نشأة الدولة الاسلامية
«الدولة الإسلامية ، هي الدولة التي تقوم على أساس الاسلام ، وتستمد منه تشريعاتها »(28) .
تُشكِّل
الدولة أبرز ظاهرة في الحياة الاجتماعية المعاصرة .. وتتميّز بأ نّها
مؤسّسة سياسية ذات سلطة مُلزمة .. والدراسة الاستقرائية للنصوص الاسلامية
والسيرة العملية توصلنا إلى أنّ الفكر الاسلامي اعتنى عناية خاصّة بمسألة
الدولة والسّلطة ، واعتبرها ركناً أساسياً من أركان البناء الاسلامي ..
والفكر
الاسلامي سبق الفكر الأوربي المعاصر بقرون عديدة بتمييزه بين شخصية الدولة
وشخصية الحاكم،فقد كانت شخصية الدولة قبل مجيء الاسلام مندكّة بشخصية
الحاكم.. ويُعتبر هذا التمييز انجازاً حضارياً عظيماً في عالَم السياسة
والعدالة والدولة واحترام حقوق الانسان..
لقد فصل الاسلام بين شخصية
الامام أو الخليفة وبين الدولة ، واعتبر الإمامة منصباً يملؤه الإمام . كما
اعتبر السّلطة أمانة ورعاية عامّة لشؤون الاُمّة يتحمّلها الحاكم ..
قال
تعالى : (إنّ اللهَ يأمركُم أن تُؤدّوا الأماناتَ إلى أهْلِها وإذا
حَكَمْتُم بينَ النّاسِ أن تَحْكُمُوا بالعَدْل ). ( النساء / 58 )
وورد عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «كُلّكُم راع وكُلّكُم مَسؤولٌ عَن رعيّته»(29).
وتتقوّم الدولة في المفهوم الاسلامي من العناصر الآتية :
1 ـ الاُمّة . 2 ـ القانون .
3 ـ السّلطة . 4 ـ السِّيادة .
ولم
يعتبر الفكر الاسلامي الأرض ركناً من أركان الدولة ، بل الدولة تُقام على
الأرض التي تُقيم عليها الاُمّة كلّها أو بعضها ، وتُمارس عليها السلطة
ولايتها وفق القانون . ولا دخل للأرض في تكوين شخصية الدولة ، بل الأرض شرط
في قيام الدولة ، فلا تُقام دولة إلّا على أرض تملكها الاُمّة ، وتُقيم
عليها . لذا يُقال قامت دولة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة ،
وقامت الدولة الأمويّة في الشام ، وقامت دولة الفراعنة في مصر ... إلخ .
والمسألة الثانية في تكوين الدولة هي أنّ القرآن اعتبر القانون ركناً أساساً من أركان تكوين الدولة ، جاء هذا البيان في قوله تعالى :
(كانَ
النّاسُ أُمّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النّبيِّين مُبشِّرينَ ومُنذِرينَ
وأنْزَلَ مَعَهُم الكِتابَ بالحقِّ لِيَحْكُمَ بينَ الناسِ فيما
اخْتَلَفُوا فيه ... ).( البقرة / 213 )
فالقرآن يُوضِّح في هذه الآية نشأة الدولة على يد الأنبياء ، كما يُوضِّح عناصر تكوين الدولة الأربعة ، وهي :
1ـ الاُمّة، 2ـ القانون (الكتاب)، 3 ـ الحكومة (الأنبياء)، 4 ـ الولاية (السِّيادة) التي يُمارسها الأنبياء بالحكم بالكتاب .
وهكذا يرتبط مفهوم السـلطة بالقانون والأخلاق الّذين حملهما الكتاب .
فالدولة
الاسلامية هي دولة قانونية وعقائدية تقوم علىعلى أساس القانون الاسلامي
وتخضع له ، وتبتني على أساس العقيدة الاسلامية ، وبذا تتميّز هويّتها
وشخصيّتها الفكرية ، وهي نتيجة طبيعية للمجتمع الاسلامي والاداة السياسية
لتطبيق الاسلام . ولوجود الدولة في المجتمع تفاسير فكرية مختلفة .
ونستطيع
أن نفهم التفسير الاسلامي لنشأة الدولة من خلال النصوص والمفاهيم والأهداف
الاسلامية والمسؤوليّات المُناطة بالدولة ، ومن ذلك نستطيع القول أنّ
الفكر الاسلامي يُفسِّر الدولة تفسـيراً أخلاقيّاً وعقائديّاً . فالدولة في
مفهوم الاسلام تتقوّم ضرورة وجودها بالأخلاقيّة والعقائديّة ..
وإيضاح
ذلك أنّ الدولة في نظر الاسلام قامت على أساس حماية الحق والعدل والأمر
بالمعروف والنّهي عن المنكر والاصلاح في الأرض وإعمارها،وتطوير الحياة
وتنميتها; لتوفير خير البشرية وسعادتها،والدعوة إلى توحيد الله
وعبادته،وهداية الانسان في طريق الهُدى.
وكل هذه الموجبات هي موجبات
أخلاقيّة وعقيديّة .. والعشرات من الآيات والروايات وسيرة الرسول (صلى الله
عليه وآله وسلم) العمليّة وحديث الرعاية والمسؤولية الآنف ذكره ، كلّها
تؤكِّد هذا التفسير الفكري لقيام الدولة ..
نذكر من الآيات قوله تعالى :
(إنّ اللهَ يأمُرُكُم أن تُؤدّوا الأماناتَ إلى أهْلِها وإذا حَكَمْتُم بينَ النّاسِ أن تَحْكُمُوا بالعَدْل ). ( النساء / 58 )
(وبالحقِّ أنزَلْناهُ وبالحقِّ نَزَل ... ). ( الإسراء / 105 )
(الّذينَ إن مَكّنّاهُم في الأرْضِ أقامُوا الصّلاةَ وآتوا الزّكاةَ وأمَرُوا بالمعروفِ ونَهُوا عن المُنْكَر ). ( الحج / 41 )
(وَعَدَ
اللهُ الّذينَ آمَنُوا مِنْكُم وعَمِلُوا الصّالحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنّهُم
في الأرْضِ كما اسْتَخْلَفَ الّذينَ مِن قَبْلِهِم ... ). ( النور / 55 )
(تِلْكَ الدّارَ الآخِرَةَ نَجْعَلها للّذِينَ لا يُريدونَ عُلُوّاً في الأرْضِ وَلا فَسادا ... ). ( القصص / 83 )
(وَما
لَكُم لاتُقاتِلونَ في سَبيلِ الله والمُسْتَضْعَفينَ مِنَ الرِّجالِ
والنِّساءِ والُولْدانِ يَقولُونَ رَبّنا أخْرِجْنا مِن هذهِ القَرْيَةِ
الظّالِمِ أهْلِها ).( النساء / 75 )
(وَما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنْسَ إلّا لِيَعْبُدون ). ( الذاريات / 56 )
(
... يا قَوْمِ اعبِدوا اللهَ ما لَكُمْ مِن إله غَيرِهِ هُوَ الّذي
أنْشَأَكُم مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُم فيها ... ). ( هود / 61 )
وهكذا يتحدّد أمامنا حقيقة الدولة وموجب قيامها في المفهوم الاسلامي ..
وفي
تعريفنا الموجَز بالدولة الاسلامية هذا ، يجدر أن نُعرِّف بأبرز المبادئ
التي تُحدِّد سياسة الدولة وطبيعتها وعلاقتها بالاُمّة وبالعالم غير
الاسلامي ، وهذه المبادئ هي :
1 ـ تتميّز شـخصيّة الدولة في الاسلام عن
شـخصيّة الحاكم : فالدولة لها شخصية قانونية مُستقلّة ، والحاكم أمين
ومُكلّف بأداء مسؤوليّته تجاه الاُمّة والمبادئ .
2 ـ الشورى واحترام
رأي الاُمّة : والعنصر الأساس الذي يعتمد عليه الحكم في الاسلام هو عنصر
البيعة والشورى .. فالبيعة والشورى تعبير عن أنّ الاُمّة هي صاحبة الحقّ في
السّلطة أو في الخلافة العامّة . كما يُعبِّر عنها الفقيه الشهيد محمّد
باقر الصّدر بقوله :
«وأمّا خطّ الخلافة الّذي كان الشهيد(30) المعصوم
يُمارسه ، فما دامت الاُمّة محكومة للطاغوت ، ومقصيّة عن حقِّها في الخلافة
العامّة ، فهذا الخطّ يُمارسه المرجِع(31) ، ويندمج الخطّان حينئذ ـ
الخلافة والشهادة في شخص المرجِع ـ ، وليس هذا الاندماج متوقِّفاً على
العصمة ; لأنّ خطّ الخلافة في هذه الحالة لا يتمثّل عمليّاً إلّا في نطاق
ضيِّق ، وضمن حدود تصرّفات الأشخاص ، وما دام صاحب الحق في الخلافة العامّة
قاصراً عن ممارسة حقِّه ، نتيجة لنظام جبّار ، فيتولّى المرجِع رعاية هذا
الحقّ في الحدود المُمكِنة ، ويكون مسؤولاً عن تربية هذا القاصر ، وقيادة
الاُمّة لاجتياز هذا القصور ، وتسلّم حقّها في الخلافة العامّة ، وأمّا إذا
حرّرت الاُمّة نفسها فخطّ الخلافة ينتقل إليها ، فهي التي تُمارِس القيادة
السياسية والاجتماعية في الاُمّة بتطبيق أحكام الله ، وعلى أساس الركائز
المتقدِّمة للاستخلاف الربّاني ، وتُمارِس الاُمّة دورها في الخلافة في
الاطار التشريعي للقاعدتين القرآنيّتين التاليتين :
(والّذينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِم وَأقامُوا الصّلاةَ وَأمْرُهُم شُورَى بَيْنَهُم ومِمّا رَزَقْناهُم يُنْفِقُون ). ( الشورى / 38 )
(وَالمُؤْمِنونَ
وَالمُؤْمِناتُ بَعْضُهُم أوْلِياءُ بَعْض يأمُرونَ بالمَعْروفِ
ويَنْهُونَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقيمونَ الصّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزّكاةَ
وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إنّ اللهَ
عَزِيزٌ حَكِيم ). ( التّوبة / 71 )
ويتحدّث الإمام عليّ (عليه السلام)
عن الحق الذي تصنعه البيعة بين الاُمّة والحاكم ، حين بويِعَ بالخلافة ،
فيقول : «إنّ لي عليكم حقّاً ، ولكم عليَّ حقّ ، فأمّا حقّكم عليَّ ...
