المجلس السابع عشر
الباب التاسع
9 جمادي الأخر 1436 ه
بَاب ذَهَابِ الصَّالِحِينَ وَيُقَالُ الذِّهَابُ الْمَطَرُ
قال الإمام البخاري رحمه الله
6070 حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ مِرْدَاسٍ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ أَوْ التَّمْرِ لَا يُبَالِيهِمْ اللَّهُ بَالَةً قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ يُقَالُ حُفَالَةٌ وَحُثَالَةٌ .
وفي الحديث
لتُنتَقَوُنَّ كما يُنتَقى التَّمرُ من أغفالِهِ فلَيذهَبنَّ خيارُكُم وليَبقينَّ شرارُكُم (1)
ومعنى "من أغفاله": أي مما لاخير فيه.
ومعنى "من أغفاله": أي مما لاخير فيه.
- لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يأخُذَ اللَّهُ شريطتَهُ مِن أَهْلِ الأرضِ ، فيبقَى فيها عُجاجةٌ ، لا يعرِفونَ مَعروفًا ، ولا يُنكِرونَ مُنكرًا .(2)
العَجَاجُ : رعَاعُ الناس وغَوْغَاؤُهُمْ وواحده : عَجَاجَةٌ
معنى عجاج في معجم المعاني الجامع - معجم عربي عربي
« لتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله » ؛ يعني من رديئه. الأغفال جمع غُفْل، والغُفْل من الناس كل من لا خير فيه، وكذلك من الأطعمة الغفل الشيء الرديء. « وتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله » ؛ يعني بالموت، فـ « يذهب الصالحون الأول فالأول » .
« لتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله » ؛ يعني من رديئه. الأغفال جمع غُفْل، والغُفْل من الناس كل من لا خير فيه، وكذلك من الأطعمة الغفل الشيء الرديء. « وتنتقون كما ينتقى التمر من أغفاله » ؛ يعني بالموت، فـ « يذهب الصالحون الأول فالأول » .
والجملة الثانية تكون مفسرة « وليذهبن خياركم ويبقى شراركم فموتوا إن استطعتم » الموت ما هو بيد الإنسان حتى يموت، ولا يحل له أن يقتل نفسه، لكن فسر بأن الموت في هذه الحال خير. إذا غلب الشر الموت خير من الحياة. إذا غلب الشر وأهل الشر وخشي الإنسان على نفسه وعظمت الفتنة؛ ولهذا جاء في الدعاء « وإذا أردت بخلقك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون » نعم.
شرح أحاديث في الفتن والحوادث
(الجزء الثاني) لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك .
(الجزء الثاني) لفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك .
شرح الحديث
قَوْلُهُ بَابُ ذَهَابِ الصَّالِحِينَ ) أَيْ مَوْتُهُمْ
قَوْلُهُ وَيُقَالُ الذَّهَابُ الْمَطَرُ ) ثَبَتَ هَذَا فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ وَحْدَهُ وَمُرَادُهُ أَنَّ لَفْظَ الذَّهَابِ مُشْتَرَكٌ عَلَى الْمُضِيِّ وَعَلَى الْمَطَرِ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ الذَّهَابُ الْأَمْطَارُ اللَّيِّنَةُ وَهُوَ جَمْعُ ذِهْبَةٍ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ
قَوْلُهُ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ ) هُوَ مِنْ قُدَمَاءِ مَشَايِخِهِ وَقَدْ أَخْرَجَ عَنْهُ بِوَاسِطَةٍ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ .
قَوْلُهُ يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ " يُقْبَضُ " بَدَلَ يَذْهَبُ وَالْمُرَادُ قَبْضُ أَرْوَاحِهِمْ وَعِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ خَالِدٍ الطَّحَّانِ عَنْ بَيَانٍ : يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ أَسْلَافًا وَيُقْبَضُ الصَّالِحُونَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ وَالثَّانِيَةُ تَفْسِيرٌ لِلْأُولَى
قَوْلُهُ وَيَبْقَى حُثَالَةٌ أَوْ حُفَالَةٌ هُوَ شَكٌّ هَلْ هِيَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَوْ بِالْفَاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْحَالَيْنِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ " حُثَالَةٌ " بِالْمُثَلَّثَةِ جَزْمًا
قَوْلُهُ كَحُثَالَةِ الشَّعِيرِ أَوِ التَّمْرِ يَحْتَمِلُ الشَّكَّ وَيَحْتَمِلُ التَّنْوِيعَ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ " كَحُثَالَةِ [ ص: 257 ] الشَّعِيرِ " فَقَطْ وَفِي رِوَايَةٍ " حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا مِثْلُ حُثَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ " زَادَ غَيْرُ أَبِي ذَرٍّ مِنْ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ الْبُخَارِيُّ حُثَالَةٌ وَحُفَالَةٌ يَعْنِي أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْحُثَالَةُ بِالْفَاءِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ الرَّدِيءُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَقِيلَ آخِرُ مَا يَبْقَى مِنَ الشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَأَرْدَؤُهُ وَقَالَ ابْنُ التِّينِ : الْحُثَالَةُ سَقَطُ النَّاسِ وَأَصْلُهَا مَا يَتَسَاقَطُ مِنْ قُشُورِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهِمَا وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ : مَا يَسْقُطُ مِنَ الشَّعِيرِ عِنْدَ الْغَرْبَلَةِ وَيَبْقَى مِنَ التَّمْرِ بَعْدَ الْأَكْلِ وَوَجَدْتُ لِهَذَا الْحَدِيثِ شَاهِدًا مِنْ رِوَايَةِ الْفَزَارِيَّةِ امْرَأَةِ عُمَرَ بِلَفْظِ تَذْهَبُونَ الْخَيِّرُ فَالْخَيِّرُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْكُمْ إِلَّا حُثَالَةٌ كَحُثَالَةِ التَّمْرِ يَنْزُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ نَزْوَ الْمَعْزِ أَخْرَجَهُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ يُونُسَ فِي " تَارِيخِ مِصْرَ " وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِرَفْعِهِ لَكِنْ لَهُ حُكْمُ الْمَرْفُوعِ
قَوْلُهُ لَا يُبَالِيهِمُ اللَّهُ بَالَةً ) قَالَ الْخَطَّابِيُّ : أَيْ لَا يَرْفَعُ لَهُمْ قَدْرًا وَلَا يُقِيمُ لَهُمْ وَزْنًا يُقَالُ بَالَيْتُ بِفُلَانٍ وَمَا بَالَيْتُ بِهِ مُبَالَاةً وَبَالِيَةً وَبَالَةً وَقَالَ غَيْرُهُ أَصْلُ بَالَةٍ بَالِيَةٍ فَحُذِفَتِ الْيَاءُ تَخْفِيفًا وَتُعُقِّبَ قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ بِأَنَّ بَالِيَةً لَيْسَ مَصْدَرًا لِبَالَيْتُ وَإِنَّمَا هُوَ اسْمُ مَصْدَرِهِ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ : سَمِعْتُهُ فِي الْوَقْفِ بَالَةً وَلَا أَدْرِي كَيْفَ هُوَ فِي الدَّرْجِ وَالْأَصْلُ بَالَيْتُهُ بَالَاةً فَكَأَنَّ الْأَلِفَ حُذِفَتْ فِي الْوَقْفِ كَذَا قَالَ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ فِي مَصْدَرِهِ بَالَاةً . قَالَ وَلَوْ عَلِمَ الْقَابِسِيُّ مَا نَقَلَهُ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ بَالَةً مَصْدَرٌ مُصَارٌ لَمَا احْتَاجَ إِلَى هَذَا التَّكَلُّفِ . قُلْتُ تَقَدَّمَ فِي الْمَغَازِي مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ بَيَانٍ بِلَفْظِ " لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ شَيْئًا " وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ " لَا يُبَالِي