عجائب كثيرة أودعها الله تعالى في عالم الحشرات الضعيف، لنأخذ العبرة ولو
قارنا أنفسنا بأي حشرة نجد أن هذه الحشرة تتفوق على الإنسان من حيث القوة
والقدرة على البقاء، فهل تتواضع أيها الإنسان قليلاً؟…
.من عجائب النمل:
إن الذي يتأمل هذا القرآن ويتأمل ما فيه من إحكام ومن آيات، يرى فيه حديثاً
عن كل شيء، فكل المخلوقات التي نراها حدثنا عنها القرآن، ففي عالم الحشرات
مثلاً حدثنا تبارك وتعالى عن النحل والنمل والذباب والعنكبوت وغير ذلك،
وربما نذكر قصة سيدنا سليمان عليه السلام الذي علمه الله منطق الطير ومنطق
الحشرات، وكانت هذه من معجزاته عليه السلام، وذكر الله وشكره على هذه
النعم.
فعندما كان سيدنا سليمان يسير هو وجنوده أتوا على وادي النمل، وهنا عندما
علمت إحدى النملات بقدوم هذا الجيش (جيش سيدنا سليمان) ماذا قالت؟ يقول
الله تبارك وتعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ
نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا
يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) [النمل:
18].
.في هذه الآية يصف الله تبارك وتعالى لنا لغة النمل والموقف الذي تحدثت فيه
تلك النملة وحذرت صديقاتها من أن جنود سليمان سوف يحطمونهم بأقدامهم، لذلك
قالت لهم: (ادخلوا مساكنكم).
عندما يتعمق الإنسان في عالم النمل يرى أن العلماء حديثاً اكتشفوا أن أنثى
النمل هي التي تتولى مهمة التحذير عند اقتراب أي خطر, فالله تبارك وتعالى
قال: (قَالَتْ نَمْلَةٌ) بالمؤنث، وعندما بحث العلماء أكثر وجدوا أن عالم
النمل له حياته الخاصة، وله مجتمعاته، وهو أمة قائمة بذاتها، مثل الأمم من
البشر: (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ)
فالنمل يتكلم وهذا ما كشف عنه العلماء حديثاً.
في البداية قالوا: إنه يصدر روائح يتخاطب بها.
وقالوا أيضاً: هناك موجات كهرطيسية يصدرها دماغ النملة وتتخاطب بها مع
الآخرين على مسافات بعيدة طبعاً, ولكن الاكتشاف الجديد أن خلايا النمل تطلق
ترددات صوتية في المجال الذي نسمعه، وجزيئات DNA داخل خلايا النمل أيضاً
تصدر هذه الترددات الصوتية، ولذلك فإن الله تبارك وتعالى أعطى لسيدنا
سليمان قدرة تضاهي قدرة الأجهزة الذرية التي يستخدمها العلماء اليوم
لالتقاط هذه الإشارات وتكبيرها وتضخيمها والاستماع إليها.
وهنا نحن أمام معجزة قرآنية عندما حدثنا الله تبارك وتعالى عن قول النملة
(قَالَتْ نَمْلَةٌ) إنما يحدثنا عن حقيقة اكتشفها العلماء حديثاً، وعندما
يقول تبارك وتعالى: (قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا
مَسَاكِنَكُمْ) فكلمة (مَسَاكِنَكُمْ) كلمة دقيقة علمياً، لأن عالم النمل
يبني مسكناً بكل معنى الكلمة، حتى إن علماء الغرب اليوم، يقولون إن النمل
مهندس بارع جداً في البناء، فعندما يبني مسكنه يبنيه في مكان مناسب جداً
ويرفعه قليلاً ليتقي به شر الأمطار، ويصنع لهذا المسكن فتحات للتهوية.
وحتى عندما يعيش النمل داخل هذا المسكن، هيأ الله تبارك وتعالى له مواد
معقمة يفرزها جسده، هذه المواد يعقم بها البيض، يأتي بالبيض ويضع عليه هذه
المواد المعقمة ولولا ذلك لماتت هذه البيوض وانقرض النمل منذ ملايين السنين
لم يستمر.
