[size=32]بسم الله الرحمن والرحيم[/size] [size=32]و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/size] [size=32]الترهيب من الحلف بغير الله [/size][size=32]وذكر بعض صوره المنتشرة[/size] [size=32] عباد الله:[/size] فإن الحلف بغير الله تعالى لمن الذنوب العظيمة، والسيئات الخطيرة، والآثام البشعة الشنيعة، والأوزار الثقيلة وقد تعددت الأحاديث النبوية في النهي عنه، وتنوعت في بيان تحريمه وقبحه ودونكم - سلمكم الله - بعض طرق تحريمه عليكم وتكريهه لكم: الطريق الأول: نهي الله - جل وعلا - عنه، وأمره بالحلف به وحده. فقد صح عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ: (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ، يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ: «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ»)). الطريق الثاني: نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وأمره بالحلف بالله وحده. فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا بِالْأَنْدَادِ، وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلَّا وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ )). الطريق الثالث: بيان النبي صلى الله عليه وسلم أنه من الشرك بالله - جل وعلا -. فقد صح أن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ: (( سَمِعَ رَجُلاً يَحْلِفُ: لاَ، وَالْكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: « مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ »)). الطريق الرابع: تبرؤ النبي صلى الله عليه وسلم من الحالف بالأمانة. فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: (( مَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا )). الطريق الخامس: تعظيم النطق به حتى أن من وقع فيه فحلف باللات والعزى يقول كلمة التوحيد: ( لا إله إلا الله ) فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )). الطريق السادس: عقوبة ولي الأمر وحاكم الناس لمن نطق به، وهو عالم عامد ذاكر. فقد صح عن عبد الله بن الزبير ـ رضي الله عنهما ـ: (( أَنَّ عُمَرَ لَمَّا كَانَ بِالْمِخْمَصِ مِنْ عُسْفَانَ اسْتَبَقَ النَّاسُ، فَسَبَقَهُمْ عُمَرُ فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَانْتَهَزْتُ فَسَبَقْتُهُ، فَقُلْتُ: سَبَقْتُهُ وَالْكَعْبَةِ، ثُمَّ انْتَهَزَ فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: سَبَقْتُهُ وَاللَّهِ، ثُمَّ انْتَهَزْتُ فَسَبَقْتُهُ، فَقُلْتُ: سَبَقْتُهُ وَالْكَعْبَةِ، ثُمَّ انْتَهَزَ الثَّالِثَةَ فَسَبَقَنِي، فَقَالَ: سَبَقْتُهُ وَاللَّهِ، ثُمَّ أَنَاخَ، فَقَالَ: «أَرَأَيْتَ حَلِفَكَ بِالْكَعْبَةِ، وَاللَّهِ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ فَكَّرْتَ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَحْلِفَ لَعَاقَبْتُكَ، احْلِفْ بِاللَّهِ، فَأْثَمْ أَوِ ابْرَرْ» )) . الطريق السابع: بيان الصحابة - رضي الله عنهم - أن حلفهم بالله كذباً أهون من حلفهم بغيره صدقاً. فقد صح عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: (( لأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ وَأنَا صَادِقٌ )). وذلك لأن الحلف بغير الله شرك، والشرك أعظم من الكذب. [size=32]عباد الله:[/size] أن الحلف بغير الله تعالى مذموم ومنهي عنه عند جميع العلماء، فقد قال الحافظ ابن عبد البر الأندلسي المالكي - رحمه الله -: أجمع العلماء على أن اليمين بغير الله مكروهة منهي عنها لا يجوز الحلف بها لأحد.اهـ ومن حلف بغير الله فإن يمينه لا تنعقد باتفاق العلماء فقد قال الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ: وقد اتفق العلماء على أنه لا ينعقد اليمين بغير الله، ولو حلف بالكعبة أو الملائكة أو بالأنبياء عليهم - الصلاة والسلام - لم تنعقد يمينه.اهـ بارك الله لي ولكم فيما سمعتم، وجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم، فاللهم اغفر لنا. [size=32] عباد الله:[/size] اتقوا الله ربكم، والزموا تقواه إلى أن تموتوا، فقد قال سبحانه أمراً لكم: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }. واعلموا أن من تقواه أن لا تحلفوا إلا به وحده، وأن تتوبوا إليه وتستغفروه إن وقع منكم الحلف بغيره، وأن تتفقهوا في دينه فتعرفوا صور الحلف بغيره، فإن صور الحلف بغير الله ـ عز وجل ـ كثيرة جداً، وقد تختلف من بلد إلى بلد، وتكثر عند قوم دون قوم ودونكم - سلمكم الله - بعض الصور المشهورة بين الناس في زمننا هذا: الصورة الأولى: الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم. كأن يقول الحالف: والنبي إني قلت كذا، أو سيدنا النبي إن كلامي لصحيح، أو وسيدي المصطفى. الصورة الثانية: الحلف بالشرف. كأن يقول الحالف: وشرفي لقد صدقت أو أقسم بشرفي على حفظ ما أوكل إلي من عمل. الصورة الثالثة: الحلف بالمكانة والمنزلة. كأن يقول الحالف: وِحْيَاتَك أو وِحْيَات سِيِدْنا النبي أو وِحْيَات أبوي أو وِحْيَات أبوي وأمي أو وغَلَاتَك عندي أو وِحْيَات العيش والملح الذي بيننا. الصورة الرابعة: الحلف بالأمانة أو الذمة. حيث يقول بعضهم لمن يخبره بحصول شيء: أمانة إنه حصل أو بذمتك إنه وقع كما قلت، فيقول مجيباً عليه: أمانة إنه وقع أو بذمتي إنه صار كما أخبرتك. الصورة الخامسة: الحلف بالأولياء والصالحين. كأن يقول الحالف: والحسين لقد صدقت أو والزهراء أو والعيدروس أو وسِيدْنا البدوي لقد قمت بالعمل كما أمرتني. الصورة السادسة: الحلف بالآباء والأمهات. كأن يقول الحالف: وأبي وأمي أو بأبي لقد صدقت، أو بأهلي جميعاً أني بريء مما نسب إلي. الصورة السابعة: الحلف بالكعبة. كأن يقول الحالف: والكعبة المشرفة إني لعاجز عن سداد هذا الدين. هذا وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لمعرفة الحق واتباعه، ومعرفة الباطل واجتنابه، وأن يهدينا الصراط المستقيم، اللهم أكرمنا بدعائك في الليل والنهار، ومُنَّ علينا بالإجابة، اللهم تجاوز عن تقصيرنا وسيئاتنا، واغفر لنا ولوالدينا وسائر أهلينا، وبارك لنا في أعمارنا وأعمالنا وأقواتنا وأوقاتنا، اللهم اكشف عن المسلمين ما نزل بهم من ضر وبلاء، وفقر وتشرد، وضعف وتقصير، وقتل واقتتال، ووسع عليهم في الأمن والرزق والعافية، وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن، وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وقوموا إلى صلاتكم سددكم الله. المصدر خطبة ألقاها فضيلة الشيخ عبد القادر بن محمد الجنيد حفظه الله - من موقع ميراث الانبياء -
|