها: وجوه الإعراب. ومن أمثلته: {وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ} [البقرة: 282] قرئ بفتح الراء وضمها. وقوله {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج: 15] برفع {الْمَجِيدُ} وجره.
رابعها: الزيارة والنقص، مثل: {وَمَا خَلَقَالذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل: 3] قرىء {الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}.
خامسها: التقديم والتأخير، مثل،{فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111] وقرئ: {فَيُقْتَلونَ ويَقْتُلُون} ومثل: {وجاءت سكرة الموت بالحق}، قرئ: {وجاءت سكرة الحقبالموت}.
سادسها: القلب والإبدال في كلمة بأخرى، أو حرف بآخر، مثل: {وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا} [ البقرة: 259] بالزاي، وقرئ: {ننشرها} بالراء.
سابعها: اختلاف اللغات: مثل {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} [النازعات: 15] بالفتح و الإمالة في: {أتى} و {موسى} وغير ذلك من ترقيق وتفخيموإدغام…
فهذا التأويل مما جمع شواذ القراءات ومشاهيرها ومناسيخها على موافقةالرسم ومخالفته، وكذلك سائر الكلام لا ينفك اختلافه من هذه الأجناس السبعةالمتنوعة.
المذهب الثاني: أن المراد بالأحرف السبعة لغات من لغات قبائلالعرب الفصيحة.
وذلك لأن المعنى الأصلي للحرف هو اللغة ، فأنزل القرآن علىسبع لغات مراعيا ما بينها من الفوارق التي لم يألفها بعض العرب،فأنزل الله القرآنبما يألف ويعرف هؤلاء وهؤلاء من أصحاب اللغات، حتى نزل في القرآن من القراءات مايسهل على جلّ العرب إن لم يكن كلهم، وبذلك كان القرآن نازلا بلسان قريشوالعرب.
فهذان المذهبان أقوى ما قيل، وأرجح ما قيل في بيان المراد من الأحرفالسبعة التي نزل بها القرآن الكريم. .
[-القراءاتالسبع]
تعريف القراءة: لغة: مصدر لـ: قرأ
واصطلاحا: مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء، مخالفا به غيره في النطقبالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطقالحروف أم في نطق هيئاتها.

هذا التعريف يعرف القراءة من حيث نسبتها للأمامالمقرئ كما ذكرنا من قبل، أما الأصل في القراءات فهو النقل بالإسناد المتواتر إلىالنبي صلى الله عليه وسلم.
والمقرئ: هو العالم بالقراءات ، التي رواهامشافهة بالتلقي عن أهلها إلى أن يبلغ النبي صلى الله عليهوسلم.
ضابط القراءة المقبولة:
لقد ضبط علماء القراءات القراءةالمقبولة بقاعدة مشهورة متفق عليها بينهم ، وهي:
كل قراءة وافقت العربية ولوبوجه، ووافقت رسم أحد المصاحف ولو احتمالا، وتواتر سندها، فهي القراءةالصحيحة.
يتبين من هذا الضابط ثلاثة شروط هي:
الشرط الأول: موافقةالعربية ولو بوجه:
ومعنى هذا الشرط أن تكون القراءة موافقة لوجه من وجوهالنحو، ولو كان مختلفا فيه اختلافا لا يضر مثله، فلا يصح مثلا الاعتراض على قراءةحمزة. {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ} [النساء: 1] بجر الأرحام.
الشرط الثاني: موافقة خط أحد المصاحف ولو احتمالا:
وذلكأن النطق بالكلمة قد يوافق رسم المصحف تحقيقا إذا كان مطابقاً للمكتوب، وقد يوافقهاحتمالاً أو تقديراً باعتبار ما عرفنا أن رسم المصحف له أصول خاصة تسمح بقراءته علىأكثر من وجه.
مثال ذلك: {ملك يوم الدين} رسمت {ملك} بدون ألف في جميعالمصاحف، فمن قرأ: (ملك يوم الدين) بدون ألف فهو موافق للرسم تحقيقياً، ومن قرأ: {مالك} فهو موافق تقديراً، لحذف هذه الألف من الخط اختصاراً .
الشرطالثالث: تواتر السند:
وهو أن نعلم القراءة من جهة راويها ومن جهة غيره ممنيبلغ عددهم التواتر في كل طبقة.
