الملم المغيث في علم الحديث [الجزء الخامس]
بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين الحديث المعلول والحديث المجروح:
إن الفرق الأساسي بين الحديث المعلول أو المعلل، والحديث المجروح أي المقبول الضعف:
1. أن الأول وهو المعلول يكون بعلة خفية، أما الثاني وهو المجروح فيكون بعلة ظاهرة أو قادحة ..
2. المعلول متصل السند رواته كلهم ثقات، والمجروح يكون متصل السند في رواته ضعيف غير متروك الحديث ..
3. المعلول مصنف بين الأحاديث الصحيحة، ولكن يقال فيه صحيح معلول، أما المجروح فمصنف بين الأحاديث الضعيفة، ويسمى الضعيف المقبول ..
4. المعلول يكون نتيجة خطأ عند الراوي الثقة أو وهم، أما المجروح فيكون بعلة بأصل حال الراوي من ناحية ضعف الضبط والإتقان ..
من آداب رواية الحديث بصورة عامة: من باب توقير السنة وورع المحدثين، فقد فضل العلماء عندما يروي أحدهم حديث يجهل صحته من ضعفه، أن يختار للتعبير صيغة لا تفيد جزم رفع هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كأن يقول ورد في الأثر فهو يشمل المرفوع والموقوف، أو يقول ورد في آثار النبوة، ولا بأس إن قال ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه إن تحقق من صحة الحديث بمنتهاه للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فعندها يقول جازما: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كذا وكذا ... الخ ..
وليس له حين إذ أن يختار صيغة لا تفيد الجزم ..
أما إن كان متأكد من صحة السند، ولا يحفظ لفظ المتن المروي بشكل دقيق، لكنه يحفظه بلفظ قريب يصب بمجمل معنى اللفظ الصحيح، فإنه يتبع قوله للمتن بلفظ "أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ..
يقول الحافظ السيوطي: (إذا أردت رواية الضعيف بغير إسناد فلا تقل: قال رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] كذا، وما أشبه من صيغ الجزم، بل قل: روي كذا، أو بلغنا كذا، أو ورد، أو جاء، أو نقل، وما أشبهه، وكذا ما تشك في صحته )، ورد في "تدريب الراوي" للسيوطي [ج1/ص: 348]؛اهـ
أنواع الحديث وفق ما يضاف إليه:
يتنوع الحديث بالنسبة لمن أضيف إليه إلى ثلاثة أنواع:
(1) الحديث المرفوع ..
(2) الحديث الموقوف ..
(3) الحديث المقطوع ..
1.الحديث المرفوع: وهو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من قبل أحد أصحابه تصريحا عنه، قولا أو فعلا أو تقريرا، أو يكون حكما من قول وفعل وتصريح الصحابي بالتأسي والاقتداء بما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم، أو أن يكون وصفا متصلا إسناده أو غير متصل، وسمي الحديث المرفوع مرفوعا لارتفاع رتبته، بإضافته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛اهـ
ويخبرنا الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى، معرفا الحديث المرفوع، قائلا: ( وهو إما أن ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، تصريحا أو حكما، [على] أن المنقول بذلك الإسناد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم، أو فعله، أو تقريره )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 126 -127]؛اهـ
ويقسم الحديث المرفوع تصريحا وحكما، إلى أربعة أقسام، ينقسم كل قسم إلى تصريح من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو بحكم رفع دون تصريح من النبي بشكل مباشر أي بوجود واسطة وهو الصحابي الحامل للحكم:
أ. المرفوع بالفعل عن النبي تصريحا:
يقول الحافظ العسقلاني: ( ومِثَالُ المرفوعِ مِنَ الفعلِ تصريحًا: أنْ يقولَ الصَّحَابِيُّ: رأيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ تعالى عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ فعلَ كذا، أو يقولَ هو أو غيرُه: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يفعلُ كذا )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 127]؛اهـ
ومن الأمثلة على المرفوع بالفعل تصريحا: قول الإمام علي كرم الله وجهه: ( كنا في جنازة ببقيع الغرقد فأتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس، فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: (( ما منكم من أحد، وما من نفس منفوسة، إلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة ))؛ قال رجل: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى أهل السعادة، ومن كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة؟ قال: (( أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاء؛ ثم قرأ: { فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى [5] وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى [6] فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى [7] وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى [8] وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى [9] فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }[الليل : 10] )) )، رواه الشيخان، البخاري في "صحيحة" [ج4/ص: 1891/ر:4665]، ومسلم في "صحيحة" [ج16/ص: 411/ر:6673]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج1/ص: 208/ر:1070]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق أجمد شاكر في "مسند أحمد" [ج2/ص: 237]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه] ..
وهنا التصريح بالفعل، يكمن في أن الإمام علي كرم الله وجهه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يقعد وينكت تراب الأرض بمحضرة، فهذا تصريح فعلي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم..
ومثال آخر عن التصريح برفع الفعل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلَاةَ اللَّيْلِ إِلَّا الْفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ )، رواه البخاري في "صحيحة" [ج1/ص: 339/ر:955]، وحكمه: [صحيح] ..
ومثال أخير: عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ، يَقُولُ: مَا أَصْبَحَ لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا صَاعٌ ، وَلَا أَمْسَى، وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ )، رواه البخاري في "صحيحة" [ج2/ص: 887/ر:2373]، وحكمه: [صحيح] ..
وهذا تصريح فعلي آخر بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعل هذا الفعل؛اهـ
ب. المرفوع بالفعل عن النبي حكما:
يقول الحافظ: ( ومِثَالُالمرفوعِ مِنَ الفِعْلِ حُكْمًا: أنْ يفعلَ الصَّحَابِيُّ ما لا مجالَ للاجْتِهَادِ فيه، فَيُنَـزَّلُ على أنَّ ذَلِكَ عندَهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 130؛اهـ
ومثال ذلك ما رواه البيهقي في "سننه الكبرى" [ج5/ص: 129/ر:6422]، وذكره الشافعي في كتابه الأم [ج7/ص: 168]، عن الإمام علي كرم الله وجهه، أنه: ( أنه صلى صلاة الخسوف، فركع في كُلِّ ركْعةٍ أكثرَ مِن رُكوعَيْنِ )؛اهـ
وهنا نجد أن الإمام علي رضي الله عنه، حينما فعل هذا الفعل، دل هذا أنه لا يمكن أن يصدر منه اجتهادا، إلا وقد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسبقه لهذا الفعل، ولو لم ير النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعله لما فعله تأسيا واقتداءا وإتباعا ..
وقد رواه مرفوعا من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، تصريحا، كل من ابن عباس وابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( صَلَّى بِهِمْ صَلاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ، كُلُّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعَيْنِ وَسَجْدَتَيْنِ )، رواه ابن خزيمة في "صحيحة" [ج2/ص: 317/ر:1385]، ورواه البيهقي في "سننه الكبرى" [ج3/ص: 324/ر:5835]، ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" [ج11/ص: 338/ر:3331]، وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" [ج2/ص: 465]: [ثبت من عدة أحاديث صحيحة]؛اهـ
ومنه ما رواه ابن حزم في "المحلى" [ج2/ص: 102/ر:375]، عن ابن عمر رضي الله عنهما: ( كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً، وَذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ )، رواه البخاري في "صحيحة" برقم: [1039]؛اهـ
ج.المرفوع بالتقرير عن النبي تصريحا:
يقول ابن حجر العسقلاني: ( ومِثَالُ المرفوعِ من التَّقْرِيرِ تصريحًا:أنْ يقولَ الصَّحَابِيُّ: فعَلْتُ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كذا، أو يقولَ هو أو غيرُه: فعل فُلانٌ بحضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كذا، ولا يَذْكُرُ إنكارَهُ لذَلِكَ )، ورد في "نزهة النظر" للعسقلاني [ص: 127]؛اهـ
ومثال المرفوع التقريري هو حكاية إقراره صلى الله عليه وآله وسلم لما فعل أمامة، كأكل الضب بين يديه صلى الله عليه وآله وسلم:
عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه، أَنَّهُ: ( دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وآلهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ، فَقَالُوا: هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: (( لَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ ))، قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ )، رواه الشيخان، البخاري في "صحيحة" [ج5/ص: 2105/ر:5217]، ومسلم في "صحيحة" [ج13/ص: 100/ر:5009]، ورواه أبو داود في "سننه" [ج2/ص: 381/ر:3794]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق الألباني في "صحيح أبي داود" [ر:3794]، ورواه النسائي في" سننه المجتبى" [ج7/ص: 225/ر:4327]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق الألباني في "صحيح النسائي" [ر:4327]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج5/ص: 50/ر:16374]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق أحمد شاكر في "مسند أحمد" [ج5/ص: 30]، ورواه الدارمي في "سننه" [ج1/ص: 524/ر:1949]، وصححه ابن حبان في "صحيحة" [ج12/ص: 74/ر:5267]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه] ..
د. المرفوع بالتقرير عن النبي حكما:
يقول ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: ( ومِثَالُ المرفوعِ من التَّقريرِ حُكْمًا:أنْ يُخْبِرَ الصَّحَابِيُّ أنَّهم كانوا يَفْعَلُونَ في زمانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كذا، فإنَّه يكونُ لهُ حُكْمُ الرَّفْعِ مِن جِهْةِ أنَّ الظَّاهِرَ اطِّلاَعُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ على ذَلِكَ؛ لِتَوَفُّرِ دَواعِيهِمْ على سُؤَالِهِ عَن أمورِ دِينِهِمْ، ولأنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ زَمَانُ نُزُولِ الوَحْيِ فلا يَقَعُ من الصَّحابَةِ فِعْلُ شيءٍ ويَسْتَمِرُّونَ عليهِ إلاَّ وهو غيرُ ممنوعِ الفعلِ )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 130]؛اهـ
مثال ذلك ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ( كنا نعزل، والقرآن ينزل، [وبزيادة: لو كان ينهى عنه، لنهانا عنه القرآن] )، رواه الشيخان، البخاري في "صحيحة" [ج5/ص: 1998/ر:4911]، ومسلم في "صحيحة" [ج10/ص: 255/ر:3544]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج3/ص: 443/ر:1137]، وقال: حسن صحيح؛ ورواه ابن ماجه في "سننه" [ج2/ص: 183/ر:1927]، بإسناد صحيح، بتحقيق الألباني في "صحيح ابن ماجه" [ر:1577]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه] ..
هـ . المرفوع بالقول عن النبي تصريحا:
يقول الحافظ: ( مِثَالُ المرفوعِ مِنَ القولِ تصريحًا:أنْ يقولَ الصَّحابيُّ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ كذا، أو حَدَّثَنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكذا، أو يقولَ هو أو غيرُه: قال رسولُ اللهِ كذا أو عَن رَسُولِ اللهِ أنَّهُ قالَ كذا أو نحوَ ذَلِكَ )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 127]؛اهـ
والرفع القولي تصريحا، الحكم فيه هو الصحابي، كقوله كناية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أمرنا صلى الله عليه وآله وسلم، أو نهانا أو حرم علينا، أو من السنة كذا وكذا، وهذا القول ينقله الصحابي بالنيابة على أنه إقرار من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ..
مثال ذلك:
ما رواه الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وإتباع الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ؛ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالسُّنْدُسِ، وَالْمَيَاثِرِ )، رواه الشيخين في الصحيحين، البخاري [ج5/ص: 1984/ر:4880]، ومسلم [ج14/ص: 257/ر:5356]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج5/ص: 108/ر:2809]، وقال: حسن صحيح؛ ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج5/ص: 383/ر:18170]، بإسناد صحيح؛ بتحقيق أحمد شاكر في "مسند أحمد" [ج16/ص: 281]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه]..
