بسم الله الرحمن الرحيم
ينحدر السلاجقة من قبيلة قنق التركمانية، وتمثل مع ثلاث وعشرين قبيلة أخرى مجموعة القبائل التركمانية المعروفة بالغز.
وفي منطقة ما وراء النهر (تركستان حالياً) استوطنت عشائر الغز وقبائلها الكبرى تلك المناطق، وعرفوا بالترك أو الأتراك، ثم تحركت هذه القبائل في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي بالانتقال من موطنها الأصلي نحو آسيا الصغرى.
يقول ابن كثير: "ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، فيها عظم شأن السلجوقية وارتفع شان ملكهم طغرل بك وأخيه داود وهما ابنا ميكائيل بن سلجوق بن بغاق. وقد كان جدهم بغلق هذا من مشايخ الترك القدماء الذين لهم رأي ومكيدة ومكانة عند ملكهم الأعظم. ونشأ ولده سلجوق نجيباً شهماً فقدمه الملك ولقبه شباسي، فأطاعته الجيوش وانقاد له الناس بحيث تخوف منه الملك، وأراد قتله فهرب منه إلى بلاد المسلمين فأسلم فازداد عزاً وعلواً".
وبين خراسان وبخارى وأصبهان تراوحت إقامة السلاجقة حتى استقرت بمرو، حيث هاجمها السلطان الغزنوي مسعود ولكنه هزم أمامها، وأصبحت الخطبة تلقى بمرو باسم داود السلجوقي ابن سلجوق الكبير، وكان هذا في سنة 433هـ.
ومن مرو انتشر سلطان السلاجقة إلى الري وإلى خوارزم، وبدأ تاريخهم يظهر كقوة لها كيانها المستقل في العالم الإسلامي خلال القرن الخامس للهجرة.
كان لظهور السلاجقة على مسرح الأحداث في المشرق العربي الإسلامي أثر كبير في تغير الأوضاع السياسية في تلك المنطقة التي كانت تتنازعها الخلافة العباسية من جهة، والخلافة الفاطمية الشيعية من جهة ثانية.
وقد أسس السلاجقة دولة تركية كبرى ظهرت في القرن الخامس للهجرة (الحادي عشر الميلادي)، لتشمل خراسان وما وراء النهر وإيران والعراق وبلاد الشام وآسيا الصغرى.
ففي سنة 429هـ/ 1037م استولى طغرل بك على مرو حاضرة خراسان وذكر اسمه في خطبة الجمعة بلقب ملك الملوك. وفي شهر شعبان سنة 429هـ التقى جيش طغرل بك بجيش الغزنويين عند باب مدينة سرخس وانتصر عليهم انتصارًا حاسمًا وشتت شملهم وطاردهم في كل مكان وغنم أموالهم. فكانت هذه الموقعة كما يقول ابن الأثير: "هي التي ملك السلجوقيون بعدها خراسان ودخلوا قصبات البلاد". وفي هذا الشهر استولى طغرل بك على نيسابور وأقيمت له الخطبة على منابرها وذكر اسمه مقرونًا بلقب السلطان الأعظم، واستقر بدار الإمارة وجلس للمظالم يومين في الأسبوع على ما جرت به العادة في هذه البلاد.
وفي سنة 433هـ / 1041-1042م استولى السلاجقة بقيادة طغرل بك على بلاد الديلم وكرمان. وانتقل السلاجقة في فتوحهم من نصر إلى نصر حتى جاءت سنة 438هـ التي حاصر فيها طغرل بك مدينة أصبهان وصالحه صاحبه على مال يؤديه إليه، وعلى أن يقيم له الخطبة بأصبهان، وفي السنة التالية عقد الصلح بين أبي كاليجار البويهي والسلطان طغرل بك السلجوقي وحدث بينهم مصاهره.
هكذا قامت دولة السلاجقة العظام في خراسان وفارس، وأضحت جيوشهم على أهبة الاستعداد لدخول العراق وذلك لإنقاذ الخلافة العباسية من سيطرة البويهين الشيعة.
وكانت (الري) في إيران ثم بغداد في العراق مقر السلطنة السلجوقية، بينما قامت دويلات سلجوقية في خراسان وما رواء النهر (كرمان)، وبلاد الشام (سلاجقة الشام)، وآسيا الصغرى (سلاجقة الروم)، وكانت تتبع السلطان السلجوقي في إيران والعراق.
هناك أسباب عوامل كثيرة أدت إلى سقوط الدولة السلجوقية، ذكر المؤرخون والباحثون جملة منها تضافرت في سقوط السلطنة السلجوقية التي مهدت بدورها لسقوط الخلافة العباسية.
ومن هذه العوامل:
- إذكاء نار الفتنة بين الحكام السلاجقة من قبل بعض الأمراء والوزراء والأتابك.. والانقسام الداخلي بين السلاجقة والذي وصل إلى حد المواجهة العسكرية المستمرة، وهذا ما أنهك قوة السلاجقة حتى انهارت سلطنتهم في العراق.
ومن أسباب هذه الفتنة لجوء السلاجقة إلى نظام الإقطاعات حيث أسندوا معظمها إلى شخصيات سلجوقية، وقد حسبوا أن هذا من شأنه أن يشغل السلاجقة عن التفكير في الحكم، وأن يرضيهم بالبعد عن السلطة، لكن الإقطاعيين السلاجقة سرعان ما حاول كل منهم أن يكون لنفسه من إقطاعاته إمارة صغيرة حاولت كل منها الانفصال عن السلطة، وهو عكس ما كان يهدف إليه السلاجقة الحكام؛ وقد أدى هذا إلى تفكك وحدة السلاجقة وإلى إجهاد السلطة السياسية الحاكمة، وإلى توزع الدول بين الأمراء.
كما أن هذا الخطأ أدى إلى عدول السلاجقة عن طريقة اختيار زعمائهم القديمة التي كانت تعتمد على الكفاءة إلى طريقة جعل الزعامة ووراثية؛ نظراً لكثرة تنازع أمراء الإقطاعات عليها.
ومن المضاعفات كذلك تهاون السلاجقة - في ظل تفككهم - أمام حركات التمرد الباطنية لاسيما الحركة الإسماعيلية بزعامة قائدها الحسن الصباح.
وقد قدر لهذه الحركة أن تستنفذ طاقة كبرى من طاقات السلاجقة التي كان في الإمكان استخدامها في القضاء على حركات التفكك التي أصيبت بها الدولة أو الزعامة السلجوقية للخلافة العباسية.
- ضعف الخلفاء العباسيين الذين تميزوا بالضعف أمام القوة العسكرية السلجوقية، فلم يتورعوا عن الاعتراف بشرعية كل من يجلس على عرش السلطنة السلجوقية والخطبة لكل منتصر قوي.
- عجز الدولة السلجوقية عن توحيد بلاد الشام ومصر والعراق تحت راية الخلافة العباسية.
- المكر الباطني الخبيث بالدولة السلجوقية وتمثل ذلك في حملة التصفيات والمحاولات المستمرة لاغتيال سلاطين السلاجقة وزعمائهم وقاداتهم.
- الغزو الصليبي القادم من وراء البحار وصراع الدولة السلجوقية مع جحافل الغزو الوحشية القادمة من أوروبا.
هذا والله اعلم وصلى الله وسلم على نبيه محمد
ينحدر السلاجقة من قبيلة قنق التركمانية، وتمثل مع ثلاث وعشرين قبيلة أخرى مجموعة القبائل التركمانية المعروفة بالغز.
وفي منطقة ما وراء النهر (تركستان حالياً) استوطنت عشائر الغز وقبائلها الكبرى تلك المناطق، وعرفوا بالترك أو الأتراك، ثم تحركت هذه القبائل في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي بالانتقال من موطنها الأصلي نحو آسيا الصغرى.
يقول ابن كثير: "ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، فيها عظم شأن السلجوقية وارتفع شان ملكهم طغرل بك وأخيه داود وهما ابنا ميكائيل بن سلجوق بن بغاق. وقد كان جدهم بغلق هذا من مشايخ الترك القدماء الذين لهم رأي ومكيدة ومكانة عند ملكهم الأعظم. ونشأ ولده سلجوق نجيباً شهماً فقدمه الملك ولقبه شباسي، فأطاعته الجيوش وانقاد له الناس بحيث تخوف منه الملك، وأراد قتله فهرب منه إلى بلاد المسلمين فأسلم فازداد عزاً وعلواً".
وبين خراسان وبخارى وأصبهان تراوحت إقامة السلاجقة حتى استقرت بمرو، حيث هاجمها السلطان الغزنوي مسعود ولكنه هزم أمامها، وأصبحت الخطبة تلقى بمرو باسم داود السلجوقي ابن سلجوق الكبير، وكان هذا في سنة 433هـ.
ومن مرو انتشر سلطان السلاجقة إلى الري وإلى خوارزم، وبدأ تاريخهم يظهر كقوة لها كيانها المستقل في العالم الإسلامي خلال القرن الخامس للهجرة.
كان لظهور السلاجقة على مسرح الأحداث في المشرق العربي الإسلامي أثر كبير في تغير الأوضاع السياسية في تلك المنطقة التي كانت تتنازعها الخلافة العباسية من جهة، والخلافة الفاطمية الشيعية من جهة ثانية.
وقد أسس السلاجقة دولة تركية كبرى ظهرت في القرن الخامس للهجرة (الحادي عشر الميلادي)، لتشمل خراسان وما وراء النهر وإيران والعراق وبلاد الشام وآسيا الصغرى.