أنواع القراءات حسب أسانيدها:
لقد قسم علماء القراءة القراءات بحسب أسانيدها إلى ستة أقسام:
الأول: المتواتر: وهو ما نقله جمع غفير لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم إلى منتهىالسند، وهذا النوع يشمل القراءات العشر المتواترات .تواترت الأخبارُ عَن النَبي (صلى الله عليه وسلم) بِنُزُولِ القُرآنِ الكَريم على سَبْعَة أحْرُف(1)، وجُمِعَتْ هذه الأخبارُ فيالجوامع والسُنَن والمسانيد وموطأ الإمام (مالك) –رحمه الله- والمُصنفات والأجزاءالحديثية، وقد جاءت تلك الأخبار على أنواع ثلاثة:
الأول: ما يُفيدُ أنَّ اللهَ –تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أمرَ نبيَه (صلى الله عليه وسلم) على لِسان (جبريل) –عليهالسلام- أن يُقرئ أمتَه القرآن على حَرْف، فسأل النبيَ (صلى الله عليه وسلم) المعافاة والمغفرة؛ لأنَّ أُمتَه لا تُطيق ذلك، فأمَرَه أن يقرَأه على حرفين، ثمعلى ثلاثة أحْرُف، ثم أمرَه -في الأخير- أن يُقرئَ أمتَه القرآن على سَبْعَة أحْرف،وأخبرَه أنَّ مَن قرأ بأي حَرْف مِن هذه الأحرف السَبعَة فقد أصاب.
القول الثاني: سَبْع لغات في القرآن على لغاتالعَرَب كلِها: يمنها ونزارها (17)، وإليه ذَهَبَ: ثعلب، أبو عبيد القاسِم بن سلام،الأزهري، الطَبَري، ابن عطية، البَيهقي، ابن حِبَّان (كما في «البرهان»/ للزركشي)،والسندي، ومَالَ إليه (الألُوسِي) –رَحِمَهم الله جَميعًا.
وحجتهم في ذلك: (أنَّرسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) لم يَجْهَلْ شيئًا مِنها، وكان قَد أوتي جَوامِعالكَلِم) (18)، وأنَّ الحِكمَة مِن نزول القُرآن على سَبْعَة أحْرُف هي: التخفيفعلى الأمة ودَفْع المَشقة وإزالة الحَرَج [كما في النوع الأول مِن الأحاديث]،فوَّجَب بِذَلِك نُزُولُه بِلُغات العَرَب ولَهَجَاتِهم، وإلا لا مَعنىً للتيسيرودَفْع الحَرَج.
ويقولون: (وليس مَعناه أن يكونَ في الحَرْفِ الواحِد سَبْعَةأوجُه؛ ولكن هذه اللغات السَبْعَ مُتفَرِقَة في القُرآن؛ فبعضُه بِلُغَة قُرَيش،وبعضُه بِلُغَة هُذَيل، وبعضُه بِلُغَة هُوازِن، وبَعضُه بِلُغَة اليَمَن. وبعضُالأحياء (أي: اللغات) أسْعَدُ بها وأكثَرُ حظاُ فيها مِن بَعض؛ فيُعَبَر عَنالمَعنى فيه مَرة بِعِبَارَةِ قُرَيش، ومَرة بِعِبَارَةِ هُذَيل، ومرة بِغَيرِ ذلكبِحَسَبِ الأفْصَح والأوْجَزِ في اللفظ، وإنْ كَانَ أغلَبُه نَزَل بِلُغَة قُرَيش [كما قال (ابْنُ عَبْدِ البَر) –رحمه الله-]؛ لقولِ (عُثمانَ بْنِ عَفَان) –رضيالله عنه- أثناء جَمْع المُصحَف: "ما اختلفتُم أنتم وَ(زَيْد) فاكتُبُوه بِلُغَةقُرَيش؛ فإنَّه نَزَل بِلُغَتِهم") (19)..
القول الثالث: المُرادبذلك سَبْعَة أصناف، وهو قول البَيضاوي والقاضي (ابن الطيب). واختلفوا في تعيينِهاعلى عِدة أقوال:
1- معاني كتاب الله تعالى، وهي: أمر، نهي، وعد، وعيد، قصص،مجادلة، أمثال.