ومثال آخر:
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيبًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ )، رواه الشيخين،البخاري في "صحيحة" [ج1/ص: 39/ر:71]، ومسلم في "صحيحة" [ج7/ص: 129/ر:2389]، ورواه ابن ماجه في "سننه" [ج1/ص: 124/ر:221]، ، بإسناد صحيح؛ بتحقيق الألباني في "صحيح ابن ماجه" [ر:181]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج5/ص: 57/ر:16407]، بإسناد صحيح؛ بتحقيق أحمد شاكر في "مسند أحمد" [ج4/ص: 282]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه]..
و. المرفوع بالقول عن النبي حكما:
يقول الحافظ: ( ومِثَالُ المرفوعِ من القولِ حُكْمًا لا تصريحًا:أنْ يقولَ الصَّحَابِيُّ الذي لم يأخُذْ عَن الإِسْرَائِيلِيَّاتِ ما لا مجالَ للاجْتِهَادِ فيه، ولا لهُ تَعَلُّقٌ بِبَيانِ لُغَةٍ أو شرحِ غَرِيبٍ، كالإِخْبَارِ عَن الأمُورِ الماضِيَةِ من بَدْءِ الخَلْقِ وأخبارِ الأنْبِيَاءِ، أو الآتِيَةِ، كَالْمَلاحِمِ والفِتَنِ وأحوالِ يومِ القِيَامَةِ، وكذا الإخبارُ عَمَّا يَحْصُلُ بفعلِهِ ثوابٌ مَخْصوصٌ أو عِقَابٌ مَخْصُوصٌ ..
وَإِنَّمَا كان لهُ حُكْمُ المَرْفوعِ؛ لأنَّ إخبارَهُ بذَلِكَ يَقْتَضِي مُخْبِرًا له، وما لا مَجَالَ للاجْتِهَادِ فيه يَقْتَضِي مُوقِفًا لِلقَائِلِ بهِ، ولا مُوقِفَ لِلصَّحَابَةِ إلاَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أو بَعْضُ مَن يُخْبِرُ عَن الكُتُبِ القديمَةِ، فلِهَذَا وقعَ الاحْتِرَازُ عَن القِسْمِ الثَّانِي، وإذا كانَ كذَلِكَ فله حُكْمُ ما لوْ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فهو مرفوعٌ سواءٌ كانَ مما سمعَهُ منه أو عنهُ بواسِطَةٍ )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 127]؛اهـ
ومثال ذلك ( أمر أنس بن مالك لبلال الحبشي أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة )، رواه مسلم في "صحيحة" [ج4/ص: 301/ر:839]، ورواه أبو داود في "سننه" [ج1/ص: 195/ر:508]، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" [ر:508]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج1/ص: 369/ر:193]، وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" [ر:193]، ورواه ابن ماجه في "سننه" [ج1/ص: 299/ر:730]، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" [ر:601]، ورواه الدارمي في "سننه" [ج1/ص: 387/ر:1176]، وصححه ابن خزيمة في "صحيحة" [ج1/ص: 190/ر:366]، وخلاصة حكمه: [صحيح] ..
أي أن يجعل الأذان شفعا أي تعدد التكبير والتهليل فيه زوجي، بينما يوتر أو يفرد جمله بالإقامة ..
هذا وقد اقتصر بعض العلماء الحديث المرفوع، على ما أخبر فيه الصحابة فقط عن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أو فعله، مخصصين ذلك للصحابة دون غيرهم، والمرفوع يدخل في ملاكه المتصل والمنقطع، ومنه الصحيح والحسن، والضعيف بحسب استيفاءه لشروط القبول، أو عدمها ..
وقد يرفع الفعل الحكمي لنبي صلى الله عليه وآله وسلم، بفعل الصحابي الراوي تأسيا به ..
ز. المرفوع الوصفي للنبي تصريحا:
ومثال المرفوع الوصفي تصريحا، كأن يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنا كذا وكذا بوصف أخلاقه ومحسانه ونسبه وفضائله صلى الله عليه وآله وسلم؛اهـ
ومثال ذلك بوصفه أصالة نسبه، وفضائله صلى الله عليه وآله وسلم :
عن أبي هريرة وأبو سعيد الخدري وواثلة بن الأشقع رضي الله عنهم أجمعين، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلمن قال : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدم وَلا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ)، رواه مسلم في "صحيحة" [ج15/ص: 39/ر:5899]، ورواه أبو داود في "سننه" [ج2/ص: 630/ر:4673]، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" [ر:4673]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج5/ص: 548/ر:3615]، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" [ر:3615]، ورواه ابن ماجه في "سننه" [ج3/ص: 540/ر:4308]، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" [ر:3496]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج3/ص:363/ر:10589]، وصححه ابن حبان في "الثقات" [ج14/ص: 135/ر:6242]، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" [ج2/ص: 266] : متواتر، وصححه الشوكاني في "الفتح الرباني" [ج11/ر:5646]، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" [ر:1468]، وخلاصة حكمه : [صحيح] ..
ومثال وصفه أخلاقه وسلوكه صلى الله عليه وآله وسلم:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (قد علمتم أني أتقاكم لله، وأصدقكم وأبركم، ولولا هديي لحللت كما تحلون، فحلوا، فلو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت )، رواه الشيخان في الصحيح، البخاري [ج6/ص:2681/ر:6933]، ومسلم [ج8/ص: 397/ر:2935]، ورواه البيهقي في "سننه الكبرى" [ج7/ص: 36/ر:8944]، والطبراني في "المعجم الكبير" [ج7/ص: 124/ر:6574]، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" [ر:2559]، وخلاصة حكمه : [متفق عليه] ..
ومثال وصفه محاسنه وفضائله صلى الله عليه وآله وسلم:
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال : ( أَلَا وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لِي فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِي فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَكْرَمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَلَا فَخْرَ )، رواه الترمذي في "سننه" [ج5/ص: 548/ر:3616]، ورواه الدارمي في "سننه" [ج1/ص: 30/ر:47]، وهما من أئمة الصحيح التسعة، وحكمه: [صحيح المتن، غريب الإسناد] ..
ح. المرفوع الوصفي للنبي حكما:
ومثال المرفوع الوصفي حكما، كأن يقول الصحابي في أوصاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه كان كذا وكذا خلقا [أحسن الناس خلقا]، وخلقا؛ انظر في "تيسير مصطلحات الحديث" للطحان [ص: 129]؛اهـ
ومثال المرفوع الوصفي الخلقي الجسدي، كقول الإمام علي كرم الله وجهه في وصف هيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْمُمَّغِطِ وَلَا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ ، وَكَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبِطِ ، كَانَ جَعْدًا رَجِلًا وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُطَهَّمِ وَلَا بِالْمُكَلْثَمِ ، وَكَانَ فِي الْوَجْهِ تَدْوِيرٌ أَبْيَضُ مُشْرَبٌ ، أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ أَهْدَبُ الْأَشْفَارِ ، جَلِيلُ الْمُشَاشِ وَالْكَتَدِ أَجْرَدُ ذُو مَسْرُبَةٍ ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ، إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ مَعًا بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، أَجْوَدُ النَّاسِ كَفَّا ، وَأَشْرَحُهُمْ صَدْرًا ، وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً ، وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً ، وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً ، مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ ، وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ ، يَقُولُ نَاعِتُهُ : لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ )، رواه الترمذي في "سننه" [ج5/ص: 559/ر:3638]، وقال: حسن غريب، وقال فيه القرطبي في "الاستذكار" [ج7/ص: 336]: من أحسن شيء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وخلاصة حكمه: [حسن لغيره] ..
ومثال المرفوع الوصفي الٌخلقي، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ، قَالَ : قُلْتُ لِعَائِشَةَ: ( كَيْفَ كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا, لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا, وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ, وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ, وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ )، رواه الترمذي في "سننه" [ج4/ص: 324/ر:2106]، بإسناد صحيح، بتحقيق الألباني [ر:2016]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج7/ص: 337/ر:25459]، بإسناد صحيح، بتحقيق أحمد شاكر في "مسند أحمد" [ج11/ص: 42]، وصححه ابن حبان في "صحيحة" [ج14/ص: 355/ر:6443]؛ وخرج المتن الأول: [كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا] برواية أنس، الشيخان في الصحيحين، البخاري [ج5/ص: 2291/ر:5850]، ومسلم [ج5/ص: 165/ر:1498]، ورواه أبو داود في "سننه" [ج2/ص: 661/ر:4772]، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" [ر:4772]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج4/ص: 323/ر:2015]، وقال: [حسن صحيح]، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" [ر:2015]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه]؛اهـ
-------------------
2.الحديث الموقوف: هو ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير، ولم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو هو ما يروى عن الصحابة رضي الله عنهم، من أقوالهم أو أفعالهم، ونحوها فيقف عليهم ولا يتجاوز إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ..
يقول ابن حجر العسقلاني في تعريفه للحديث الموقوف: ( والموقوف: هو ما انتهى إلى الصحابي )، ورد في "نزهة النظر" [ص: 140]؛اهـ
ويقول الحافظ السيوطي في تعريف الموقوف: ( وهو المَرْويُّ عن الصَّحابة قولاً لهم, أو فِعْلاً, أو نحوه, مُتَّصلا كان, أو مُنقطعًا, ويُستعمل في غيرهم مُقيدًا, فيُقَال: وقفهُ فُلان على الزُّهْري, ونحوهُ )، ورد في "تدريب الراوي" للسيوطي [ج1/ص: 125]، وفي "التذكرة" لابن الملقن [ص: 18]؛اهـ
ويقول الحافظ ابن حجر، في الحديث الموقوف: ( إنَّه قولُ الصحابيِّ، أو فِعْلُهُ، أو تَقْرِيرُه )، وأشار الحافظ إلى: ( أن منه الموقوفَ الصريحَ، ومنه الموقوفَ غيرَ الصريحِ )، وذكرَ الحافظُ في شرح قسمي الموقوف ( أنَّ مِن الأشياءِ المُقْتَضِيَةِ للتصريحِ وليستْ صريحةً، ما مرَّ عندَ روايةِ الصحابيِّ بالنسبةِ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تأتي معَ روايةِ التابعيِّ بالنسبةِ للصحابيِّ إلا أنَّها ليسَ كلُّها كذلكَ، فإذا قالَ التابعيُّ: مَن فعلَ كذا فقد عصى اللهَ ورسولَه، فلا يُعْتَبَرُ هذا موقوفًا )، انظر في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 135و136]؛اهـ
والصحابي كما يقول الحافظ والإمام البخاري: ( مَن لقيَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ مُؤْمِنًا بهِ وماتَ على الإسلامِ، وإنْ تَخَلَّلَتْهُ ردَّةٌ على الأصحِّ )، ورد في "نزهة النظر" للعسقلاني [ص: 136]، وفي "صحيح البخاري" [ص: 747]؛اهـ
أ. الموقوف القولي الصريح:
ومن الأمثلة على الحديث الموقوف القولي الصريح، قول الفارق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا)، رواه البخاري معلقا في "صحيحة" [ج1/ص: 39]، بإسناد صحيح، بتحقيق ابن حجر في "فتح الباري" [ج1/ص: 199]، ورواه الدارمي في "سننه" [ج1/ص: 84/ر:254]، ورواه البيهقي في "الشعب" [ج2/ص: 253/ر:1669]، ورواه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" [ج2/ص: 367/ر:766]، ورواه بإسناد صحيح، كل من ابن مفلح في "الآداب الشرعية" [ج2/ص: 45]، والعيني في "عمدة القاري" [ج2/ص: 81]، وخلاصة حكمه: [صحيح] ..
