يخذلونك.. ويمضون يمارسون حياتهم بابتسامة المنتصرين.
أتحمل المواقف التي أقع فيها ضحية سوء فهم لما أقول، وأضع الحق عليّ لأني
لم استطع تبيان وجهة نظري بشكل أوضح.. لكني لا أتحمل ذلك ممن اعتبرهم
روحي.
أن يفهمك أحدهم بشكل خاطئ شيء، وأن يحاول إفهامك انه فهمك بشكل خاطئ مع
انك متأكد انه فهمك بشكل صحيح شيء آخر.. شيء قاس. الأمر معقد قليلا. أعرف.
ككل الأشياء الموجعة ذاتياً.
لا يمكن أن يتساوى الأقربون إليك مع الأبعدين عنك في فهم مقاصدك.. ولا ينبغي لهم ذلك. فإن حدث فاعلم أنهم أصبحوا أبعد من الأبعدين.
لا أثق بمن يحمل مسطرة ويقيس فيها مسافات البعد والقرب بيني وبينه بالمليمتر عند كل موقف يمر بنا.
ثقتي بمن أحب مطلقة، وأتوقعها كذلك منه.. فإن نقصت مثقال ذرة واحدة لا أريدها.. ولا أريده.
لا توجد سكّينة تمضي في جسدك طعناً وتقطيعاً أشد ألماً من سكيّنة الخذلان.
لا تسمِهِ خذلاناً مهما كانت قسوته ومرارته ومفاجأته الموجعة لك إن لم
يكن من أقرب الناس إليك، فإن كان من الأبعدين ابتسم وامضِ لشأنك..
وستنساه.
يخذلك وقبل أن تفيق من الصدمة يباغتك بالاتهام المضاد، وقبل أن تدافع عن نفسك يحاكمك وقبل أن تعترض ينفذ الحكم ويغيب.
لا يلتمسون الأعذار لتبرير خذلانهم لك وحسب.. بل لا يتورعون عن اختلاقها
أيضا.. فهم يريدون أن يتموا مهمتم المقدسة في ذبحك بشكل مؤكد.
لا تكفيهم كل المبررات المعتادة، لأنهم يعرفون انك ستتجاوزها كعادتك معهم
ومع غيرهم، فيجتهدون في صناعة الجديد منها ليسدوا عليك كل طرق التجاوز.
قل لئن اجتمع الجن والإنس على ان يؤذوا روحك لن ينجحوا بشكل كامل، إن لم يكن من بينهم صديق حميم يريد خذلانك.
ستنسى الأذية من أعدائك وأعدقائك ومعارفك بوقت قد يطول او يقصر.. حسب حجم
الأذية ومدى اقترابك من صاحبها.. أما أذية الأصدقاء فأعدك انك لن تنساها.
عليك أن تستأصل فلذة من ذاكرتك الحية لتنسى أذية الصديق الحميم لك، لكن
في المقابل عليك أن تستأصل فلذة من قلبك المحب له لتنجح مهمتك.
بكلٍّ تداوينا؛ بالكتابة ومحاولة النسيان.. لكن الغلبة كانت للخذلان.
بكلٍّ تداوينا؛ بحسن الظن واستبعاد الريبة.. لكن الغلبة للخيبة.
بكلٍّ تداوينا؛ بالتجاهل والابتسام.. لكن الغلبة كانت لجرح غير قابل للالتئام.
.. وحسمها طرفة بن العبد:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضةً/ على النفس.. من وقع الحسام المهندِ