وأمّا حقِّي عليكم فالوفاء بالبيعة»() .
ويُثبِّت القرآن مبدأ الشورى في
خطابه للرسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وس(وَشاوِرْهُم في الأمْر ،
فإذا عَزمتَ فتوكّل على الله ). ومن هذا النصّ القرآنيّ الكريم يُستفاد
مبدأ مشاورة الحاكم للاُمّة واحترام رأيها .. كما ويُثبِّت القرآن مبدأ
الشورى بين المسلمين في الحكم وفي الحياة العامّة بقوله:
(والّذينَ اسْـتَجابُوا لربِّهم وأقامُوا الصّلاة وأَمْرُهُم شورى بينهم ... ).(الشّورى/38 )
وبذا
يُسقِط الفكر السياسى الاسلامي الاستبداد السياسي ، ويعطي الاُمّة دوراً
فعّالاً في الحياة السياسية وتصحيح حياتها الاجتماعية وفق مبادئها ومصالحها
العامّة .
3 ـ إنّ السلطة أمانة ومسؤولية : ويُثبِّت القرآن مبدأً
سياسيّاً هامّاً ، وهو أنّ السلطة أمانة بيد الحاكم ورعاية لشؤون الاُمّة ،
فهو أمين وراع ومسؤول ، وليست السلطة تملّكاً للاُمّة ولا تسليطاً عليها
.. يتصرّف فيها تصرّف المالك ، ويعاملها تعامُل المُتسلِّط .. يوضِّح ذلك
قوله تعالى :
(إنّ اللهَ يأمركُم أن تُؤدّوا الأماناتَ إلى أهْلِها وإذا حَكَمْتُم بينَ النّاسِ أنْ تَحْكُمُوا بالعَدْل ). ( النساء / 58 )
وقول الرسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) : «كُلّكُم راع وكُلّكُم مسؤولٌ عن رعيّته»(32) .
ومبدأ
المسؤولية المُثبّت في هذا النصّ وفي العشرات من النصوص التي تتحدّث عن
الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر وعن النصيحة والمحاسبة، يعطي الاُمّة
حقّ مُساءلة الحاكم عن تقصيره، وسوء إدارته ، أو استغلاله للسلطة ، أو
انحرافه عن المبادئ كما هو مسؤول أمام الله سبحانه يوم يقوم الأشهاد .
4
ـ الدولة الاسلامية دولة قانونيّة : قبل الحديث عن قانونيّة الدولة
الاسلامية، ينبغي أن نُوضِّح معنى الدولة القانونيّة .. فمعنى الدولة
القانونية بايجاز هو أنّ الدولة بما هي شخصيّة قانونيّة ، فانّها تخضع بكل
ما فيها من سياسة وإدارة وسلطة للقانون ، يحكم سلوكها ، ويُنظِّم بنيتها ،
ويُقاضيها حين التقصير ، كما يحكم سـلوك الأفراد ويُقاضيهم حين التقصير ..
فالرسالة
الاسلامية ثبّتت مبدأ ولاية الأمر (السلطة) ، وأعطت وليّ الأمر صلاحيات
الولاية ، وبيّنت ما له وما عليه من الحقوق والواجبات تجاه الاُمّة ..