وقول الإمام علي كرم الله وجهه: ( حَدِّثُواْ النَّاسَ بمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ الله وَرَسُولُهُ )، رواه البخاري في "صحيحة" [ج1/ص: 225/ر:127]، وحكمه: [صحيح]؛اهـ
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وآلهِ وَسَلَّمَ: ( سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ: عِنْدَ حُضُورِ الصَّلاةِ، وَعِنْدَ الصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )، رواه ابن حبان في "صحيحة" [ج5/ص: 5/ر:1720]، ورواه البخاري في "الأدب المفرد" [ج1/ص: 184/ر:679]، وقال بحكمه: [صحيح موقوفا]؛اهـ
أي أنه من قول سهل بن سعد؛اهـ
ب. الموقوف الفعلي الصريح:
ومثال ذلك: عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: ( رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَبُولُ قَائِمً )، رواه الإمام مالك في "الموطأ" [ج1/ص: 65/ر:142]، ورواه ابن أبي شيبه في "مصنفه" [ج1/ص: 147/ر:5]؛اهـ
وفي هذا الحديث الموقوف الفعلي، فعل ضرورة لا تشريع فيه، وذلك من باب المرض، أو حالة خوف في العراء ليلا من ضاري أو صعلوك، أو حالة ترصد عدو تحسب معركة إلى غير ذلك من الضرورات غير الاعتيادية ..
لقوله تعالى: ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [البقرة : 173]..
ووفق القاعدة الفقهية: (الضَّروراتُ تبيحُ المحظوراتِ )؛اهـ
لأننا نجد بالشريعة عدم جواز ذلك في غير ضرورة:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ : ( مَنْ حَدَّثكَم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا، فلا تصدقوه، ما كان إلا قاعدا )، رواه الترمذي في "سننه" [ج1/ص: 17/ر:12]، بإسناد صحيح؛ بتحقيق الألباني في "صحيح الترمذي" [ر:12]، وصححه ابن حبان في "صحيحة" [ج4/ص: 278/ر:1430]، وخلاصة حكمه: [صحيح] ..
ومثال ذلك في الموقوف الفعلي أيضا ما رواه البخاري: ( أم ابن عباس، وهو متيمم )، رواه ابن حجر في "فتح الباري" [ج1/ص: 532]، والعيني في "عمدة القاري" [ج4/ص: 36]، بإسناد صحيح؛اهـ
وفي رواية البيهقي في "سننه الكبرى" [ج1/ص: 399/ر:1143]، برواية سعيد بن المسيب، أن ابن عباس كان في سفر مع نفر من الصحابة؛اهـ
فابن عمر رضي الله عنه، كان من فقهاء العبادلة الأربعة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛اهـ
ومن أمثلة الموقوف الفعلي أيضا: ( أوْتَرَ ابن عمر رضي الله عنه على الدابة في السفر )، انظر "تحفة الأحوذي" للمباركفوري [ج2/ص: 472 – 473]، وقال أبو عيسى الترمذي بحكمه: [حديث ابن عمر حديث حسن صحيح]؛اهـ
ج. الموقوف التقريري الصريح:
ومن الأمثلة على ذلك:
عن ابن عمر رضي الله عنه ( أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعيب عليهم )، رواه ابن حجر في "فتح الباري" [ج2/ص: 442]، بإسناد صحيح؛اهـ
عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهم، قال: (كَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَرَى بَنِيهِ يَلْبَسُونَ الْخَزَّ (1) فَلا يَعِيبُ عَلَيْهِمْ )، ورواه الصنعاني في "مصنف عبد الرزاق" [ج11/ص: 76/ر:19962]، ورواه البيهقي في "الشعب" [ج5/ص: 165/ر:6211]، رواه ابن رشد في "الجامع" [ج2/ص: 185/ر:565]، وخلاصة حكمه: [صحيح موقوفا]؛(1) الخز: ثياب تنسج من صوف وحرير؛اهـ
والموقوف قد يكون موصول الإسناد، أو غير موصول ..
الموقوف غير المتصل الإسناد:
الأمثلة التي أوردناها متصلة السند وفيها ما هو منقطع السند، مثل:
قول الإمام علي كرم الله وجهه: ( مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا فَعَلَيْهِ بِالْعِلْمِ، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ فَعَلَيْهِ بِالْعِلْمِ، ومن أرادهما معاً فعليه بالعلم )، ورد في "المجموع" للشافعي [ج1/ص: 40]، وفي "التهذيب" للنووي [ج1/ص: 74]؛اهـ
فهذا الأثر منقطع من قول الإمام الشافعي، ويعرف عن الإمام علي بالشهرة لا بالسند؛اهـ
وقوله كرم الله وجهه: ( إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله )، ورد في "صيد الخواطر" للمقدسي [ص: 36]، و في "تلبيس إبليس" لابن القيم [ص: 89]، وفي "فيض القدير" للمناوي [ج1/ص: 17]، وفي "الإحياء" للغزالي [ج1/ص: 53]، وفي "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي [ج1/ص: 380]، وفي "أقاويل الثقات" للمقدسي [ص: 228]، وذكره ابن مفلح في "الآداب الشرعية" نقلا عن ابن الجوزي في "السر المكتوم"؛اهـ
فقد نسب هذا الأثر للإمام علي كرم الله وجهه بالشهرة لا بالسند، بكتب العلماء؛اهـ
ومنه ما رواه عبد الرزاق، عن معمر بن راشد، الذي بلغه من بعض أصحابه، أن ابن عباس، وقيل ابن مسعود رضي الله عنهم: ( كان يرفع يديه في التكبيرة الأولى من الصلاة على الجنازة ثم لا يعود )، رواه الصنعاني عبد الرزاق في "مصنفه" [ج3/ص: 470/ر:6365]، وهو حديث موقوف، ومنقطع بين معمر والصحابي؛اهـ
انظر في "التذكرة" لابن الملقن [ص: 5 - 6]؛اهـ
يقال لما يروى عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين "الأثر" ..
ويقال لما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "الخبر" ..
فنقول جاء في الأثر عن الموقوف، أو جاء بالخبر عن المرفوع ..
وبهذا يقول الحافظ السيوطي: ( وعند فُقهاء خُرَاسَان تسمية الموقُوف بالأثر, والمَرْفُوع بالخبر, وعند المُحَدِّثين كل هذا يُسمَّى أثرًا )، ورد في "تدريب الراوي" للسيوطي [ج1/ص: 125]؛اهـ
ويقول: ( قال أبو القاسم الفُوراني: منهم الفُقهَاء يقولون: الخبر ما يُروى عن النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم, والأثر ما يُروى عن الصَّحابة؛ وفي «نُخْبة» شيخُ الإسْلام ["نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر" لابن حجر]: ويُقَال للموقُوف والمقطُوع: الأثر؛. قال المُصنِّف زيادة على ابن الصَّلاح: (( وعند المُحدِّثين كل هذا يُسمَّى أثرًا ))، لأنَّه مأخوذ من أثرت الحَدِيث, أي: رويتهُ )، ورد في "تدريب الراوي" للسيوطي [ج1/ص: 125]؛اهـ
حكم الموقوف: من الأحاديث، ليس بحجة، ما لم يكن بحكم المرفوع؛اهـ
3.الحديث المقطوع: وهو ما أضيف إلى التابعي من قبل دونه من قول أو فعل سواء كان له سند متصل أو لا فيخرج بقيد إضافته إلى التابعي وأضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو المرفوع ، وما أضيف إلى الصحابي وهو الموقوف والتابعي هو مسلم لقي صحابيا، ومات على الإسلام، وكبار التابعين هم الذين يروون أكثر أحاديثهم عن الصحابة ..
يقول الحافظ السيوطي في تعريف الحديث المقطوع: ( وهو الموقوفُ على التَّابعي قولاً له, أو فعلا, واسْتعملهُ الشَّافعي, ثمَّ الطَّبراني في المُنْقطع )، ورد في "تدريب الراوي" للسيوطي [ج1/ص: 135]؛اهـ
ويقول ابن الملقن: ( وَالْمَقْطُوعُ: وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَى التَّابِعِيِّ قَوْلاً أَوْ فِعْلاً )، ورد في "التذكرة" لابن الملقن [ص: 20]؛اهـ
ويقول الحافظ ابن حجر: ( والمقطوع: هو م انتهى إلى التابعي )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 140]؛اهـ
أ. المقطوع المنفصل لسند:
ومن الأمثلة عن المقطوع المنفصل، ما أخرجه الإمام مالك فقال: بلغني أن سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، وابن المسيب ( سئلوا عن نكاح المحرم [حاج والمعتمر]، فقالوا: لا ينكح المحرم ، ولا ينكح )، رواه الإمام مالك في "الموطأ" [ج1/ص: 349/ر:771]، ورواه البيهقي في "سننه الكبرى" [ج10/ص: 503/ر:14554]، حكمه:[صحيح المتن، مقطوع السند]؛اهـ
هنا مضاف إلى التابعين من قولهم، فنسميه مقطوعا، ولكن في إسناده انقطاع؛ لأن مالكا لم يدرك سعيد بن المسيب ولا سليمان بن يسار، لم يدرك هؤلاء، فلذلك كان منقطعا بينه وبين سليمان، منقطعا بينه وبين سعيد بن المسيب، ولهذا قال مالك في الموطأ: "بلغني" يعني أنه لم يسمعه، وإنما بينه وبينهم واسطة، هذا منقطع، ولكنه في نفس الوقت مقطوع، مقطوع لأنه موقوف على التابعي، ومنقطع لأن الإسناد فيه انقطاع، حيث إن مالكا لم يسمع من سليمان بن يسار؛ انظر في "التذكير" لابن الملقن [ص: 21]؛اهـ
ب. المقطوع المتصل السند:
ومن الأمثلة على المقطوع المتصل ما رواه مالك عن يحيى بن سعيد وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: ( أن القاسم بن محمد كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه الإمام بالقراءة )، روا الإمام مالك في "الموطأ" [ج1/ص: 85/ر:186]، وحكمه: [مقطوع، متصل السند]؛اهـ
فهذا فعل من القاسم بن محمد، وهو تابعي، والإسناد متصل بين مالك ويحيى بن سعيد الأنصاري؛ لأن يحيى بن سعيد شيخ لمالك، وقد صح سماع يحيى بن سعيد من القاسم بن محمد، فهذا إسناد متصل ولكنه مقطوع، متصل لأن الإسناد ليس فيه انقطاع، كل راوٍ أخذ عمن فوقه وسمع منه، ولكنه مقطوع من جهة أن متنه مضاف إلى التابعي، فهذا مقطوع متصل، وما قبله مقطوع منقطع؛ انظر في "التذكير" لابن الملقن [ص: 21]؛اهـ
حكم المقطوع: المقطوع ليس بحجة لأنه خلا عن قرينة الرفع أما إذا وجدت قرينة تدل على رفعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فله حكم المرفوع، أما إذا وجبت قرينة تدل على وقفة على الصحابي فله حكم الموقوف ..
أما التابعون فلا شك أن العلماء [رحمهم الله] يجمعون آثارهم، وينقلون أقوالهم وما أُثِر عنهم وكتب المصنفات، كمصنف ابن عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة، وسنن سعيد بن منصور، مثل هذه الكتب طافحة بما أُثِر عنهم، هذا نقل عنهم ذكر العلماء -رحمهم الله- أن من أهم فوائده أنه لا يخرج عن الطالع في المسائل التي تعرض لها، فكل مسألة كان للتابعين فيها قول إن كان لهم قول أو كان لهم قولان أو ثلاثة فلا يجوز إحداث قول بعدهم، بل يجب الاقتصار في المسائل التي تعرضوا لها على ما ذكره التابعون فقط، ولا يجوز الخروج عن أقوالهم، وهذا فائدة ذكر المقطوعات فيما ذكره الخطيب البغدادي وغيره، ذكر أن المقطوعات التي ما نقلت أنه لا يجوز الخروج عن أقوالهم، ولا يجوز إحداث قول لم يكن معروفا عند التابعين -رضي الله تعالى عنهم-؛ لأنهم أفقه وأعلم بمقاصد الشرع، وأقرب إلى نور الإسلام وملازمتهم لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- واطلاعهم على أحواله، كل ذلك يجعل الخروج عن قولهم خطأ..
ومن أهم كبار التابعين وفقهائهم: سعيد بن المسيب، وابن شهاب الزهري، والإمام ابن عمرو الأوزاعي؛اهـ
قال الحافظ ابن كثير بالإمام الأوزاعي: ( وقد بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على مذهبه [أي الأَوْزَاعِيّ] نحوًا من مائتين وعشرين سنة )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 123]؛اهـ
وقال ابن زياد: ( أفتى الأَوْزَاعِيّ في سبعين ألف مسألة بحدثنا )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال أبو زرعة الرازي: ( روي عنه ستون ألف مسألة )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال يحيى القطان عن مالك: ( اجتمع عندي الأَوْزَاعِيّ والثوري وأبو حنيفة فقلت: أيهم أرجح؟ قال: الأَوْزَاعِيّ )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
قال عنه أبو نعيم في الحلية: ( الإمام المبجل، والمقدام المفضل، عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأَوْزَاعِيّ، رضي الله تعالى عنه. كان واحد زمانه، وإمام عصره وأوانه، كان ممن لا يخاف في الله لومة لائم، مقوالاً بالحق لا يخاف سطوة العظائم )، ورد في "حلية الأولياء" للأصفهاني [ج6/ص: 135/ ر:154]؛اهـ
وقال عنه الحافظ ابن كثير: ( الإمام الجليل علامة الوقت .... فقيه أهل الشام وإمامهم )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 123]؛اهـ
وقال عنه الإمام مالك بن أنس: ( كان الأَوْزَاعِيّ إماما يقتدى به )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال عنه الذهبي: كان رأساً في العلم والعمل، جم المناقب. ومع علمه كان بارعاً في الكتابة والترسل.
وقال إسماعيل بن عياش: ( سمعتُ الناس سنة أربعين ومائة يقولون: الأوزاعي اليوم عالم الأمة )، ورد في "مرآة الجنان" لليافعي [ج1/ص: 152]؛اهـ
وقال عبد الله الخريبي: ( كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه )، ورد في "تذكرة الحفاظ" للذهبي [ج1/ص: 177]؛اهـ
وقال سفيان بن عيينة وغيره: ( كان الأَوْزَاعِيّ إمام أهل زمانه... )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال محمد بن عجلان: ( لم أر أحدا أنصح للمسلمين من الأَوْزَاعِيّ )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال عنه الصفدي: ( إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم ..... وكان ثقة مأموناً فاضلاً خيراً كثير العلم والحديث والفقه حجّة )، ورد في "الوافي بالوفيات" للصفدي [ج6/ص: 87]؛اهـ
وقال يحيى بن معين: ( العلماء أربعة: الثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال أبو حاتم: ( كان [أي الأَوْزَاعِيّ] ثقةً متبعًا لما سمع )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال عنه الزركلي صاحب الأعلام: ( إمام الديار الشامية في الفقه والزهد، وأحد الكتّاب المترسلين )، ورد في "الأعلام" للزركلي [ج3/ص: 320]؛اهـ
وتناظر الأوزاعي والثوري في مسجد الخيف في مسألة رفع اليدين في الركوع والرفع منه.
فاحتج الأوزاعي على الرفع في ذلك بما رواه عن الزهري عن سالم عن أبيه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الركوع والرفع منه ".
واحتج الثوري على ذلك بحديث يزيد بن أبي زياد.
فغضب الأوزاعي وقال: تعارض حديث الزهري بحديث يزيد بن أبي زياد وهو رجل ضعيف؟ فاحمر وجه الثوري، فقال الأوزاعي: لعلك كرهت ما قلت؟ قال: نعم.
قال: فقم بنا حتى نلتعن [المباهلة] عند الركن أينا على الحق.
فسكت الثوري. انظر في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
خلاصة اصطلاح المضاف إليه من الحديث:
إن الحديث المضاف، رفعا لمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو وقفا على مقام الصحابي، أو قطعا على مقام التابعي، في حقيقتها تمثل نتيجة واحدة، على وجه التخصيص، وهي السنة الشريفة، والآثار النبوية، فكل من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقتبس للحكم وملتمس للحق، وكل من نبي الله ..
فلو نظرنا بقوله تعالى: ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )[الفتح : 29]؛اهـ
فالله تعالى أجمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع صحابته دون تباين، في الأخلاق والسلوك والأفعال، لأن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، لقوله تعالى: ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )[هود : 112]؛اهـ
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مثل الجسد . إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )، رواه مسلم في رواه مسلم في الصحيح برقم [ج16/ص: 356/ر:6529]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج5/ص: 337/ر:17913]، ورواه السيوطي في "الجامع الصغير" [ر:8155]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق الألباني في "صحيح الجامع" [ر:5849]، وخلاصة حكمه: [صحيح] ..
وعن أبي موسى الأشعري رضي لله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه)،رواه الشيخان في الصحيحين، البخاري [ج2/ص: 863/ر:2314] و مسلم [ج16/ص: 355/ر:6528]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج4/ص: 287/ر:1928]، وقال: حسن صحيح، ورواه النسائي في "سننه المجتبى" [ج5/ص: 83/ر:2559]، بإسناد صحيح، بتحقيق الألباني في "صحيح النسائي" [ر:2559]، ورواه الإمام أحمد في "مسند" [ج5/ص: 552/ر:19127]، وصححه ابن حبان في "صحيحة" [ج1/ص: 467/ر:231]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه] ..
وهذا الحديثان الصحيحان، يشيران فيما يشيران إلى التكافل المنهجي في حفظ الدين وسننه، ونشره والعمل به وتطبيق أوامره وتجنب نواهيه، وحمل السنة الشريفة وحفظها مع كتاب الله عز وجل ..
وقد حمل هذه الخاصية من تمام الضبط والعدالة من كبار الصحابة العشرة المبشرين وعلى رأسهم النظراء الراشدين الأربعة، ثم يلي المبشرين أهل بدر، ثم العبادة الأربعة من فقهاء الصحابة، وفي مقدمتهم حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما، ثم كبار التابعين؛اهـ
ويؤكد ذلك قوله تعالى: ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )[التوبة : 100]؛اهـ
ويوثق ذلك أيضا مساواة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لسنته وهي ما صدر عنه صلى الله عليه وآله وسلم، من أقوال وأفعال، مع ما صدر من سنن خلفاءه الراشدين وقياسا على ذلك أهل الإقتداء من ورثة الأنبياء علماء كبار التابعين أمثال ابن المسيب، وابن شهاب الزهري والأوزاعي، ومجاهد بن جبر المكي وغيرهم كبار التابعين من أهل العلم والإحسان،الذين قال بهم الله وبالأنبياء من قبلهم: ( أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ .... )[الأنعام : 90]؛اهـ
واقتده: أي ملك قلبك لله بحسن التأسي والاقتداء، بأهل الدرجات العلى؛اهـ
لذلك سمي العلماء الربانين ورثة الأنبياء، بالخلفاء المهديين؛اهـ
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَلَكِنَّهُمْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ يَعْنِي بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)، رواه البخاري معلقا في" "صحيحة" [ج1/ص: 37]، ورواه أبو داود في "سننه" [ج2/ص: 341/ر:3641]، بإسناد صحيح؛ بتحقيق الألباني في "صحيح أبي داود" [ر:3641]، ورواه الترمذي ] في "سننه" [ج5/ص: 47/ر:2682]، بإسناد صحيح؛ بتحقيق الألباني في "صحيح الترمذي" [ر:2682]، ورواه ابن ماجه في "سننه" [ج1/ص: 124/ر:223]، ورواه الدارمي في "سننه" [ج1/ص: 104/ر:348]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج6/ص: 254/ر:21208]، وصححه ابن حبان في "الثقات" [ج1/ص: 289/ر:88]، ورواه السيوطي في "الجامع الصغير" [ر:3065]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق الألباني في "صحيح الجامع" [ر:6297]، وخلاصة حكمه: [صحيح] ..
عن العرباص بن سارية السلمي رضي الله عنه قال : وعظنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب قلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا قال : ( قد تركتكم على البيضاء، وفي رواية:"مثل البيضاء" وفي رواية:"المحجة البيضاء" ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا عضوا عليها بالنواجذ فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد انقاد )، رواه ابن ماجه في "سننه" [43]، والإمام أحمد في "مسنده" [16693]، وصححه السيوطي في "الجامع الصغير" [ر:6096]، الصعدي في "النوافح العطرة" [224]، والألباني في كل من "صحيح الجامع" [ر:4369]، وفي "تخريج كتاب السنة" [48و49]، وفي "صحيح ابن ماجه" [41]، وفي "صحيح الترغيب" [59]،وقال الشوكاني في "الفتح الرباني" : ثابت ورجاله رجال الصحيح، وخلاصة حكمه : [صحيح] ..
وفي رواية أخرى: عن العرباص بن سارية رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ،
بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين الحديث المعلول والحديث المجروح:
إن الفرق الأساسي بين الحديث المعلول أو المعلل، والحديث المجروح أي المقبول الضعف:
1. أن الأول وهو المعلول يكون بعلة خفية، أما الثاني وهو المجروح فيكون بعلة ظاهرة أو قادحة ..
2. المعلول متصل السند رواته كلهم ثقات، والمجروح يكون متصل السند في رواته ضعيف غير متروك الحديث ..
3. المعلول مصنف بين الأحاديث الصحيحة، ولكن يقال فيه صحيح معلول، أما المجروح فمصنف بين الأحاديث الضعيفة، ويسمى الضعيف المقبول ..
4. المعلول يكون نتيجة خطأ عند الراوي الثقة أو وهم، أما المجروح فيكون بعلة بأصل حال الراوي من ناحية ضعف الضبط والإتقان ..
من آداب رواية الحديث بصورة عامة: من باب توقير السنة وورع المحدثين، فقد فضل العلماء عندما يروي أحدهم حديث يجهل صحته من ضعفه، أن يختار للتعبير صيغة لا تفيد جزم رفع هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كأن يقول ورد في الأثر فهو يشمل المرفوع والموقوف، أو يقول ورد في آثار النبوة، ولا بأس إن قال ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإنه إن تحقق من صحة الحديث بمنتهاه للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، فعندها يقول جازما: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كذا وكذا ... الخ ..
وليس له حين إذ أن يختار صيغة لا تفيد الجزم ..