ولكن الله تبارك وتعالى زوده بهذه المواد وهداه إلى أن يحافظ على حياته
(يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) المسكن الذي يبنيه النمل
يبنيه ويهيئه ليكون مكيفاً أي له فتحات للتهوية مناسبة تماماً للحفاظ على
درجة حرارة منخفضة داخل هذا المسكن.
هنالك أيضاً احتياطات يتخذها النمل أثناء الشتاء وأثناء الصيف في مسكنه لكي
يكون المسكن محصناً بشكل جيد، وهنا ندرك أن الله تبارك وتعالى عندما قال:
(يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) لم يقل (أوكاركم) لم يقل
مثلاً (كهوفكم) لم يقل كلمة أخرى.. بل قال (مَسَاكِنَكُمْ) لأنها مساكن
بكل معنى الكلمة.
ويقول العلماء بالحرف الواحد: “إن المهارات التي يتمتع بها النمل من حيث
بناء وهندسة البيوت تجعله يتفوق على الإنسان، قياساً لحجم النملة، فإن
النملة أقوى من الإنسان بمئة مرة على الأقل”.
فمثلاً عندما قالت هذه النملة: (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ) هذه الكلمة دقيقة
علمياً، فقد اكتشف العلماء أن الغلاف الخارجي للنملة صلب جداً وهو يتكسر
تماماً مثل الزجاج, هذا الغلاف الخارجي للنملة له صلابة كبيرة ولولا هذه
الصلابة لم تستطع النملة أن تحمل أوزاناً أكثر من عشرين ضعف وزنها.
وإذا تأملنا عالم النمل نلاحظ أن هنالك الكثير من الأسرار ولذلك فإن سيدنا
سليمان عليه السلام ماذا قال عندما رأى هذا الموقف ؟ قال: (فَتَبَسَّمَ
ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ
نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ
صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ
الصَّالِحِينَ) [النمل: 19].
هكذا ينبغي على كل مؤمن عندما يرى آية من آيات الله، سيدنا سليمان رأى هذه
الآية أمامه: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ
أَوْزِعْنِي) أي يا رب أعني وألهمني (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) أن أريتني
هذه الآيات.
من عجائب النحل :
لننتقل من عالم النمل إلى عالم النحل، لقد وجد العلماء أن النحلة لها لغة
خاصة، ووجدوا في دماغها الذي لا يزيد على حجم رأس الدبوس (وهو أصغر من حجم
رأس الدبوس بقليل)، يحوي هذا الدماغ آلاف الملايين من الخلايا.
وبعد أن درس العلماء هذا الدماغ وشرحوه ودرسوه جيداً وجدوا أنه يتفوق على
أسرع كمبيوتر في العالم، في وكالة ناسا هناك أسرع كمبيوتر في العالم وهو
السوبر كمبيوتر الذي يبلغ وزنه أكثر من مائة ألف كيلو غرام ويعالج
المعلومات بسرعات فائقة تريليونات العمليات في الثانية يقوم بها، ويشغل
مبنى كاملاً تبلغ مساحته مساحة ملعبي للتنس (مئات الأمتار المربعة يشغلها
هذا الجهاز الواحد السوبر كمبيوتر) وعلى الرغم من ذلك يقول العلماء إن هذا
الدماغ الصغير للنحلة (أصغر من رأس الدبوس) يعمل بكفاءة أكثر من هذا
الجهاز!!! وهنا لا بد أن نتأمل هذه الآيات، لا بد أن نعيش معها ونحمد الله
تبارك وتعالى أنه يرينا هذه الآيات.
يعتبر عالم النحل معقداً لدرجة كبيرة، وفي بحث علمي جديد يؤكد العلماء أن
النحلة أكثر قدرة من الإنسان على الرؤيا، فهي ترى وتحلل المعلومات بسرعة
كبيرة أثناء طيرانها، وقياساً لحجمها الصغير فهي أقدر من الإنسان على
القيام بكثير من المهام.
من عجائب الذباب:
وعلى الرغم من هذه الآيات الواضحة نرى أن الملحدين يزدادون إلحاداً، بل
ونرى بعضهم يستهزئ بالقرآن وبالإسلام، وبأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام.
فمثلاً عندما قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث رواه البخاري: (إذا
وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي
الآخر شفاء).
هذا الحديث استغرب منه هؤلاء الملحدون المشككون، وقالوا: كيف يمكن للذباب
أن يكون على سطحه الخارجي شفاء وهو الذي يحمل الكثير من الأمراض؟ واستمرت
هذه الاستهزاءات بأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام ولا زالت طبعاً.. ولكن
الله تبارك وتعالى القائل: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى
الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء: 141].
لن تجد طريقاً وحجة لكافر على مؤمن، المؤمن هو الأعلى وهو المتفوق: (وَلَا
تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 139]، بشرط أن تكونوا مؤمنين.
لقد قام العلماء حديثاً بدراسة هذا الذباب وكان دافعهم لهذه الدراسة أنهم
وجدوا أن الذباب يحمل على جسمه كميات ضخمة من الفيروسات والبكتيريا
القاتلة، وعلى الرغم من ذلك لا يتأثر بها، فقالوا: كيف يمكن لهذا الذباب أن
يحمل الأمراض الكثيرة والبكتريا والفيروسات على سطح جسده ولا يتأثر بها.
ولدى البحث والتدقيق وجدوا أن هنالك مناطق خاصة في سطح الذباب تحتوي على
كميات من المضادات الحيوية يقولون إنها من أكفأ المضادات الحيوية, ولذلك
فإن هنالك باحثة استرالية قامت بتجربة، وجاءت بالذباب وغمسته بسائل ووجدت
بمجرد غمس هذا الذباب تتحرر منه المواد المضادة للبكتريا والفيروسات،
مضادات حيوية تتحرر بمجرد غمس هذا الذباب في السائل، وقالت بالحرف الواحد:
“إننا نبحث عن مضادات حيوية في مكان لم يكن أحد يتوقعه من قبل وهو الذباب”!
ولكن النبي عليه الصلاة والسلام حدثنا عن هذا الأمر وفي ذلك الزمن لم
يستغرب أحد من المؤمنين لأنهم كانوا يؤمنون بكل ما جاء به هذا النبي الكريم
عليه الصلاة والسلام، (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا
بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو
الْأَلْبَابِ) [آل عمران: 7].
هنالك باحث آخر أيضاً في جامعة طوكيو يقول هذا الباحث وهو البرفسور جون
برافو: “إن آخر شيء يتقبله الإنسان أن يرى الذباب في المشافي لعلاج
الأمراض”.
هذا قوله بالحرف الواحد، ويقول إنه سوف يصدر بحثاً عن دواء جديد وهو فعال
لكثير من الأمراض مستخلص من السطح الخارجي للذباب من جسده وجناحه والغلاف
الخارجي للذباب. ويقول أيضاً علماء في جامعة ستانفورد: “إنها المرة الأولى
في العالم 2007 التي نكتشف فيها مادة في الذباب تقوي جهاز المناعة لدى
الإنسان”.
فتخيلوا معي: العلماء يبحثون عن الشفاء في جناح الذبابة، لأن هذه المواد
التي وضعها الله في الذباب (المضادات الحيوية) هي من أقوى المضادات على
الإطلاق، لذلك فإن الذباب لا يتأثر بكل العوامل المرضية التي يحملها.
وهنا لو تأملنا هذا الحديث الشريف الذي حدثنا عنه النبي عليه الصلاة
والسلام: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ثم لينزعه) لماذا فليغمسه؟
لأن النبي عليه الصلاة والسلام يعلم أن هذه المضادات الحيوية، أو هذا
الشفاء لا ينتزع من سطح الذبابة إلا إذا تم غمسه، ويفضل أن يكون ثلاث مرات،
(هنالك روايات تقول ثلاث مرات) نغمسه ثم ننزعه (فإن في أحد جناحيه داء،
وفي جناحه الآخر شفاء) وهذا ما أثبته العلماء قالوا:“إن هذه الذبابة محملة
بالداء ومحملة أيضاً بالدواء أو بالشفاء”.
وهنا نستخلص عبرة من حديث النبي عليه الصلاة والسلام عندما أكد لنا وقال
بأن هذا الذباب فيه شفاء أن هذا الحديث يشهد على صدق النبي عليه الصلاة
والسلام‘ ونستنبط أيضاً أننا ينبغي ألا نرفض أي حديث إذا خالف العقل أو
المنطق. هنالك أحاديث كثيرة للنبي عليه الصلاة والسلام لا نستطيع أن
نستوعبها فيأتي بعض الناس ويقولون إن هذا الحديث غير صحيح لأنه يخالف
المألوف، وهذا لا يجوز في حق النبي عليه الصلاة والسلام، ما دمنا تأكدنا أن
هذا الحديث رواه إنسان موثوق عن إنسان موثوق وهكذا عن النبي صلى الله عليه
وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، عندما نتأكد أن هذا الحديث صحيح، مهما خالف
المنطق الخاص بنا، ينبغي ألا نرفضه أو نخطِّئه بل نقول: الله ورسوله أعلم،
وننتظر حتى يكشف العلماء حقائق جديدة.
وما أكثر الآيات التي – أحياناً – لا تتفق مع عقل الإنسان، فعقل الإنسان
محدود ومقيد بزمان ومكان معين، بينما كلام النبي عليه الصلاة والسلام وهو
الذي أوحى الله إليه هذا الكلام لا ينطق عن الهوى، وكل كلمة قالها هي الحق
وهي الصدق.
من عجائب العنكبوت:
هنالك أيضاً معجزة في آية العنكبوت، عندما شبه الله تبارك وتعالى هذا البيت
الذي تبنيه العنكبوت شبهه بأعمال الكفار: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا
مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ
بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا
يَعْلَمُونَ) [العنكبوت: 41].
وهنا يخطر سؤال بالذهن: لماذا قال الله تبارك وتعالى هنا (أوهن البيوت)؟
ويأتي العلماء في القرن العشرين ليكتشفوا أن خيوط العنكبوت هي أقوى الخيوط
على الإطلاق، فالخيوط التي يصنعها العنكبوت هي خيوط (مادة هذه الخيوط) قوية
جداً وأقوى من الفولاذ بكثير، وهنا يأتي بعض ضعاف القلوب ليقولوا: هذا
تناقض بين العلم والقرآن، القرآن يقول (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ
لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) والعلم يقول: هذه الخيوط قوية جداً.
وإذا ما تأملنا هذه الآية (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ
الْعَنْكَبُوتِ) ودرسنا هذا البيت هندسياً نلاحظ أنه لا يمكن بناء بيت من
خيوط ويكون هذا البيت ضعيف جداً إلا إذا كانت الخيوط قوية جداً، تأملوا هذه
العلاقة العكسية. أي أننا إذا جئنا بخيوط من الفولاذ مثلاً، وبنينا منها
بيتاً لن يكون ضعيفاً, وإذا جئنا بخيوط من الحرير، وبنيناها منها بيتاً لن
يكون ضعيفاً.
إلا خيوط العنكبوت ينبغي أن تكون مادتها صلبة جداً وقوية لأنها رفيعة، يعني
خيط العنكبوت رفيع جداً لدرجة كبيرة، ومع ذلك تجده لا ينقطع يستطيع أن
يبني هذا العنكبوت بيته بهذه الخيوط الرفيعة جداً ولا ينهار هذا البيت، مع
أنه سهل الانهيار.
لذلك قال تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ
أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ
الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)
الذي يتعمق ويتفكر في هذه الآية يدرك أن الآية تشير إلى إعجاز علمي هذه
الآية اثارت فضول بعض العلماء فقام بإجراء دراسة على خيوط العنكبوت فوجد أن
خيوطه أقوى من الفولاذ لو كان بحجمه، فما هو سبب الوهن إذا؟؟؟ قام هذا
العالم بدراسة طبيعة البيت العنكبوتي من الداخل فوجد أن الذكر بعد أن يقوم
بتلقيح الأنثى تقومالأنثى بافتراسه وتتغذى على لحمه طيلة فترة الحضانة
للبيض وبعد أن يفقس البيض تتغذى اليرقات على أضعفها ثم بعد أن يقوى ويشتد
عود ما تبقى من الصغار تقوم بأكل أمها لأنها أصبحت أضعف الموجود ثم يلقح
الذكر الأنثى ثم تقوم بأكله وهكذا دواليك ومن هنا فإن الضعف في بيت
العنكبوت في ضعف الترابط الأسري بين أعضائه .