والتحليل
العلمي لمعنى الولاية في الاسلام يُوضِّح لنا أنّ الولاية في الاسلام هي
ولاية تنفيذيّة ، أي أنّ الشخص المُكلّف بتنفيذ أحكام الشريعة وقيمها
ودعوتها وحفظ مصالحها ، يحتاج في كثير من الأحيان إلى صلاحيّات الإلزام
(الولاية) . لذا أُعطِيَ مَن يلي اُمور المسلمين هذه الولاية (صلاحية
الإلزام) ; ليتمكّن من أداء مهامه . لذا فهي ولاية تسلّط أو امتلاك ، ولا
ولاية من نوع ولاية الأب على أبنائه الصِّغار . وحتى ولاية الأب في الشريعة
الاسلامية فانّها منوطة بحُسن تصرّف الأب وحرصه على مصلحة الأبناء ، ولذا
يفقد ولايته الفعليّة بفقده الرُّشد وتصرّفه تصرّفاً ضرريّاً بأبنائه .
ويُوضِّح
القرآن قانونيّة الدولة وسيادة القانون في خطابه للرسول (صلى الله عليه
وآله وسلم) المُمثِّل للولاية والسلطة الشرعية ، يوضِّح ذلك بقوله :
(إن أتّبِعُ إلّا ما يُوحى إليَّ ). ( يونس / 15 )
(ثُمّ جَعَلْناكَ على شريعة مِنَ الأمْرِ فاتّبِعْها ولا تَتَّبِع أهواءَ الّذينَ لا يَعْلَمُون ). ( الجاثية / 18 )
( ... قُل ما يكون لي أن أُبدِّلهُ مِن تِلقاءِ نَفْسي ... ) ( يونس / 15 )
( ... وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُم ... ). ( الشورى / 15 )
وهكذا
يُوضِّح القرآن أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)مُنفِّذ ومُتّبع
للشريعة والقانون والأوامر الإلهية،وليس فوقهما..ومن ذلك نفهم أنّ الدولة
الاسلامية هي دولة خاضعة للقانون وليست فوق القانون ، بل هي مُنفِّذة
للقانون وقائمة على حماية المصالح ودرء المفاسد .
5 ـ استقلال القضاء :
(إنّ اللهَ يأمُرُكُم أن تُؤدّوا الأماناتَ إلى أهْلِها وإذا حَكَمْتُم بَينَ الناسِ أن تَحْكُموا بالعَدْل ... ). ( النساء / 58 )
ومن
المزايا الأساسية في الدولة الاسلامية والمجتمع الاسلامي هو حُرمة القضاء
وقُدسيّته واستقلاله وحمايته من تأثير أي سلطة .. ووجود القضاء المستقلّ
الذي تُعاطي الأفراد والسلطة على حدٍّ سواء ، وفق معايير الحقّ والعدل ،
لهو من أبرز مظاهر الدولة الحضارية والمجتمع المتحضِّر ..
فالقضاء
المُستقلّ وشمول سلطته التي لا يُستثنى منها أحد مهما كان موقعه في الدولة
والمجتمع ، لهو الحصانة الكُبرى لحفظ الأمن وحماية الحقوق ، وردع التعسّف
السلطوي ضدّ الأفراد والجماعات والهيئات .
وكم هو عظيم قول الرسول
الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لا تُقدّس اُمّة لا يُؤخَذُ
فيها للضّعيف من القوي حقّه غير متعتع» .
ويؤكِّد القرآن حُرمة التحاكم
إلى الطاغوت ، وهو الحاكم الظالم الذي لا يقضي بالحق ولا يعمل بأحكام
الشريعة العادلة .. جاء ذلك في قوله تعالى :
(ألَم تَرَ إلى الّذينَ
يَزْعمونَ أ نّهُم آمَنوا بما أُنزِلَ إلَيْكَ يُريدونَ أن يَتَحاكَمونَ
إلى الطّاغوتِ وقد أُمِروا أن يَكْفُروا بِه ). ( النساء / 60 )
إنّ هذا
التعريف الموجَز بالدولة الاسلامية وبالمجتمع المدنيّ القائم على هدي
القيم الاسلامية يُوضِّح لنا سموّ الفكر الاسلامي وقوّته الفائقة على قيادة
البشريّة في مراحلها المتتالية .
وفي الختام يجدر بنا نحن المسلمين أن
نوجِّه الدعوة إلى العالَم لكي يتّخذ من الاسلام ديناً ودولةً وحضارة .
فليس أمام البشريّة من مُنقِذ غير الاسلام ، وستكتشف أجيال البشريّة
القادمة عظمة هذا الدِّين الإلهيّ عندما يسود العلم والعقل . وعندها ينطبق
قول الله الحق :
(وَلَقَد كَتَبْنا في الزّبورِ مِن بعد الذِّكرِ أنّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادي الصّالِحون ).( الأنبياء/105)
«الدولة الإسلامية ، هي الدولة التي تقوم على أساس الاسلام ، وتستمد منه تشريعاتها »(28) .
تُشكِّل
الدولة أبرز ظاهرة في الحياة الاجتماعية المعاصرة .. وتتميّز بأ نّها
مؤسّسة سياسية ذات سلطة مُلزمة .. والدراسة الاستقرائية للنصوص الاسلامية
والسيرة العملية توصلنا إلى أنّ الفكر الاسلامي اعتنى عناية خاصّة بمسألة
الدولة والسّلطة ، واعتبرها ركناً أساسياً من أركان البناء الاسلامي ..
والفكر
الاسلامي سبق الفكر الأوربي المعاصر بقرون عديدة بتمييزه بين شخصية الدولة
وشخصية الحاكم،فقد كانت شخصية الدولة قبل مجيء الاسلام مندكّة بشخصية
الحاكم.. ويُعتبر هذا التمييز انجازاً حضارياً عظيماً في عالَم السياسة
والعدالة والدولة واحترام حقوق الانسان..
لقد فصل الاسلام بين شخصية
الامام أو الخليفة وبين الدولة ، واعتبر الإمامة منصباً يملؤه الإمام . كما
اعتبر السّلطة أمانة ورعاية عامّة لشؤون الاُمّة يتحمّلها الحاكم ..
قال
تعالى : (إنّ اللهَ يأمركُم أن تُؤدّوا الأماناتَ إلى أهْلِها وإذا
حَكَمْتُم بينَ النّاسِ أن تَحْكُمُوا بالعَدْل ). ( النساء / 58 )
وورد عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): «كُلّكُم راع وكُلّكُم مَسؤولٌ عَن رعيّته»(29).
وتتقوّم الدولة في المفهوم الاسلامي من العناصر الآتية :
1 ـ الاُمّة . 2 ـ القانون .
3 ـ السّلطة . 4 ـ السِّيادة .
ولم
يعتبر الفكر الاسلامي الأرض ركناً من أركان الدولة ، بل الدولة تُقام على
الأرض التي تُقيم عليها الاُمّة كلّها أو بعضها ، وتُمارس عليها السلطة
ولايتها وفق القانون . ولا دخل للأرض في تكوين شخصية الدولة ، بل الأرض شرط
في قيام الدولة ، فلا تُقام دولة إلّا على أرض تملكها الاُمّة ، وتُقيم
عليها . لذا يُقال قامت دولة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة ،
وقامت الدولة الأمويّة في الشام ، وقامت دولة الفراعنة في مصر ... إلخ .
والمسألة الثانية في تكوين الدولة هي أنّ القرآن اعتبر القانون ركناً أساساً من أركان تكوين الدولة ، جاء هذا البيان في قوله تعالى :
(كانَ
النّاسُ أُمّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النّبيِّين مُبشِّرينَ ومُنذِرينَ
وأنْزَلَ مَعَهُم الكِتابَ بالحقِّ لِيَحْكُمَ بينَ الناسِ فيما
اخْتَلَفُوا فيه ... ).( البقرة / 213 )
فالقرآن يُوضِّح في هذه الآية نشأة الدولة على يد الأنبياء ، كما يُوضِّح عناصر تكوين الدولة الأربعة ، وهي :
1ـ الاُمّة، 2ـ القانون (الكتاب)، 3 ـ الحكومة (الأنبياء)، 4 ـ الولاية (السِّيادة) التي يُمارسها الأنبياء بالحكم بالكتاب .
وهكذا يرتبط مفهوم السـلطة بالقانون والأخلاق الّذين حملهما الكتاب .
فالدولة
الاسلامية هي دولة قانونية وعقائدية تقوم علىعلى أساس القانون الاسلامي
وتخضع له ، وتبتني على أساس العقيدة الاسلامية ، وبذا تتميّز هويّتها
وشخصيّتها الفكرية ، وهي نتيجة طبيعية للمجتمع الاسلامي والاداة السياسية
لتطبيق الاسلام . ولوجود الدولة في المجتمع تفاسير فكرية مختلفة .
ونستطيع
أن نفهم التفسير الاسلامي لنشأة الدولة من خلال النصوص والمفاهيم والأهداف
الاسلامية والمسؤوليّات المُناطة بالدولة ، ومن ذلك نستطيع القول أنّ
الفكر الاسلامي يُفسِّر الدولة تفسـيراً أخلاقيّاً وعقائديّاً . فالدولة في
مفهوم الاسلام تتقوّم ضرورة وجودها بالأخلاقيّة والعقائديّة ..
وإيضاح
ذلك أنّ الدولة في نظر الاسلام قامت على أساس حماية الحق والعدل والأمر
بالمعروف والنّهي عن المنكر والاصلاح في الأرض وإعمارها،وتطوير الحياة
وتنميتها; لتوفير خير البشرية وسعادتها،والدعوة إلى توحيد الله
وعبادته،وهداية الانسان في طريق الهُدى.
وكل هذه الموجبات هي موجبات
أخلاقيّة وعقيديّة .. والعشرات من الآيات والروايات وسيرة الرسول (صلى الله
عليه وآله وسلم) العمليّة وحديث الرعاية والمسؤولية الآنف ذكره ، كلّها
تؤكِّد هذا التفسير الفكري لقيام الدولة ..
نذكر من الآيات قوله تعالى :
(إنّ اللهَ يأمُرُكُم أن تُؤدّوا الأماناتَ إلى أهْلِها وإذا حَكَمْتُم بينَ النّاسِ أن تَحْكُمُوا بالعَدْل ). ( النساء / 58 )
(وبالحقِّ أنزَلْناهُ وبالحقِّ نَزَل ... ). ( الإسراء / 105 )
(الّذينَ إن مَكّنّاهُم في الأرْضِ أقامُوا الصّلاةَ وآتوا الزّكاةَ وأمَرُوا بالمعروفِ ونَهُوا عن المُنْكَر ). ( الحج / 41 )
(وَعَدَ
اللهُ الّذينَ آمَنُوا مِنْكُم وعَمِلُوا الصّالحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنّهُم
في الأرْضِ كما اسْتَخْلَفَ الّذينَ مِن قَبْلِهِم ... ). ( النور / 55 )
(تِلْكَ الدّارَ الآخِرَةَ نَجْعَلها للّذِينَ لا يُريدونَ عُلُوّاً في الأرْضِ وَلا فَسادا ... ). ( القصص / 83 )
(وَما
لَكُم لاتُقاتِلونَ في سَبيلِ الله والمُسْتَضْعَفينَ مِنَ الرِّجالِ
والنِّساءِ والُولْدانِ يَقولُونَ رَبّنا أخْرِجْنا مِن هذهِ القَرْيَةِ
الظّالِمِ أهْلِها ).( النساء / 75 )
(وَما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنْسَ إلّا لِيَعْبُدون ). ( الذاريات / 56 )
(
... يا قَوْمِ اعبِدوا اللهَ ما لَكُمْ مِن إله غَيرِهِ هُوَ الّذي
أنْشَأَكُم مِنَ الأرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُم فيها ... ). ( هود / 61 )
وهكذا يتحدّد أمامنا حقيقة الدولة وموجب قيامها في المفهوم الاسلامي ..
وفي
تعريفنا الموجَز بالدولة الاسلامية هذا ، يجدر أن نُعرِّف بأبرز المبادئ
التي تُحدِّد سياسة الدولة وطبيعتها وعلاقتها بالاُمّة وبالعالم غير
الاسلامي ، وهذه المبادئ هي :
1 ـ تتميّز شـخصيّة الدولة في الاسلام عن
شـخصيّة الحاكم : فالدولة لها شخصية قانونية مُستقلّة ، والحاكم أمين
ومُكلّف بأداء مسؤوليّته تجاه الاُمّة والمبادئ .
2 ـ الشورى واحترام
رأي الاُمّة : والعنصر الأساس الذي يعتمد عليه الحكم في الاسلام هو عنصر
البيعة والشورى .. فالبيعة والشورى تعبير عن أنّ الاُمّة هي صاحبة الحقّ في
السّلطة أو في الخلافة العامّة . كما يُعبِّر عنها الفقيه الشهيد محمّد
باقر الصّدر بقوله :
«وأمّا خطّ الخلافة الّذي كان الشهيد(30) المعصوم
يُمارسه ، فما دامت الاُمّة محكومة للطاغوت ، ومقصيّة عن حقِّها في الخلافة
العامّة ، فهذا الخطّ يُمارسه المرجِع(31) ، ويندمج الخطّان حينئذ ـ
الخلافة والشهادة في شخص المرجِع ـ ، وليس هذا الاندماج متوقِّفاً على
العصمة ; لأنّ خطّ الخلافة في هذه الحالة لا يتمثّل عمليّاً إلّا في نطاق
ضيِّق ، وضمن حدود تصرّفات الأشخاص ، وما دام صاحب الحق في الخلافة العامّة
قاصراً عن ممارسة حقِّه ، نتيجة لنظام جبّار ، فيتولّى المرجِع رعاية هذا
الحقّ في الحدود المُمكِنة ، ويكون مسؤولاً عن تربية هذا القاصر ، وقيادة
الاُمّة لاجتياز هذا القصور ، وتسلّم حقّها في الخلافة العامّة ، وأمّا إذا
حرّرت الاُمّة نفسها فخطّ الخلافة ينتقل إليها ، فهي التي تُمارِس القيادة
السياسية والاجتماعية في الاُمّة بتطبيق أحكام الله ، وعلى أساس الركائز
المتقدِّمة للاستخلاف الربّاني ، وتُمارِس الاُمّة دورها في الخلافة في
الاطار التشريعي للقاعدتين القرآنيّتين التاليتين :
(والّذينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِم وَأقامُوا الصّلاةَ وَأمْرُهُم شُورَى بَيْنَهُم ومِمّا رَزَقْناهُم يُنْفِقُون ). ( الشورى / 38 )
(وَالمُؤْمِنونَ
وَالمُؤْمِناتُ بَعْضُهُم أوْلِياءُ بَعْض يأمُرونَ بالمَعْروفِ
ويَنْهُونَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُقيمونَ الصّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزّكاةَ
وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إنّ اللهَ
عَزِيزٌ حَكِيم ). ( التّوبة / 71 )
ويتحدّث الإمام عليّ (عليه السلام)
عن الحق الذي تصنعه البيعة بين الاُمّة والحاكم ، حين بويِعَ بالخلافة ،
فيقول : «إنّ لي عليكم حقّاً ، ولكم عليَّ حقّ ، فأمّا حقّكم عليَّ ...
وأمّا حقِّي عليكم فالوفاء بالبيعة»() .
ويُثبِّت القرآن مبدأ الشورى في
خطابه للرسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وس(وَشاوِرْهُم في الأمْر ،
فإذا عَزمتَ فتوكّل على الله ). ومن هذا النصّ القرآنيّ الكريم يُستفاد
مبدأ مشاورة الحاكم للاُمّة واحترام رأيها .. كما ويُثبِّت القرآن مبدأ
الشورى بين المسلمين في الحكم وفي الحياة العامّة بقوله:
(والّذينَ اسْـتَجابُوا لربِّهم وأقامُوا الصّلاة وأَمْرُهُم شورى بينهم ... ).(الشّورى/38 )
وبذا
يُسقِط الفكر السياسى الاسلامي الاستبداد السياسي ، ويعطي الاُمّة دوراً
فعّالاً في الحياة السياسية وتصحيح حياتها الاجتماعية وفق مبادئها ومصالحها
العامّة .
3 ـ إنّ السلطة أمانة ومسؤولية : ويُثبِّت القرآن مبدأً
سياسيّاً هامّاً ، وهو أنّ السلطة أمانة بيد الحاكم ورعاية لشؤون الاُمّة ،
فهو أمين وراع ومسؤول ، وليست السلطة تملّكاً للاُمّة ولا تسليطاً عليها
.. يتصرّف فيها تصرّف المالك ، ويعاملها تعامُل المُتسلِّط .. يوضِّح ذلك
قوله تعالى :
(إنّ اللهَ يأمركُم أن تُؤدّوا الأماناتَ إلى أهْلِها وإذا حَكَمْتُم بينَ النّاسِ أنْ تَحْكُمُوا بالعَدْل ). ( النساء / 58 )
وقول الرسول الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) : «كُلّكُم راع وكُلّكُم مسؤولٌ عن رعيّته»(32) .
ومبدأ
المسؤولية المُثبّت في هذا النصّ وفي العشرات من النصوص التي تتحدّث عن
الأمر بالمعروف والنّهي عن المُنكر وعن النصيحة والمحاسبة، يعطي الاُمّة
حقّ مُساءلة الحاكم عن تقصيره، وسوء إدارته ، أو استغلاله للسلطة ، أو
انحرافه عن المبادئ كما هو مسؤول أمام الله سبحانه يوم يقوم الأشهاد .
4
ـ الدولة الاسلامية دولة قانونيّة : قبل الحديث عن قانونيّة الدولة
الاسلامية، ينبغي أن نُوضِّح معنى الدولة القانونيّة .. فمعنى الدولة
القانونية بايجاز هو أنّ الدولة بما هي شخصيّة قانونيّة ، فانّها تخضع بكل
ما فيها من سياسة وإدارة وسلطة للقانون ، يحكم سلوكها ، ويُنظِّم بنيتها ،
ويُقاضيها حين التقصير ، كما يحكم سـلوك الأفراد ويُقاضيهم حين التقصير ..
فالرسالة
الاسلامية ثبّتت مبدأ ولاية الأمر (السلطة) ، وأعطت وليّ الأمر صلاحيات
الولاية ، وبيّنت ما له وما عليه من الحقوق والواجبات تجاه الاُمّة ..
والتحليل
العلمي لمعنى الولاية في الاسلام يُوضِّح لنا أنّ الولاية في الاسلام هي
ولاية تنفيذيّة ، أي أنّ الشخص المُكلّف بتنفيذ أحكام الشريعة وقيمها
ودعوتها وحفظ مصالحها ، يحتاج في كثير من الأحيان إلى صلاحيّات الإلزام
(الولاية) . لذا أُعطِيَ مَن يلي اُمور المسلمين هذه الولاية (صلاحية
الإلزام) ; ليتمكّن من أداء مهامه . لذا فهي ولاية تسلّط أو امتلاك ، ولا
ولاية من نوع ولاية الأب على أبنائه الصِّغار . وحتى ولاية الأب في الشريعة
الاسلامية فانّها منوطة بحُسن تصرّف الأب وحرصه على مصلحة الأبناء ، ولذا
يفقد ولايته الفعليّة بفقده الرُّشد وتصرّفه تصرّفاً ضرريّاً بأبنائه .
ويُوضِّح
القرآن قانونيّة الدولة وسيادة القانون في خطابه للرسول (صلى الله عليه
وآله وسلم) المُمثِّل للولاية والسلطة الشرعية ، يوضِّح ذلك بقوله :
(إن أتّبِعُ إلّا ما يُوحى إليَّ ). ( يونس / 15 )
(ثُمّ جَعَلْناكَ على شريعة مِنَ الأمْرِ فاتّبِعْها ولا تَتَّبِع أهواءَ الّذينَ لا يَعْلَمُون ). ( الجاثية / 18 )
( ... قُل ما يكون لي أن أُبدِّلهُ مِن تِلقاءِ نَفْسي ... ) ( يونس / 15 )
( ... وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُم ... ). ( الشورى / 15 )
وهكذا
يُوضِّح القرآن أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)مُنفِّذ ومُتّبع
للشريعة والقانون والأوامر الإلهية،وليس فوقهما..ومن ذلك نفهم أنّ الدولة
الاسلامية هي دولة خاضعة للقانون وليست فوق القانون ، بل هي مُنفِّذة
للقانون وقائمة على حماية المصالح ودرء المفاسد .
5 ـ استقلال القضاء :
(إنّ اللهَ يأمُرُكُم أن تُؤدّوا الأماناتَ إلى أهْلِها وإذا حَكَمْتُم بَينَ الناسِ أن تَحْكُموا بالعَدْل ... ). ( النساء / 58 )
ومن
المزايا الأساسية في الدولة الاسلامية والمجتمع الاسلامي هو حُرمة القضاء
وقُدسيّته واستقلاله وحمايته من تأثير أي سلطة .. ووجود القضاء المستقلّ
الذي تُعاطي الأفراد والسلطة على حدٍّ سواء ، وفق معايير الحقّ والعدل ،
لهو من أبرز مظاهر الدولة الحضارية والمجتمع المتحضِّر ..
فالقضاء
المُستقلّ وشمول سلطته التي لا يُستثنى منها أحد مهما كان موقعه في الدولة
والمجتمع ، لهو الحصانة الكُبرى لحفظ الأمن وحماية الحقوق ، وردع التعسّف
السلطوي ضدّ الأفراد والجماعات والهيئات .
وكم هو عظيم قول الرسول
الكريم محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لا تُقدّس اُمّة لا يُؤخَذُ
فيها للضّعيف من القوي حقّه غير متعتع» .
ويؤكِّد القرآن حُرمة التحاكم
إلى الطاغوت ، وهو الحاكم الظالم الذي لا يقضي بالحق ولا يعمل بأحكام
الشريعة العادلة .. جاء ذلك في قوله تعالى :
(ألَم تَرَ إلى الّذينَ
يَزْعمونَ أ نّهُم آمَنوا بما أُنزِلَ إلَيْكَ يُريدونَ أن يَتَحاكَمونَ
إلى الطّاغوتِ وقد أُمِروا أن يَكْفُروا بِه ). ( النساء / 60 )
إنّ هذا
التعريف الموجَز بالدولة الاسلامية وبالمجتمع المدنيّ القائم على هدي
القيم الاسلامية يُوضِّح لنا سموّ الفكر الاسلامي وقوّته الفائقة على قيادة
البشريّة في مراحلها المتتالية .
وفي الختام يجدر بنا نحن المسلمين أن
نوجِّه الدعوة إلى العالَم لكي يتّخذ من الاسلام ديناً ودولةً وحضارة .
فليس أمام البشريّة من مُنقِذ غير الاسلام ، وستكتشف أجيال البشريّة
القادمة عظمة هذا الدِّين الإلهيّ عندما يسود العلم والعقل . وعندها ينطبق
قول الله الحق :
(وَلَقَد كَتَبْنا في الزّبورِ مِن بعد الذِّكرِ أنّ الأرْضَ يَرِثُها عِبادي الصّالِحون ).( الأنبياء/105)