أما إن كان متأكد من صحة السند، ولا يحفظ لفظ المتن المروي بشكل دقيق، لكنه يحفظه بلفظ قريب يصب بمجمل معنى اللفظ الصحيح، فإنه يتبع قوله للمتن بلفظ "أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ..
يقول الحافظ السيوطي: (إذا أردت رواية الضعيف بغير إسناد فلا تقل: قال رسول الله [صلى الله عليه وآله وسلم] كذا، وما أشبه من صيغ الجزم، بل قل: روي كذا، أو بلغنا كذا، أو ورد، أو جاء، أو نقل، وما أشبهه، وكذا ما تشك في صحته )، ورد في "تدريب الراوي" للسيوطي [ج1/ص: 348]؛اهـ
أنواع الحديث وفق ما يضاف إليه:
يتنوع الحديث بالنسبة لمن أضيف إليه إلى ثلاثة أنواع:
(1) الحديث المرفوع ..
(2) الحديث الموقوف ..
(3) الحديث المقطوع ..
1.الحديث المرفوع: وهو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، من قبل أحد أصحابه تصريحا عنه، قولا أو فعلا أو تقريرا، أو يكون حكما من قول وفعل وتصريح الصحابي بالتأسي والاقتداء بما ثبت عنه صلى الله عليه وآله وسلم، أو أن يكون وصفا متصلا إسناده أو غير متصل، وسمي الحديث المرفوع مرفوعا لارتفاع رتبته، بإضافته إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛اهـ
ويخبرنا الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى، معرفا الحديث المرفوع، قائلا: ( وهو إما أن ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، تصريحا أو حكما، [على] أن المنقول بذلك الإسناد من قوله صلى الله عليه وآله وسلم، أو فعله، أو تقريره )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 126 -127]؛اهـ
ويقسم الحديث المرفوع تصريحا وحكما، إلى أربعة أقسام، ينقسم كل قسم إلى تصريح من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو بحكم رفع دون تصريح من النبي بشكل مباشر أي بوجود واسطة وهو الصحابي الحامل للحكم:
أ. المرفوع بالفعل عن النبي تصريحا:
يقول الحافظ العسقلاني: ( ومِثَالُ المرفوعِ مِنَ الفعلِ تصريحًا: أنْ يقولَ الصَّحَابِيُّ: رأيتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ تعالى عَلَيْهِ وآلِه وَسَلَّمَ فعلَ كذا، أو يقولَ هو أو غيرُه: كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يفعلُ كذا )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 127]؛اهـ
ومن الأمثلة على المرفوع بالفعل تصريحا: قول الإمام علي كرم الله وجهه: ( كنا في جنازة ببقيع الغرقد فأتانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقعد وقعدنا حوله، ومعه مخصرة، فنكس، فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: (( ما منكم من أحد، وما من نفس منفوسة، إلا كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة ))؛ قال رجل: يا رسول الله، أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل، فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى أهل السعادة، ومن كان منا من أهل الشقاوة فسيصير إلى عمل أهل الشقاوة؟ قال: (( أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاء؛ ثم قرأ: { فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى [5] وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى [6] فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى [7] وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى [8] وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى [9] فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى }[الليل : 10] )) )، رواه الشيخان، البخاري في "صحيحة" [ج4/ص: 1891/ر:4665]، ومسلم في "صحيحة" [ج16/ص: 411/ر:6673]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج1/ص: 208/ر:1070]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق أجمد شاكر في "مسند أحمد" [ج2/ص: 237]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه] ..
وهنا التصريح بالفعل، يكمن في أن الإمام علي كرم الله وجهه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يقعد وينكت تراب الأرض بمحضرة، فهذا تصريح فعلي للنبي صلى الله عليه وآله وسلم..
ومثال آخر عن التصريح برفع الفعل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ : ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ يُومِئُ إِيمَاءً صَلَاةَ اللَّيْلِ إِلَّا الْفَرَائِضَ وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ )، رواه البخاري في "صحيحة" [ج1/ص: 339/ر:955]، وحكمه: [صحيح] ..
ومثال أخير: عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( وَلَقَدْ رَهَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِرْعَهُ بِشَعِيرٍ، وَمَشَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ، يَقُولُ: مَا أَصْبَحَ لِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا صَاعٌ ، وَلَا أَمْسَى، وَإِنَّهُمْ لَتِسْعَةُ أَبْيَاتٍ )، رواه البخاري في "صحيحة" [ج2/ص: 887/ر:2373]، وحكمه: [صحيح] ..
وهذا تصريح فعلي آخر بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يفعل هذا الفعل؛اهـ
ب. المرفوع بالفعل عن النبي حكما:
يقول الحافظ: ( ومِثَالُالمرفوعِ مِنَ الفِعْلِ حُكْمًا: أنْ يفعلَ الصَّحَابِيُّ ما لا مجالَ للاجْتِهَادِ فيه، فَيُنَـزَّلُ على أنَّ ذَلِكَ عندَهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 130؛اهـ
ومثال ذلك ما رواه البيهقي في "سننه الكبرى" [ج5/ص: 129/ر:6422]، وذكره الشافعي في كتابه الأم [ج7/ص: 168]، عن الإمام علي كرم الله وجهه، أنه: ( أنه صلى صلاة الخسوف، فركع في كُلِّ ركْعةٍ أكثرَ مِن رُكوعَيْنِ )؛اهـ
وهنا نجد أن الإمام علي رضي الله عنه، حينما فعل هذا الفعل، دل هذا أنه لا يمكن أن يصدر منه اجتهادا، إلا وقد رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسبقه لهذا الفعل، ولو لم ير النبي صلى الله عليه وآله وسلم يفعله لما فعله تأسيا واقتداءا وإتباعا ..
وقد رواه مرفوعا من فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، تصريحا، كل من ابن عباس وابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( صَلَّى بِهِمْ صَلاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ، كُلُّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعَيْنِ وَسَجْدَتَيْنِ )، رواه ابن خزيمة في "صحيحة" [ج2/ص: 317/ر:1385]، ورواه البيهقي في "سننه الكبرى" [ج3/ص: 324/ر:5835]، ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" [ج11/ص: 338/ر:3331]، وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" [ج2/ص: 465]: [ثبت من عدة أحاديث صحيحة]؛اهـ
ومنه ما رواه ابن حزم في "المحلى" [ج2/ص: 102/ر:375]، عن ابن عمر رضي الله عنهما: ( كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً، وَذَكَرَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ )، رواه البخاري في "صحيحة" برقم: [1039]؛اهـ
ج.المرفوع بالتقرير عن النبي تصريحا:
يقول ابن حجر العسقلاني: ( ومِثَالُ المرفوعِ من التَّقْرِيرِ تصريحًا:أنْ يقولَ الصَّحَابِيُّ: فعَلْتُ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كذا، أو يقولَ هو أو غيرُه: فعل فُلانٌ بحضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كذا، ولا يَذْكُرُ إنكارَهُ لذَلِكَ )، ورد في "نزهة النظر" للعسقلاني [ص: 127]؛اهـ
ومثال المرفوع التقريري هو حكاية إقراره صلى الله عليه وآله وسلم لما فعل أمامة، كأكل الضب بين يديه صلى الله عليه وآله وسلم:
عَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنه، أَنَّهُ: ( دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وآلهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ، فَقَالُوا: هُوَ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: (( لَا، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ ))، قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكَلْتُهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ )، رواه الشيخان، البخاري في "صحيحة" [ج5/ص: 2105/ر:5217]، ومسلم في "صحيحة" [ج13/ص: 100/ر:5009]، ورواه أبو داود في "سننه" [ج2/ص: 381/ر:3794]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق الألباني في "صحيح أبي داود" [ر:3794]، ورواه النسائي في" سننه المجتبى" [ج7/ص: 225/ر:4327]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق الألباني في "صحيح النسائي" [ر:4327]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج5/ص: 50/ر:16374]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق أحمد شاكر في "مسند أحمد" [ج5/ص: 30]، ورواه الدارمي في "سننه" [ج1/ص: 524/ر:1949]، وصححه ابن حبان في "صحيحة" [ج12/ص: 74/ر:5267]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه] ..
د. المرفوع بالتقرير عن النبي حكما:
يقول ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: ( ومِثَالُ المرفوعِ من التَّقريرِ حُكْمًا:أنْ يُخْبِرَ الصَّحَابِيُّ أنَّهم كانوا يَفْعَلُونَ في زمانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كذا، فإنَّه يكونُ لهُ حُكْمُ الرَّفْعِ مِن جِهْةِ أنَّ الظَّاهِرَ اطِّلاَعُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلهِ وَسَلَّمَ على ذَلِكَ؛ لِتَوَفُّرِ دَواعِيهِمْ على سُؤَالِهِ عَن أمورِ دِينِهِمْ، ولأنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ زَمَانُ نُزُولِ الوَحْيِ فلا يَقَعُ من الصَّحابَةِ فِعْلُ شيءٍ ويَسْتَمِرُّونَ عليهِ إلاَّ وهو غيرُ ممنوعِ الفعلِ )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 130]؛اهـ
مثال ذلك ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنه: ( كنا نعزل، والقرآن ينزل، [وبزيادة: لو كان ينهى عنه، لنهانا عنه القرآن] )، رواه الشيخان، البخاري في "صحيحة" [ج5/ص: 1998/ر:4911]، ومسلم في "صحيحة" [ج10/ص: 255/ر:3544]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج3/ص: 443/ر:1137]، وقال: حسن صحيح؛ ورواه ابن ماجه في "سننه" [ج2/ص: 183/ر:1927]، بإسناد صحيح، بتحقيق الألباني في "صحيح ابن ماجه" [ر:1577]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه] ..
هـ . المرفوع بالقول عن النبي تصريحا:
يقول الحافظ: ( مِثَالُ المرفوعِ مِنَ القولِ تصريحًا:أنْ يقولَ الصَّحابيُّ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ كذا، أو حَدَّثَنَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكذا، أو يقولَ هو أو غيرُه: قال رسولُ اللهِ كذا أو عَن رَسُولِ اللهِ أنَّهُ قالَ كذا أو نحوَ ذَلِكَ )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 127]؛اهـ
والرفع القولي تصريحا، الحكم فيه هو الصحابي، كقوله كناية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أمرنا صلى الله عليه وآله وسلم، أو نهانا أو حرم علينا، أو من السنة كذا وكذا، وهذا القول ينقله الصحابي بالنيابة على أنه إقرار من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ..
مثال ذلك:
ما رواه الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وإتباع الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ؛ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ أَوْ قَالَ حَلْقَةِ الذَّهَبِ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالدِّيبَاجِ، وَالسُّنْدُسِ، وَالْمَيَاثِرِ )، رواه الشيخين في الصحيحين، البخاري [ج5/ص: 1984/ر:4880]، ومسلم [ج14/ص: 257/ر:5356]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج5/ص: 108/ر:2809]، وقال: حسن صحيح؛ ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج5/ص: 383/ر:18170]، بإسناد صحيح؛ بتحقيق أحمد شاكر في "مسند أحمد" [ج16/ص: 281]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه]..
ومثال آخر:
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيبًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ( مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِي، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الْأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ )، رواه الشيخين،البخاري في "صحيحة" [ج1/ص: 39/ر:71]، ومسلم في "صحيحة" [ج7/ص: 129/ر:2389]، ورواه ابن ماجه في "سننه" [ج1/ص: 124/ر:221]، ، بإسناد صحيح؛ بتحقيق الألباني في "صحيح ابن ماجه" [ر:181]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج5/ص: 57/ر:16407]، بإسناد صحيح؛ بتحقيق أحمد شاكر في "مسند أحمد" [ج4/ص: 282]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه]..