اللَّهُ عَنْهُمْ " وَكَذَا فِي رِوَايَةِ خَالِدٍ الطَّحَّانِ وَ " عَنْ " هُنَا بِمَعْنَى الْبَاءِ يُقَالُ مَا بَالَيْتُ بِهِ وَمَا بَالَيْتُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ يَعْبَأُ بِالْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مَهْمُوزٌ أَيْ لَا يُبَالِي وَأَصْلُهُ مِنَ الْعِبْءِ بِالْكَسْرِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ مَهْمُوزٌ وَهُوَ الثِّقَلُ فَكَأَنَّ مَعْنَى لَا يَعْبَأُ بِهِ أَنَّهُ لَا وَزْنَ لَهُ عِنْدَهُ وَوَقَعَ فِي آخِرِ حَدِيثِ الْفَزَارِيَّةِ الْمَذْكُورِ آنِفًا " عَلَى أُولَئِكَ تَقُومُ السَّاعَةُ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : فِي الْحَدِيثِ أَنَّ مَوْتَ الصَّالِحِينَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ . وَفِيهِ النَّدْبُ إِلَى الِاقْتِدَاءِ بِأَهْلِ الْخَيْرِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ مُخَالَفَتِهِمْ خَشْيَةَ أَنْ يَصِيرَ مَنْ خَالَفَهُمْ مِمَّنْ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ انْقِرَاضُ أَهْلِ الْخَيْرِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا أَهْلُ الشَّرِّ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ خُلُوِّ الْأَرْضِ مِنْ عَالِمٍ حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا أَهْلُ الْجَهْلِ صِرْفًا وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآتِي فِي الْفِتَنِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -
( تَنْبِيه ) : وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ هُنَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حُفَالَةٌ وَحُثَالَةٌ أَيْ أَنَّهَا رُوِيَتْ بِالْفَاءِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ .
وجاء فيشرح كتاب الرقاق الباب الثامن
للشيخ ابن عثيمين رحمه الله
9- باب ذهاب الصالحين
ويقال: الذهاب المطر
هذا كما سبق في حديث ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم .) فالصالحون يذهبون الأول فالأول ويبقى حثالة كحثالة الشعير ، لا يباليهم الله باله ، أي لا يبالي أن يعاقبهم ويعذبهم لأنهم ليسوا أهلاً أن يعتني الله بهم.
هذا كما سبق في حديث ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم .) فالصالحون يذهبون الأول فالأول ويبقى حثالة كحثالة الشعير ، لا يباليهم الله باله ، أي لا يبالي أن يعاقبهم ويعذبهم لأنهم ليسوا أهلاً أن يعتني الله بهم.
والحديث عام ، مثل قوله خير الناس قرني ، ولو نظرنا لعدد المسلمين اليوم لوجدناهم تقريباً ألف مليون ، وما نسبه الصالحين فيهم ؟ لا شيء ن فلو نظرنا للعموم لوجدنا أن الموجودين الآن حثالة ، حتى الموجودين المتمسكين بالإسلام هل يعني مطبقين الإسلام من كل وجه ؟ كلا ، لا بالنسبة لحكمهم ، ولا لشعوبهم ، لكن يختلف الناس ، فبعضهم يطبق الأكثر وبعضهم لا يطبق إلا الأقل وبعضهم النصف ، يختلفون ، أما أن تجد أمة الآن مطبقة لأحكام الإسلام مائة في المائة في الشعوب والحكام ما تجد هذا.
س: قوله: ( لا يباليهم الله باله ) هل يختلف المعنى إذا كانت التاء المربوطة في كلمة ( باله ) مضاف للضمير أي تقرأ ( هاء ) ؟
ج: نعم ، يختلف بلا شك فلو قلت بال صارت بال الله ، أما ( باله ) معناها مبالاه ، أي لا يبالي بهم ، فالبال ، الحال أو الشأن ، ولا نقول لله بال ولكن نقول الله لا يبالي بهؤلاء مثلاً.
********************
(1)الراوي : أبو هريرة المحدث : الألباني
********************
(1)الراوي : أبو هريرة المحدث : الألباني
المصدر : صحيح
ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 3279 خلاصة حكم المحدث : صحيح.
(2) الراوي : عبدالله بن عمرو المحدث : أحمد شاكر
ابن ماجه الصفحة أو الرقم: 3279 خلاصة حكم المحدث : صحيح.
(2) الراوي : عبدالله بن عمرو المحدث : أحمد شاكر
المصدر : مسند أحمد الصفحة أو الرقم: 11/161 خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح .