يبدأ الاهتمام بصحة الطفل قبل ولادته منذ بداية الحمل ، والذي لابد أن يتم متابعته مع طبيب نساء فور التأكد من وجود حمل ، إذ يتم عمل التحاليل المختلفة للدم والسائل الأمينوسي المحيط بالجنين ، التصوير الدوري أو المتابعة بالموجات فوق الصوتية (السونار) ، وهي اجراءات طبية ضرورية لاستمرار الحمل وولادة طفل سليم ، إلا أنه من الضروري اجراء بعض الفحوصات المعملية للتأكد من سلامة الطفل من الإضطرابات الأيضية أو الوراثية ، التي تؤثر على النمو الجسماني والعقلي حيث يؤدي الكشف المبكر عن هذه الأمراض للعلاج الناجح أو تقليل الإصابات والإعاقات الناتجة عنها .
يتم اجراء هذه الفحوصات المعملية للأطفال حديثي الولادة خلال 24-48 ساعة من الولادة ، مع التشديد على هذا التوقيت الهام ، حيث أن بعض الإضطرابات لا يمكن الكشف عنها قبل مرور 24 ساعة من الولادة، فيما قد يؤدي تأخر سحب العينة بعد مرور أكثر من 48 ساعة لبعض المضاعفات الخطيرة التي تهدد حياة الطفل .
تكون الفحوصات المعملية لحديثي الولادة بسيطة لا تحتاج لتحضيرات ، ولا يستغرق سحب عينة الدم سوى دقائق يقوم بها فني المختبر ، ويتم سحب عينة دم من كعب الطفل للكشف عن أكثر من 20 اضطراب أيضي أو وراثي ، تختلف فحوصات حديثي الولادة من دولة لأخرى ولكننا يمكن أن نلخصها في الاختبارات الآتية :
– فحص بيلة الفينيل كيتون (pku) : وهو تحليل يكشف عن اصابة الطفل حديثي الولادة بتكسر الحمض الأميني الفينيل ألانين ، حيث أن تراكمه في خلايا الدماغ يؤدي لإصابة الطفل بالتخلف العقلي ، كما تؤدي الإصابة بالمرض لمنع الطفل من الأغذية الغنية بالبروتينات ، ذات التركيز القليل من الفينيل ألانين في مراحل الطفولة والمراهقة .
– قصور الغدة الدرقية الخلقي : والذي ينتج عن نقص افراز هرمون الغدة الدرقية الذي يؤثر على العمليات الحيوية والأيضية المتعددة ، مما يؤدي لتأخر النمو الجسماني ، والتطور العقلي فيما بعد ، تتمثل أهمية الكشف المبكر عن اضطراب أو قصور الغدة الدرقية في حديثي الولادة لسرعة التدخل العلاجي بإعطاء الطفل جرعات من هرمون الغدة الدرقية عن طريق البلع .
– الكشف عن وجود الغلاكتوز في الدم : إذ يؤدي نقص الإنزيم لتحويل السكر المركب (الغلاكتوز) لسكر بسيط ومصدر للطاقة لخلايا الجسم ، وهو ما يؤدي لمنع الطفل المصاب من تناول الحليب ومنتجات الألبان لتفادي تراكم الغلاكتوز في أنسجة الجسم ، وتجنب التلف العضوي والخلوي ، فقدان البصر ، التخلف العقلي الحاد ، قصور النمو ، والوفاة في بعض الحالات .
– فرط تنسج الكظر الخلقي : وينتج عن نقص أخد هرمونات الغدة الكظرية ، التي تؤثر على نمو الأعضاء التناسلية ، وقد تؤدي للوفاة الناتجة عن فرط فقدان الأملاح من الكليتين ، يحتاج الطفل المصاب للعلاج الهرموني التعويضي والذي يستمر مدى الحياة للسيطرة على الحالة الصحية له .
– التليف الكيسي : وهو ذو تأثير رئيسي على الرئتين والجهاز الهضمي ، مما يجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الرئوية ، وهو اضطراب جيني لذا فإن علاجه لا يقتصر على تقليل اصابة الطفل بعدوى الأمراض الرئوية بمختلف أنواعها ، العلاج بالمضادات الحيوية في بعض الحالات ، اتباع نظام غذائي صحي لتقوية مناعة الطفل ، لذا فإن الكشف المبكر عن التليف الكيسي يساهم بشكل كبير في العلاج وتقليل المضاعفات .
– نقص الإنزيم g6pd (التفول) : ويؤدي للإصابة باليرقان ، وحدوث تفاعلات خطيرة قد تعرض الطفل للوفاة عند تناول بعض أنواع من الطعام ، أو تناول بعض الأدوية .
– داء الخلايا المنجلية الوراثية : وهو مرض يؤدي لنضوج خلايا الدم الحمراء بشكل منجلي شاذ ، مما يؤدي للإصابة بنوبات ألم متكررة ، تلف الأعضاء الحيوية مثل الكليتين ، والرئتين مما يؤدي للوفاة في بعض الحالات ، زيادة فرص العدوى البكتيرية الخطيرة مثل التهاب السحايا ، والالتهاب الرئوي .
– فرط تيرزوين الدم : وينتج عن خلل أيض الجمض الأميني التيروزين ، والذي يؤدي تراكمه في الجسم لإصابة الطفل بالتخلف العقلي بدرجة متوسطة ، اختلال مهارات اللغة ، اضطرابات الكبد ، الفشل الكبدي المؤدي للوفاة ، ويعتمد علاج هذا الخلل على اتباع نظام غذائي خاص ، واللجوء لزراعة الكبد أحيانا .