و. المرفوع بالقول عن النبي حكما:
يقول الحافظ: ( ومِثَالُ المرفوعِ من القولِ حُكْمًا لا تصريحًا:أنْ يقولَ الصَّحَابِيُّ الذي لم يأخُذْ عَن الإِسْرَائِيلِيَّاتِ ما لا مجالَ للاجْتِهَادِ فيه، ولا لهُ تَعَلُّقٌ بِبَيانِ لُغَةٍ أو شرحِ غَرِيبٍ، كالإِخْبَارِ عَن الأمُورِ الماضِيَةِ من بَدْءِ الخَلْقِ وأخبارِ الأنْبِيَاءِ، أو الآتِيَةِ، كَالْمَلاحِمِ والفِتَنِ وأحوالِ يومِ القِيَامَةِ، وكذا الإخبارُ عَمَّا يَحْصُلُ بفعلِهِ ثوابٌ مَخْصوصٌ أو عِقَابٌ مَخْصُوصٌ ..
وَإِنَّمَا كان لهُ حُكْمُ المَرْفوعِ؛ لأنَّ إخبارَهُ بذَلِكَ يَقْتَضِي مُخْبِرًا له، وما لا مَجَالَ للاجْتِهَادِ فيه يَقْتَضِي مُوقِفًا لِلقَائِلِ بهِ، ولا مُوقِفَ لِلصَّحَابَةِ إلاَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أو بَعْضُ مَن يُخْبِرُ عَن الكُتُبِ القديمَةِ، فلِهَذَا وقعَ الاحْتِرَازُ عَن القِسْمِ الثَّانِي، وإذا كانَ كذَلِكَ فله حُكْمُ ما لوْ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فهو مرفوعٌ سواءٌ كانَ مما سمعَهُ منه أو عنهُ بواسِطَةٍ )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 127]؛اهـ
ومثال ذلك ( أمر أنس بن مالك لبلال الحبشي أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة )، رواه مسلم في "صحيحة" [ج4/ص: 301/ر:839]، ورواه أبو داود في "سننه" [ج1/ص: 195/ر:508]، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" [ر:508]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج1/ص: 369/ر:193]، وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" [ر:193]، ورواه ابن ماجه في "سننه" [ج1/ص: 299/ر:730]، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" [ر:601]، ورواه الدارمي في "سننه" [ج1/ص: 387/ر:1176]، وصححه ابن خزيمة في "صحيحة" [ج1/ص: 190/ر:366]، وخلاصة حكمه: [صحيح] ..
أي أن يجعل الأذان شفعا أي تعدد التكبير والتهليل فيه زوجي، بينما يوتر أو يفرد جمله بالإقامة ..
هذا وقد اقتصر بعض العلماء الحديث المرفوع، على ما أخبر فيه الصحابة فقط عن قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أو فعله، مخصصين ذلك للصحابة دون غيرهم، والمرفوع يدخل في ملاكه المتصل والمنقطع، ومنه الصحيح والحسن، والضعيف بحسب استيفاءه لشروط القبول، أو عدمها ..
وقد يرفع الفعل الحكمي لنبي صلى الله عليه وآله وسلم، بفعل الصحابي الراوي تأسيا به ..
ز. المرفوع الوصفي للنبي تصريحا:
ومثال المرفوع الوصفي تصريحا، كأن يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنا كذا وكذا بوصف أخلاقه ومحسانه ونسبه وفضائله صلى الله عليه وآله وسلم؛اهـ
ومثال ذلك بوصفه أصالة نسبه، وفضائله صلى الله عليه وآله وسلم :
عن أبي هريرة وأبو سعيد الخدري وواثلة بن الأشقع رضي الله عنهم أجمعين، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلمن قال : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى بَنِي هَاشِمٍ مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَأَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدم وَلا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ)، رواه مسلم في "صحيحة" [ج15/ص: 39/ر:5899]، ورواه أبو داود في "سننه" [ج2/ص: 630/ر:4673]، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" [ر:4673]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج5/ص: 548/ر:3615]، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" [ر:3615]، ورواه ابن ماجه في "سننه" [ج3/ص: 540/ر:4308]، وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" [ر:3496]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج3/ص:363/ر:10589]، وصححه ابن حبان في "الثقات" [ج14/ص: 135/ر:6242]، وقال الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية" [ج2/ص: 266] : متواتر، وصححه الشوكاني في "الفتح الرباني" [ج11/ر:5646]، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" [ر:1468]، وخلاصة حكمه : [صحيح] ..
ومثال وصفه أخلاقه وسلوكه صلى الله عليه وآله وسلم:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : (قد علمتم أني أتقاكم لله، وأصدقكم وأبركم، ولولا هديي لحللت كما تحلون، فحلوا، فلو استقبلت من أمري ما استدبرت ما أهديت )، رواه الشيخان في الصحيح، البخاري [ج6/ص:2681/ر:6933]، ومسلم [ج8/ص: 397/ر:2935]، ورواه البيهقي في "سننه الكبرى" [ج7/ص: 36/ر:8944]، والطبراني في "المعجم الكبير" [ج7/ص: 124/ر:6574]، وصححه الألباني في "مشكاة المصابيح" [ر:2559]، وخلاصة حكمه : [متفق عليه] ..
ومثال وصفه محاسنه وفضائله صلى الله عليه وآله وسلم:
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال : ( أَلَا وَأَنَا حَبِيبُ اللَّهِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا حَامِلُ لِوَاءِ الْحَمْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يُحَرِّكُ حِلَقَ الْجَنَّةِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لِي فَيُدْخِلُنِيهَا وَمَعِي فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا فَخْرَ، وَأَنَا أَكْرَمُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَلَا فَخْرَ )، رواه الترمذي في "سننه" [ج5/ص: 548/ر:3616]، ورواه الدارمي في "سننه" [ج1/ص: 30/ر:47]، وهما من أئمة الصحيح التسعة، وحكمه: [صحيح المتن، غريب الإسناد] ..
ح. المرفوع الوصفي للنبي حكما:
ومثال المرفوع الوصفي حكما، كأن يقول الصحابي في أوصاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه كان كذا وكذا خلقا [أحسن الناس خلقا]، وخلقا؛ انظر في "تيسير مصطلحات الحديث" للطحان [ص: 129]؛اهـ
ومثال المرفوع الوصفي الخلقي الجسدي، كقول الإمام علي كرم الله وجهه في وصف هيئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لَمْ يَكُنْ بِالطَّوِيلِ الْمُمَّغِطِ وَلَا بِالْقَصِيرِ الْمُتَرَدِّدِ ، وَكَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ ، وَلَمْ يَكُنْ بِالْجَعْدِ الْقَطَطِ وَلَا بِالسَّبِطِ ، كَانَ جَعْدًا رَجِلًا وَلَمْ يَكُنْ بِالْمُطَهَّمِ وَلَا بِالْمُكَلْثَمِ ، وَكَانَ فِي الْوَجْهِ تَدْوِيرٌ أَبْيَضُ مُشْرَبٌ ، أَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ أَهْدَبُ الْأَشْفَارِ ، جَلِيلُ الْمُشَاشِ وَالْكَتَدِ أَجْرَدُ ذُو مَسْرُبَةٍ ، شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ ، إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ كَأَنَّمَا يَمْشِي فِي صَبَبٍ ، وَإِذَا الْتَفَتَ الْتَفَتَ مَعًا بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ ، وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ ، أَجْوَدُ النَّاسِ كَفَّا ، وَأَشْرَحُهُمْ صَدْرًا ، وَأَصْدَقُ النَّاسِ لَهْجَةً ، وَأَلْيَنُهُمْ عَرِيكَةً ، وَأَكْرَمُهُمْ عِشْرَةً ، مَنْ رَآهُ بَدِيهَةً هَابَهُ ، وَمَنْ خَالَطَهُ مَعْرِفَةً أَحَبَّهُ ، يَقُولُ نَاعِتُهُ : لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ )، رواه الترمذي في "سننه" [ج5/ص: 559/ر:3638]، وقال: حسن غريب، وقال فيه القرطبي في "الاستذكار" [ج7/ص: 336]: من أحسن شيء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وخلاصة حكمه: [حسن لغيره] ..
ومثال المرفوع الوصفي الٌخلقي، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْجَدَلِيِّ، قَالَ : قُلْتُ لِعَائِشَةَ: ( كَيْفَ كَانَ خُلُقُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا, لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا, وَلا صَخَّابًا فِي الأَسْوَاقِ, وَلا يَجْزِي بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ, وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ )، رواه الترمذي في "سننه" [ج4/ص: 324/ر:2106]، بإسناد صحيح، بتحقيق الألباني [ر:2016]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج7/ص: 337/ر:25459]، بإسناد صحيح، بتحقيق أحمد شاكر في "مسند أحمد" [ج11/ص: 42]، وصححه ابن حبان في "صحيحة" [ج14/ص: 355/ر:6443]؛ وخرج المتن الأول: [كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا] برواية أنس، الشيخان في الصحيحين، البخاري [ج5/ص: 2291/ر:5850]، ومسلم [ج5/ص: 165/ر:1498]، ورواه أبو داود في "سننه" [ج2/ص: 661/ر:4772]، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" [ر:4772]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج4/ص: 323/ر:2015]، وقال: [حسن صحيح]، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" [ر:2015]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه]؛اهـ
-------------------
2.الحديث الموقوف: هو ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير، ولم يرفع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو هو ما يروى عن الصحابة رضي الله عنهم، من أقوالهم أو أفعالهم، ونحوها فيقف عليهم ولا يتجاوز إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ..
يقول ابن حجر العسقلاني في تعريفه للحديث الموقوف: ( والموقوف: هو ما انتهى إلى الصحابي )، ورد في "نزهة النظر" [ص: 140]؛اهـ
ويقول الحافظ السيوطي في تعريف الموقوف: ( وهو المَرْويُّ عن الصَّحابة قولاً لهم, أو فِعْلاً, أو نحوه, مُتَّصلا كان, أو مُنقطعًا, ويُستعمل في غيرهم مُقيدًا, فيُقَال: وقفهُ فُلان على الزُّهْري, ونحوهُ )، ورد في "تدريب الراوي" للسيوطي [ج1/ص: 125]، وفي "التذكرة" لابن الملقن [ص: 18]؛اهـ
ويقول الحافظ ابن حجر، في الحديث الموقوف: ( إنَّه قولُ الصحابيِّ، أو فِعْلُهُ، أو تَقْرِيرُه )، وأشار الحافظ إلى: ( أن منه الموقوفَ الصريحَ، ومنه الموقوفَ غيرَ الصريحِ )، وذكرَ الحافظُ في شرح قسمي الموقوف ( أنَّ مِن الأشياءِ المُقْتَضِيَةِ للتصريحِ وليستْ صريحةً، ما مرَّ عندَ روايةِ الصحابيِّ بالنسبةِ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تأتي معَ روايةِ التابعيِّ بالنسبةِ للصحابيِّ إلا أنَّها ليسَ كلُّها كذلكَ، فإذا قالَ التابعيُّ: مَن فعلَ كذا فقد عصى اللهَ ورسولَه، فلا يُعْتَبَرُ هذا موقوفًا )، انظر في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 135و136]؛اهـ
والصحابي كما يقول الحافظ والإمام البخاري: ( مَن لقيَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّمَ مُؤْمِنًا بهِ وماتَ على الإسلامِ، وإنْ تَخَلَّلَتْهُ ردَّةٌ على الأصحِّ )، ورد في "نزهة النظر" للعسقلاني [ص: 136]، وفي "صحيح البخاري" [ص: 747]؛اهـ
أ. الموقوف القولي الصريح:
ومن الأمثلة على الحديث الموقوف القولي الصريح، قول الفارق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا)، رواه البخاري معلقا في "صحيحة" [ج1/ص: 39]، بإسناد صحيح، بتحقيق ابن حجر في "فتح الباري" [ج1/ص: 199]، ورواه الدارمي في "سننه" [ج1/ص: 84/ر:254]، ورواه البيهقي في "الشعب" [ج2/ص: 253/ر:1669]، ورواه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" [ج2/ص: 367/ر:766]، ورواه بإسناد صحيح، كل من ابن مفلح في "الآداب الشرعية" [ج2/ص: 45]، والعيني في "عمدة القاري" [ج2/ص: 81]، وخلاصة حكمه: [صحيح] ..
وقول الإمام علي كرم الله وجهه: ( حَدِّثُواْ النَّاسَ بمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ الله وَرَسُولُهُ )، رواه البخاري في "صحيحة" [ج1/ص: 225/ر:127]، وحكمه: [صحيح]؛اهـ
وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وآلهِ وَسَلَّمَ: ( سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ: عِنْدَ حُضُورِ الصَّلاةِ، وَعِنْدَ الصَّفِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )، رواه ابن حبان في "صحيحة" [ج5/ص: 5/ر:1720]، ورواه البخاري في "الأدب المفرد" [ج1/ص: 184/ر:679]، وقال بحكمه: [صحيح موقوفا]؛اهـ
أي أنه من قول سهل بن سعد؛اهـ
ب. الموقوف الفعلي الصريح:
ومثال ذلك: عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: ( رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَبُولُ قَائِمً )، رواه الإمام مالك في "الموطأ" [ج1/ص: 65/ر:142]، ورواه ابن أبي شيبه في "مصنفه" [ج1/ص: 147/ر:5]؛اهـ
وفي هذا الحديث الموقوف الفعلي، فعل ضرورة لا تشريع فيه، وذلك من باب المرض، أو حالة خوف في العراء ليلا من ضاري أو صعلوك، أو حالة ترصد عدو تحسب معركة إلى غير ذلك من الضرورات غير الاعتيادية ..
لقوله تعالى: ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [البقرة : 173]..
ووفق القاعدة الفقهية: (الضَّروراتُ تبيحُ المحظوراتِ )؛اهـ
لأننا نجد بالشريعة عدم جواز ذلك في غير ضرورة:
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ : ( مَنْ حَدَّثكَم أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبُولُ قَائِمًا، فلا تصدقوه، ما كان إلا قاعدا )، رواه الترمذي في "سننه" [ج1/ص: 17/ر:12]، بإسناد صحيح؛ بتحقيق الألباني في "صحيح الترمذي" [ر:12]، وصححه ابن حبان في "صحيحة" [ج4/ص: 278/ر:1430]، وخلاصة حكمه: [صحيح] ..
ومثال ذلك في الموقوف الفعلي أيضا ما رواه البخاري: ( أم ابن عباس، وهو متيمم )، رواه ابن حجر في "فتح الباري" [ج1/ص: 532]، والعيني في "عمدة القاري" [ج4/ص: 36]، بإسناد صحيح؛اهـ
وفي رواية البيهقي في "سننه الكبرى" [ج1/ص: 399/ر:1143]، برواية سعيد بن المسيب، أن ابن عباس كان في سفر مع نفر من الصحابة؛اهـ
فابن عمر رضي الله عنه، كان من فقهاء العبادلة الأربعة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛اهـ
ومن أمثلة الموقوف الفعلي أيضا: ( أوْتَرَ ابن عمر رضي الله عنه على الدابة في السفر )، انظر "تحفة الأحوذي" للمباركفوري [ج2/ص: 472 – 473]، وقال أبو عيسى الترمذي بحكمه: [حديث ابن عمر حديث حسن صحيح]؛اهـ
ج. الموقوف التقريري الصريح:
ومن الأمثلة على ذلك:
عن ابن عمر رضي الله عنه ( أنه كان يرى أهل المياه بين مكة والمدينة يجمعون فلا يعيب عليهم )، رواه ابن حجر في "فتح الباري" [ج2/ص: 442]، بإسناد صحيح؛اهـ
عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهم، قال: (كَانَ ابْنُ عُمَرَ، يَرَى بَنِيهِ يَلْبَسُونَ الْخَزَّ (1) فَلا يَعِيبُ عَلَيْهِمْ )، ورواه الصنعاني في "مصنف عبد الرزاق" [ج11/ص: 76/ر:19962]، ورواه البيهقي في "الشعب" [ج5/ص: 165/ر:6211]، رواه ابن رشد في "الجامع" [ج2/ص: 185/ر:565]، وخلاصة حكمه: [صحيح موقوفا]؛(1) الخز: ثياب تنسج من صوف وحرير؛اهـ
والموقوف قد يكون موصول الإسناد، أو غير موصول ..
الموقوف غير المتصل الإسناد:
الأمثلة التي أوردناها متصلة السند وفيها ما هو منقطع السند، مثل:
قول الإمام علي كرم الله وجهه: ( مَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا فَعَلَيْهِ بِالْعِلْمِ، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ فَعَلَيْهِ بِالْعِلْمِ، ومن أرادهما معاً فعليه بالعلم )، ورد في "المجموع" للشافعي [ج1/ص: 40]، وفي "التهذيب" للنووي [ج1/ص: 74]؛اهـ
فهذا الأثر منقطع من قول الإمام الشافعي، ويعرف عن الإمام علي بالشهرة لا بالسند؛اهـ
وقوله كرم الله وجهه: ( إن الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله )، ورد في "صيد الخواطر" للمقدسي [ص: 36]، و في "تلبيس إبليس" لابن القيم [ص: 89]، وفي "فيض القدير" للمناوي [ج1/ص: 17]، وفي "الإحياء" للغزالي [ج1/ص: 53]، وفي "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي [ج1/ص: 380]، وفي "أقاويل الثقات" للمقدسي [ص: 228]، وذكره ابن مفلح في "الآداب الشرعية" نقلا عن ابن الجوزي في "السر المكتوم"؛اهـ
فقد نسب هذا الأثر للإمام علي كرم الله وجهه بالشهرة لا بالسند، بكتب العلماء؛اهـ
ومنه ما رواه عبد الرزاق، عن معمر بن راشد، الذي بلغه من بعض أصحابه، أن ابن عباس، وقيل ابن مسعود رضي الله عنهم: ( كان يرفع يديه في التكبيرة الأولى من الصلاة على الجنازة ثم لا يعود )، رواه الصنعاني عبد الرزاق في "مصنفه" [ج3/ص: 470/ر:6365]، وهو حديث موقوف، ومنقطع بين معمر والصحابي؛اهـ
انظر في "التذكرة" لابن الملقن [ص: 5 - 6]؛اهـ
يقال لما يروى عن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين "الأثر" ..
ويقال لما يروى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "الخبر" ..
فنقول جاء في الأثر عن الموقوف، أو جاء بالخبر عن المرفوع ..
وبهذا يقول الحافظ السيوطي: ( وعند فُقهاء خُرَاسَان تسمية الموقُوف بالأثر, والمَرْفُوع بالخبر, وعند المُحَدِّثين كل هذا يُسمَّى أثرًا )، ورد في "تدريب الراوي" للسيوطي [ج1/ص: 125]؛اهـ
ويقول: ( قال أبو القاسم الفُوراني: منهم الفُقهَاء يقولون: الخبر ما يُروى عن النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم, والأثر ما يُروى عن الصَّحابة؛ وفي «نُخْبة» شيخُ الإسْلام ["نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر" لابن حجر]: ويُقَال للموقُوف والمقطُوع: الأثر؛. قال المُصنِّف زيادة على ابن الصَّلاح: (( وعند المُحدِّثين كل هذا يُسمَّى أثرًا ))، لأنَّه مأخوذ من أثرت الحَدِيث, أي: رويتهُ )، ورد في "تدريب الراوي" للسيوطي [ج1/ص: 125]؛اهـ
حكم الموقوف: من الأحاديث، ليس بحجة، ما لم يكن بحكم المرفوع؛اهـ
3.الحديث المقطوع: وهو ما أضيف إلى التابعي من قبل دونه من قول أو فعل سواء كان له سند متصل أو لا فيخرج بقيد إضافته إلى التابعي وأضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو المرفوع ، وما أضيف إلى الصحابي وهو الموقوف والتابعي هو مسلم لقي صحابيا، ومات على الإسلام، وكبار التابعين هم الذين يروون أكثر أحاديثهم عن الصحابة ..
يقول الحافظ السيوطي في تعريف الحديث المقطوع: ( وهو الموقوفُ على التَّابعي قولاً له, أو فعلا, واسْتعملهُ الشَّافعي, ثمَّ الطَّبراني في المُنْقطع )، ورد في "تدريب الراوي" للسيوطي [ج1/ص: 135]؛اهـ
ويقول ابن الملقن: ( وَالْمَقْطُوعُ: وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَى التَّابِعِيِّ قَوْلاً أَوْ فِعْلاً )، ورد في "التذكرة" لابن الملقن [ص: 20]؛اهـ
ويقول الحافظ ابن حجر: ( والمقطوع: هو م انتهى إلى التابعي )، ورد في "نزهة النظر" لابن حجر [ص: 140]؛اهـ
أ. المقطوع المنفصل لسند:
ومن الأمثلة عن المقطوع المنفصل، ما أخرجه الإمام مالك فقال: بلغني أن سالم بن عبد الله، وسليمان بن يسار، وابن المسيب ( سئلوا عن نكاح المحرم [حاج والمعتمر]، فقالوا: لا ينكح المحرم ، ولا ينكح )، رواه الإمام مالك في "الموطأ" [ج1/ص: 349/ر:771]، ورواه البيهقي في "سننه الكبرى" [ج10/ص: 503/ر:14554]، حكمه:[صحيح المتن، مقطوع السند]؛اهـ
هنا مضاف إلى التابعين من قولهم، فنسميه مقطوعا، ولكن في إسناده انقطاع؛ لأن مالكا لم يدرك سعيد بن المسيب ولا سليمان بن يسار، لم يدرك هؤلاء، فلذلك كان منقطعا بينه وبين سليمان، منقطعا بينه وبين سعيد بن المسيب، ولهذا قال مالك في الموطأ: "بلغني" يعني أنه لم يسمعه، وإنما بينه وبينهم واسطة، هذا منقطع، ولكنه في نفس الوقت مقطوع، مقطوع لأنه موقوف على التابعي، ومنقطع لأن الإسناد فيه انقطاع، حيث إن مالكا لم يسمع من سليمان بن يسار؛ انظر في "التذكير" لابن الملقن [ص: 21]؛اهـ
ب. المقطوع المتصل السند:
ومن الأمثلة على المقطوع المتصل ما رواه مالك عن يحيى بن سعيد وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: ( أن القاسم بن محمد كان يقرأ خلف الإمام فيما لا يجهر فيه الإمام بالقراءة )، روا الإمام مالك في "الموطأ" [ج1/ص: 85/ر:186]، وحكمه: [مقطوع، متصل السند]؛اهـ
فهذا فعل من القاسم بن محمد، وهو تابعي، والإسناد متصل بين مالك ويحيى بن سعيد الأنصاري؛ لأن يحيى بن سعيد شيخ لمالك، وقد صح سماع يحيى بن سعيد من القاسم بن محمد، فهذا إسناد متصل ولكنه مقطوع، متصل لأن الإسناد ليس فيه انقطاع، كل راوٍ أخذ عمن فوقه وسمع منه، ولكنه مقطوع من جهة أن متنه مضاف إلى التابعي، فهذا مقطوع متصل، وما قبله مقطوع منقطع؛ انظر في "التذكير" لابن الملقن [ص: 21]؛اهـ
حكم المقطوع: المقطوع ليس بحجة لأنه خلا عن قرينة الرفع أما إذا وجدت قرينة تدل على رفعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فله حكم المرفوع، أما إذا وجبت قرينة تدل على وقفة على الصحابي فله حكم الموقوف ..