في دراسة أخرى أجريت لمعرفة قوة الترابط الأسري وكانت النتيجة مذهلة : لا
يوجد ترابط أسري إلا بين الأسر العربية والمسلمة فبمجرد أن يكبر الولد أو
البنت يعتمد على نفسه وقد لا يرى والديه إلا في المناسبات القرابة أو
الفصيلة أو العشيرة غير موجودة إلا عند العرب والمسلمين لكن ليس كل
المسلمين فالمسلم يبقى بارا بوالديه حتى وفاتهما ويزور عمه وعمته وخاله
وخالته وجميع أقاربه ويحل مشاكلهم ويساعدهم، وليس فهذا فحسب بل إنه يساعد
جميع المسلمين لأن المؤمن أخو المؤمن، والمسلمون جميعا أسرة واحدة وهذا غير
موجود في الأمم السابقة وهذا كله انطلاقا من قوله عليه الصلاة و
السلام(((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ))) , لكن بدأنا نلاحظ تسرب
العائلة العنكبوتية إلينا فنجد هنا أو هناك بعض الأسر المفككة التي لا
يوجد بينها أي نوع من الترابط الأسري ونسأل الله أن لا تكون بيوتنا كبيوت
العنكبوت .
هنالك شيء آخر أيضاً هو أن أنثى العنكبوت هي التي تقوم ببناء البيت وهذه
معجزة ثانية أيضاً في الآية, ولو أننا نجد بعض الملحدين ممن انتقدوا هذه
الآية بحجة أن العرب تؤنث كلمة (العنكبوت) فهذه الكلمة مؤنثة في اللغة،
ولذلك قال (اتخذت) وهذا أمر طبيعي ليس فيه إعجاز, ونقول لماذا دائماً يأتي
القرآن بالكلمة الصحيحة، لو كان من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم أليس
ممكناً أن يخطئ ولو مرة على الأقل!!
وعلى سبيل المثال عندما رأى سيدنا إبراهيم قومه يعبدون الشمس، حاول أن
يعطيهم درساً تعليمياً، يقول تعالى: (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً
قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ
إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) [الأنعام: 78].
تأملوا معي قول سيدنا إبراهيم (هَذَا رَبِّي) لم يقل (هذه ربي)، مع العلم
أن الشمس مؤنثة!! هل تعلمون لماذا؟ لأننا لو تأملنا تاريخ الأساطير وتاريخ
الآلهة التي كانت تُعبد من دون الله نلاحظ أن الناس كانوا يعتبرون الإله
ذكراً، واستمر ذلك آلاف السنين، ثم بعد ذلك وفقط قبل خمسة آلاف سنة بدأ
الناس يعبدون الآلهة المؤنثة.
وفي زمن سيدنا إبراهيم كان الإله ذكراً لذلك كانوا في لغتهم يعتبرون أن
الشمس مذكرة وليست مؤنثة لأنها إله، وبالتالي قال إبراهيم مخاطباً قومه
بلغتهم (هَذَا رَبِّي)، وهنا نود أن نقول لأولئك الملحدين: لماذا جاء
القرآن في هذا الموضع بالكلمة الصحيحة؟؟ لو كان القرآن يتبع لغة العرب لكان
الأولى أن يقول (هذه آلهتي) مثلاً!
وهكذا أيها الأحبة إذا تأملنا آيات القرآن وكلمات القرآن نلاحظ أن الله
تبارك وتعالى قد وضع كل كلمة في مكانها الدقيق وفي إحكام مذهل ولو تأملنا
كل كلمة نرى فيها معجزة تشهد على صدق هذا الكتاب العظيم. وعندما نرى هذه
الآيات تتجلى في عالم الحشرات ينبغي أن نحمد الله كما علَّمنا: (وَقُلِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ
بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [النمل: 93].
ملاحظة: إن العنكبوت له أربعة أرجل بعكس بقية الحشرات التي تمتلك ستة أرجل، ولذلك نعتبره حشرة مجازاً.