ففي سنة 429هـ/ 1037م استولى طغرل بك على مرو حاضرة خراسان وذكر اسمه في خطبة الجمعة بلقب ملك الملوك. وفي شهر شعبان سنة 429هـ التقى جيش طغرل بك بجيش الغزنويين عند باب مدينة سرخس وانتصر عليهم انتصارًا حاسمًا وشتت شملهم وطاردهم في كل مكان وغنم أموالهم. فكانت هذه الموقعة كما يقول ابن الأثير: "هي التي ملك السلجوقيون بعدها خراسان ودخلوا قصبات البلاد". وفي هذا الشهر استولى طغرل بك على نيسابور وأقيمت له الخطبة على منابرها وذكر اسمه مقرونًا بلقب السلطان الأعظم، واستقر بدار الإمارة وجلس للمظالم يومين في الأسبوع على ما جرت به العادة في هذه البلاد.
وفي سنة 433هـ / 1041-1042م استولى السلاجقة بقيادة طغرل بك على بلاد الديلم وكرمان. وانتقل السلاجقة في فتوحهم من نصر إلى نصر حتى جاءت سنة 438هـ التي حاصر فيها طغرل بك مدينة أصبهان وصالحه صاحبه على مال يؤديه إليه، وعلى أن يقيم له الخطبة بأصبهان، وفي السنة التالية عقد الصلح بين أبي كاليجار البويهي والسلطان طغرل بك السلجوقي وحدث بينهم مصاهره.
هكذا قامت دولة السلاجقة العظام في خراسان وفارس، وأضحت جيوشهم على أهبة الاستعداد لدخول العراق وذلك لإنقاذ الخلافة العباسية من سيطرة البويهين الشيعة.
وكانت (الري) في إيران ثم بغداد في العراق مقر السلطنة السلجوقية، بينما قامت دويلات سلجوقية في خراسان وما رواء النهر (كرمان)، وبلاد الشام (سلاجقة الشام)، وآسيا الصغرى (سلاجقة الروم)، وكانت تتبع السلطان السلجوقي في إيران والعراق.
هناك أسباب عوامل كثيرة أدت إلى سقوط الدولة السلجوقية، ذكر المؤرخون والباحثون جملة منها تضافرت في سقوط السلطنة السلجوقية التي مهدت بدورها لسقوط الخلافة العباسية.
ومن هذه العوامل:
- إذكاء نار الفتنة بين الحكام السلاجقة من قبل بعض الأمراء والوزراء والأتابك.. والانقسام الداخلي بين السلاجقة والذي وصل إلى حد المواجهة العسكرية المستمرة، وهذا ما أنهك قوة السلاجقة حتى انهارت سلطنتهم في العراق.
ومن أسباب هذه الفتنة لجوء السلاجقة إلى نظام الإقطاعات حيث أسندوا معظمها إلى شخصيات سلجوقية، وقد حسبوا أن هذا من شأنه أن يشغل السلاجقة عن التفكير في الحكم، وأن يرضيهم بالبعد عن السلطة، لكن الإقطاعيين السلاجقة سرعان ما حاول كل منهم أن يكون لنفسه من إقطاعاته إمارة صغيرة حاولت كل منها الانفصال عن السلطة، وهو عكس ما كان يهدف إليه السلاجقة الحكام؛ وقد أدى هذا إلى تفكك وحدة السلاجقة وإلى إجهاد السلطة السياسية الحاكمة، وإلى توزع الدول بين الأمراء.
كما أن هذا الخطأ أدى إلى عدول السلاجقة عن طريقة اختيار زعمائهم القديمة التي كانت تعتمد على الكفاءة إلى طريقة جعل الزعامة ووراثية؛ نظراً لكثرة تنازع أمراء الإقطاعات عليها.
ومن المضاعفات كذلك تهاون السلاجقة - في ظل تفككهم - أمام حركات التمرد الباطنية لاسيما الحركة الإسماعيلية بزعامة قائدها الحسن الصباح.
وقد قدر لهذه الحركة أن تستنفذ طاقة كبرى من طاقات السلاجقة التي كان في الإمكان استخدامها في القضاء على حركات التفكك التي أصيبت بها الدولة أو الزعامة السلجوقية للخلافة العباسية.
- ضعف الخلفاء العباسيين الذين تميزوا بالضعف أمام القوة العسكرية السلجوقية، فلم يتورعوا عن الاعتراف بشرعية كل من يجلس على عرش السلطنة السلجوقية والخطبة لكل منتصر قوي.
- عجز الدولة السلجوقية عن توحيد بلاد الشام ومصر والعراق تحت راية الخلافة العباسية.
- المكر الباطني الخبيث بالدولة السلجوقية وتمثل ذلك في حملة التصفيات والمحاولات المستمرة لاغتيال سلاطين السلاجقة وزعمائهم وقاداتهم.
- الغزو الصليبي القادم من وراء البحار وصراع الدولة السلجوقية مع جحافل الغزو الوحشية القادمة من أوروبا.
هذا والله اعلم وصلى الله وسلم على نبيه محمد