أما التابعون فلا شك أن العلماء [رحمهم الله] يجمعون آثارهم، وينقلون أقوالهم وما أُثِر عنهم وكتب المصنفات، كمصنف ابن عبد الرزاق، ومصنف ابن أبي شيبة، وسنن سعيد بن منصور، مثل هذه الكتب طافحة بما أُثِر عنهم، هذا نقل عنهم ذكر العلماء -رحمهم الله- أن من أهم فوائده أنه لا يخرج عن الطالع في المسائل التي تعرض لها، فكل مسألة كان للتابعين فيها قول إن كان لهم قول أو كان لهم قولان أو ثلاثة فلا يجوز إحداث قول بعدهم، بل يجب الاقتصار في المسائل التي تعرضوا لها على ما ذكره التابعون فقط، ولا يجوز الخروج عن أقوالهم، وهذا فائدة ذكر المقطوعات فيما ذكره الخطيب البغدادي وغيره، ذكر أن المقطوعات التي ما نقلت أنه لا يجوز الخروج عن أقوالهم، ولا يجوز إحداث قول لم يكن معروفا عند التابعين -رضي الله تعالى عنهم-؛ لأنهم أفقه وأعلم بمقاصد الشرع، وأقرب إلى نور الإسلام وملازمتهم لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- واطلاعهم على أحواله، كل ذلك يجعل الخروج عن قولهم خطأ..
ومن أهم كبار التابعين وفقهائهم: سعيد بن المسيب، وابن شهاب الزهري، والإمام ابن عمرو الأوزاعي؛اهـ
قال الحافظ ابن كثير بالإمام الأوزاعي: ( وقد بقي أهل دمشق وما حولها من البلاد على مذهبه [أي الأَوْزَاعِيّ] نحوًا من مائتين وعشرين سنة )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 123]؛اهـ
وقال ابن زياد: ( أفتى الأَوْزَاعِيّ في سبعين ألف مسألة بحدثنا )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال أبو زرعة الرازي: ( روي عنه ستون ألف مسألة )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال يحيى القطان عن مالك: ( اجتمع عندي الأَوْزَاعِيّ والثوري وأبو حنيفة فقلت: أيهم أرجح؟ قال: الأَوْزَاعِيّ )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
قال عنه أبو نعيم في الحلية: ( الإمام المبجل، والمقدام المفضل، عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأَوْزَاعِيّ، رضي الله تعالى عنه. كان واحد زمانه، وإمام عصره وأوانه، كان ممن لا يخاف في الله لومة لائم، مقوالاً بالحق لا يخاف سطوة العظائم )، ورد في "حلية الأولياء" للأصفهاني [ج6/ص: 135/ ر:154]؛اهـ
وقال عنه الحافظ ابن كثير: ( الإمام الجليل علامة الوقت .... فقيه أهل الشام وإمامهم )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 123]؛اهـ
وقال عنه الإمام مالك بن أنس: ( كان الأَوْزَاعِيّ إماما يقتدى به )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال عنه الذهبي: كان رأساً في العلم والعمل، جم المناقب. ومع علمه كان بارعاً في الكتابة والترسل.
وقال إسماعيل بن عياش: ( سمعتُ الناس سنة أربعين ومائة يقولون: الأوزاعي اليوم عالم الأمة )، ورد في "مرآة الجنان" لليافعي [ج1/ص: 152]؛اهـ
وقال عبد الله الخريبي: ( كان الأوزاعي أفضل أهل زمانه )، ورد في "تذكرة الحفاظ" للذهبي [ج1/ص: 177]؛اهـ
وقال سفيان بن عيينة وغيره: ( كان الأَوْزَاعِيّ إمام أهل زمانه... )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال محمد بن عجلان: ( لم أر أحدا أنصح للمسلمين من الأَوْزَاعِيّ )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال عنه الصفدي: ( إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم ..... وكان ثقة مأموناً فاضلاً خيراً كثير العلم والحديث والفقه حجّة )، ورد في "الوافي بالوفيات" للصفدي [ج6/ص: 87]؛اهـ
وقال يحيى بن معين: ( العلماء أربعة: الثوري، وأبو حنيفة، ومالك، والأوزاعي )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال أبو حاتم: ( كان [أي الأَوْزَاعِيّ] ثقةً متبعًا لما سمع )، ورد في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
وقال عنه الزركلي صاحب الأعلام: ( إمام الديار الشامية في الفقه والزهد، وأحد الكتّاب المترسلين )، ورد في "الأعلام" للزركلي [ج3/ص: 320]؛اهـ
وتناظر الأوزاعي والثوري في مسجد الخيف في مسألة رفع اليدين في الركوع والرفع منه.
فاحتج الأوزاعي على الرفع في ذلك بما رواه عن الزهري عن سالم عن أبيه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه في الركوع والرفع منه ".
واحتج الثوري على ذلك بحديث يزيد بن أبي زياد.
فغضب الأوزاعي وقال: تعارض حديث الزهري بحديث يزيد بن أبي زياد وهو رجل ضعيف؟ فاحمر وجه الثوري، فقال الأوزاعي: لعلك كرهت ما قلت؟ قال: نعم.
قال: فقم بنا حتى نلتعن [المباهلة] عند الركن أينا على الحق.
فسكت الثوري. انظر في "البداية والنهاية" لابن كثير [ج10/ص: 124]؛اهـ
خلاصة اصطلاح المضاف إليه من الحديث:
إن الحديث المضاف، رفعا لمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو وقفا على مقام الصحابي، أو قطعا على مقام التابعي، في حقيقتها تمثل نتيجة واحدة، على وجه التخصيص، وهي السنة الشريفة، والآثار النبوية، فكل من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مقتبس للحكم وملتمس للحق، وكل من نبي الله ..
فلو نظرنا بقوله تعالى: ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )[الفتح : 29]؛اهـ
فالله تعالى أجمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع صحابته دون تباين، في الأخلاق والسلوك والأفعال، لأن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، لقوله تعالى: ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )[هود : 112]؛اهـ
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال :( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مثل الجسد . إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )، رواه مسلم في رواه مسلم في الصحيح برقم [ج16/ص: 356/ر:6529]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج5/ص: 337/ر:17913]، ورواه السيوطي في "الجامع الصغير" [ر:8155]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق الألباني في "صحيح الجامع" [ر:5849]، وخلاصة حكمه: [صحيح] ..
وعن أبي موسى الأشعري رضي لله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، وشبك بين أصابعه)،رواه الشيخان في الصحيحين، البخاري [ج2/ص: 863/ر:2314] و مسلم [ج16/ص: 355/ر:6528]، ورواه الترمذي في "سننه" [ج4/ص: 287/ر:1928]، وقال: حسن صحيح، ورواه النسائي في "سننه المجتبى" [ج5/ص: 83/ر:2559]، بإسناد صحيح، بتحقيق الألباني في "صحيح النسائي" [ر:2559]، ورواه الإمام أحمد في "مسند" [ج5/ص: 552/ر:19127]، وصححه ابن حبان في "صحيحة" [ج1/ص: 467/ر:231]، وخلاصة حكمه: [متفق عليه] ..
وهذا الحديثان الصحيحان، يشيران فيما يشيران إلى التكافل المنهجي في حفظ الدين وسننه، ونشره والعمل به وتطبيق أوامره وتجنب نواهيه، وحمل السنة الشريفة وحفظها مع كتاب الله عز وجل ..
وقد حمل هذه الخاصية من تمام الضبط والعدالة من كبار الصحابة العشرة المبشرين وعلى رأسهم النظراء الراشدين الأربعة، ثم يلي المبشرين أهل بدر، ثم العبادة الأربعة من فقهاء الصحابة، وفي مقدمتهم حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما، ثم كبار التابعين؛اهـ
ويؤكد ذلك قوله تعالى: ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )[التوبة : 100]؛اهـ
ويوثق ذلك أيضا مساواة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لسنته وهي ما صدر عنه صلى الله عليه وآله وسلم، من أقوال وأفعال، مع ما صدر من سنن خلفاءه الراشدين وقياسا على ذلك أهل الإقتداء من ورثة الأنبياء علماء كبار التابعين أمثال ابن المسيب، وابن شهاب الزهري والأوزاعي، ومجاهد بن جبر المكي وغيرهم كبار التابعين من أهل العلم والإحسان،الذين قال بهم الله وبالأنبياء من قبلهم: ( أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ .... )[الأنعام : 90]؛اهـ
واقتده: أي ملك قلبك لله بحسن التأسي والاقتداء، بأهل الدرجات العلى؛اهـ
لذلك سمي العلماء الربانين ورثة الأنبياء، بالخلفاء المهديين؛اهـ
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَلَكِنَّهُمْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ يَعْنِي بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)، رواه البخاري معلقا في" "صحيحة" [ج1/ص: 37]، ورواه أبو داود في "سننه" [ج2/ص: 341/ر:3641]، بإسناد صحيح؛ بتحقيق الألباني في "صحيح أبي داود" [ر:3641]، ورواه الترمذي ] في "سننه" [ج5/ص: 47/ر:2682]، بإسناد صحيح؛ بتحقيق الألباني في "صحيح الترمذي" [ر:2682]، ورواه ابن ماجه في "سننه" [ج1/ص: 124/ر:223]، ورواه الدارمي في "سننه" [ج1/ص: 104/ر:348]، ورواه الإمام أحمد في "مسنده" [ج6/ص: 254/ر:21208]، وصححه ابن حبان في "الثقات" [ج1/ص: 289/ر:88]، ورواه السيوطي في "الجامع الصغير" [ر:3065]، بإسناد صحيح، وفق تحقيق الألباني في "صحيح الجامع" [ر:6297]، وخلاصة حكمه: [صحيح] ..
عن العرباص بن سارية السلمي رضي الله عنه قال : وعظنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب قلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا قال : ( قد تركتكم على البيضاء، وفي رواية:"مثل البيضاء" وفي رواية:"المحجة البيضاء" ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا عضوا عليها بالنواجذ فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد انقاد )، رواه ابن ماجه في "سننه" [43]، والإمام أحمد في "مسنده" [16693]، وصححه السيوطي في "الجامع الصغير" [ر:6096]، الصعدي في "النوافح العطرة" [224]، والألباني في كل من "صحيح الجامع" [ر:4369]، وفي "تخريج كتاب السنة" [48و49]، وفي "صحيح ابن ماجه" [41]، وفي "صحيح الترغيب" [59]،وقال الشوكاني في "الفتح الرباني" : ثابت ورجاله رجال الصحيح، وخلاصة حكمه : [صحيح] ..
وفي رواية أخرى: عن العرباص بن سارية رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ،