كتب الله الموت على كل نفس ، واختص هو سبحانه وتعالى بالبقاء ، قال تعالى : وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ واختص جنائز بني آدم بأحكام يجب على الأحياء تنفيذها ، ونحن نذكر في هذا الفصل ما يختص بالنساء ، منها :

1 - يجب أن يتولى تغسيل المرأة الميتة النساء :

ولا يجوز للرجال أن يغسلوها ، إلا الزوج فإن له أن يغسل زوجته ، ويتولى تغسيل الرجل الميت الرجال ، ولا يجوز للنساء تغسيله ، إلا الزوجة فإن لها أن تغسل زوجها ؛ لأن عليا رضي الله عنه غسل زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها ، وأسماء بنت عميس رضي الله عنها غسلت زوجها أبا بكر الصديق رضي الله عنه .

2 - يستحب تكفين المرأة في خمسة أثواب بيض :

إزار تؤزر به ، وخمار على رأسها ، وقميص تلبسه ، ولفافتين تلف بهما فوق ذلك ؛ لما روت ليلى الثقفية قالت : كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها ، وكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقى ، ثم الدرع ، ثم الخمار ، ثم الملحفة ، ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر والحقى هو الإزار .

قال الإمام الشوكاني في [ نيل الأوطار ] : والحديث يدل على أن المشروع في كفن المرأة : أن يكون إزارا ودرعا وخمارا وملحفة ودرجا . انتهى . [ نيل الأوطار ] ( 4| 42 ) .

3 - ما يصنع بشعر رأس المرأة الميتة :

يجعل ثلاث ضفائر ، وتلقى خلفها ؛ لحديث أم عطية في صفة غسل بنت النبي صلى الله عليه وسلم : فضفرنا شعرها ثلاثة قرون ، وألقيناه خلفها .


4 - حكم اتباع النساء للجنائز :

عن أم عطية رضي الله عنها قالت : نهينا عن اتباع الجنائز ، ولم يعزم علينا متفق عليه ، النص ظاهره التحريم ، وقولها : ( لم يعزم علينا ) قال عنه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في [ مجموع الفتاوى ] ( 24| 355 ) : قد يكون مرادها لم يؤكد النهي ، وهذا لا ينفي التحريم ، وقد تكون هي ظنت أنه ليس بنهي تحريم ، والحجة في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا في ظن غيره .

5 - تحريم زيارة القبور على النساء :

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ومعلوم أن المرأة إذا فتح لها هذا الباب أخرجها إلى الجزع والندب والنياحة ؛ لما فيها من الضعف ، وكثرة الجزع ، وقلة الصبر ، وأيضا فإن ذلك سبب لتأذي الميت ببكائها ، ولافتتان الرجال بصوتها وصورتها ، كما جاء في حديث آخر : فإنكن تفتن الحي وتؤذين الميت ، وإذا كانت زيارة النساء - للقبور - مظنة وسببا للأمور المحرمة في حقهن وحق الرجال - والحكمة هنا غير مضبوطة - فإنه لا يمكن أن يحد المقدار الذي لا يفضي إلى ذلك ، ولا التمييز بين نوع ونوع ؛ ومن أصول الشريعة أن الحكمة إذا كانت خفية أو غير منتشرة علق الحكم بمظنتها ، فيحرم هذا الباب ؛ سدا للذريعة ، كما حرم النظر إلى الزينة الباطنة ؛ لما في ذلك من الفتنة ، وكما حرم الخلوة بالأجنبية وغير ذلك من النظر ، وليس في ذلك - أي : زيارتها للقبور - من المصلحة ما يعارض هذه المفسدة ، فإنه ليس في ذلك إلا دعاؤها للميت ، وذلك ممكن في بيتها . انتهى ، من [ مجموع الفتاوى ] ( 24|355 ، 356 ) .

6 - تحريم النياحة :

وهي : رفع الصوت بالندب ، وشق الثوب ، ولطم الخد ، ونتف الشعر ، وتسويد الوجه وخمشه ؛ جزعا على الميت ، والدعاء بالويل ، وغير ذلك مما يدل على الجزع من قضاء الله وقدره ، وعدم الصبر ، وذلك حرام وكبيرة لما في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ليس منا من لطم الخدود ، وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية ، وفيهما أيضا أنه صلى الله عليه وسلم : بريء من الصالقة والحالقة والشاقة ، والصالقة هي التي ترفع صوتها عند المصيبة ، والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة ، والشاقة التي تشق ثيابها عند المصيبة ، وفي [ صحيح مسلم ] أنه صلى الله عليه وسلم لعن النائحة والمستمعة ، أي التي تقصد سماع النياحة وتعجبها .

فيجب علبك أيتها الأخت المسلمة تجنب هذا العمل المحرم عند المصيبة ، وعليك بالصبر والاحتساب ، حتى تكون المصيبة في حقك تكفيرا لسيئاتك ، وزيادة في حسناتك .

قال الله تعالى : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ

نعم ، بجوز البكاء الذي ليس معه نياحة ، ولا أفعال محرمة ، ولا تسخط من قضاء الله وقدره ؛ لأن البكاء فيه رحمة للميت ورقة للقلب ، وأيضا هو مما لا يستطاع رده ، فكان مباحا وقد يكون مستحبا ، والله المستعان .

الشيخ الفوزان حفظه الله من كتاب " تنبيهات على احكام تختص بالمؤمنات "