سؤال
كثيرا ما راودني في الصغر وهو كيف ومن أين تأتي الضفادع والأسماك في
الصحاري والقفار من العدم في بقع بعيدة كل البعد عن البحار والأنهار
مباشرة بعد سقوط الأمطار.. حيث يعتقد الكثير أنها أتت من مصدر مائي قريب!
“بالطبع لايوجد”, لكن الإجابة الصحيحة عن هذا السؤال بالفعل قد تبدو كضرب
من ضروب الخيال.
فهل سبق وشاهدت أفلام الخيال العلمي “الزومبي” حيث يخرج الأموات من
القبور يهددون الأحياء, ما يحدث هنا تقريبا مشابه لذلك بشكل كبير عدا أن
المخلوقات التي سنتحدث عنها اليوم لا تكون ميته بالمعنى الحرفي للكلمة
ولكنها تكون في حالة معلقة “شبه ميته!” وتدعى “الحركة المعلقة \ Suspended
animation” أو تدعى بشكل عام بـ “‘طور السكون \ Dormancy” وهي بالغالب
حالة يدخل فيها الكائن الحي في طور إبطاء الحياة بالمعنى الحرفي لكن بدون
“الإطفاء!”, حيث تنخفض وتيرة عمل الوظائف الحيوية بشكل كبير “كالتنفس
وضربات القلب وغيرها” كي لا يستهلك الجسم الكثير من الطاقة “الغذاء”
والماء الغاليين والمهمين للبقاء على قيد الحياة وأن يستفيد من المخزون
القليل المتبقي لأطول فترة ممكنة ! وغالبا ما يحصل هذا انوع من السكون في
الصيف لذا يطلق عليه “البيات الصيفي \ Aestivation”.
سنتحدث
اليوم عن بطلين بارزين من أبطال السكون, وهما “الضفدع حامل الماء \ Water
Holding Frogs” وأيضا “السمكة الأفريقية الرئوية \ African lungfishes”
حيث يملك كل منهما إمكانية مذهلة في البقاء لفترات طويلة للغاية في حالة
السكون العجيبة وتعتبر هذه الكائنات من الكائنات الأكثر إنتشارا والأقل
حاجة للرعاية نظرا على قدرتها الفائقة لتحمل أقصى الظروف البيئية حيث لا
يعتقد العلماء أنها قد تحتاج إلى الحماية نظرا من عدم وجود شيء “حرارة \
جفاف \ صيد” لا يستطيعان التكيف معه وحماية أنفسهما منه!.ذذ
تبدأ الحكاية عند بداية الجفاف وإنحسار مياه الأمطار في المستنقعات
المائية المتفرقة في الصحراء عندها تحمل كل من السمكة التي تعيش في
أفريقيا والضفدع الذي يستوطن الصحراء الأسترالية كمية من المياه والغذاء
في أجسادهم.. حيث يقوم الضفدع مثلا بتخزين ما يقدر بنصف وزنه من الماء
الصالح للشرب.. يحفر كل من السمكة والضفدع ملجئا تحت الأرض يقدر بحوالي
المتر وهي مسافة كبيرة بالنسبة لهذه الكائنات, ومن ثم تحيط نفسها بغلاف
“شرنقة” مكونة من طبقات من الجلد والمخاط العازل والذي يحفظ كميات الماء
في داخلها من التبخر بفعل الحرارة ومن ثم تدخل في حالة من الحركة المعلقة
بإنتظار موسم الأمطار القادم.. وتصل فترة الإنتظار بالنسبة للسمكة إلى
سنتين وأما بالنسبة للضفدع فتصل إلى 5 سنوات.