(2) قال الإمام (مَكي بن أبي طالب) –رَحِمَه الله-: "هذه القِراءت التي يُقرأ بِها اليوم وصحت رواياتها عَن الأئمة؛جُزءٌ مِن الأحرف السَّبعة التي نَزَل بها القُرآن" اهـ نَقلا عَن «فتح الباري»: (19/ 37).
وقال الإمامُ (أبو العباس بن عمار) –رَحِمَه الله-: "أصح ما عليهالحُذاق أنَّ الذي يُقرأ الآن [في المُصحَف هو] بعض الحُروف السَّبعة المأذون فيقِراءتها لا كُلها، وضابِطُه ما وافق رَسمَ المُصحَف" اهـ نَقلا عَن «فتح الباري» (19/ 36)، والزيادة بين المَعكوفَتين مِن عِندي لتوضيح المَعنَى.
وقال الإمامُ (البَغوي) –رَحِمَه الله- في «شَرح السُّنَة»: "المُصحف الذي استقر عليه الأمر هوآخر العَرضات على رسولِ الله (صلى الله عليه وسلم)؛ فأمر (عُثمان) –رَضي الله عَنه- بِنَسخِه في المَصاحِف وجَمع الناس عليه، وأذهب ما سوى ذلك؛ قَطعًا لمادة الخِلاففصار ما يُخالِفُ خَطَّ المُصحف في حُكم المَنسوخ والمَرفوع كسائِر ما نُسخ ورُفِع،فليس لأحدٍ أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارِج عَن رَّسم المُصحَف" اهـ بتصرف يَسيرنَقلا عَن «فَتح الباري»: (19/ 36:
وبَيَّن الإمامُ (الزركشي) –رَحِمَهالله- في كِتابِه «البُرهان في عُلوم القُرآن» أنَّ الحَرف الذي استقر عليه الأمرُهو حَرفُ (زَيد بن ثابِت) –رَضي الله عَنه؛ فقال: "السبعة أحرف التي أشير إليها فيالحديث ليس بأيدى الناس منها إلا حرف (زيد بن ثابت) الذي جمع (عثمانُ) عليهالمصاحف" اهـ.
(3) قال الإمامُ (ابن أبي هاشِم) –رَحِمَه الله-: "إنَّالسَّبب في اختلاف القِراءت السَّبع وغيرِها أنَّ الجِهات التي وُجِهَت إليهاالمَصاحِف كان بها مِن الصَّحابَة مَن حَمَل عَنه أهلُ تِلك الجِهَة، وكانتالمصاحِف خالية مِن النُقط والشَّكل، فَثَبَت أهلُ كل ناحية على ما كانوا تَلقوهعَن الصحابة بِشَرط موافَقَة الخَط، وتركوا ما يُخالِفُ الخَطَّ؛ امتثالا لأمرِ (عُثمان) –رَضي الله عَنه- الذي وافقه عليه الصَّحابَةُ؛ لِما رأوا في ذلك مِنالاحتياط للقُرآن، فَمِن ثَمَّ نشأ الاختلافُ بين قُراء الأمصار مَع كونِهممُتَمَسكين بِحَرفٍ واحِدٍ مِن السَّبعة" اهـ بتصرف يَسير جِدًّا نَقلا عَن «فَتحالباري»: (19/ 36: 37).
وصلى الله وسَلَّم على نَبيِّنا مُحمد وعلى آله وأصحابِهأجْمَعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.والحاصل من أقوال أهل العلم في هذه المسألة، أن المقصود بالأحرف السبعة لغات للعربعلى أرجح الأقوال، وأن عثمان رضي الله عنه ومن كان معه من الصحابة جمعوا القرآن علىحرف واحد من تلك الأحرف، وهو حرف قريش، وصار المصحف العثماني شاملاً لحرف قريش،ولِمَا يحتمله رسمه من الأحرف الستة المتبقية؛ وأن القراءات المتواترة ما هي إلاقراءات ضمن حرف قريش، احتملها الرسم العثماني الذي لم يكن منقوطًا ولا مشكولاًحينذاك. كما أن نسبة القراءات السبع إلى القراء السبعة إنما هي نسبة اختيار وشهرة،واتباع للنقل والأثر ليس إلا. والله أعلم بالصواب . قال الطاهر بن عاشور -رحمه الله - في -التحرير والتنوير:

ورد في حديث عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم بن حزام في صحيح البخاري أنعمر بن الخطاب قال :سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ فيالصلاة سورة الفرقان في حياة رسول الله فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروفكثيرة لم يقرئنيها رسول الله ، فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته بردائهفقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ ا قال أقرأنيها رسول الله ، فقلت كذبتفإن رسول الله أقرأنيها على غير ما قرأت ، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله فقلت إنيسمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها ، فقال رسول الله اقرأ يا هشامفقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله كذلك أنزلت ، ثم قال اقرأ يا عمرفقرأت القراءة التي أقرأني فقال رسول الله كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعةأحرف فاقرأوا ما تيسر منهاه .
وفي الحديث إشكال ، وللعلماء في معناه أقوال يرجع إلى اعتبارين : أحدهمااعتبارالحديث منسوخاوالآخراعتباره محكما .
فأما الذين اعتبروا الحديث منسوخا وهو رأي جماعة منهم أبو بكر الباقلائيوابن عبد البر وأبو بكر بن العربي والطبري والطحاوي ، وينسب إلى ابن عيينة وابن وهبقالوا كان ذلك رخصة في صدر الإسلام أباح الله للعرب أن يقرأوا القرآن بلغاتهم التيجرت عادتهم باستعمالها ، ثم نسخ ذلك بحمل الناس على لغة قريش لأنها التي بها نزلالقرآن وزال العذر لكثرة الحفظ وتيسير الكتابة ، وقال ابن العربي دامت الرخصة مدةحياة النبي عليه السلام ، وظاهر كلامه أن ذلك نسخ بعد وفاة رسول الله * صلى اللهعليه وسلم * ، فإما نسخ بإجماع الصحابة أو بوصاية من النبي * صلى الله عليه وسلم * ، واستدلوا على ذلك بقول عمر : إن القرآن نزل بلسان قريش، وبنهيه عبد الله بن مسعود أن يقرأ *فتول عنهم حتىحين * وهيلغة هذيل في *حتى *، وبقول عثمان لكتاب المصاحف فإذا اختلفتم في حرف فاكتبوهبلغة قريش فإنما نزل بلسانهم ، يريد أن لسان قريش هو الغالب على القرآن ، أو أرادأنه نزل بما نطقوا به من لغتهم وما غلب على لغتهم من لغات القبائل إذ كان عكاظ بأرضقريش وكانت مكة مهبط القبائل كلها .
ولهم في تحديدمعنى الرخصة بسبعة أحرف ثلاثة أقوال :
الأولأن المراد بالأحرف الكلماتالمترادفة للمعنى الواحد ، أي أنزل بتخيير قارئه أن يقرأه باللفظ الذي يحضره منالمرادفات تسهيلا عليهم حتى يحيطوا بالمعنى . وعلى هذا الجواب فقيل المراد بالسبعةحقيقة العدد وهو قول الجمهور فيكون تحديدا للرخصة بأن لا يتجاوز سبعة مرادفات أوسبع لهجات أي من سبع لغات ؛ إذ لا يستقيم غير ذلك لأنه لا يتأتى في كلمة من القرآنأن يكون لها ستة مرادفات أصلا ، ولا في كلمة أن يكون فيها سبع لهجات إلا كلماتقليلة مثل أف - وجبريل - وأرجه . وقد اختلفوا في تعيين اللغات السبع ، فقال أبوعبيدة وابن عطية وأبو حاتم والباقلاني هي من عموم لغات العرب وهم : قريش ، وهذيل ،وتيم الرباب ، والأزد ، وربيعة ، وهوازن ، وسعد بن بكر من هوازن ، وبعضهم يعد قريشا، وبنيدارم ، والعليا من هوازن وهم سعد بن بكر ، وجشم بن بكر ، ونصر بن معاوية ،وثقيف ، قال أبو عمرو بن العلاء أفصح العرب عليا هوازن وسفلى تميم وهم بنو دارم .
وبعضهم يعد خزاعة ويطرح تميما ، وقال أبو علي الاهوازي ، وابن عبد البر، وابن قتيبة هي لغات قبائل من مضر وهم قريش ، وهذيل ، وكنانة ، وقيس ، وضبة ، وتيمالرباب ، وأسد بن خزيمة ، وكلها من مضر .

القول الثاني :لجماعة منهم عياض : أن العدد غير مراد به حقيقته ، بل هو كناية عنالتعدد والتوسع ، وكذلك المرادفات ولو من لغة واحدة كقوله* كالعهنالمنفوش *وقرأ ابن مسعود كالصوف المنفوش ، وقرأ أبي * كلماأضاء لهم مشوا فيه * مروا فيه سعوا فيه ، وقرأ ابن مسعود * انظرونا نقتبس من نوركم *أخرونا ، أمهلونا ، وأقرأ ابن مسعودرجلا * إن شجرة الزقوم طعام الأثيم * فقال الرجل طعاماليتيم ، فأعاد له فلم يستطع أن يقول الأثيم فقال له ابن مسعود : أتستطيع أن تقولطعام الفاجر ا قال نعم ، قال فاقرأ كذلك ، وقد اختلف عمر وهشام بن حكيم ولغتهماواحدة .
القول الثالث :أن المراد التوسعة فينحو * كان الله سميعا عليما * أن يقرأ عليما حكيما ما لميخرج عن المناسبة كذكره عقب آية عذاب أن يقول * وكان الله غفورارحيما *أو عكسه وإلى هذا ذهب ابن عبد البر .

وأما الذين اعتبروا الحديث محكما غيرمنسوخفقد ذهبوا في تأويله مذاهب :
*فقال جماعة منهم البيهقي وأبو الفضل الرازي أن المراد من الأحرف أنواعأغراض القرآن كالأمر والنهي ، والحلال والحرام ، أو أنواع كلامه كالخبر والإنشاء ،والحقيقة والمجاز : أو أنواع دلالته كالعموم والخصوص ، والظاهر والمؤول . ولا يخفىأن كل ذلك لا يناسب سياق الحديث على اختلاف رواياته من قصد التوسعة والرخصة . وقدتكلف هؤلاء حصر ما زعموه من الأغراض ونحوها في سبعة فذكروا كلاما لا يسلم من النقض .
*وذهب جماعة منهم أبو عبيد وثعلب والأزهري وعزي لابن عباس أن المراد أنهأنزل مشتملا على سبع لغات من لغات العرب مبثوثة في آيات القرآن لكن لا على تخييرالقارئ ، وذهبوا في تعيينها إلى نحو ما ذهب إليه القائلون بالنسخ إلا أن الخلاف بينالفريقين في أن الأولين ذهبوا إلى تخيير القارئ في الكلمة الواحدة ، وهؤلاء أرادواأن القرآن مبثوثة فيه كلمات من تلك اللغات ، لكن على وجه التعيين لا على وجهالتخيير ، وهذا كما قال أبو هريرة : ما سمعت السكين إلا في قوله تعالى *وآتت كل واحدة منهن سكينا *ما كنا نقول إلا المدية ، وفيالبخاري : إلا من النبئ في قصة حكم سليمان بين المرأتين من قول سليمان ايتونيبالسكين أقطعه بينكما ، وهذا الجواب لا يلاقي مساق الحديث من التوسعة ، ولا يستقيممن جهة العدد لأن المحققين ذكروا أن في القرآن كلمات كثيرة من لغات قبائل العرب ،وأنهاها السيوطي نقلا عن أبي بكر الواسطي إلى خمسين لغة .
*وذهب جماعة أن المراد من الأحرف لهجات العرب في كيفيات النطق كالفتحوالإمالة ، والمد والقصر ، والهمز والتخفيف ، على معنى أن ذلك رخصة للعرب معالمحافظة على كلمات القرآن ، وهذا أحسن  وهذا أيضا من أكبر مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه. ثم إن الشيخين سبقاه إلى حفظ القرآنأن يذهب منه شيء.وهو جمع الناس على قراءة واحدة لئلايختلفوا في القرآن، ووافقه على ذلك جميع الصحابة.اليمان.     

description تعدد القراءات القرآنية Emptyرد: تعدد القراءات القرآنية

more_horiz
شكرا علي الموضوع الجميل
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد